الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الباب السابع في ذكر بناء الجدار الَّذي سقط في زمن الوليد بن عبد الملك:
* قد ثبت في "صحيح البخاري"، عن هشام بن عروة عن أبيه قال: لما سقط عليهم الحائط في زمان الوليد بن عبد الملك، أخذوا في بنائه، فبدت لهم قدم، ففزعوا وظنوا أنها قدم النبي صلى الله عليه وسلم، فما وجد واحد يعلم ذلك، حتَّى قال لهم عروة: لا والله ما هي قدم النبي صلى الله عليه وسلم، ما هي إلَّا قدم عمر رضي الله عنه (1).
والسبب في ذلك؛ ما رواه أبو بكر الآجُرِّي، من طريق شُعَيْب بن إسحاق، عن هشام بن عروة: أخبرني أبي، قال: كان الناس يصلُّون إلى القبر، فأمر به عمر بن عبد العزيز فرُفع؛ حتَّى لا يُصَلِّي إليه أحد، فلما هدم، بدت قدم بساق وركبة، ففزع عمر بن عبد العزيز، فأتاه عروة، فقال هذا: ساق عمر وركبته، فسرِّي عن عمر (63/ ب) بن عبد العزيز.
* قال في "تحقيق النصرة": ولم يَردْ أن أحدًا دخل بيت النبي صلى الله عليه وسلم عند القبر المقدس بعد موت عائشة رضي الله عنها؛ إلَّا ما حكاه ابن زُبالة، وتبعه ابن النجَّار: أن جدار الحُجرة الشريفة الَّذي يلي موضع الجنائز لما سقط في زمان عمر بن عبد العزيز وظهرت القبور المقدسة، قالوا: فما رؤي بكاء أكثر منه في ذلك اليوم، فأمر بقباطي فخيطت ثم سترها، وأمر ابن وردان أن
(1)"البخاري"(1390).
يكشف عن الأساس، فبينا هو يكشف؛ رفع يده وتنحَّى قائمًا، فقام عمر ابن عبد العزيز فزعًا، فرأى قدمين وعليهما الشعر، وراء الأساس، فقال له عبيد الله بن عبد الله بن عمر وكان حاضرًا: لا يَرُعْك فهما قدما جدك عمر ابن الخطاب رضي الله عنه ضاق البيت عنه، فحفروا له في الأساس، فقال عمر: يا ابن وردان! غطِّ ما رأيت، ففعل، ولما فرغوا منه ورفعوه؛ دخل مزاحم مولى عمر من كوة جُعلت فيه، فقمَّ ما سقط على القبر من طين وتراب، ونزع القباطي، فكان عمر يتمنى أن لو كان تولّى ذلك.
ثم لم يَرِدْ أن أحدًا دخل بعد بناء عمر بن عبد العزيز لهذا الحايز؛ إلَّا ما حكاه ابن النجار: أن في سنة ثمان وأربعين وخمسمائة، سُمع من داخل الحجرة الشريفة هدَّه، وكان الوالي يومئذ بالمدينة الشريفة الأمير قاسم بن مهنَّا الحسيني، وكان يفهم العلم فذُكِرَ له ذلك، فقال: ينزل شخص من أهل الدين والصلاح (1)، فلم يجدوا يومئذ أمثل حالًا من الشيح: عمر النَّسائي شيخ شيوخ الصوفية بالموصل (2)، وكان مجاورًا، فكلَّموه في ذلك عن الأمير، فامتنع واعتذر بمرض كان به يحتاج معه إلى الوضوء في غالب الوقت، فألزمه الأمير قاسم بالدخول، فقال: أمهلوني حتَّى أروِّض نفسي، فيقال: إنه امتنع من الأكل والشرب مدة، وسأل الله تعالى إمساك المرض عنه بقدر ما يبصر ويخرج، فأنزلوه بالحبال من بين السقفين من الطايف المذكور، فنزل بين حائط النبي صلى الله عليه وسلم (64/ أ) وبين الحايز ومعه شمعة يستضيء بها، ومشى إلى باب البيت ودخل من الباب إلى القبور المقدسة، فأزاله، وكنس ما عليها من التراب بلحيته، وكان مليح الشيبة، وأمسك الله
(1) كلمة "والصلاح" سقطت من "ق".
(2)
في "م": "بالوصل".
عنه المرض بقدر ما دخل وخرج وعاد إلى وجهه.
* وذكر ابن النجار: أن في سنة أربع وخمسين وخمسمائة في أيام قاسم المذكور؛ وجدوا من داخل الحجرة الشريفة رائحة متغيِّرة، فذكروا ذلك للأمير، فأمرهم بالنزول، وتعيين من يصلح، فأُنزل الطواشي بيان أحدَ خدام الحجرة الشريفة، ونزل معه الصفي الموصلي متولي عمارة المسجد، ونزل معهما هارون الشاذي الصوفي بعد أن سأل الأمير ذلك وراجعه وبذل له جملة من المال، فوجدوا هرًّا قد سقط من الشباك الذي في أعلا الحايز بين الحايز وبيت النبي صلى الله عليه وسلم وجيَّف، فأخرجوه وطيبوا مكانه، وكان نزولهم يوم السبت حادي عشر ربيع الآخر.
* * *