الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الباب الخامس عشر هل المدينة حجازية أم شامية أم يمانية
؟
* قال النووي في "فتاويه": مدينة النبي عليه الصلاة والسلام، ليست يمانية ولا شامية، بل هي حجازية، وهذا لا خلاف فيه بين العلماء. انتهى.
* قال بعضهم: وما حكاه من الاتفاق على أنها ليست يمانية عجيب، فقد نصّ الشافعي على أنها يمانية، وحكاه البيهقي في "المعرفة" في الكلام على الأذان للصبح قبل الفجر؛ ولفَظَه:
* قال الشافعي: ومكة والمدينة: يمانيتان.
وفي "مسند" الشافعي: أخبرنا عثمان بن محمد بن علي بن العباس، عن الحسن بن القاسم الأزرقي، قال: وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم على ثنية تبوك فقال: "ما ها هنا شام وأشار بيده إلى الشام، ومن ها هنا يمن وأشار بيده إلى جهة المدينة (1) "(2).
قال ابن الأثير في شرحه: الغرض من هذا الحديث بيان حد الشام واليمن وقد جعل المدينة من اليمن، ثم قال في جهة الشام ما ها هنا ومن جهة اليمن ومن ها هنا، وبينهما فرق، وذلك: أن قوله ومن ها هنا يفيد إن ابتداء اليمن من هذه البقعة.
وقوله: "ما ها هنا": أشار إلى أن هذه البقعة من الشام ولم يتعرَّض إلى
(1) في "بدائع المنن": "المدينة" وكذا في "ع" وفي "م، ق، س""اليمن".
(2)
"بدائع المنن"(2/ 420).
أنها ابتداء الشام أو لا. انتهى كلام ابن الأثير.
وقد تقدَّم كلام الشافعي في "الباب السادس والأربعين" أن الحجاز: مكة والمدينة واليمامة ومخاليفها، أي: قراها، وكذا كلام أصحاب الإمام أحمد.
قال الشيخ تقي الدين ابن تيمية: مدينة النبي صلى الله عليه وسلم من الحجاز باتفاق أهل العلم، ولم يقل أحد من المسلمين ولا غيرهم أن المدينة النبوية من الشام، وإنما يقول هذا (69/ أ) جاهل بحد الشام والحجاز، جاهل بما قال الفقهاء وأهل اللغة وغيرهم، ولكن يقال: المدينة شامية ومكة: يمانية، أي: المدينة أقرب إلى الشام، ومكة أقرب إلى اليمن، وليست مكة من اليمن، ولا المدينة من الشام. وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم في مرض موته أن تخرج اليهود والنصارى من جزيرة العرب، وهي الحجاز، فأخرجهم عمر بن الخطاب من: المدينة، وخيبر، واليُنبع، واليمامة، ومخاليف هذه البلاد، ولم يخرجهم من الشام، بل لما فتح الشام أَقَرَّ اليهود والنصارى بالأردن وفلسطين وغيرها (1) - كما أقرهم بدمشق وغيرها.
وتربة الشام؛ تخالف تربة الحجاز، كما يوجد الفرق عند المنحنى الذي يُسمَّى:"عَقَبة الصَّوَّان"، فإن الإنسان يجد تلك البرية مخالفة لهذه البرِّيَّة، كما تختلف برِّيَّة الشام ومصر، فما كان دون "وادي المنْحنَى" فهو من الشام مثل "مَعان"، وأما "العُلا" و"تبوك"، ونحوها فمن أرض الحجاز، والله أعلم.
* * *
(1) في "ق": "وغيرهما".