الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سَرِيَّةُ مُحَلِّم بْن جَثَّامة
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُسَيْطٍ، عَنِ ابْنِ [1] عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي حَدْرَدٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: بَعَثَنَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِلَى إِضَمٍ [2] فِي نَفَرٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ مِنْهُمْ أَبُو قَتَادَةَ، وَمُحَلِّمُ بْنُ جَثَّامَةَ بْنِ قَيْسٍ. حَتَّى إِذَا كُنَّا بِبَطْنِ إِضَمٍ، مَرَّ بِنَا عَامِرُ بْنُ الأَضْبَطِ الأَشْجَعِيُّ عَلَى قَعُودٍ لَهُ، مَعَهُ مُتَيِّعٌ [3] لَهُ، وَوطْبٌ [4] مِنْ لَبَنٍ، فَسَلَّمَ عَلَيْنَا بِتَحِيَّةِ الإِسْلامِ.
فَأَمْسَكْنَا عَنْهُ، وَحُمِلَ عَلَيْهِ مُحَلِّمٌ فَقَتَلَهُ لِشَيْءٍ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ، وَأَخَذَ بَعِيرَهُ وَمَتَاعَهُ، فَلَمَّا قَدِمْنَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَخْبَرَنَاهُ الْخَبَرَ. فَنَزَلَ فِينَا القرآن:
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقى إِلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِناً 4: 94 [5] ، إلى آخر الآية [6] .
رَوَاهُ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ.
وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ، سَمِعْتُ زِيَادَ بْنَ ضُمَيْرَةَ بْنِ سَعْدٍ [7] الضَّمْرِيَّ يُحَدِّثُ عن أبيه وجدّه، وقد شهد حُنَيْنًا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَصَلَّى الظُّهْرَ وَجَلَسَ فِي ظِلِّ شَجَرَةٍ، فَقَامَ إِلَيْهِ عُيَيْنَةُ بْنُ بَدْرٍ يَطْلُبُ بِدَمِ عامر بن الأضبط، سيّد قيس، وجاء الأقرع ابن حَابِسٍ يَرُدُّ عَنْ مُحَلِّمُ بْنُ جَثَّامَةَ، وَهُوَ سَيِّدُ خِنْدِفٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم
[1] انظر حول اسمه: سيرة ابن هشام 4/ 240 وتاريخ الطبري 3/ 35، 36.
[2]
إضم: الوادي الّذي تجتمع فيه أودية المدينة. وانظر تفصيل الكلام عنه. في وفاء ألوفا 2/ 219.
[3]
متيّع: تصغير متاع، أي ما يستمتع به الإنسان من حوائج أو مال.
[4]
الوطب: وعاء اللبن.
[5]
سورة النساء: من الآية 94.
[6]
سيرة ابن هشام 4/ 240، تاريخ الطبري 3/ 35، 36 نهاية الأرب 17/ 286، الطبقات الكبرى 2/ 133 عيون الأثر 2/ 161، 162، البداية والنهاية 4/ 224.
[7]
ويقال: زياد بن سعد بن ضميرة. انظر: سنن أبي داود 4/ 71، تهذيب التهذيب 3/ 369 رقم 677.
لِقَوْمِ عَامِرٍ: «هَلْ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِنَّا الآنَ [1] خَمْسِينَ بَعِيرًا، وَخَمْسِينَ إِذَا رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ» ؟ فَقَالَ عُيَيْنَةُ بْنُ بَدْرٍ: وَاللَّهِ لا أَدَعُهُ حَتَّى أُذِيقَ نِسَاءَهُ مِنَ الْحَرِّ مِثْلَ مَا أَذَاقَ نِسَائِي. فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي لَيْثٍ يُقَالُ لَهُ: مُكَيْتِلٌ [2] ، وَهُوَ قَصِيرٌ [3] مِنَ الرِّجَالِ، فَقَالَ:(يَا)[4] رَسُولَ اللَّهِ، مَا أَجِدُ لِهَذَا الْقَتِيلِ مَثَلا فِي غُرَّةِ الإِسْلامِ إِلا كَغَنَمٍ وَرَدَتْ فَرُمِيَتْ أُولاهَا فَنَفَرَتْ [5] أُخْرَاهَا، أُسْنُنِ الْيَوْمَ وَغَيِّرْ غَدًا [6]، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: هَلْ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا خَمْسِينَ بَعِيرًا الآنَ وَخَمْسِينَ إِذَا رَجَعْنَا؟ فَلَمْ يَزَلْ بِهِمْ حَتَّى رَضَوْا بِالدِّيَةِ. قَالَ قَوْمُ مُحَلِّمٍ: ائْتُوا بِهِ حَتَّى يَسْتَغْفِرَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: فَجَاءَ رَجُلٌ طُوَالٌ ضَرْبُ اللَّحِمِ [7] فِي حُلَّةٍ قَدْ تَهَيَّأَ فِيهَا لِلْقَتْلِ، فَقَامَ بَيْنَ يَدَيِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:
«اللَّهمّ لا تَغْفِرْ لِمُحَلِّمٍ» . قَالَهَا ثَلاثًا. فَقَامَ وَإِنَّهُ لَيَتَلَقَّى دُمُوعَهُ بِطَرَفِ ثَوْبِهِ [8] . قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: زَعَمَ قَوْمُهُ أنه استغفر له بعد.
وقال أبو داود في سننه [9] : [77 ب] ثنا موسى بن إسماعيل، نا
[1] في الأصل: الأمان. والتصحيح من ع، وسيرد في الأصل صحيحا بعد سطور. وفي السيرة ابن هشام 4/ 241 «بل تأخذون الدية خمسين في سفرنا هذا» .
[2]
في الأصل: مكيتيل. وفي ع: ابن مكيتيل. والتصحيح من ترجمته في أسد الغابة (5/ 259) والإصابة (3/ 457) وسيرة ابن هشام، وقيل: مكيثر (4/ 241) .
[3]
وفي طبعة القدسي 422 «قصد» والتصحيح من السيرة والبداية والنهاية 4/ 225.
[4]
سقطت من الأصل، وزدناها من ع وسيرة ابن هشام 4/ 241.
[5]
في الأصل ففرت. وأثبتنا لفظ ع والسيرة وفي سنن أبي داود 4/ 171 «فنفر» .
[6]
اسنن اليوم وغيّر غدا: أي اعمل اليوم بسنّتك التي سننتها في القصاص ثم بعد ذلك إذا شئت أن تغيّر فغيّر.
[7]
ضرب اللّحم: أي خفيف اللّحم ليس برهل.
[8]
سيرة ابن هشام 4/ 240، 241، سنن أبي داود 4/ 171، 172 البداية والنهاية 4/ 224، 225.
[9]
سنن أبي داود 4/ 171 رقم 4503 كتاب الديات، باب الإمام يأمر بالعفو في الدم.
حَمَّادٌ، نا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، قَالَ: فَحَدَّثَنِي محمد بن جعفر، سمعت زياد ابن ضُمَيْرَةَ. ح. قَالَ وَثنا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ الْهَمْدَانِيُّ، وَوَهْبُ بْنُ بَيَانٍ، (قَالا ثنا)[1] ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ، أَنَّهُ زِيَادُ بْنُ سَعْدِ بْنِ ضُمَيْرةَ السُّلَمِيُّ. وَهَذا حَدِيثُ وَهْبٍ وَهُوَ أَتَمُّ، يُحَدِّثُ [2] عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِيهِ وَجَدِّهِ، قَالَ مُوسَى: وَجَدُّهُ، وَكَانَا شَهِدَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حُنَيْنًا، يَعْنِي أَبَاهُ وَجَدَّهُ. ثُمَّ رَجَعْنَا إِلَى حَدِيثِ وَهْبٍ: أَنَّ مُحَلِّمَ بْنَ جَثَّامَةَ قَتَلَ رَجُلا مِنْ أَشْجَعَ فِي الإِسْلامِ. وَذَلِكَ أَوَّلُ غِيَرٍ [3] قَضَى به رَسُول الله صلى الله عليه وسلم.
فَتَكَلَّمَ عُيَيْنَةُ فِي (قَتْلِ)[4] الأَشْجَعِيِّ لأَنَّهُ مِنْ غَطَفَانَ، وَتَكَلَّمَ الأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ. فَذَكَرَ الْقِصَّةَ إِلَى أَنْ قَالَ: وَمُحَلَّمٌ رَجُلٌ طَوِيلٌ آدَمُ، وَهُوَ فِي طَرَفِ النَّاسِ، فَلَمْ يَزَالُوا حَتَّى تَخَلَّصَ فَجَلَسَ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَعَيْنَاهُ تَدْمَعَانِ. فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي قَدْ فَعَلْتُ الَّذِي بَلَغَكَ، وَإِنِّي أَتُوبُ إِلَى اللَّهِ، فَاسْتَغْفِرْ لِي يَا رسول الله. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم :«أَقَتَلْتَهُ بِسِلاحِكَ فِي غُرَّةِ الإِسْلامِ؟ الَّلهُمَّ لا تَغْفِرْ لِمُحَلِّمٍ» . بِصَوْتٍ عالٍ. زَادَ أَبُو سَلَمَةَ: فَقَامَ وَإِنَّهُ [5] لَيَتَلَقَّى دُمُوعَهُ بِطَرَفِ ردائه [6] .
[1] في الأصل، ع: وهيب بن بنان بن وهب. والتصحيح والزيادة من سنن أبي داود وتهذيب التهذيب (11/ 160) .
[2]
في الأصل، ع: بحديث. والتصحيح من سنن أبي داود 4/ 171.
[3]
الغير: جمع الغيرة وهي الدّية.
[4]
سقطت من الأصل وزدناها من ع وسنن أبي داود.
[5]
في الأصل، ع فقال إنه. وأثبتنا لفظ أبي داود في السنن 4/ 172.
[6]
سنن أبي داود: كتاب الدّيات باب الإمام يأمر بالعفو في الدم (4/ 171، 172) .