الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فهرب أُكَيْدَر، وانصرف النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.
وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي سَبْرَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي لَبِيدٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَحَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ وَغَيْرِهِمَا، قَالُوا: أَرَادَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يقْرُبَ إِلَى أَدْنَى الشَّامِ لِيُرْهِبَ قَيْصَرَ، وَذُكِرَ لَهُ أَنَّ بِدُومَةِ الْجَنْدَلِ جَمْعًا عَظِيمًا يَظْلِمُونَ مَنْ مَرَّ بِهِمْ. وَكَانَ بِهَا سُوقٌ وَتُجَّارٌ، فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ بِأَلْفٍ [مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَكَانَ][1] يَسِيرُ اللَّيْلَ وَيَكْمُنُ النَّهَارَ، وَدَلِيلُهُ مَذْكُورٌ الْعُذْرِيُّ، فَنَكَبَ عَنْ طَرِيقِهِمْ، فَلَمَّا كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ دُومَةَ يَوْمٌ قَوِيٌّ [2]، قَالَ لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ سَوَائِمَهُمْ تَرْعَى عِنْدَكَ، فَأَقِمْ حَتَّى أَنْظُرَ. وسار مذكور حتّى وجد آثَارِ النَّعَمِ، فَرَجَعَ وَقَدْ عَرَفَ مَوَاضِعَهُمْ، فَهَجَمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى مَاشِيَتِهِمْ وَرِعَائِهِمْ فَأَصَابَ مَنْ أَصَابَ، وَجَاءَ الْخَبَرُ إِلَى دُومَةَ فَتَفَرَّقُوا، وَرَجَعَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم.
وهي عن المدينة ستّة عشرة يوما، وبينها وَبَيْنَ دِمَشْقَ خَمْسُ لَيَالٍ لِلْمُجِدِّ، وَبَيْنَهَا وَبَيْنَ الْكُوفَةِ سَبْعُ لَيَالٍ، وَهِيَ أَرْضُ ذَاتِ نَخْلٍ، يزرعون الشَّعِيرَ وَغَيْرَهُ، وَيَسْتَقُونَ [3] عَلَى النَّوَاضِحِ، وَبِهَا عَيْنُ مَاءٍ.
غزوة المُرَيْسِيع
وتُسَمّى غزوة بني المُصْطَلِق، كانت في شعبان سنة خمسٍ عَلَى الصحيح، بل المجزوم به.
قَالَ الواقدي [4] : استخلف النّبيّ صلى الله عليه وسلم فيها عَلَى المدينة زيد بن حارثة.
[1] ما بين الحاصرتين عن المغازي للواقدي 1/ 403.
[2]
في المغازي للواقدي 403 «وبين دومة يوم أو ليلة، سير الراكب المعنق» بدل «يوم قوي» .
[3]
في الأصل: يسقون.
[4]
المغازي للواقدي 404.
فحدّثني شُعَيْب بن عَبّاد عَنِ المِسْوَر بن رِفاعة قَالَ: خَرَجَ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي سبعمائة.
وَقَالَ يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ: قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ [1] حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ حِبَّانَ، وَعَاصِمُ بن عمر، وعبد الله بن أبي بكر قَالُوا: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وبلغه أنّ بني المصطلق [2] يجمعون [43 أ] لَهُ، وَقَائِدُهُمُ الْحَارِثُ بْنُ أَبِي ضِرَارٍ أَبُو جُوَيْرِيَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ، فَسَارَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم حَتَّى نَزَلَ بِالْمُرَيْسِيعِ [3] ، مَاءٍ مِنْ مياههم، فأعدّوا رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَتَزَاحَفَ النَّاسُ فَاقْتَتَلُوا، فَهَزَمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَنِي الْمُصْطَلِقِ وَقَتَلَ مَنْ قَتَلَ مِنْهُمْ وَنَفَّلَ نِسَاءَهُمْ وَأَبْنَاءُهْم وَأَمْوَالَهُمْ، وَأَقَامَ عَلَيْهِمْ مِنْ نَاحِيَةِ قُدَيْدٍ [4] وَالسَّاحِلِ.
وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ [5] عَنْ مَعْمَرٍ وَغَيْرِهِ: أَنَّ بَنِي الْمُصْطَلِقِ مِنْ خُزَاعَةَ كَانُوا يَنْزِلُونَ نَاحِيَة الْفَرْعِ، وَهُمْ حُلَفَاءُ بَنِي مُدْلِجٍ، وَكَانَ رَأْسَهُمُ الْحَارِثُ بْنُ أَبِي ضِرَارٍ، وَكَانَ قَدْ سَارَ فِي قَوْمِهِ وَمَنْ قَدَرَ عَلَيْهِ، وَابْتَاعُوا خَيْلا وَسِلاحًا، وَتَهَيَّأَ لِلْمَسِيرِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.
قَالَ الْوَاقِدِيُّ: وَحَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الأبيض، عن أبيه،
[1] سيرة ابن هشام 4/ 6 تاريخ الطبري 2/ 604.
[2]
بطن من خزاعة من القحطانية، وهم بنو المصطلق واسمه جذيمة بن سعد بن عمرو بن ربيعة (معجم قبائل العرب 3/ 1104) .
[3]
المريسيع بالعين المهملة في أصحّ الروايات وأشهرها، وضبط بالغين المعجمة، وهو بناحية قديد إلى الساحل، قاله ابن إسحاق، وفي حديث للطبراني هو ماء لخزاعة بينه وبين الفرع نحو يوم، وقال المجد: الفرع على ساعة من المريسيع (وفاء ألوفا 2/ 373 ومعجم ما استعجم 4/ 1220) .
[4]
قديد: قرية جامعة بين مكة والمدينة كثيرة المياه، وقيل موضع قرب مكة وقيل موضع بين الحرمين، وقيل واد. (وفي تعليقات الشيخ حمد الجاسر على المغانم المطابة أنّ القرية لا تزال معروفة ولكنّها ضعيفة وتقع بين خليص وعسفان بقرب مكة) .
[5]
المغازي 1/ 408.
عَنْ جَدَّتِهِ، وَهِيَ مَوْلاةُ جُوَيْرِيَةَ، [قَالَتْ] [1] سَمِعْتُ جُوَيْرِيَةَ تَقُولُ: أَتَانَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَنَحنُ عَلَى الْمُرَيْسِيعِ، فَأَسْمَعُ أَبِي يَقُولُ: أَتَانَا مَالا قِبَلَ لَنَا بِهِ، قَالَتْ: وَكُنْتُ أَرَى مِنَ النَّاسِ وَالْخَيْلِ وَالْعَدَدِ مَا لا أَصِفُ مِنَ الْكَثْرَةِ، فَلَمَّا أَنْ أَسْلَمْتُ وَتَزَوَّجَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَرَجَعْنَا جَعَلْتُ أَنْظُرُ إِلَى الْمُسْلِمِينَ فَلَيْسُوا كَمَا كُنْتُ أَرَى، فَعَرَفْتُ أَنَّهُ رُعْبٌ مِنَ اللَّهِ. وَكَانَ رَجُلٌ مِنْهُمْ قَدْ أَسْلَمَ يَقُولُ: لَقَدْ كُنَّا نَرَى رِجَالا بِيضًا عَلَى خَيْلٍ بَلْقٍ، مَا كُنَّا نَرَاهُمْ قَبْلُ وَلا بَعْدُ.
قَالَ الواقدي [2] : ونزل رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الماءَ، وضربت له قُبَّةٌ من أَدَم، ومعه عائشة وأمّ سَلَمَةَ، وصفّ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أصحابه، ثُمَّ أمر عُمَر فنادى فيهم: قولوا: لا إله إلّا الله، تمنعوا بِهَا أنفسَكم وأموالكم، ففعل عُمَر، فأبَوْا. فكان أوّل من رمى رجلٌ منهم بسهم، فرمى المسلمون ساعة بالنَّبل، ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أمر أصحابه أن يحملوا، فحملوا، فما أفلت منهم إنسان، وقتل منهم عشرةٌ وأُسِرَ سائرُهم، وقتل من المسلمين رجل واحد.
وقال ابن عَوْن: كتبت إلى نافع أسأله عَنِ الدّعاء قبل القتال، فكتب إنّما كان ذَلِكَ في أول الَإسلام، قد أغار رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى بني المُصْطَلِق وهم غارُّون، وأنعامُهم تُسْقَى عَلَى الماء، فقتل مقاتلهم وسَبَى سبْيهم، فأصاب يومئذٍ أحْسبُهُ قَالَ: جُوَيْرِية. وحدّثني ابنُ عُمَر بذلك، وكان في ذَلِكَ الجيش. مُتَّفَقٌ عليه [3] .
وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ رَبِيعَةَ الرَّأْيِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حِبَّانَ، عَنِ ابنِ مُحَيْرِيزٍ، سَمِعَ أَبَا سَعِيدٍ يَقُولُ: غَزَوْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بني
[1] إضافة من المغازي للواقدي 1/ 408.
[2]
المغازي 1/ 407.
[3]
صحيح مسلم (1730) كتاب الجهاد والسير، باب جواز الإغارة على الكفّار الذين بلغتهم دعوة الإسلام إلخ.
الْمُصْطَلِقِ فَسَبَيْنَا كَرَائِمَ الْعَرَبِ، وَطَالَتْ عَلَيْنَا الْعُزْبَةُ [1] ، وَرَغِبْنَا فِي الْفِدَاءِ فَأَرَدْنَا أَنْ نَسْتَمْتِعَ وَنَعْزِلَ، فَسَأَلْنَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: لَا عَلَيْكُمْ أَنْ لَا تَفْعَلُوا، مَا كَتَبَ اللَّهُ خَلْقَ نَسَمَةٍ هِيَ كَائِنَةٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ إِلَّا سَتَكُونُ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، عَنْ قتيبة عن إسماعيل [2] .
[1] في الأصل: «الغربة» والتصحيح من صحيح البخاري 5/ 54.
[2]
صحيح البخاري 5/ 54 كتاب المغازي، باب غزوة بني المصطلق وكتاب النّكاح باب العزل، وكتاب القدر، باب وكان أمر الله قدرا مقدورا، وصحيح مسلم: كتاب النّكاح، باب حكم العزة.