الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الباب الخامس في ذكر الروضة:
في الصحيح، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنَّه قال:"ما بين قبري ومنبري روضة من رياض الجنّة"(1).
وفي رواية: ما بين بيتي ومنبري روضة (62/ ب) من رياض الجنّة" (2).
* واختلفوا فيه على أربعة أقوال:
أحدها: أنَّه من الجنّة كما أن الحجر الأسود من الجنّة.
الثاني: أنَّه يريد بذلك أنَّه سبب لرياض الجنّة، كما في الحديث:"الجنّة تحت ظلال السيوف"(3) وما أشبهه.
الثالث: لما كانت الجنّة يحصل فيها سرور وفرح وكان هذا المكان يحصل فيه ذلك، شُبِّه بذلك.
الرابع: قال الخطَّابي: معناه من لزم طاعة الله في هذه البقعة آلت به الطاعة إلى روضة من رياض الجنّة.
قلت: وما قاله الخطَّابي ليس بظاهر؛ لأن من لزم طاعة الله تعالى في بقعة من البقاع التي تصلح للتعبُّد غير هذه، آلت به الطاعة إلى روضة من
(1) تقدم.
(2)
تقدم.
(3)
رواه البخاري (2818) ومسلم (1742) من حديث عبد الله بن أبي أوفى.
رياض الجنّة، فلا فرق بينها وبين غيرها.
إذًا (1)؛ والنبي صلى الله عليه وسلم إنما قال ذلك تبيينًا لفضلها وتمييزًا لها على (2) غيرها وتنويها بعلو قدرها.
والذي يظهر: أن أقوى الأقوال: الأول؛ لأنه أبلغ في إظهار الفضيلة، وبه يُحمل اللفظ على حقيقته ولا مانع من ذلك، وإن كان ابن حزم قد أنكر ذلك؛ فلا عبرة بإنكاره مع إثبات سيد المرسلين له مع أنَّه ما ينطق عن الهوى. وإذا حُمل اللفظ على حقيقته: ظهرت الفضيلة والمزيَّة. أما إذا حُمل على شيء من التأويلات المذكورة: فإنها تبقى حينئذ هي وغيرها على حدٍّ سواء، فأي فضل أو أي مزية تبقى لها.
وذكر في "تحقيق النصرة": أن ذرع ما بين القبر المقدِّس والمنبر الشريف ثلاث وخمسون ذراعًا، وفي رواية: أربع وخمسون ذراعًا وسدس ذراع.
* * *
(1) في "م، ق""إذن".
(2)
"على" مكررة في "م".