الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سَرِيَّةُ سَالِمِ بْنِ عُمَيْرٍ [1] لِقَتْلِ أَبِي عَفَكٍ
وَذَكَرَ الْوَاقِدِيُّ [2] أَنَّ أَبَا عَفَكٍ الْيَهُودِيَّ، كَانَ قَدْ بَلَغَ مِائَةً وَعِشْرِينَ سَنَةً، وَهُوَ مِنْ بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ، كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، وَيَقُولُ الشِّعْرَ، وَيُحَرِّض عَلَيْهِ. فَانْتَدَبَ لَهُ سَالِمُ بْنُ عُمَيْرٍ، فَقَتَلَهُ غِيلَةً، فِي شَوَّالٍ مِنْهَا.
غَزْوَةُ السَّوِيقِ فِي ذِي الْحِجَّةِ
قَالَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ:
كَانَ أَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ، حِينَ بَلَغَهُ وَقْعَةُ بَدْرٍ، نَذَرَ أَنْ لَا يَمَسَّ رَأْسَهُ دُهْنٌ وَلَا غُسْلٌ، وَلَا يَقْرَبَ أَهْلَهَ، حَتَّى يَغْزُوَ مُحَمَّدًا وَيَحْرِقَ فِي طَوَائِفِ
[1] ويقال: سالم بن عمرو، ويقال ابن عبد الله بن ثابت بن النعمان بن أميّة بن امرئ القيس.
الأنصاري الأوسي. وهو أحد البكّاءين. شهد العقبة وبدرا ومات في خلافة معاوية. (الإصابة 2/ 5 رقم 3046)
[2]
الواقدي، كتاب المغازي (1/ 174- 175) .
وفي سريّة قتل أبي عفك يروي الواقدي عن رجاله، أنّه لَمَّا خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى بدر، رجع وقد ظفّره الله بما ظفّره، فحسده أبو عفك وبغى، وذكر شعره في ذلك. فقال سالم بن عمير، وهو أحد البكّاءين من بني النّجار: عليّ نذر أن أقتل أبا عفك أو أموت دونه. فأمهل، فطلب له غرّة. حتى كانت ليلة صائفة، فنام أبو عفك بالفناء، في الصيف، في بني عمرو بن عوف.
فأقبل سالم فوضع السيف على كبده حتى خشّ في الفراش، وصاح عدوّ الله، فثاب إليه أناس ممن هم على قوله، فأدخلوه منزله وقبروه، وقالوا: من قتله؟ والله لو نعلم من قتله لقتلناه به. فقالت شاعرة مسلمة تدعى النهدية أبياتا في ذلك، منها قولها:
حباك حنيف آخر الليل طعنة
…
أبا عفك، خذها على كبر السنّ
ثم قال: قتل أبو عفك في شوّال على رأس عشرين شهرا. وانظر الطبقات الكبرى لابن سعد 2/ 28 وعيون الأثير 1/ 293، 293.
الْمَدِينَةِ. فَخَرَجَ مِنْ مَكَّةَ سِرًّا خَائِفًا، فِي ثَلَاثِينَ فَارِسًا [1] ، لِيَحِلَّ يَمِينَهُ.
فَنَزَلَ بِجَبَلٍ مِنْ جبال المدينة يقال له: ثيب [2] . فبعت رَجُلًا أَوْ رَجُلَيْنِ مِنْ أَصْحَابِهِ، وَأَمَرَهُمَا أَنْ يحرّقا أدنى نخل يَأْتِيَانِهِ مِنْ نَخْلِ الْمَدِينَةِ. فَوَجَدَا [3] صَوْرًا مِنْ صِيرَانِ [4] نَخْلِ الْعُرَيْضِ [5] . فَأَحَرَقَا فِيهَا وَانْطَلَقَا. وَانْطَلَقَ أَبُو سُفْيَانَ مُسْرِعًا.
وَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْمُسْلِمِينَ، حَتَّى بَلَغَ قَرْقَرَةَ الْكُدْرِ [6] فَفَاتَهُ أَبُو سُفْيَانَ، فَرَجَعَ [7] .
وَذَكَرَ مِثْلَ هَذَا ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ، عَنْ عُرْوَةَ [8] .
وَقَالَ: وَرَكِبَ الْمُسْلِمُونَ فِي آثَارِهِمْ، فأعجزوهم وتركوا أزوادهم.
[1] في السيرة ابن هشام 3/ 136 «فخرج في مائتي راكب من قريش» .
[2]
في الأصل وسائر النّسخ والمغازي لعروة 161: (نبت) وهو تصحيف تصحيحه من سيرة ابن هشام 3/ 136 والمغانم المطابة للفيروزآبادي (85 و 437) . وأثبته محقّق الطبري 2/ 484 «تيت» ! وانظر عيون الأثر 1/ 296.
[3]
في الأصل: (فوجدوا) . والتصحيح من ع، ح.
[4]
الصّور: جماعة النّخل الصغار. لا واحد له من لفظة ويجمع على صيران. ويقال لغير النخل من الشجر صور وصيران. (تاج العروس 12/ 362) .
[5]
العريض: واد بالمدينة، كأنه على صيغة التصغير من عرض أو عرض، والعرض كل واد فيه شجر، وقيل كلّ واد فيه قرى ومياه. وأعراض المدينة بطون سوادها أو قراها التي في أوديتها، ويقال للرساتيق بأرض الحجاز الأعراض. (معجم البلدان 4/ 114 والمغانم المطابة 258- 259) .
[6]
قرقرة الكدر: بناحية المعدن بينها وبين المدينة ثمانية برد، وقيل ماء لبني سليم، وقيل غير ذلك. انظر ياقوت (4/ 441) . وقال السهيليّ 3/ 142: القرقرة: أرض ملساء، والكدر:
«طير في ألوانها كدر، عرف بها ذلك الموضع» .
[7]
انظر سيرة ابن هشام 3/ 136 وتاريخ خليفة 59 والطبقات الكبرى لابن سعد 2/ 30 وتاريخ الطبري 2/ 483- 485 وعيون الأثر لابن سيّد الناس 1/ 296 والمغازي للواقدي 1/ 181، 182 ودلائل النبوّة للبيهقي 2/ 433.
[8]
المغازي لعروة 161.
فَسُمِّيَتْ غَزْوَةُ أَبِي سُفْيَانَ: غَزْوَةُ السَّوِيقِ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ [1] : حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْن الزُّبير، ويزيد ابن رُومَانَ، وَحَدَّثَنِي مَنْ لَا أَتَّهِمُ، عَنْ عُبَيدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكِ، قَالُوا:
لَمَّا رَجَعَ أَبُو سُفْيَانَ إِلَى مَكَّةَ، وَرَجَعَ فَلُّ قُرَيْشٍ مِنْ يَوْمِ بَدْرٍ، نَذَرَ أَنْ لَا يَمَسَّ رَأْسَهُ مَاءٌ مِنْ جَنَابَةٍ حَتَّى يَغْزُوَ مُحَمَّدًا. فَخَرَجَ فِي مِائَتَيْ [2] رَاكِبٍ، إِلَى أَنْ نَزَلَ بِجَبَلٍ يُقَالُ لَهْ: ثَيْبٌ [3] ، عَلَى نَحْوِ بَرِيدٍ مِنَ الْمَدِينَةِ. ثُمَّ خَرَجَ مِنَ اللَّيْلِ حَتَّى أَتَى [4] حُيَيَّ بْنَ أَخْطَبَ، فَضَرَبَ عَلَيْهِ [26 أ] بَابَهُ، فَلَمْ يَفْتَحْ لَهُ وَخَافَهُ. فَانْصَرَفَ إِلَى سَلَّامِ بْنِ مِشْكَمٍ، وَكَانَ سَيِّدَ بَنِي النَّضِيرِ، فَأَذِنَ لَهُ وَقَرَاهُ، وَأَبْطَنَ لَهُ مِنْ خَبَرِ النَّاسِ. ثُمَّ خَرَجَ فِي عَقِبِ لَيْلَتِهِ حَتَّى أَتَى أَصْحَابَهُ، فَبَعَثَ رِجَالًا، فَأَتَوْا نَاحِيَةَ الْعُرَيْضِ، فَوَجَدُوا رَجُلَيْنِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَقَتَلُوهُمَا وَرَدُّوا وَنَذَرَ بِهُمُ النَّاسُ.
فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي طَلَبِهِمْ، حَتَّى بَلَغَ قَرْقَرَةَ الْكُدْرِ، ثُمَّ انْصَرَفَ [رَاجِعًا][5] وَقَدْ فَاتَهُ أَبُو سُفْيَانَ وَأَصْحَابُهُ، قَدْ رَمَوْا زَادًا لَهُمْ [6] فِي الْحَرْثِ [7] ، وَسَوِيقًا كَثِيرًا، يَتَخَفَّفُونَ مِنْهَا لِلنَّجَاءِ.
فَقَالَ الْمُسْلِمُونَ حِينَ رَجَعَ بِهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنَطْمَعُ أن يكون لنا غزوة؟ فقال: نعم.
[1] سيرة ابن هشام 3/ 136.
[2]
في الأصل: (مائة) . والتصحيح من ع، ح وكتب المغازي.
[3]
في الأصل وسائر النسخ: (نبت) وانظر ما تقدم.
[4]
في ح: (أتي دار حيّ) .
[5]
إضافة عن السيرة 3/ 136.
[6]
في ع: زادهم) .
[7]
في طبقة القدسي 121 «جرب» وفي الطبقات الكبرى 2/ 30 «وجرب السويق» وما أثبتناه عن: السيرة لابن هشام 3/ 136 وتاريخ الطبري 2/ 484.
قَالَ: وَذَلِكَ بَعْدَ بَدْرٍ بِشَهْرَيْنِ [1] .
وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ: تَزَوَّجَ عُثْمَانُ بِأُمِّ كُلْثُومٍ.
وَفِيهَا [2] تَزَوَّجَ عَلِيٌّ بِفَاطِمَةَ الزَّهْرَاءِ رضي الله عنهم [3] .
قَالَ يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي عبد الله بن أبي نجيح، عن مجاهد، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: خَطَبْتُ فَاطِمَةَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَتْ لِي مَوْلَاةٌ لِي: عَلِمْتَ أَنَّ فَاطِمَةَ خُطِبَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ قلت: لَا. قَالَتْ:
فَمَا يَمْنَعُكَ أَنْ تَأْتِيَهُ فَيُزَوِّجِكَ؟ فَقُلْتُ: وَعِنْدِي شَيْءٌ أَتَزَوَّجَ بِهِ؟ قَالَتْ: إِنْ جئته زوّجك. قال [4] : فو الله مَا زَالَتْ تَرْجِينِي، حَتَّى دَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. وَكَانَ لِرَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم جلالة وهيبة. فأفحمت، فو الله مَا اسْتَطَعْتُ أَنْ أَتَكَلَّمَ. فَقَالَ: مَا جَاءَ بِكَ، أَلَكَ حَاجَةٌ؟ فَسَكَتُّ. ثُمَّ قَالَ: لَعَلَّكَ جِئْتَ تَخْطُبُ فَاطِمَةَ؟ قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: وَهَلْ عِنْدَكَ مِنْ شَيْءٍ تَسْتَحِلُّهَا بِهِ؟
فَقُلْتُ: لَا والله. فقال: ما فعلت درع سلّحتكها؟ فو الّذي نَفْسُ عَلِيٍّ بِيَدِهِ إِنَّهَا لَحُطَمِيَّةٌ [5] مَا ثَمَنُهَا أَرْبَعَةُ دَرَاهِمَ. فَقُلْتُ: عِنْدِي. قَالَ: قَدْ زَوَّجْتُكَهَا، فَابْعَثْ إِلَيَّ بِهَا [6] . فَإِنَّ [الْحُطْمِيَّةَ][7] كَانَتْ [8] لِصَدَاقِ فاطمة رضي الله عنها.
[1] سيرة ابن هشام 3/ 136 تاريخ خليفة (باختصار) 59، الطبري 2/ 484.
[2]
من هنا يبدأ السقط في نسخة ح.
[3]
تاريخ خليفة 65، الطبري 2/ 485، 486.
[4]
في الأصل: (قلت) : والتصحيح من السياق.
[5]
في الأصل، ع:(لحطمة) . والتصحيح من الطبقات الكبرى (8/ 20) . وسنن أبي داود.
[6]
الطبقات الكبرى 8/ 20 و 21.
[7]
إضافة على الأصل للتوضيح.
[8]
في الأصل: (كان) . والتصحيح من ع.
وَقَالَ أَيُّوبُ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: لَمَّا تَزَوَّجَ عَلِيٌّ فَاطِمَةَ، قَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: أَعْطِهَا شَيْئًا. قَالَ: مَا عِنْدِي شَيْءٌ. قَالَ: أَيْنَ دِرْعُكَ الْحُطْمِيَّةُ؟ [1] .
أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ [2] . وَقَالَ عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه، قَالَ: جَهَّزَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَاطِمَةَ فِي خَمِيلٍ [3] ، وَقِرْبَةٍ، وَوِسَادَةِ أَدَمٍ حَشْوُهَا إِذْخِرٌ [4] . وَفِيهَا: تُوُفِّيَ سَعْدُ بْنُ مَالِكِ بْنِ خَالِدِ بْنِ ثَعْلَبَةَ الْخَزْرَجِيُّ السَّاعِدِيُّ، وَالِدُ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ. وَكَانَ تَجَهَّزَ إِلَى بَدْرٍ فَمَاتَ قَبْلَهَا فِي رَمَضَانَ. فَيُقَالُ:
إِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم ضَرَبَ لَهُ بِسَهْمِهِ، وَرَدَّهُ عَلَى وَرَثَتِهِ [5] وَفِيهَا: بَعْدَ بَدْرٍ، تُوُفِّيَ خُنَيْسُ بْنُ حُذَافَةَ السَّهْمِيُّ، أَحَدُ الْمُهَاجِرِينَ، شَهِدَ بَدْرًا. وَتَأَيَّمَتْ مِنْهُ حَفْصَةُ بِنْتُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ [6] .
وَفِي شَوَّالٍ: بَنَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِعَائِشَةَ، وَعُمْرُهَا تِسْعُ سِنِينَ [7] .
[1] في الأصل: (الحطمة) . والتصحيح من الطبقات الكبرى (8/ 20) وسنن أبي داود.
[2]
سنن أبي داود: كتاب النكاح، باب في الرجل يدخل بامرأته قبل أن ينقدها شيئا (1/ 490) .
[3]
الخميل: القطيفة. وأثبتها شعيرة في المتن 166 «حميل» وفي الحاشية «الجميل» وقال: هو الشيء المحمول من بلد إلى بلد. وهو قد ذهب بعيدا، والصحيح ما أثبتناه، ويقوّيه قول ابن سعد:«لما زوّجه فاطمة بعث معها بخملة» . 8/ 25.
[4]
الإذخر: بالكسر، الحشيش الأخضر، الواحدة إذخرة، وهو حشيش طيّب الريح يسقف به البيوت فوق الخشب. وله ثمرة كأنّها مكاسح القصب، إلّا أنّها أرقّ وأصغر، يطحن فيدخل في الطيّب، ينبت في الحزون والسهول. (تاج العروس 11/ 364) .
[5]
الإصابة 2/ 34 رقم 319.
[6]
الإصابة 1/ 456 رقم 2294.
[7]
تاريخ خليفة 65.