المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌حجة الوداع [1] - تاريخ الإسلام - ت تدمري - جـ ٢

[شمس الدين الذهبي]

فهرس الكتاب

- ‌[المجلد الثاني (المغازى) ]

- ‌[مقدمة المؤلف]

- ‌السَّنَةُ الْأُولَى مِنَ الْهِجْرَةِ

- ‌قِصَّةُ إِسْلَامِ ابْنِ سَلامٍ

- ‌قِصَّةُ بِنَاءِ الْمَسْجِدِ

- ‌سَنَةُ اثْنَتَيْنِ فِي صَفَرِهَا:

- ‌(غَزْوَةُ الْأَبْوَاءِ) [1]

- ‌[بَعْثُ حَمْزَةَ [4]]

- ‌[بَعْثُ عُبَيْدَةَ بْنِ الْحَارِثِ]

- ‌[غَزْوَةُ بُوَاطٍ [1]]

- ‌[غَزْوَةُ الْعُشَيْرَةِ]

- ‌[غَزْوَةُ بَدْرٍ الْأُولَى]

- ‌[سَرِيَّةُ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ]

- ‌[بَعْثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَحْشٍ]

- ‌[غَزْوَةُ بَدْرٍ الْكُبْرَى]

- ‌بَقِيَّةُ أَحَادِيثِ غَزْوَةِ بَدْرٍ

- ‌رُؤْيَا عَاتِكَةَ

- ‌ذِكْرُ غَزْوَةِ بَدْرٍ

- ‌فَصْلٌ فِي غَنَائِمِ بَدْرٍ وَالْأَسْرَى

- ‌أَسْمَاءُ مَنْ شَهِدَ بَدْرًا

- ‌ذِكْرُ طَائِفَةٍ مِنْ أَعْيَانِ الْبَدْرِيِّينَ

- ‌قِصَّةُ النَّجَاشِيُّ

- ‌سَرِيَّةُ عُمَيْرِ بْنِ عَدِيٍّ الْخَطْمِيِّ [5]

- ‌غَزْوَةُ بَنِي سُلَيْمٍ [1]

- ‌سَرِيَّةُ سَالِمِ بْنِ عُمَيْرٍ [1] لِقَتْلِ أَبِي عَفَكٍ

- ‌غَزْوَةُ السَّوِيقِ فِي ذِي الْحِجَّةِ

- ‌ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَلَاثٍ

- ‌«غَزْوَةُ ذِي أَمَرٍ»

- ‌غَزْوَةُ بُحْرَانَ

- ‌غزة بَنِي قَيْنُقَاعَ

- ‌غَزْوَةُ بَنِي النَّضِيرِ

- ‌سَرِيَّةُ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ إِلَى الْقَرَدَةِ [3]

- ‌غَزْوَةُ قَرْقَرَةِ الْكُدْرِ

- ‌مَقْتَلُ كَعْبِ بْنِ الْأَشْرَفِ [1]

- ‌غَزْوَةُ أُحُدٍ «وَكَانَتْ فِي شَوَّالٍ»

- ‌عَدَدُ الشُّهَدَاءِ

- ‌غزوَة حمَراء الأسَد [1]

- ‌السَّنة الرابعَة

- ‌«سريّة أبي سلمَة إلى قطن في أوّلها»

- ‌غزوة الرَّجيع [2]

- ‌غزوة بئر مَعُوَنة [3]

- ‌ذَكَرَ الخلاف فِي غَزْوَةِ بَنِي النَّضِيرِ

- ‌غزوة بني لحيان

- ‌غزوة ذاتِ الرِّقاع [3]

- ‌غزوة بدر المَوْعِد

- ‌غزوة الخندق

- ‌السَّنَةُ الْخَامِسَةُ

- ‌«غزوة ذات الرقاع»

- ‌غزوة دُومَة الْجَنْدَل وهي بضمّ الدَّال

- ‌غزوة المُرَيْسِيع

- ‌تزويج رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم بجويرية «رضي الله عنها»

- ‌الأفك «وكان في هذه الغزوة»

- ‌غزوَةُ الخَنَدق

- ‌غزوة بني قريظة [1]

- ‌وفاة سعد بن مُعَاذ

- ‌إسلام ابني سَعْيَة وأسد بْن عُبَيْد

- ‌سَنَة ستٍّ مِنَ الهجَرة

- ‌غزوة الغابة أو غزوة ذي قرد [4]

- ‌مقتل ابن أبي الحُقَيْق

- ‌قتل ابن نُبَيْح الهُذْليّ

- ‌غزوة بني المصطلق وهي غزوة المريسيع

- ‌سرية نَجْد [1]

- ‌سرية عُكّاشة بْن مِحْصَن إلى الغَمْر

- ‌[سرية أَبِي عبيدة إلى ذي القَصَّة] [5]

- ‌[سَرِيَّةُ مُحَمَّد بْن مَسْلَمَة إلى ذي القَصَّة] [1]

- ‌[سَرِيَّةُ زيدِ بْن حارثة إلى بني سُلَيْم بالجَمُوم] [3]

- ‌[سَرِيَّةُ زيد بْن حارثة إلى الطَّرف] [6]

- ‌[سرية زيد بْن حارثة إلى العِيص] [2]

- ‌[سَرِيَّةُ زيدِ بْن حارثة إلى حِسْمَى] [5]

- ‌[سَرِيَّةُ زيد إلى وادي القُرَى] [1]

- ‌[سَرِيَّةُ عليّ بْن أَبِي طَالِب إلى بني سعد بْن بَكْر بَفَدَكَ] [4]

- ‌[سَرِيَّةُ عَبْد الرَّحْمَن بْن عَوْف إلى دُومة الجَنْدَل] [7]

- ‌[سَرِيَّةُ كُرْز بْن جَابِر الفِهْرِي إلى العُرَنيّين] [3]

- ‌إسلام أبي العاص مبسوطًا

- ‌سَرِيَّةٌ عبدِ الله بْن رَوَاحة إلى أُسَيْر بْن زارم فِي شوّال

- ‌قصة غزوة الحديبية وهي عَلَى تسعة أميال من مكة

- ‌نزُولُ سُورة الفتح

- ‌السنة السابعة

- ‌«غزوة خيبر»

- ‌فصل فيمن ذكر أن مرحبا قتله مُحَمَّد بْن مسلمة [1]

- ‌ذكر صفية

- ‌ذِكْرُ من استشهد عَلَى خيبر

- ‌قدوم جَعْفَر بْن أَبِي طَالِب ومَن معه

- ‌شَأْنُ الشَّاةِ الْمَسْمُومَةِ

- ‌[حديث الحجَّاج بْن عِلاط السُّلَمي] [1]

- ‌غزوة وادي القرى

- ‌سَرِيّة أبي بَكْر إلى نجد

- ‌سرِيّة عُمَر إلى عَجُزِ هَوَازِن

- ‌سرية بشير بْن سعد

- ‌سَرِيَّةُ غالب بْن عَبْد الله الليثي

- ‌سَرِيَّةُ الجِناب [5]

- ‌سَرِيَّةُ أَبِي حَدْرَد إلى الغابة

- ‌سَرِيَّةُ مُحَلِّم بْن جَثَّامة

- ‌سَرِيَّةُ عَبْد الله بْن حُذَافَة بْن قيس (ابن عديّ السّهميّ) [1]

- ‌عُمْرَةُ القَضيَّة [1]

- ‌تَزْوِيجُهُ صلى الله عليه وسلم بِمَيْمُونَةَ

- ‌ثمّ دخلت سنة ثمان من الهجرة

- ‌[مسير ابن أبي العجواء إلى بني سليم]

- ‌إسلام عَمْرو بْن العاص وخالد بْن الوليد

- ‌سَرِيَّةُ شجاع بْن وهْب الأسديّ

- ‌سَرِيَّةُ نَجْدٍ

- ‌سرية كعب بْن عُمَيْر

- ‌غزوة مؤته

- ‌ذِكْرُ رُسُلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌غزوة ذات السلاسل

- ‌غزوة سيف البحر [5]

- ‌سَرِيَّةُ أَبِي قَتَادَة إلى خَضِرَة [5]

- ‌وَفَاةُ زَيْنَبَ بِنْتِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌فتح مكة [1] «زادها اللَّه شرفًا» [2]

- ‌غزوة بني حُذيَمة [1]

- ‌غزوَة حُنَين [1]

- ‌غزوَة أوطَاس [1]

- ‌غزوة الطائف [1]

- ‌قِسْمُ غنَائِمِ حُنَيْنٍ وَغَيْر ذَلِك

- ‌عمرة الجعرانة

- ‌قصة كعب بْن زُهَيْر

- ‌السنة التاسعة

- ‌[سريّة الضَّحَّاك بْن سُفْيَان الكِلابيّ إلى القُرَطَاء] [1]

- ‌[سَرِيّة عَلْقَمَة بْن مُجَزِّز المُدْلِجِيّ] [5]

- ‌[سرية علي بن أبي طالب إلى الفلس] [3]

- ‌[سريّة عُكَّاشة بْن مِحْصَن إلى أَرْضِ عُذْرَة] [7]

- ‌غزوة تبوك [1]

- ‌[فائدة]

- ‌بَعث خَالِد بْن الوليد إلى أكيدر دُومَة [1]

- ‌[فائدة]

- ‌أمرُ الذين خلفوا [1]

- ‌مَوت عَبْد اللَّه بْن أَبِيّ

- ‌ذكر قدُوم وُفوُدِ العرب

- ‌[قُدُومُ عُرْوَةُ بْن مَسْعُود الثَّقَفِيّ]

- ‌وَفْدُ ثَقِيف [2]

- ‌السنة العاشرة

- ‌[وفد بني تَمِيم]

- ‌وفد بني عامر]

- ‌[وَافِدُ بني سَعْدٍ]

- ‌[الجَارُود بْن عَمْرو]

- ‌[وفدُ بَني حَنِيفَة]

- ‌[وفد طيِّئ]

- ‌[قدوم عديّ بْن حاتم]

- ‌[قدوم فَرْوَةَ بْن مُسَيْك المُرَادِيّ]

- ‌[وفد كِنْدة]

- ‌[وفد الأَزْد]

- ‌[كِتَابُ مُلُوكِ حِمْيَر]

- ‌[بعث خَالِد ثمّ عليَّ إلى اليمن]

- ‌[بعث أَبِي مُوسَى ومُعاذ إلى اليمن]

- ‌[وفد نَجْران]

- ‌حجَّةُ الودَاع [1]

- ‌سنة احدى عشر

- ‌سَرِيّة أُسَامَةَ

الفصل: ‌حجة الوداع [1]

‌حجَّةُ الودَاع [1]

قَالَ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّادِقُ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: أَذَّنَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي النَّاسِ بالحجّ، فاجتمع فِي الْمَدِينَةِ بَشَرٌ كَثِيرٌ.

فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِخَمْسٍ بَقِينَ مِنْ ذِي الْقِعْدَةِ، أَوْ لِأَرْبَعٍ، فَلَمَّا كَانَ بِذِي الْحُلَيْفَةِ وَلَدَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ مُحَمَّدَ بْنَ أَبِي بَكْرٍ الصَّدِّيقِ، فَأَرْسَلَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: كَيْفَ أَصْنَعُ؟ فَقَالَ: «اغْتَسِلِي وَاسْتَثْفِرِي بِثَوْبٍ» [2] . وَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْمَسْجِدِ، وَرَكِبَ الْقَصْوَاءَ [3] حَتَّى اسْتَوَتْ بِهِ عَلَى الْبَيْدَاءِ، فَنَظَرْتُ إِلَى مَدِّ بَصَرِي، بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، مِنْ رَاكِبٍ وَمَاشٍ، وَعَنْ يَمِينِهِ مِثْلُ ذَلِكَ، وَعَنْ يَسَارِهِ مِثْلُ ذَلِكَ، وَمِنْ خَلْفِهِ مِثْلُ ذَلِكَ. فَأَهَلَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالتَّوْحِيدِ [4] ، وَأَهَلَّ النَّاسُ بِهَذَا الَّذِي يُهِلُّونَ بِهِ، فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِمْ شَيْئًا مِنْهُ.

وَلَزِمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تَلْبِيَتَهُ. وَلَسْنَا نَنْوِي إِلا الْحَجَّ، لسنا نعرف العمرة، حتى

[1] المغازي لعروة 222، المغازي للواقدي 3/ 1088، سيرة ابن هشام 4/ 230، الطبقات الكبرى لابن سعد 2/ 172، تاريخ الطبري 3/ 148، تاريخ خليفة 94، نهاية الأرب 17/ 371، عيون الأثر 2/ 272، عيون التواريخ للكتبي 1/ 394.

[2]

مرّ تخريج هذا الحديث قبل قليل وانظر: طبقات ابن سعد 8/ 283.

[3]

القصواء: هي نَاقَةِ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. وَقَالَ أبو عبيدة: القصواء المقطوعة الأذن عرضا.

[4]

في صحيح مسلم: «لبّيك اللَّهمّ، لبّيك، لبّيك لا شريك لك لبّيك، إنّ الحمد والنعمة لك.

والملك لا شريك لك» . (ج 2/ 887) .

ص: 701

[إِذَا][1] أَتَيْنَا الْبَيْتَ مَعَهُ اسْتَلَمَ الرُّكْنَ فَرَمَلَ [2] ثَلاثًا وَمَشَى أَرْبَعًا، ثُمَّ تَقَدَّمَ [3] إِلَى مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ فَقَرَأَ: وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقامِ إِبْراهِيمَ مُصَلًّى 2: 125 [4] فَجَعَلَ الْمَقَامَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَيْتِ.

قَالَ جَعْفَرٌ: فَكَانَ أَبِي يَقُولُ- لا أَعْلَمُهُ ذَكَرَهُ إِلا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:

كَانَ يَقْرَأُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ 112: 1 [5] وقُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ 109: 1 [6] ثم رجع إلى الْبَيْتَ فَاسْتَلَمَ الرُّكْنَ، ثُمَّ خَرَجَ مِنَ الْبَابِ إِلَى الصَّفَا، حَتَّى إِذَا دَنَا مِنَ الصَّفَا قَرَأَ: إِنَّ الصَّفا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعائِرِ اللَّهِ 2: 158 [7] ، أَبْدَأُ بِمَا بَدَأَ اللَّهُ بِهِ، فَبَدَأَ بِالصَّفَا فَرَقِيَ عَلَيْهِ، حَتَّى إِذَا رَأَى الْبَيْتَ فَكَبَّرَ وَهَلَّلَ وَقَالَ: لَا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ، لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ، يُحْيِي وَيُمِيتُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ. لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ، أَنْجَزَ وَعْدَهُ، وَنَصَرَ عَبْدَهُ، وَهَزَمَ الأَحْزَابَ وَحْدَهُ» . ثُمَّ دَعَا بَيْنَ ذَلِكَ، فَقَالَ مِثْلَ ذَلِكَ ثَلاثَ مَرَّاتٍ. ثُمَّ نَزَلَ إِلَى الْمَرْوَةِ، حَتَّى إِذَا انْصَبَّتْ قَدَمَاهُ رَمَلَ فِي بَطْنِ الْوَادِي، حَتَّى إِذَا صَعِدَ مَشَى حَتَّى أَتَى الْمَرْوَةَ، فَعَلا عَلَيْهَا وَفَعَلَ كَمَا فَعَل عَلَى الصَّفَا. [فَلَمَّا كَانَ] [8] آخِرُ الطَّوَافِ عَلَى الْمَرْوَةِ قَالَ:«إِنِّي لَوِ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ لَمْ أَسُقِ الْهَدْيَ وَجَعَلْتُهَا عُمْرَةً. فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ لَيْسَ مَعَهُ هَدْيٌ فَلْيَحْلِلْ وَلْيَجْعَلْهَا عُمْرَةً» .

فَحَلَّ النَّاسُ كُلُّهُمْ وَقَصَّرُوا، إِلا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَمَنْ كَانَ مَعَهُ الْهَدْيُ.

فَقَامَ سُرَاقَةُ بْنُ مَالِكِ بْنِ جُعْشُمٍ فَقَالَ: يَا رَسُولَ الله [129 ب] ألعامنا

[1] عن صحيح مسلم.

[2]

الرمل: هو إسراع المشي مع تقارب الخطا، وهو الخبب.

[3]

في صحيح مسلم «نفذ» .

[4]

سورة البقرة، الآية 125.

[5]

أول سورة الإخلاص.

[6]

أول سورة الكافرون.

[7]

سورة البقرة، الآية 158.

[8]

سقطت من الأصل، وأثبتناها من ع، ح.

ص: 702

هذا أم لِلأَبَدِ؟ قَالَ فَشَبَّكَ أَصَابِعَهُ وَقَالَ: «دَخَلَتِ الْعُمْرَةُ مَعَ الْحَجِّ هَكَذَا، مَرَّتَيْنِ، لا، بَلْ لأَبَدِ الأَبَدِ» . وَقَدِمَ عَلِيٌّ، رضي الله عنه، مِنَ الْيَمِن بِبُدْنٍ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَوَجَدَ فَاطِمَةَ مِمَّنْ حَلَّ وَلَبِسَتْ ثِيَابًا صَبِيغًا وَاكْتَحَلَتْ، فَأَنْكَرَ عَلَيْهَا. فَقَالَتْ: أَبِي أَمَرَنِي بِهَذَا. فَكَانَ عَلِيٌّ يَقُولُ بِالْعِرَاقِ: فَذَهَبْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُحَرِّشًا بِالَّذِي صَنَعْتُهُ، مُسْتَفْتِيًا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:«صَدَقَتْ، صَدَقَتْ. مَاذَا قُلْتَ حِينَ فَرَضْتَ الْحَجَّ؟» قَالَ، قُلْتُ: اللَّهمّ إِنِّي أُهِلُّ بِمَا أَهَلَّ بِهِ رَسُولُكَ. قَالَ:

«فَإِنَّ مَعِي الْهَدْيَ فَلا تَحْلِلْ» . قَالَ: فَكَانَ الْهَدْيُ الَّذِي جَاءَ مَعَهُ، وَالْهَدْيُ الَّذِي أَتَى بِهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِنَ الْمَدِينَةِ مِائَةٍ. ثُمَّ حَلَّ النَّاسُ وَقَصَّرُوا، إِلا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَمَنْ مَعَهُ هَدْيٌ.

فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ التَّرْوِيَةِ وَجَّهُوا إِلَى مِنًى، أَهَلُّوا بِالْحَجِّ، وَرَكِبَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَصَلَّى بِمِنًى الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ وَالصُّبْحَ. ثُمَّ مَكَثَ قَلِيلا حَتَّى طَلَعَتِ الشَّمْسُ، وَأَمَرَ بِقُبَّةٍ مِنْ شَعَرٍ فَضُرِبَتْ لَهُ بِنَمِرَةٍ [1] ، فَسَارَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَلا تَشُكُّ قُرَيْشٌ إِلا أَنَّهُ وَاقِفٌ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ، كَمَا كَانَتْ قُرَيْشٌ تَصْنَعُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَأَجَازَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى أَتَى عَرَفَةَ [2] ، فَوَجَدَ الْقُبَّةَ [قَدْ ضُرِبَتْ لَهُ بِنَمِرَةٍ][3] فَنَزَلَ بِهَا، حَتَّى إِذَا زَاغَتِ الشَّمْسُ أَمَرَ بِالْقَصْوَاءِ فَرُحِلَتْ [4] لَهُ، فَرَكِبَ حَتَّى أَتَى بَطْنَ الْوَادِي، فَخَطَبَ النَّاسَ فَقَالَ.

«إِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ، كحرمة يومكم هذا، في شهركم

[1] نمرة: ناحة بعرفة. ونقل ياقوت أن الحرم من طريق الطائف على طرف عرفة من نمرة على أحد عشر ميلا. وقيل: نمرة الجبل الّذي عليه أنصاب الحرم عن يمينك إذا خرجت من المأزمين تريد الموقف (معجم البلدان 5/ 304) .

[2]

في ع، ح:«حتى أتى نمرة» . والمثبت يتفق مع صحيح مسلم.

[3]

زيادة من صحيح مسلم للتوضيح.

[4]

رحلت: أي وضع عليها الرحل.

ص: 703

هَذَا، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا. أَلا وَإِنَّ كُلَّ شَيْءٍ مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ مَوْضُوعٌ تَحْتَ قَدَمَيَّ، وَدِمَاءَ الْجَاهِلِيَّةِ مَوْضُوعَةٌ. وَأَوَّلَ دَمٍ أَضَعُهُ مِنْ دِمَائِنَا دَمُ رَبِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ، كَانَ مُسْتَرْضِعًا فِي بَنِي سَعْدٍ فَقَتَلَتْهُ هُذَيْلٌ. وَرِبَا الْجَاهِلِيَّةِ مَوْضُوعٌ [وَأَوَّلَ رِبًا أَضَعُ رِبَانَا رِبَا عَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَإِنَّهُ مَوْضُوعٌ][1] كُلُّهُ. وَاتَّقُوا اللَّهَ فِي النِّسَاءِ، فَإِنَّكُمْ أَخَذْتُمُوهُنَّ بِأَمَانَةِ اللَّهِ، وَاسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجَهُنَّ بِكَلِمَةِ اللَّهِ وَإِنَّ لَكُمْ عَلَيْهِنَّ أَنْ لا يُوطِئْنَ فُرُشَكُمْ مَنْ تَكْرَهُونَهُ، فَإِنْ فَعَلْنَ ذَلِكَ فَاضْرِبُوهُنَّ ضَرْبًا غَيْرَ مُبَرِّحٍ. وَلَهُنَّ عَلَيْكُمْ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ. وَقَدْ تَرَكْتُ فِيكُمْ مَا لَنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُ إِنِ اعْتَصَمْتُمْ بِهِ، كِتَابَ اللَّهِ تَعَالَى. وَأَنْتُمْ مَسْئُولُونَ عَنِّي، فَمَا أَنْتُمْ قَائِلُونَ؟ قَالُوا: نَشْهَدُ أَنْ [2] قَدْ بَلَّغْتَ وَأَدَّيْتَ وَنَصَحْتَ. فَقَالَ: بِإِصْبَعِهِ السَّبَّابَةِ، يَرْفَعُهَا إِلَى السَّمَاءِ وَيَكُبُّهَا [3] إِلَى النَّاسِ: اللَّهمّ اشْهَدْ، ثَلاثَ مَرَّاتٍ.

ثُمَّ أَذَّن بِلالٌ، ثُمَّ أَقَامَ فَصَلَّى الظُّهْرَ، ثُمَّ أَقَامَ فَصَلَّى الْعَصْرَ، وَلَمْ يُصَلِّ بَيْنَهُمَا شَيْئًا. ثُمَّ رَكِبَ حَتَّى أَتَى الْمَوْقِفَ، فَجَعَلَ بَطْنَ نَاقَتِهِ إِلَى الصَّخَرَاتِ، وَجَعَلَ جَبَلَ الْمُشَاةِ [4] بَيْنَ يَدَيْهِ، وَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ فَلَمْ يَزَلْ وَاقِفًا حَتَّى غَرَبَتِ الشَّمْسُ، وَذَهَبَتِ الصُّفْرَةُ قَلِيلا حين غاب القرص، [130 أ] وَأَرْدَفَ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ خَلْفَهُ فَدَفَعَ وَقَدْ شَنَقَ [5] لِلْقَصْوَاءِ الزِّمَامَ، حَتَّى إِنَّ رَأْسَهَا لَيُصِيبُ مَوْرِكَ رَحْلِهِ، وَيَقُولُ بِيَدِهِ: أَيُّهَا النَّاسُ، السَّكِينَةَ السَّكِينَةَ، كُلَّمَا أَتَى جَبَلا مِنَ الْجِبَالِ أَرْخَى لَهَا قَلِيلا حَتَّى تَصْعَدَ. حَتَّى أَتَى الْمُزْدَلِفَةَ، فَصَلَّى بِهَا الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ بِأَذَانٍ وَإِقَامَتَيْنِ، وَلَمْ يُصَلِّ بَيْنَهُمَا شَيْئًا. ثُمَّ اضْطَجَعَ حَتَّى طَلَعَ الْفَجْرُ، فَصَلَّى الْفَجْرَ حِينَ تَبَيَّنَ لَهُ الصُّبْحُ بِأَذَانٍ وَإِقَامَةٍ. ثُمَّ رَكِبَ الْقَصْوَاءَ حَتَّى أَتَى المشعر الحرام

[1] سقطت في النسخ الثلاث وزدناها من صحيح مسلم.

[2]

في صحيح مسلم «إنك» .

[3]

هكذا في الأصل، ح. وفي ع:«وبكيها» ، محرفة. ولفظ مسلم:«ينكتها» ، وفي رواية أخرى: ينكبها، أي يقلبها ويردّدها إلى الناس مشيرا إليهم. ومثلها يكبها.

[4]

جبل المشاة: طريقهم. وفي رواية: حبل المشاة أي مجتمعهم.

[5]

شنق: ضمّ وضيّق للقصواء.

ص: 704

فَرَقِيَ عَلَيْهِ فَحَمِدَ اللَّهَ وَكَبَّرَهُ وَهَلَّلَهُ. فَلَمْ يَزَلْ وَاقِفًا حَتَّى أَسْفَرَ جِدًّا، ثُمَّ دَفَعَ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ، وَأَرْدَفَ الْفَضْلَ بْنَ عَبَّاسٍ، وَكَانَ رَجُلا حَسَنَ الشَّعْرِ وَسِيمًا [1] . فَلَمَّا دَفَعَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَرَّ الظُّعُنُ [2] يَجْرِينَ، فَطَفِقَ الْفَضْلُ يَنْظُرُ إِلَيْهِنَّ، فَوَضَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَدَهُ عَلَى وَجْهِ الْفَضْلِ، فَصَرَفَ الْفَضْلُ وَجْهَهُ مِنَ الشِّقِّ الآخَرِ، فَحَوَّلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَدَهُ عَلَى وَجْهِ الْفَضْلِ. حَتَّى إِذَا أَتَى مُحَسِّرًا [3] حَرَّكَ قَلِيلا، ثُمَّ سَلَكَ الطَّرِيقَ الْوُسْطَى الَّتِي تُخْرِجُكَ عَلَى الْجَمْرَةِ الْكُبْرَى، حَتَّى أَتَى الْجَمْرَةَ الَّتِي عِنْدَ الْمَسْجِدِ، فَرَمَى سَبْعَ حَصَيَاتٍ، يُكَبِّرُ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ مِنْهَا مِثْلَ حَصْيِ الْخَذْف [4] رَمَى مِنْ بَطْنِ الْوَادِي. ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَى الْمَنْحَرِ، فَنَحَرَ ثَلاثًا وَسِتِّينَ بَدَنَةً [5] ، وَأَعْطَى عَلِيًّا، رضي الله عنه، فَنَحَرَ مَا غَبَرَ [6] وَأَشْرَكَهُ فِي هَدْيِهِ. ثُمَّ أَمَرَ مِنْ كُلِّ بَدَنَةٍ بِبَضْعَةٍ [7] فَجُعِلَتْ فِي قِدْرٍ، وَطُبِخَتْ، فَأَكَلا مِنْ لَحْمِهَا وَشَرِبَا مِنْ مَرَقِهَا.

ثُمَّ أَفَاضَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى الْبَيْتِ، فَصَلَّى بِمَكَّةَ الظُّهْرَ، فَأَتَى عَلَى بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ يَسْقُونَ مِنْ بِئْرِ زَمْزَمَ، فَقَالَ:«انْزِعُوا بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، فَلَوْلَا أَنْ تَغْلِبَكُمُ النَّاسُ عَلَى سِقَايَتِكُمْ لَنَزَعْتُ مَعَكُمْ» . فَنَاوَلُوهُ دَلْوًا فَشَرِبَ مِنْهُ.

أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ [8]، ودون قوله: يحيي ويميت.

[1] في صحيح مسلم «حسن الشعر أبيض وسيما» .

[2]

الظعن: مفردها ظعينة، وهي البعير الّذي عليه امرأة. وتسمّى به المرأة مجازا لملابستها البعير.

[3]

محسر، ويقال بطن محسر: واد قرب المزدلفة بين عرفات ومنى. وفي كتب المناسك أنه وادي النار، قيل إن رجلا اصطاد فيه فنزلت نار فأحرقته. وقيل إن فيل أصحاب الفيل حسر فيه أي أعيى وكلّ.

[4]

في الأصل: «الحدف» . والتحرير من ع، ح. وحصي الخذف أي حصي صغار بحيث يمكن أن يرمى بإصبعين. والحذف في الأصل: الرمي.

[5]

في صحيح مسلم «بيده» بدل «بدنة» .

[6]

ما غير ما بقي منها.

[7]

البضعة: القطعة من اللحم.

[8]

في كتاب الحج، (1218) باب حجة النبي صلى الله عليه وسلم.

ص: 705

وَقَالَ شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي حَسَّانَ الْأَعْرَجِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَمَّا أَتَى ذَا الْحُلَيْفَةِ أَشْعَرَ بُدْنَةً مِنْ جَانِبِ سَنَامِهَا الْأَيْمَنِ، ثُمَّ سَلَتَ عَنْهَا الدَّمَ، وَأَهَلَّ بِالْحَجِّ. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ [1] .

وَقَالَ أَيْمَنُ بْنُ نَابِلٍ، حَدَّثَنِي قُدَامَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَرْمِي جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ عَلَى نَاقَةٍ حَمْرَاءَ، وَفِي رِوَايَةٍ صَهْبَاءَ، لَا ضَرْبَ وَلَا طَرْدَ وَلَا إِلَيْكَ إِلَيْكَ [2] . حَدِيثٌ حسن [3] .

وقال ثور بن يزيد، عَنْ رَاشِدِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ [لُحَيٍّ][4] ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُرْطٍ قَالَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«أَفْضَلُ الْأَيَّامِ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمُ النَّحْرِ، ثُمَّ يَوْمُ الْقَرِّ، يَسْتَقِرُّ فِيهِ النَّاسُ، وَهُوَ الَّذِي يَلِي يَوْمَ النَّحْرِ» . قُدِّمَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَدَنَاتٌ، خَمْسٌ أَوْ سِتٌّ، فَطَفِقْنَ [5] يَزْدَلِفْنَ إِلَيْهِ بِأَيَّتِهِنَّ يَبْدَأُ، فَلَمَّا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا [6] قَالَ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَلِمَةً خَفِيَّةً [7] لَمْ أَفْهَمْهَا،

[1] صحيح مسلم: كتاب الحج، (1243) باب تقليد الهدي وإشعاره عند الإحرام. وأبو داود في كتاب المناسك (1752) باب في الإشعار.

[2]

إليك إليك: تقال للتنبيه أو الزجر. والمراد أنه صلى الله عليه وسلم كان لا يدفع ناقته ولا يندفع بها في مزدحم الناس، ولا يحتاج إلى زجرها عن ذلك.

[3]

رواه الترمذي في كتاب الحج (905) باب ما جاء في كراهية طرد الناس عند رمي الجمار.

قال الترمذي: وفي الباب عن عبد الله بن حنظلة. قال أبو عيسى: حديث قدامة بن عبد الله حديث حسن صحيح، وإنما يعرف هذا الحديث من هذا الوجه، وهو حديث حسن صحيح.

وأيمن بن نابل هو ثقة عند أهل الحديث. ورواه النسائي في مناسك الحج (5/ 270) باب الركوب إلى الجمار واستظلال المحرم. وابن ماجة في المناسك (3035) باب رمي الجمار راكبا.

[4]

في الأصل بياض مقدار كلمة، والمثبت من نسخة (ح) وسنن أبي داود 2/ 148، وفي (ع) سقط بمقدار سطرين هنا.

[5]

في الأصل «وطفقن» ، والمثبت من (ع) و (ح) وسنن أبي داود 2/ 149.

[6]

وجبت جنوبها: أي سقطت إلى الأرض ميّتة بعد ذبحها.

[7]

في الأصل «خفيفة» ، والمثبت من:(ع) و (ح) وسنن أبي داود.

ص: 706

فَقُلْتُ لِلَّذِي إِلَى جَنْبِي: مَا قَالَ؟ قَالَ: قَالَ: «مَنْ شَاءَ اقْتَطَعَ» . حَدِيثٌ حَسَنٌ [1] . وَقَالَ هِشَامٌ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَنَسٍ، أَنّ رسول الله [130 ب] صلى الله عليه وسلم رَمَى الْجَمْرَةَ، ثُمَّ رجع إلى منزله بمنى، فذبح، ثم دعا بالحلّاق فأخذ بشقّ رأسه الأيمن فحلقه، فجعل يقسمه الشّعرة والشّعرتين، ثم أخذ بشقّ رأسه الآخر [2] فحلقه، ثم قال: ها هنا أَبُو طَلْحَةَ؟ فَدَفَعَهُ إِلَى أَبِي طَلْحَةَ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ [3] . وَقَالَ أَبَانٌ الْعَطَّارُ، ثنا يَحْيَى حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ، أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ ابن زَيْدٍ حَدَّثَهُ، أَنَّ أَبَاهُ شَهِدَ الْمَنْحَرَ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَسَمَ بَيْنَ أَصْحَابِهِ ضَحَايَا، فَلَمْ يُصِبْهُ وَلا رَفِيقَهُ. قَالَ: فَحَلَقَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَأْسُهُ فِي ثَوْبِهِ فَأَعْطَاهُ، فَقَسَمَ مِنْهُ عَلَى رِجَالٍ، وَقَلَّمَ أَظْفَارَهُ فَأَعْطَى صَاحِبَهُ. فَإِنَّهُ لَمَخْضُوبٌ عِنْدَنَا بِالْحِنَّاءِ وَالْكَتَمِ [4] .

وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ، ثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ صُبَيْحٍ، عَنْ يَزِيدَ الرَّقَاشِيِّ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ، حَجَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى رَحْلٍ رَثٍّ وَقَطِيفَةً تُسَاوِي، أَوْ لَا تُسَاوِي، أَرْبَعَةَ دَرَاهِمَ. وَقَالَ:«اللَّهمّ حِجَّةً لَا رِيَاءَ فِيهَا وَلَا سمعة» [5] . يزيد ضعيف [6] .

[1] أخرجه أبو داود في المناسك (الحج)(1765) باب في الهدي إذا عطب قبل أن يبلغ. وأحمد في المسند 4/ 250.

[2]

في ع، ح:«الأيسر» .

[3]

في كتاب الحج (325 و 326/ 1305) ، باب بيان أن السّنة يوم النحر أن يرمي ثم ينحر ثم يحلق والابتداء في الحلق بالجانب الأيمن من رأس المحلوق.

[4]

أخرجه أحمد في المسند 4/ 42.

[5]

رواه ابن سعد في الطبقات الكبرى 2/ 177.

[6]

انظر عنه في: التاريخ الصغير 139، التاريخ الكبير ق 2 ج 4/ 320، الجرح والتعديل ج 4 ق 2/ 251، الضعفاء والمتروكين للدار للدّارقطنيّ 179 رقم 593، الضعفاء والمتروكين للنسائي 307 رقم 642، التاريخ لابن معين 2/ 667 رقم 4486، المجروحين لابن حبّان 3/ 98،

ص: 707

وَقَالَ أَبُو عُمَيْسٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ مِنَ الْيَهُودِ إِلَى عُمَرَ، رضي الله عنه، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ آيَةٌ فِي كِتَابِكُمْ تَقْرَءُونَهَا لَوْ عَلَيْنَا مَعْشَرَ الْيَهُودِ نَزَلَتْ لاتَّخَذْنَا ذَلِكَ الْيَوْمَ عِيدًا.

[قَالَ][1] : أَيُّ آيَةٍ؟ قَالَ: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً 5: 3 [2] فَقَالَ: إِنِّي لأَعْلَمُ الْيَوْمَ الَّذِي نَزَلَتْ فِيهِ، وَالْمَكَانَ الَّذِي نَزَلَتْ فِيهِ: نَزَلَتْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِعَرَفَاتٍ فِي يَوْمِ جُمُعَةٍ.

مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ [3] .

وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عَمَّارِ بْنِ أَبِي عَمَّارٍ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ ابْنِ عَبَّاسٍ وَعِنْدَهُ يَهُودِيٌّ، فَقَرَأَ: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ 5: 3 الآيَةَ. فَقَالَ الْيَهُودِيُّ: لَوْ أُنْزِلَتْ عَلَيْنَا لاتَّخَذْنَا يَوْمَهَا عِيدًا. فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَإِنَّهَا نَزَلَتْ فِي يَوْمِ عِيدٍ، يَوْمَ جُمُعَةٍ، يَوْمَ عَرَفَةَ. صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ م [4] .

وَقَالَ ابْنُ جُرَيْج، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرًا يَقُولُ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَرْمِي الْجَمْرَةَ عَلَى رَاحِلَتِهِ يَوْمَ النَّحْرِ، وَيَقُولُ:«خُذُوا مَنَاسِكَكُمْ، فَإِنِّي لَا أَدْرِي لَعَلِّي لَا أَحُجُّ بَعْدَ حَجَّتِي هَذِهِ» . أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ [5] . وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ ثور بن يزيد، عن

[ () ] الضعفاء الكبير للعقيليّ 4/ 373 رقم 1983، الكاشف 3/ 240 رقم 6389، ميزان الاعتدال 4/ 418 رقم 9669، المغني في الضعفاء 2/ 747 رقم 7082، تهذيب التهذيب 11/ 309 رقم 597، الكامل في الضعفاء الرجال لابن عديّ 7/ 2712.

[1]

سقطت من الأصل. وأثبتناها من (ع) و (ح) .

[2]

سورة المائدة، الآية 3.

[3]

أخرجه البخاري في كتاب الإيمان (1/ 16) باب زيادة الإيمان ونقصانه وقول الله تعالى وَزِدْناهُمْ هُدىً 18: 13

، ومسلم في كتاب التفسير (5/ 3017) أوله: وحدّثني عبد بن حميد.

[4]

رواه الطبراني في المعجم الكبير 12/ 184- 185 رقم 12835، والترمذي (5035) ، والطيالسي 1947، والطبري في التفسير 11097 وحسّنه الترمذي.

[5]

في كتاب الحج (1297) باب استحباب رمي جمرة العقبة يوم النحر راكبا وبيان قوله صلى الله عليه وسلم:

لتأخذوا مناسككم. وابن سعد في الطبقات 2/ 181.

ص: 708

عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَطَبَ النَّاسَ فِي حِجَّةِ الْوَدَاعِ فَقَالَ:

«إِنَّ الشَّيْطَانَ قَدْ يَئِسَ أَنْ يُعْبَدَ بِأَرْضِكُمْ، وَلَكِنَّهُ رَضِيَ أَنْ يُطَاعَ فِيمَا سِوَى ذَلِكَ مِمَّا تُحَاقِرُونَ مِنْ أَعْمَالِكُمْ، فَاحْذَرُوهُ. أَيُّهَا النَّاسُ: إِنِّي قَدْ تَرَكْتُ فِيكُمْ مَا إِنِ اعْتَصَمْتُمْ بِهِ لَنْ تَضِلُّوا أَبَدًا، كِتَابَ اللَّهِ وَسُنَّةَ نَبِيِّهِ. إِنَّ كُلَّ مُسْلِمٍ أَخُو الْمُسْلِمِ، الْمُسْلِمُونَ إِخْوَةٌ، [وَلَا يَحِلُّ لِامْرِئٍ مِنْ مَالِ أَخِيهِ إِلَّا مَا أَعْطَاهُ عَنْ طِيبِ نَفْسٍ] [1] ، وَلَا تَظْلِمُوا، وَلَا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ» [2] . وَقَالَ يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: وَكَانَ رَبِيعَةُ بْنُ أُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ الْجُمَحِيُّ هُوَ الَّذِي يَصْرُخُ يَوْمَ عَرْفَةَ تَحْتَ لُبَّةِ نَاقَةِ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. قَالَ لَهُ: «اصْرُخْ: أيها الناس» - وكان صيّتا [3]- «هل [131 أ] تَدْرُونَ أَيَّ شَهْرٍ هَذَا؟» فَصَرَخَ، فَقَالُوا:

نَعَمْ، الشَّهْرُ الْحَرَامُ. قَالَ:«فَإِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ عَلَيْكُمْ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ إِلَى أَنْ تَلْقَوْا رَبَّكُمْ كَحُرْمَةِ شَهْرِكُمْ هَذَا» . وَذَكَرَ الْحَدِيثَ [4] . وَقَالَ الزُّهْرِيُّ، مِنْ حَدِيثِ الْأَوْزَاعِيِّ، عَنْهُ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم حِينَ أَرَادَ أَنْ يَنْفِرَ مِنْ منى قال: «إنّا نازلون غدا إن

[1] ما بين الحاصرتين ساقط من الأصل، والمثبت من (ع) و (ح) .

[2]

أخرجه البخاري في كتاب الفتن (8/ 91) باب قول النّبيّ صلى الله عليه وسلم: لا ترجعوا بعدي كفّارا، ومسلم في كتاب الإيمان (66) باب بيان معنى قول النبي: لا ترجعوا بعدي كفارا، وأبو داود في السّنّة (686) باب الدليل على زيادة الإيمان ونقصانه، والنسائي في تحريم الدم (7/ 136) باب تحريم القتل. والطبراني في المعجم الكبير 8/ 161 رقم 7619، والمعجم الصغير 1/ 153، وابن جميع الصيداوي في معجم الشيوخ (بتحقيقنا) 242 رقم (198) ، والمؤلّف الذهبي في سير أعلام النبلاء 9/ 498.

[3]

صيّتا: أي شديد الصوت.

[4]

انظر بقيته في سيرة ابن هشام 4/ 231، وابن سعد في الطبقات 2/ 184.

ص: 709

شَاءَ اللَّهُ بِالْمُحَصَّبِ بِخَيْفِ بَنِي كِنَانَةَ، حَيْثُ تَقَاسَمُوا عَلَى الْكُفْرِ» [1] . وذلك أنّ قريشًا تقاسموا عَلَى بني هاشم وبني المطّلب أنَّ لَا يناكحوهم ولا يخالطوهم حتّى يسلّموا إِلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. اتّفقا عَلَيْهِ [2] .

وقال أَفْلَح بْن حُمَيْد، عَنِ الْقَاسِمِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: خرجنا مَعَ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ليالي الحج. قَالَتْ: فلمّا تفرّقنا من مِنًى نزلنا المحصَّبَ. وذكر الحديث. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ [3] .

وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أرقم: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم غَزَا تِسْعَ عَشْرَةَ غَزْوَةً، وحجّ بعد ما هَاجَرَ حِجَّةَ الْوَدَاعِ، وَلَمْ يَحِجَّ بَعْدَهَا.

قَالَ أَبُو إِسْحَاق من قِبَلِهِ: وواحدة بمكة. اتّفقا عَلَيْهِ [4] .

ويُروى عَنِ ابن عَبَّاس أَنَّهُ كَانَ يكره أنَّ يقال: حجّة الوداع، ويقول:

حجّة الْإِسْلَام [5] .

وقال زيد بْن الحُباب، ثنا سُفْيَان، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرٍ: أَنّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم حجّ ثلاث حجج قبل أنَّ يهاجر، وحجّة بعد ما هاجر معها عُمرة، وساق ستًّا وثلاثين بُدنة، وجاء عليٌّ بتمامها من اليمن، فيها جملٌ لأبي

[1] حيث تقاسموا على الكفر: يعني حيث تعاهد كفار قريش على إخراج النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم من مكة إلى شعب أبي طالب، وهو خيف بني كنانة، وكتبوا بينهم بذلك الصحيفة المشهورة.

[2]

صحيح البخاري: كتاب الحج، باب نزول النبي صلى الله عليه وسلم مكة (2/ 181- 182) . وصحيح مسلم: كتاب الحج، باب استحباب النزول بالمحصب يوم النفر والصلاة به (4/ 86) .

[3]

صحيح البخاري: كتاب الحج، باب قول الله تعالى: الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ 2: 197 (2/ 173) ، وأبواب العمرة، باب المعتمر إذا طاف طواف العمرة إلخ (3/ 6) . وصحيح مسلم: كتاب الحج، باب بيان وجوه الإحرام إلخ (4/ 31) .

[4]

صحيح البخاري: كتاب المغازي، باب حجة الوداع (5/ 223- 224) . وصحيح مسلم:

كتاب الجهاد والسير، باب عدد غزوات النبي صلى الله عليه وسلم (5/ 199) .

[5]

الطبقات الكبرى لابن سعد 2/ 188.

ص: 710

جهلٍ فِي أنفه بُرَةٌ من فِضَّةٍ، فنحرها رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.

تَفَرَّد بِهِ زيد. وقيل إنه خطأ، وإنما يُروى عَنْ سُفْيَان، عَنْ أَبِي إِسْحَاق، عَنْ مجاهد، مرسلًا.

قَالَ أَبُو بَكْر البيهقيّ: قوله «وحجَّةٌ معها عمرةٌ» فإنما يَقُولُ ذَلِكَ أنسٌ، ومن ذهب من الصّحابة إلى أَنَّ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَرَن، فأما من ذهب إلى أَنَّهُ أَفْرد، فإنه لَا يكاد يصحّ عنده هذه اللفظة لِما فِي إسناده من الاختلاف وغيره.

وَقَالَ وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: حَجَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثَلاثَ حِجَجٍ، حَجَّتَيْنِ وَهُوَ بِمَكَّةَ قَبْلَ الْهِجْرَةِ، وَحَجَّةَ الْوَدَاعِ [1] .

وفي آخر السنة: كَانَ ظهور الأَسْوَد العنسي، وسيأتي [2] .

[1] الطبقات 2/ 189.

[2]

في الجزء الثاني، في خلافة أبي بكر الصدّيق رضي الله عنه (ص 14) .

ص: 711