الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
نزُولُ سُورة الفتح
قَالَ مَالِكٌ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَسِيرُ فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ، وَعُمَرُ مَعَهُ لَيْلًا. فَسَأَلَهُ عُمَرُ عَنْ شَيْءٍ فَلَمْ يُجِبْهُ، ثُمَّ سَأَلَهُ فَلَمْ يجبه، ثم سأله فلم يجبه، [64 ب] فَقَالَ عُمَرُ: ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ، نَزَرْتَ [1] رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: فَحَرَّكْتُ بَعِيرِي حَتَّى تَقَدَّمَتْ أَمَامَ النَّاسِ وَخَشِيتُ أَنْ يَنْزِلَ في القرآن، فَلَمْ أَنْشَبْ أَنْ سَمِعْتُ صَارِخًا يَصْرُخُ، قَالَ: قُلْتُ: لَقَدْ خَشِيتُ أَنْ يَكُونَ نَزَلَ [2] فِيَّ قُرْآنٌ، فَجِئْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فسلّمت عليه، فقال:«لقد أنزلت عليّ اللّيلة سورة هي أحبّ إليّ مما طلعت عليه الشمس» ، ثُمَّ قَرَأَ: إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ 48: 1- 2 [3] .
أخرجه البخاري [4] .
[1] النزر: الإلحاح في السؤال. وقول عمر: نزرت رسول الله، يعني ألححت عليه في المسألة إلحاحا أدّبك بسكوته عن جوابك.
[2]
في الأصل: خشيت أن ينزل في قرآن. وحقّ العبارة مما أثبتناه من ع وصحيح البخاري، والبداية والنهاية 4/ 177.
[3]
سورة الفتح: الآيتان الأولى والثانية.
[4]
صحيح البخاري 5/ 66، 67، كتاب المغازي، باب غزوة الحديبيّة، وكتاب التفسير باب
وَقَالَ يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَسْعُودِيِّ، عَنْ جَامِعِ بْنِ شَدَّادٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَلْقَمَةَ، عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ، قَالَ: لَمَّا أَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنَ الْحُدَيْبِيَةِ، جَعَلَتْ نَاقَتُهُ تُثْقِلُ، فَتَقَدَّمْنَا، فَأُنْزِلَ عَلَيْهِ:
إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً 48: 1.
وَقَالَ شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ: إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً 48: 1، قَالَ: فَتْحُ الْحُدَيْبِيَةِ، فَقَالَ رَجُلٌ: هَنِيئًا مَرِيئًا يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا لَكَ، فَمَا لَنَا؟ فأنزلت: لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي 48: 5 [1] .
قَالَ شُعْبَةُ: فَقَدِمْتُ الْكُوفَةَ فَحَدَّثْتُهُمْ عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، ثُمَّ قَدِمْتُ الْبَصْرَةَ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِقَتَادَةَ فَقَالَ: أَمَّا الْأَوَّلُ فَعَنْ أَنَسٍ، وَأَمَّا الثاني:
لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ 48: 5، فَعَنْ عِكْرِمَةَ، أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ [2] .
وَقَالَ هَمَّامٌ: ثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ: إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً 48: 1 إِلَى آخِرِ الْآيَةِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَرْجِعَهُ مِنَ الْحُدَيْبِيَةِ، وَأَصْحَابُهُ مُخَالِطُو الْحُزْنِ وَالْكَآبَةِ، فَقَالَ:«نَزَلَتْ عَلَيَّ آيةٌ هِيَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنَ الدُّنْيَا» .
فَلَمَّا تَلَاهَا قَالَ رَجُلٌ: قَدْ بَيَّنَ اللَّهُ لَكَ مَا يَفْعَلُ بِكَ، فَمَاذَا يَفْعَلُ بِنَا؟ فَأُنْزِلَتْ الَّتِي بَعْدَهَا: لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ 48: 5.
أَخْرَجَهُ مُسْلِم [3] . وَقَالَ يُونُسُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، عن الزّهري [4] ، عن عروة، عن
[ () ] فضل سورة الفتح. (6/ 43، 44) وانظر نهاية الأرب 17/ 234.
[1]
سورة الفتح: من الآية 5.
[2]
صحيح البخاري: كتاب المغازي، باب غزوة الحديبيّة (5/ 66) .
[3]
صحيح مسلم (1786) كتاب الجهاد والسير، باب صلح الحديبيّة في الحديبيّة.
[4]
تاريخ الطبري 2/ 638.
الْمِسْوَرِ، وَمَرْوَانَ قَالا فِي قِصَّةِ الْحُدَيْبِيَةِ: ثُمَّ انْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَاجِعًا.
فَلَمَّا أَنْ كَانَ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ نَزَلَتْ عَلَيْهِ سُورَةُ الْفَتْحِ. فَكَانَتِ الْقَضِيَّةُ فِي سُورَةِ الْفَتْحِ وَمَا ذَكَرَهُ اللَّهُ مِنْ بَيْعَةِ الرِّضْوَانِ تَحْتَ الشَّجَرَةِ. فَلَمَّا أَمِنَ النَّاسُ وَتَفَاوَضُوا، لَمْ يُكلَّمْ أَحَدٌ بِالإِسْلامِ إِلا دَخَلَ فِيهِ. فَلَقَدْ دَخَلَ فِي تَيْنِكَ السَّنَتَيْنِ فِي الإِسْلامِ أَكْثَرُ مِمَّا كَانَ فِيهِ قَبْلَ ذَلِكَ. وَكَانَ صُلْحُ الْحُدَيْبِيَةِ فَتْحًا عَظِيمًا.
وَقَالَ ابْنُ لَهِيعَةَ: ثنا أَبُو الأَسْوَدِ عَنْ عُرْوَةَ، قَالُوا: وَأَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَنْ الْحُدَيْبِيَةِ رَاجِعًا. فَقَالَ رِجَالٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: مَا هَذَا بِفَتْحٍ، لَقَدْ صُدِدْنَا عَنِ الْبَيْتِ وَصُدَّ هَدْيُنَا، وعكسف رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالْحُدَيْبِيَةِ وَرَدَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَجُلَيْنِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ خَرَجَا.
فَبَلَغَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَوْلُ رِجَالٍ مِنْ أَصْحَابِهِ: إِنَّ هَذَا لَيْسَ بِفَتْحٍ.
فَقَالَ: «بِئْسَ الْكَلامِ، هَذَا أَعْظَمُ الْفَتْحِ، لَقَدْ رَضِيَ الْمُشْرِكُونَ أن يدفعوكم بالرّواح عن بلادهم ويسألونكم [65 أ] الْقَضِيَّةَ وَيَرْغَبُونَ إِلَيْكُمْ فِي الأَمَانِ، وَقَدْ رَأَوْا مِنْكُمْ مَا كَرِهُوا، وَقَدْ أَظْفَرَكُمُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَدَّكُمْ سَالِمِينَ غَانِمِينَ مَأْجُورِينَ، فَهَذَا أَعْظَمُ الْفُتُوحِ. أنسيتم يوم أحد. إذ تصعدون ولا تلوون على أحد وأنا أدعوكم في أخراكم؟ أَنَسِيتُمْ يَوْمَ الأَحْزَابِ، إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكِمْ وَمِنْ أَسْفَلِ مِنْكُمْ» ؟ فَقَالَ الْمُسْلِمُونَ: صَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، هُوَ أَعْظَمُ الْفُتُوحِ وَاللَّهِ يَا نَبِيَّ اللَّهِ. وقال ابن أبي عَرُوبة، عَنْ قَتَادة، قَالَ: ظهرت الروم عَلَى فارس عند مرجع المسلمين من الحُديبية. وقال مثل ذَلِكَ عقيل، عن ابن شهاب، عَن عُبَيْد الله بْن عَبْد الله بْن عُتْبة بْن مَسْعُود.
وكانت بين الروم وبين فارس ملحمةٌ مشهودة نَصَرَ الله فيها الروم. ففرح المسلمون بذلك، لكوْن أهل الكتاب فِي الحملة نُصِروا عَلَى المجوس [1]
[1] انظر نهاية الأرب للنويري 17/ 235.
وقال مُغيرة، عَنِ الشعبيّ فِي قوله: إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً 48: 1، قال: فتح الحديبيّة، وبايعوا بيعة الرضوان، وأطعموا نخيل خيبر، وظهرت الروم عَلَى فارس. ففرح المسلمون بتصديق كتاب الله ونصر أهل الكتاب على المجوس.
وقال شعبة، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي ليلى: وَأَثابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً 48: 18 [1]، قال: خيبر. وَأُخْرى لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْها 48: 21 [2]، قَالَ:
فارس والروم.
وَقَالَ وَرْقَاءُ [3] ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: أُرِيَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ بِالْحُدَيْبِيَةِ أَنْ يَدْخُلَ مَكَّةَ هُوَ وَأَصْحَابُهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَهُمْ وَمُقَصِّرِينَ، فَقَالُوا لَهُ حِينَ نَحَرَ بِالْحُدَيْبِيَةِ: أَيْنَ رُؤْيَاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَأَنْزَلَ اللَّهُ: لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيا بِالْحَقِّ 48: 27 إِلَى قَوْلِهِ فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذلِكَ فَتْحاً قَرِيباً 48: 27 [4] يَعْنِيَ النَّحْرَ بِالْحُدَيْبِيَةِ ثُمَّ رَجَعُوا فَفَتَحُوا خَيْبَرَ، فَكَانَ تَصْدِيقُ رُؤْيَاهُ فِي السَّنَةِ الْمُقْبِلَةِ.
وقال هُشيم [5] : «أَنَا أَبُو بشر، عَنْ سَعِيد بْن جُبير، وعِكرمة:
سَتُدْعَوْنَ إِلى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ 48: 16 [6]، قالا: هوازن يوم حنين رواه سعيد بن منصور في سننه» .
[1] سورة الفتح، من الآية 18.
[2]
سورة الفتح، من الآية 21.
[3]
هو ورقاء بن عمر بن كليب اليشكري أبو بشر الكوفي. (تهذيب التهذيب 11/ 113) .
[4]
سورة الفتح، الآية 27.
[5]
هو هشيم بن بشير بن القاسم بن دينار السلمي أبو معاوية الواسطي. (تهذيب التهذيب 11/ 59) .
[6]
سورة الفتح، من الآية 16.
وقال بندار [1] : ثنا غُنْدَر، [2] ثنا شُعْبَة، عَنْ هشيم، فذكره، وزاد:
هوازن وبنو حنيفة.
وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ: أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ 17: 5، قال: فارس.
وقال: السَّكِينَةَ 48: 4 هي الرَّحْمَةُ.
وقال أَبُو حُذَيفة النَّهْدِيُّ: ثنا سُفْيَان، عَنْ سَلَمَةَ بْن كُهَيْلٍ، عَنْ أَبِي الأحوص، عَنْ عليّ هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ 48: 4 [3] قَالَ:
السكينة لَهَا وجهٌ كوجه الإِنسان، ثُمَّ هي بعد ريح هفافة.
وقال ورقاء، عَنِ ابن أَبِي نَجِيح، عَنْ مجاهد قَالَ: السكينة كهيئة الريح، لَهَا رأس كرأس الهرَّة وجناحان.
وَقَالَ الْمَسْعُودِيُّ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ:
تُصِيبُهُمْ بِما صَنَعُوا قارِعَةٌ 13: 31 [4]، قَالَ: السَّرِيَّةُ، أَوْ تَحُلُّ قَرِيباً مِنْ دارِهِمْ 13: 31 [5]، قَالَ: هُوَ مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم. حَتَّى يَأْتِيَ وَعْدُ الله 13: 31 [6]، قَالَ:
فَتْحُ مَكَّةَ.
وَعَنْ مُجَاهِدٍ: أَوْ تَحُلُّ قَرِيباً من دارِهِمْ 13: 31، قال: الحديبيّة ونحوها رواه [65 ب] شريك، عن منصور، عنه.
[1] هو محمد بن بشار بن عثمان بن داود بن كيسان العبديّ أبو بكر الحافظ البصري. قيل له بندار لأنه كان بندارا في الحديث جمع حديث بلده. (تهذيب التهذيب 9/ 70) .
[2]
هو محمد بن جعفر الهذلي مولاهم أو عبد الله البصري، صاحب الكرابيس. مات سنة 93 هـ-.
(تهذيب التهذيب 9/ 97) .
[3]
سورة الفتح، من الآية 4.
[4]
، (5) ، (6) سورة الرعد، من الآية 31.
وقال الليث، عن عقيل عن ابن شهاب، أخبرني عُرْوة أنّه سَمِعَ مروان بْن الحَكَم، والمسور يخبران عَنْ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لما كاتب سُهَيْلَ بْن عَمْرو، فذكر الحديث، وفيه: وكانت أُمُّ كُلْثُومَ بِنْت عُقْبة بْن أَبِي مُعَيْط ممّن خرج إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يومئذ وهي عاتق [1] ، فجاء أهلها يسألون رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يرجعها إليهم، فلم يرجعها إليهم لما أنزل الله فيهن: إِذا جاءَكُمُ الْمُؤْمِناتُ مُهاجِراتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ، اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِناتٍ فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ 60: 10 [2] .
قَالَ عُرْوة: فأخبرتني عَائِشَةُ أَنَّ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يمتحنهنّ بهذه الآية: إِذا جاءَكَ الْمُؤْمِناتُ يُبايِعْنَكَ 60: 12 [3] الآية. قَالَتْ: فمن أقرّ بهذا الشرط منهنّ قَالَ لَهَا قد بايعتك، كلامًا يكلِّمها بِهِ، والله ما مسَّت يدُه يدَ امرأةٍ قطّ فِي المبايعة، ما بايعني إلّا بقوله. أَخْرَجَهُ البخاري [4] .
وقال موسى بن عقبة، عن ابن شهاب قَالَ: ولما رجع رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى المدينة انفلت من ثقيف أَبُو بصير [5] بْن أسيد بْن حارثة الثقفي من المشركين، فذكر من أمره نحوًا مما قدَّمْنا. وفيه زيادة وهي: فخرج أَبُو بصير معه خمسةٌ كانوا قدِموا (من)[6] مكة، ولم ترسل قريش فِي طلبهم كما أرسلوا فِي أَبِي بصير، حتى كانوا بين العِيص وذي المروة من أرض جهينة
[1] العاتق: الجارية أول ما أدركت أو هي التي لم تتزوج.
[2]
سورة الممتحنة، من الآية 10.
[3]
سورة الممتحنة، من الآية 12.
[4]
صحيح البخاري: كتاب التفسير، سورة الممتحنة 6/ 60 وكتاب الطلاق، باب إذا أسلمت المشركة أو النصرانية تحت الذّمّي إلخ 6/ 173. وكتاب الأحكام، باب بيعة النساء (8/ 125) .
[5]
في المغازي للواقدي 2/ 624 «عتبة بن أسيد بن حارثة حليف بني زهرة» .
[6]
سقطت من الأصل، وأثبتناها من ع.
عَلَى طريق عِير قريش ممّا يلي سيف البحر، لا يمرّ بهم عِيرٌ لقريش إلّا أخذوها وقتلوا أصحابها. وانفلت أَبُو جَندل فِي سبعين راكبًا أسلموا وهاجروا، فلحقوا بأبي بصير، وقطعوا مادَّةَ قريش من الشام، وكان أَبُو بصير يصلّي بأصحابه، فلما قدِم عَلَيْهِ أَبُو جندل كَانَ يؤمُّهم [1] .
واجتمع إلى أَبِي جَنْدل حين سمعوا بقدومه ناسٌ من بني غِفار وأسلم وجهينة وطوائف، حتى بلغوا ثلاثمائة مقاتل وهم مسلمون، فأرسلت قريش إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يسألونه أن يبعث إلى أبي بصير ومن معه فيقدموا عليه، وقالوا:
من خرج منّا إليك فأمْسِكه، قَالَ: ومرّ بأبي بصير أَبُو العاص بْن الربيع من الشام فأخذوه، فقدم عَلَى امرأته زينب سرًّا. وقد تقدّم شأنه. وأرسل رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كتابه [2] إلى أَبِي بصير أن لا يعترضوا لأحد. فقدم الكتاب عَلَى أَبِي جندل وأبي بصير، وأبو بصير يموت. فمات وكتاب رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي يده يقرؤه، فدفنه أَبُو جندل مكانه، وجعل عند قبره مسجدًا [3] .
وَقَالَ يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ: حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ حَدَّثَهُ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا صَلَّى الْعِشَاءَ الآخِرَةَ نصب [4] في الركعة الأخيرة بعد ما [66 أ] يَقُولُ:«سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ» : اللَّهمّ نَجِّ الْوَلِيدَ بْنَ الْوَلِيدِ، اللَّهمّ نَجِّ سَلَمَةَ بْنَ هِشَامٍ، اللَّهمّ نَجِّ عَيَّاشَ بْنَ أَبِي رَبِيعَةَ، اللَّهمّ نَجِّ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، اللَّهمّ اشْدُدُ وَطْأَتَكَ عَلَى مُضَرَ. اللَّهمّ اجْعَلْهَا سِنِينَ مِثْلَ سنّي
[1] سيرة ابن هشام 4/ 31. تاريخ الطبري 2/ 639، نهاية الأرب 17/ 245، و 246 و 247، سيرة ابن هشام 4/ 31 عيون التواريخ 1/ 263، عيون الأثر 2/ 128.
[2]
لم تر وكتب السيرة نصّا لهذا الكتاب، وانظر: مجموعة الوثائق السياسية للدكتور محمد حميد الله (ص 65) ، وإعلام السائلين عن كتب سيّد المرسلين لابن طولون الدمشقيّ (ص 47) .
[3]
نهاية الأرب 17/ 247، 248.
[4]
نصب في الدعاء: جدّ فيه. (لسان العرب- مادة نصب) .
يُوسُفَ» [1] . ثُمَّ لَمْ يَزَلْ يَدْعُو حَتَّى نَجَّاهُمُ اللَّهُ تَعَالَى، ثُمَّ تَرَكَ الدُّعَاءَ لَهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ. وفي سنة ستّ:
مات سعد بْن خَوْلةَ [2] رضي الله عنه فِي الأسر بمكة. ورثى لَهُ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم لكونه مات بمكة.
وفيها: قُتل هشَام بْن صُبابة [3] أخو مِقْيسٍ، قتله رَجُل من المسلمين وهو يظنّ أنّه كافر، فأعطى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم مِقيسًا دِيَتَه. ثُمَّ إنّ مِقْيسًا قتل قاتل أخيه، وكفر وهرب إلى مكة.
وفي ذي الحجة: ماتت أمّ رُومان بِنْت عامر [4] بْن عُوَيْمر الكِنانية، أمّ عَائِشَةَ رضي الله عنهما، أخرج الْبُخَارِيّ من رواية مسروق عَنْهَا حديثًا [5] وهو منقطع لأنّه لم يدركها، أو قد أدركها فيكون تاريخُ موتها هذا خطأ [6] . والله أعلم.
[1] أخرجه البخاري في صحيحه كتاب الجهاد والسير، باب الدعاء للمشركين بالهدي ليتألّفهم.
(3/ 235) .
[2]
هو سعد بن خولة القرشي العامري من بني مالك بْن حسل بْن عامر بْن لُؤيّ. (الاستيعاب 2/ 43، الإصابة 2/ 24 رقم 3145) .
[3]
في طبعة القدسي 372 «ضبابة» والتصحيح من: الاستيعاب 3/ 595، والإصابة 3/ 603 حيث قال ابن حجر: صبابة، بضم المهملة وموحّدتين الأولى خفيفة.
[4]
الاستيعاب 4/ 448، الإصابة 4/ 450 رقم 1271 عيون التواريخ 1/ 162.
[5]
أخرجه البخاري في صحيحه في كتاب المغازي، باب حديث الإفك، من رواية مسروق بن الأجدع (5/ 60) .
[6]
انظر ترجمة أم رومان في تهذيب التهذيب (12/ 467) ، ففيه يناقش هذه الرواية بتوسع.