الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الباب الثامن والثلاثون في ذكر مِنى:
* "مِنَى" بكسر الميم وفتح النون مخفف بوزن ريا.
قال البكري: يذكَّر ويؤنّث، فمن أنّث لم يجره يعني لم يصرفه.
وقال الفراء: الأغلب عليه التذكير.
وقال الحازمي في "أسماء الأماكن": مِنَّى بكسر الميم وتشديد النون، الصقع قرب مكة.
ولم نر هذا لغيره؛ والصواب: الأول.
وبينه وبين مكة (40/ أ): ثلاثة أميال.
وسمي مِنَى؛ لما يُمنَى فيه من دماء الذبائح (1)، أي: يُراق.
سئل ابن عباس: لم سميت مِنَى؟ فقال؛ لما يقع فيها من دماء الذبائح (2)، وشعور الناس؛ تقربًا إلى اللَّه تعالى وتمنيًّا للأمان من عذابه.
وروى الكلبي عن ابن عباس، قال: إنما سميت منى؛ لأن جبريل عليه السلام حين أراد أن يفارق آدم عليه السلام قال له: تمنَّ؟ فقال: أتمنى الجنة؛ فسميت: مِنَى؛ لأمنية آدم عليه السلام، ذكره الأزرقي.
(1) في "م": "الذابيح".
(2)
في "م": "الدبابيح". وانظر "مثير العزم"(1/ 280).
* وروى الإمام أحمد في مسنده من حديث عائشة رضي اللَّه تعالى عنها قالت: "قلت يا رسول اللَّه ألا يبنى (1) لك بِمنَى بيتًا أو بناء يظلك من الشمس، فقال لا إنما هو مُناخ مَنْ سَبَق"(2).
* قال الإمام أحمد في رواية أبي طالب:
لم يكن لهم أن يتخذوا بمنى شيئًا، فإذا اتخذه فلا يدخله أحد إلا بإذنه. قد كان سفيانًا اتخذ بها حائطًا وبنى فيه بيتين وربما قال لأصحاب الحديث يبقوها (3) فلا يدخل رجل مَضْرَب رجل إلا بإذنه.
قال القاضي: وظاهر هذا، أنه قد أجاز البناء بمنى (4) على وجه ينفرد به.
وقال في رواية ابن منصور: أما البناء بِمِنَى فإني أكرهه.
قال القاضي: فظاهر هذا؛ المنع.
فهذا كله؛ إذا قلنا إنها فُتحت عنوة، فأما إذا قلنا إنها فتحت صلحًا: فإنه يجوز بيعها وإجارتها.
* وحدّ منى: من جمرة العقبة إلى وادي محسّر، قاله: ابن الجوزي في "مثير العزم الساكن" والأزرقي. زاد الأزرقي عن عطاء أنه قال: فلا أحب أن ينزل أحد إلا فيما بين العقبة إلى محسر.
فأخذ النَّووي من كلام عطاء هذا: أن الجمرة ووادي محسر ليسا من مِنى. حكاه في "شرح المهذب" عن الأزرقي وأصحاب الشافعي، وكذا جزم
(1) في "المسند" وفي "الترمذي": "نبني لك".
(2)
"المسند"(6/، 187206)، و"الترمذي"(882) وقال هذا حديث حسن.
(3)
في "ق": "بينوها".
(4)
"بمنى" سقطت من "ق".
الشيخ موفق الدين في "المغني" أنهما ليسا من مِنى. وذكره عن الشافعي وعطاء، وتابعه الشيخ شمس الدين في "شرح المُقْنع".
وقال المحب الطبري: العقبة من مِنى، ولم ينقل عن أحد أن الجمرة ليست من مِنى.
وقال عمر رضي الله عنه: لا يبيتنّ أحد من (40/ ب) الحجاج وراء العقبة حتى يكونوا بمنى. وكذا قال ابن عمر. ورُوي عن ابن عباس.
فظاهر كلامهم: أن العقبة من منى؛ إذ لم يقولوا: لا يبيتن أحد في العقبة، وإنما قالوا: وراء العقبة.
وقال الجوهري عن محسر: هو موضع بِمنَى.
وقال البكري: هو واد بجمع وما أقبل من الجبال على مِنَى فهو منها وما أدبر فليس منها.
* قال الأزرقي: وذرع مِنَى من جمرة العقبة إلى وادي محسر: سبعة آلاف ومائتا ذراع، وعرض منى من مؤخر المسجد الذي يلي الجبل إلى الجبل بِحِذاه: ألف ذراع.
قال الزركشي في "شرح الخرقي" لما ذكر محسر: قيل: وادِ بين المزدلفة ومنى. وقيل: موضع بِمنَى، وقيل: ما صبَّ من محسر في المزدلفة فهو منها وما صب منه في مِنى فهو من مِنى.
قال المنذري: وصوَّبه بعضهم، وذكر الشيخ تقي الدين ابن تيمية في "شرح العُمْدة" في موضع: أن محسرًا من مِنَى. وذكر في موضع: تردّدًا.
* * *