الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
غزوَة حمَراء الأسَد [1]
قَالَ ابن إسحاق [2] : فلما كان الغدُ من يوم أُحُد، يعني صبيحةَ وقعةِ أُحُد [3] أذّن مؤذّنُ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي النّاس لطلب العدوّ [4]، وأذّن مؤذّنه:
لا يخرج معنا أحدٌ إلّا أحَدٌ حضر يومَنا بالأمس. وإنّما خَرَجَ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُرْهِبًا للعدّو [5] ليُبَلغهم أنّه قد خرج في أثرهم وليظنُّوا به قوة.
وقال ابن لَهِيعة: ثنا أبو الأسود، عَنْ عُرْوَة [6] قَالَ: قدِم رجلٌ فاستخبره النّبيّ صلى الله عليه وسلم عَنْ أبي سُفيان. فقال: نازلتهم فسمعتهم يتلاومون، يَقْولُ بعضُهم لبعض: لم تصنعوا شيئًا، أصبتم شوكة القوم وحدهم، ثُمَّ تركتموهم ولم تُبيدوهم، وقد بقي منهم رءوس يجمعون لكم. فأمر رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أصحابه- وبهم أشدّ القَرْح- بطلب العدوّ، وليسمعوا بذلك. قَالَ:
لا ينطلقنّ معي إلّا من شهد القتال. فقال عبد الله بن أبيّ: أركب معك؟
[1] هي من المدينة على ثمانية أميال. (طبقات ابن سعد 2/ 49) .
[2]
سيرة ابن هشام 3/ 173، 174.
[3]
وذلك يوم الأحد لست عشرة خلت من شوّال. (تاريخ خليفة 73) وفي طبقات ابن سعد 2/ 48: «يوم الأحد لثماني ليال خلون من شوّال على رأس اثنين وثلاثين شهرا من مهاجره» .
[4]
، (5) في ع: الغزو- للغزو، والتصحيح من مختصر ابن الملّا، وتاريخ الطبري 2/ 534.
[6]
المغازي لعروة 174.
قَالَ: لا. فاستجابوا للَّه والرسول عَلَى ما بهم من البلاء. فانطلقوا، فطلبهم النّبيّ صلى الله عليه وسلم حتى بلغ حمراءَ الأسَد. وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ [1] : حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ خَارِجَةَ بْنِ زَيْدِ بْنِ ثابت، عَنْ أبي السّائب مولى عائشة بنت عثمان، أنّ رَجُلا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَنْ بني عبد الأشهل قَالَ: شهدتُ أُحُدًا مَعَ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَا وأخٌ لي، فرجعنا جريحين، فلما أذن مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالخروج في طلب العدوّ، قلت لأخي وقال لي: تفوتنا غزوةٌ مَعَ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ وو الله ما لنا من دابة نركبها وما منّا إلّا جريح، فخرجنا مَعَ رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم، وكنت أيسر جراحة مِنْهُ، فكان إذا غلب حملته عُقبة [2] ومشى عقبة، حتى انتهينا إلى ما انتهى إليه المسلمون [3] . فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى انتهى إلى حمراءِ الَأسَد، وهي من المدينة عَلَى ثمانية أميال، فأقام بِهَا ثلاثًا ثُمَّ رجع [4] .
وَقَالَ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ عَائِشَةَ قالت: يا ابن أُخْتِي كَانَ أَبُوكَ [5] تَعْنِي الزُّبَيْرَ- وَأَبَا بَكْرٍ- مِنَ الَّذِينَ اسْتَجَابُوا للَّه وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ. قَالَ: لَمَّا انْصَرَفَ الْمُشْرِكُونَ مِنْ أُحُدٍ وَأَصَابَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابَهُ مَا أَصَابَهُمْ، خَافَ أَنْ يَرْجِعُوا فَقَالَ: مَنْ يَنْتَدِبُ لِهَؤُلَاءِ فِي آثَارِهِمْ حَتَّى يَعْلَمُوا أَنَّ بِنَا قُوَّةً؟ قَالَ: فَانْتُدِبَ أَبُو بَكْرٍ وَالزُّبَيْرُ فِي سَبْعِينَ خَرَجُوا فِي آثَارِ الْقَوْمِ، فَسَمِعُوا بِهِمْ. وَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ.
قَالَ: لَمْ يَلْقَوْا عدوّا. أخرجاه [6] .
[1] سيرة ابن هشام 3/ 174، تاريخ الطبري 2/ 534، 535.
[2]
العقبة: النوبة.
[3]
نهاية الأرب للنويري 17/ 127.
[4]
أي: الإثنين والثلاثاء والأربعاء، ثم رجع إلى المدينة. (السيرة والطبري) .
[5]
رواية ابن الملّا: «كان أبوك» وهي هكذا في صحيح مسلم (2418) وفي رواية للبخاريّ.
[6]
صحيح البخاري: كتاب المغازي: باب الذين استجابوا للَّه والرسول (5/ 130) ، وصحيح
وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ [1] حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ أَنَّ مَعْبَدًا الْخُزَاعِيَّ مَرَّ بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ بِحَمْرَاءِ الأَسَدِ. وَكَانَتْ خُزَاعَةُ مُسْلِمُهُمْ وَمُشْرِكُهُمْ عيبة نصح [2] لرسول الله صلى الله عليه وسلم بِمَكَّةَ، صَغْوُهُم [3] مَعَهُ لا يُخْفُونَ عَلَيْهِ شَيْئًا كَانَ بِهَا. وَمَعْبَدٌ يَوْمَئِذٍ مُشْرِكٌ. فَقَالَ: يا محمد، والله لقد عَزَّ عَلَيْنَا مَا أَصَابَكَ، فِي أَصْحَابِكَ وَلَوَدِدْنَا أَنَّ اللَّهَ عَافَاكَ فِيهِمْ. ثُمَّ خَرَجَ حَتَّى لَقِيَ أَبَا سُفْيَانَ وَمَنْ مَعَهُ بِالرَّوْحَاءِ، وَقَدْ أَجْمَعُوا الرَّجْعَةَ وَقَالُوا: أصَبْنَا حَدَّ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ وَقَادَتِهِمْ، ثُمَّ نَرْجِعُ قَبْلَ أَنْ نَسْتَأْصِلَهُمْ! لِنَكُونَ عَلَى بَقِيَّتِهِمْ فَلَنَفْرَغَنَّ مِنْهُمْ. فَلَمَّا رَأَى أَبُو سُفْيَانَ مَعْبَدًا قَالَ: مَا وَرَاءَكَ؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ قَدْ خَرَجَ فِي طَلَبِكُمْ فِي جَمْعٍ لَمْ أَرَ مِثْلَهُ قَطُّ، يَتَحَرَّقُونَ عَلَيْكُمْ تَحَرُّقًا، قَدِ اجْتَمَعَ مَعَهُ مَنْ كَانَ تَخَلَّفَ عَنْهُ فِي يَوْمِكُمْ، وَنَدِمُوا عَلَى مَا صَنَعُوا، فِيهِمْ مِنَ الْحَنقِ عَلَيْكُمْ شَيْءٌ لَمْ أَرَ مِثْلَهُ قَطُّ. قَالَ: وَيْلَكَ مَا تَقُولُ؟ قَالَ: وَاللَّهِ مَا أَرَى أَنْ تَرْتَحِلَ حَتَّى تَرَى نَوَاصِيَ الْخَيْلِ. قال: فو الله لَقَدْ أَجْمَعْنَا الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ لِنَسْتَأْصِلَ بَقِيَّتَهُمْ. قَالَ: فَإِنِّي أَنْهَاكَ [4] عَنْ ذَلِكَ، وَاللَّهِ لَقَدْ حَمَلَنِي مَا رَأَيْت عَلَى أَنْ قُلْتُ فِيهِمْ أَبْيَاتًا. قَالَ: وَمَا قُلْتَ؟ قَالَ:
كَادَتْ تُهَدُّ [5] مِنَ الأَصْوَاتِ رَاحِلَتِي
…
إِذْ سَالَتِ الأَرْضُ بِالْجُرْد الأَبَابِيلِ [6]
[ () ] مسلم (2418) كتاب فضائل الصحابة، باب من فضائل طلحة والزبير رضي الله عنهم.
[1]
سيرة ابن هشام 3/ 174.
[2]
العيبة: ما يجعل فيه الثياب والمتاع. ومن المستعار: هو عيبة فلان إذا كان موضع سرّه.
[3]
الصّغو: الميل. ومنه أصغى إليه أي مال إليه بسمعه. وتروى في بعض المصادر: صفقتهم معه، أي اتفاقهم. (انظر: سيرة ابن هشام 3/ 174 تاريخ الطبري 2/ 534) .
[4]
في ع: فأنهى. وأثبتناه عبارة ابن الملا وهي مطابقة لما ورد في ابن هشام 3/ 174 وتاريخ الطبري 2/ 535.
[5]
في ع: تهدي. والتصحيح من ابن الملا، وهي رواية ابن هشام والطبري، والأغاني.
[6]
الجرد: جمع أجرد، وهو الفرس القصير الشّعر. والأبابيل: الفرق الكثيرة.
تُرْدِي [1] بِأُسْدٍ كِرَامٍ لا تَنَابِلَةٍ [2]
…
عِنْدَ اللِّقَاءِ، وَلا مَيْلٍ [3] مَعَازِيلِ [4]
فَظَلْتُ عَدْوًا أَظُنُّ الأَرْضَ مائلة
…
لَمَّا سَمَوْا بِرَئِيسٍ غَيْرِ مَخْذُولِ
فَقُلْتُ: وَيْلَ ابْنِ حَرْبٍ مِنْ لِقَائِكُمُ
…
إِذَا تَغَطْمَطَتِ الْبَطْحَاءُ بِالْجيلِ [5]
إِنِّي نَذَرْتُ [6] لأَهْلِ الْبَسْلِ ضَاحِيَةً
…
لِكُلِّ ذِي إِرْبَةٍ مِنْهُمْ وَمَعْقُولِ [7]
مِنْ جَيْشِ أَحْمَدَ، لاوخش [8] تَنَابِله [9]
…
وَلَيْسَ يُوصَفُ مَا أَنْذَرْتُ بِالْقيلِ [10]
قَالَ: فَثَنَى ذَلِكَ أَبَا سُفْيَانَ وَمَنْ مَعَهُ. وَمَرَّ رَكْبٌ مِنْ عَبْدِ الْقَيْسِ، فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ. أَيْنَ تُرِيدُونَ؟ قَالُوا: الْمَدِينَةَ، لِنَمْتَارَ. فَقَالَ: أَمَا أَنْتُمْ مُبَلِّغُونَ عَنِّي مُحَمَّدًا رِسَالَةً، وَأُحَمِّلُكُمْ عَلَى إِبِلِكُمْ هَذِهِ زَبِيبًا بِعُكَاظٍ غَدًا إِذَا وَافَيْتُمُوهُ [11] ؟ قَالُوا: نَعَمْ. قَالَ: إِذَا جِئْتُمْ مُحَمَّدًا فَأَخْبِرُوهُ أَنَّا قَدْ أَجْمَعْنَا الرَّجْعَةَ إِلَى أَصْحَابِهِ لِنَسْتَأْصِلَهُمْ. فلما مرّ الركب بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ بِحَمْرَاءِ الأَسَدِ أَخْبَرُوهُ [12] . فَقَالَ هُوَ وَالْمُسْلِمُونَ: حَسْبُنَا الله ونعم الوكيل. فأنزلت
[1] في ع: ترمي. والتصحيح من ابن هشام والطبري. وتردي: أي تسرع.
[2]
تنابلة: جمع تنبال وتنبالة، وهو القصير.
[3]
عند الطبري 2/ 536 «خرق» .
[4]
الميل: جمع أميل، وهو الجبان أو الّذي لا سيف معه. والمعازيل: جمع معزال وهو من لا رمح معه.
[5]
تغطمطت: اضطربت البطحاء: السهل من الأرض. الجيل: الصّنف من النّاس أو الأمّة.
وفي سيرة ابن هشام (بالخيل) .
[6]
كذا في الأصل، وعند ابن هشام والطبري «نذير» .
[7]
البسل: الحرام. ورواية الأغاني «السيل» وكلاهما يعني مكة. والإربة: العقل.
[8]
الوخش: رذالة الناس.
[9]
عند الطبري «قنابله» .
[10]
هذا البيت ليس عند ابن هشام.
[11]
في ع: (وافيتموهم) وأثبتنا عبارة ابن الملا، وعند ابن هشام 3/ 174 «وافيتموها» وكذا عند الطبري.
[12]
في ع: وعند ابن هشام والطبري: فأخبروه. وأثبتنا عبارة ابن الملا.
الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ 3: 173 [1] الآيَاتِ. وَقَالَ الْبَكَّائِيُّ: قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ [2] : وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيِّ بْنِ سَلُولٍ، كَمَا حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ، لَهُ مَقَامٌ يَقُومُهُ كُلَّ جُمُعَةٍ لا يَتْرُكُهُ شَرَفًا لَهُ فِي نَفْسِهِ وَفِي قَوْمِهِ. فَكَانَ إِذَا جَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ الْجُمُعَةِ يَخْطُبُ قَامَ فَقَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ هَذَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ أظْهُرِكُمْ أَكْرَمَكُمُ اللَّهُ بِهِ وَأَعَزَّكُمْ بِهِ. فَعَزِّرُوهُ وَانْصُرُوهُ وَاسْمَعُوا لَهُ وَأَطِيعُوهُ. ثُمَّ يَجْلِسُ حَتَّى إِذَا صَنَعَ يَوْمَ أُحُدٍ مَا صَنَعَ وَرَجَعَ، قَامَ يَفْعَلُ كَفِعْلِهِ، فَأَخَذَ الْمُسْلِمُونَ ثِيَابَهُ مِنْ نَوَاحِيهِ، وَقَالُوا: اجْلِسْ أَيْ عَدُوَّ اللَّهِ، لَسْتَ لِذَلِكَ بِأَهْلٍ، وَقَدْ صَنَعْتَ مَا صَنَعْتَ، فَخَرَجَ يتَخَطَّى رِقَابَ النَّاسِ وَيَقُولُ: وَاللَّهِ لَكَأَنِّي قُلْتُ بُجْرًا [3] أَنْ قُمْتُ أَشُدُّ أَمْرَهُ: فَلَقِيَهُ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ بِبَابِ المسجد فقال: مالك؟ وَيْلَكَ! قَالَ: قُمْتُ أَشُدُّ أَمْرَهُ فَوَثَبَ عَلَيَّ رِجَالٌ مِنْ أَصْحَابِهِ يَجْبِذُونَنِي [4] وَيُعَنِّفُونَنِي، لَكَأَنَّمَا قُلْتُ بُجْرًا [5] .
قَالَ: وَيْلَكَ ارْجِعْ يَسْتَغْفِرْ لَكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. قَالَ: وَاللَّهِ مَا أَبْغِي [6] أَنْ يَسْتَغْفِرَ لِي.
وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ. وَثنا سعيد بن محمد ابن أَبِي زَيْدٍ، ثنا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بن سعيد، قالوا: كان سويد بن
[1] سورة آل عمران: من الآية 173.
[2]
سيرة ابن هشام 3/ 175.
[3]
في طبعة القدسي 205 «هجرا» والتصحيح من سيرة ابن هشام 3/ 175 قال السهيليّ في الروض الأنف 3/ 181: البجر: الأمر العظيم، والبجاري: الدواهي. انظر تاج العروس 10/ 106.
[4]
يجبذونني: يجذبونني.
[5]
انظر الحاشية الأسبق.
[6]
في السيرة «ابتغي» .
الصَّامِتِ قَدْ قَتَلَ زِيَادًا، فَقَتَلَهُ الْمُجَذَّرُ بْنُ زِيَادٍ، فَهَيَّجَ بِقَتْلِهِ وَقْعَةَ بُعَاثٍ [1] .
فَلَمَّا قَدِمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الْمَدِينَةَ أَسْلَمَ المجذّر، والحارث بن سويد بن الصّامت، فشهدا بَدْرًا. فَجَعَلَ الْحَارِثُ يَطْلُبُ مُجَذَّرًا لِيَقْتُلَهُ بِأَبِيهِ. فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ أَتَاهُ مِنْ خَلْفِهِ فَقَتَلَهُ.
فَلَمَّا رَجَعَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِنْ حَمْرَاءِ الأَسَدِ أَتَاهُ جِبْرِيلُ عليه السلام فَأَخْبَرَهُ بِأَنَّهُ قَتَلَ مجذَّرًا. فَرَكِبَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِلَى قُبَاءَ، فَأَتَاهُ الْحَارِثُ بْنُ سُوَيْدٍ فِي مِلْحَفَةٍ مُوَرَّسَةٍ. فَلَمَّا رآه دعا عويم بن ساعدة [2] وقال: اضرب عنق الحارث بمجذّر ابن ذياد. فَقَالَ: وَاللَّهِ مَا قَتَلْتُهُ رُجُوعًا عَنِ الإِسْلامِ وَلَكِنْ حَمِيَةٌ، وَإِنِّي أَتُوبُ إِلَى اللَّهِ وَأُخْرِجُ دِيَتَهُ وَأَصُومُ وَأَعْتِقُ. وَجَعَلَ يَتَمَسَّكُ بِرِكَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِلَى أَنْ فَرَغَ مِنْ كَلامِهِ. فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: قَدِّمْهُ يَا عُوَيْمُ فَاضْرِبْ عُنُقَهُ. فَضَرَبَ عنقه على باب المسجد.
[1] بعاث: موضع في نواحي المدينة كانت به وقائع بين الأوس والخزرج في الجاهلية.
[2]
بدريّ كبير شهد العقبتين. توفي في خلافة عمر بن الخطاب وهو ابن 65 سنة. انظر: مسند أحمد 3/ 422، الطبقات لابن سعد 3/ 2/ 30، التاريخ الصغير 1/ 44 و 74، مشاهير علماء الأمصار، رقم 107، حلية الأولياء 2/ 11 الاستيعاب 9/ 95، أسد الغابة 4/ 315، تهذيب الأسماء واللغات 2/ 41، تهذيب الكمال 2/ 1068 سير أعلام النبلاء 1/ 503 الإصابة 3/ 181.