الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الباب الخامس عشر في ذكر طواف الحشرات بالبيت:
* ذكر ابن الجوزي بسنده إلى عبد الله بن صفوان: أنه بينا هو قريب من البيت إذ أقبلت حيَّة من باب العراق حتى طافت بالبيت أسبوعًا ثم أتت الحجر فاستلمتْه، فنظر إليها عبد الله بن صفوان فقال: أيها الجان قد قضيتَ عُمْرتكَ وإنا نخاف عليكَ بعض صبياننا فانصرف، فخرجت راجعة من حيث جاءت.
* وذكر الأزرقي عن أبي الطفيل قال:
كانت امرأة من الجنِّ في الجاهلية تسكن ذا طُوىَ وكان لها ابن ولم يكن لها ولد غيره، وكانت تحبه حبًّا شديدًا، وكان شريفًا في قومه فتزوج وأتى زوجته فلما كان يوم سابعه قال لأمّه يا أمّه إني أحب أن أطوف بالكعبة سبعًا نهارًا، فقالت له أمُّه: أيْ بُنىَ إني أخاف عليك سفهاء قريش، فقال أرجو السلامة، فأذنت له فولّى في صورة جان إلى أن ذكر أنه طاف بالبيت سبعًا وصلّى خلف المَقام ركعتين وأنه دخل بعض دُور بني سهم فقتله شاب من بني سهم أحمر أكتف أزرق أحول أعسر، فثارت بمكة غبْرة حتى لم يبصر (21/ أ) لها الجبال. قال أبو الطفيل وبلغنا أنه إنما تثور تلك الغبرة عند موت عظيم من الجن. قال فأصبح من بني سهم على فراشهم موتى كثيرًا من قتلى الجن، وكان فيهم سبعون شيخًا أصلع سوى الشباب. قال فنهضت بنو سهم وحلفاؤها ومواليها وعبيدها فركبوا الجبال والشعاب بالثنِيَّة فما تركوا حيَّة ولا عقربًا ولا حكَّا ولا عطانة ولا خنفسًا ولا شيئًا من الهوامّ يدب على وجه الأرض إلَّا قتلوه فأقاموا بذلك ثلاثًا فسمعوا في الليلة الثالثة على أبي قبيس
هاتفًا يهتف بصوت له جهْوَرِيّ يسمع به (1) بين الجبلين: يا معشر قريش الله الله، فإن لكم أحلامًا وعقولًا أُعذرونا من بني سهم، فقد قتلوا منَّا أضعاف ما قتلنا منهم أُدخلوا بيننا وبينهم بالصلح نعطيهم ويعطوننا العهد والميثاق أن لا يعود بعضنا لبعض بسوء أبدًا. ففعلت ذلك قريش واستوثقوا لبعض من بعض فسُمُّوا بنو سهم العناطلة قتلة الجن (2).
* وذكر الأزرقي أيضًا عن محمد بن هشام السهمي قال: كنت بمال لي بتَبالة (3) أجد نخلًا لي به وبين يدي جارية لي فارهة فصُرِعتْ قدّامي، فقلت لبعض خدمنا: هل رأيتم هذا منها قبل هذا؟ قالوا: لا، قال فوقفت عليها فقلت يا معشر الجن أنا رجل من بني سهم وقد علمتم ما كان بيننا في الجاهلية من الحرب وما صرنا إليه من الصلح والعهد والميثاق وأنْ لا يغدر بعضنا ببعض ولا يعود إلى مكروه صاحبه فإن وَفيتم وَفيْنا وإن غَدرتم غَدرْنا إلى ما تعرفون قال: فأفاقت الجارية ورفعت رأسها فما عِيد إليها بمكروه حتى ماتت (4).
* وذكر الأزرقي عن طلْق بن حبيب قال: كنا جلوسًا مع عبد الله بن عمرو بن العاص في الحِجْر إذ قلَص الظلّ وقامت المجالس، إذا نحن ببريق أيِّم طالع من هذا الباب، يعني باب بني شيبة، فاشرأبت له أعين الناس فطاف بالبيت سبعًا وصلّى ركعتين وراء المَقام فقمنا إليه فقلنا ألا أيها المعتمر قد قضى الله نسكك وإن بأرضنا عبيدًا وسفهاء وإنا (21/ ب) نخشى عليك
(1) في "ق""من".
(2)
"أخبار مكة"(2/ 15).
(3)
تبالة: موضع ببلاد اليمن، أو بلدة من أرض تهامة في طريق اليمن "معجم البلدان" للحموى (2/ 9).
(4)
"أخبار مكة"(2/ 16).
منهم. فكوَّم برأسه كومة بطحاء ووضع ذنبه عليها فسما في السماء حتى مَثُل علينا فما نراه.
قال أبو محمد الخزاعي: الأيِّم: الحية الذكر (1).
* * *
(1)"أخبار مكة"(2/ 17).