الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الباب الرابع والعشرون في أسماء مكة:
* ولها أسماء كثيرة، قد منّ الله تعالى وله الحمد والمنَّة بتحصيل جملة صالحة منها:
الأول: مكة.
واتفق العلماء: على أن مكة اسم لجميع البلد.
قال الزجّاج: مكة لا تنْصرف؛ لأنها مؤنثة وهي معرفة.
قال ابن الجوزي: ويصلح أن يكون اشتقاقها كاشتقاق؛ بكة لأن الميم تبدل من الباء، يقال ضربة لازم ولازب. وقد تقدم الكلام على اشتقاق بكة في الباب الأول، ويصلح أن يكون اشتقاقها من قولهم إمْتَكَّ الفصيل ما في ضرع الناقة، إذا مصَّ مصًّا شديدًا حتى لا يبقي فيه شيئًا فسُميت بذلك لشدة ازدحام الناس فيها.
وقال ابن فارس: تمككت العظم إذا أخرجت مخه، والتمكك الاسقتصار (1)، في الحديث:"لا تمكَّكوا على غرمائكم"(2).
وفي سبب تسمية مكة بهذا الاسم أربعة أقوال:
أحدها: لأنها مثابة يؤمُّها الناس من كل فجٍّ عميق، فكأنها هي التي تجذبهم
(1) في "ق""الاقتصار".
(2)
لم أقف عليه، وذكره ابن منظور في "اللسان" مادة "مكك" و"مثير العزم الساكن"(1/ 324).
إليها، من قول العرب: امْتَكَّ الفصيل ما في ضرع الناقة.
الثاني: أنها تَمكُّ من ظلم فيها، أي تهلكه. وتمكّ الذنوب أي تُذْهبها. الثالث: لجهد أهلها.
الرابع: لقلة مائها.
الثاني من أسمائها: البلد، قال الله تعالى:{لَا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ} (1)، يعني: مكة. والبلد في اللغة: صدر القرى، وقال تعالى:{وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ} (2).
الثالث: القرية. قال الله تعالى: {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً} (3) يشير إلى مكة، فإنها كانت ذات أمْن، يأمَن أهلها أن يُغار عليهم، مُطْمَئِنَّةً أي ساكنة، أهلها لا يحتاجون إلى الانتقال عنها لخوف أو ضيق يَأْتِيها، رِزْقُها رَغَدًا، والرَّغد: الرزق الواسع الكثير، فَكَفَرَتْ بأَنْعُم الله تعالى، أي كذَّبت محمدًا صلى الله عليه وسلم، فأَذاقَهَا الله لِبَاسَ الجُوعِ والخوْفِ. وأصل الذوق بالفم، ولكنه استعارة منه، وذلك؛ أن الله تعالى عذب كفار مكة بالجوع سبع سنين حتى أكلوا الجِيَف والعظام المحرقة. وكانوا يخافون من رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن سراياه.
والقرية: اسم لما يجمع جماعة كثيرة من الناس، وهو اسم مأخوذ من الجمع، تقول: قريت الماء في الحوض إذا جمعته فيه، ويسمى ذلك الحوض: مقرًّا.
(1)"البلد"(آية: 1).
(2)
"التين"(آية: 3).
(3)
"النحل"(آية: 112).
الرابع: أم القرى.
قال الله تعالى: {لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى} (1).
وقال تعالى: {وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّهَا رَسُولًا} (2).
وفي تسميتها بذلك أربعة أقوال:
أحدها: لأن الأرض دُحيت من تحتها، قاله ابن عباس.
وقال ابن قتيبة؛ لأنها أقدمها.
والثاني: لأنها قِبلة يؤمها جميع الناس.
والثالث: لأنها أعظم القرى شأنًا.
والرابع: لأن فيها بيت الله عز وجل. ولما اطردت العادة بأن بلد الملك وبيته هو المقدَّم على الأماكن سُمّي أُمًّا، لأن الأم مقدمَّة.
الخامس: بكة، على أحد الأقوال الأربعة:
وهو قول الضحَّاك. واحتج لتصحيحه ابن قتيبة؛ بأن الباء تبدل من الميم، يقال: سبد الرجل رأسه وسمد رأسه، إذا استأصله، وشرّ لازم ولازب.
والقول الثاني: أنها اسم للبقعة التي فيها الكعبة، قاله ابن عباس (30/ أ). وقد تقدَّم في الباب الأول، وتقدم أيضًا ذكر اشتقاق بكة هناك.
القول الثالث: أنها ما حول البيت، ومكة ما وراء ذلك، قاله عكْرمة. القول الرابع، أنها المسجد والبيت. ومكة اسم الحَرَم كله، قاله الزُّهري.
(1)"الشوري"(آية: 7).
(2)
"القصص"(آية: 59).
السادس: الناسَّة، بالنون أوَّله والسين المهملة المشددة آخره، من نسَّ الشيء إذا يبس من العطش.
قال في "الصحاح": ويقال لمكة: الناسَّة؛ لقلَّة مائها من النسَّ وهو اليبَس.
السابع: الباسة، بالباء الموحدة. حُكِي عن مجاهد؛ لأنها تبسّ من ألْحَد فيها أي تحطمه وتهلكه. والبسّ، الحِطْم، قال تعالى:{وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسًّا} (1).
الثامن: النسَّاسة، بنون ثم سين مشددة؛ لأنها تنسّ الملحد فيها أي تطرده.
وقيل: لقلَّة مائها من النسّ وهو اليبس، كما تقدَّم.
التاسع: صلاح، بفتح الصاد وكسر الحاء على وزن قَطَامِ معدولة (30/ ب) عن صالحة؛ لأن فيها صلاح الخلق، أو لأنها تُعمل فيها الأعمال الصالحة.
ذكره المبرِّد.
العاشر: بالتنوين.
الحادي عشر: مخرج صِدق.
الثاني عشر: كُوثى، بضم الكاف وفتح الثاء المثلثة، باسم موضع بها.
الثالث عشر: الحاطمة، بالحاء المهملة لحطمها الملحد.
الرابع عشر: العَرش، بفتح العين المهملة وإسكان الراء على وزن فرش.
(1)"الواقعة"(آية: 5).
الخامس عشر: العرش (1)، بضم العين والراء - كما ضبطه البكري في "معجمه".
السادس عشر: العريش، بزيادة ياء - ذكره ابن سِيدة.
السابع عشر: الرأس؛ لأنها أشرف الأرض كرأس الإنسان.
الثامن عشر: القادس.
التاسع عشر: المقدسة. نقلهما النَّووي.
العشرون: مَعاد (2)، قال الله تعالى:{إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ} (3) قيل القتيْبي ومجاهد: هي مكة، وهي رواية العوفي عن ابن عباس.
الحادي والعشرون: صاحبة المشاعر العظام، وزمزم والمقام، والمسجد الحرام.
الثاني والعشرون: مهبط الوحي، وملاذ الرسل، ومعاذ الصالحين من سائر الأمم.
الثالث والعشرون: البلدة، قال الله تعالى:{إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هَذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَهَا} (4).
الرابع والعشرون: بلد الله تعالى.
الخامس والعشرون: البلد الأمين.
(1)"العرش" سقطت من "ق".
(2)
في "م""معاذ" بالذال.
(3)
"القصص"(آية: 85).
(4)
"النمل"(آية: 91).
السادس والعشرون: البُنْية.
السابع والعشرون: برة. ذكره ابن خليل.
الثامن والعشرون: أمُّ رحم، بالراء المهملة المضمومة؛ لأن الناس يتراحمون ويتواصلون فيها، أو لأن الرحمة تنزل بها.
التاسع والعشرون: أمُّ راحم.
الثلاثون: أمُّ الرحم.
الحادي والثلاثون: أمُّ زحم بالزاي المعجمة.
الثاني والثلاثون: أمُّ صبح، ذكره ابن الأثير في كتابه "المرصَّع".
الثالث والثلاثون: أمُّ كوثى، ذكره ابن المرجاني.
الرابع والثلاثون: أمُّ روْح، ذكره ابن الأثير في كتابه "المرصّع".
الخامس والثلاثون: العطِشة.
السادس والثلاثون: القادسية.
السابع والثلاثون: المكتان، ذكره القيراطي (1) في ديوان شعره.
الثامن والثلاثون: سبوحة.
التاسع والثلاثون: السّلم.
الأربعون: العذر.
الحادي والأربعون: نادرة.
الثاني والأربعون: الوادي.
(1) شفاء الغرام بأخبار البلد الحرام (1/ 82).
الثالث والأربعون: البحر.
الرابع والأربعون: الحرم.
الخامس والأربعون: الحُرمة بالضم.
السادس والأربعون: الحِرمة بالكسر.
السابع والأربعون: الرتاج، براء مهملة مكسورة وتاء مثناة من فوق وألِف وجيم. ذكره المحب الطبري في "شرح التنبيه" فيما نقله عنه ابن جماعة.
قلت: المعروف في اللغة: أن الرتاج هو الباب العظيم، أو الباب المغلق.
الثامن والأربعون: بُساق، بباء موحدة وسين مهملة وألف وقاف. ذكره ابن رشيق في "العُمدة" في تفسير قول أمية بن حرثان:
سأَسْتَأذِي عَلَى الفارُوقِ رَبًّا
…
لَهُ عَمَدَ الحَجِيجُ إلَى بُسَاقِ
ثم قال ابن رشيق. وقد قيل إن بساق بلد بالحجاز.
التاسع والأربعون: النابتة، بالنون والباء الموحَّدة.
ذكره ابن كثير في تفسيره (1).
الخمسون: أمّ الرحمن. ذكره ابن المرجاني وعزاه لابن العربي.
الحادي والخمسون: العروس.
الثاني والخمسون: النابشة، بالنون والشين المعجمة.
الثالث والخمسون: البسَّاسة، بالباء الموحدة والسين المهملة.
الرابع والخمسون: البشاشة، بالباء الموحدة والشين المعجمة المكررة.
(1)"تفسير ابن كثير" سورة "آل عمران"(آية: 97).
الخامس والخمسون: النسناسة، بالنون المكرَّرة والسين المهملة المكررة.
السادس والخمسون: فاران، ذكره ياقوت الحموي (1).
السابع والخمسون: المسجد الحرام، ذكره ابن خليل في "منسكه"، وهذا من باب تسمية الشيء باسم بعضه.
الثامن والخمسون: قرية النمل.
التاسع والخمسون: نقرة الغراب.
الستون: قرية الحمُس.
الحادي والستون: السيل.
ذكر هذه الأربعة قاضي اليمن مجد الدين الشيرازي.
* وكثرة الأسماء: تدل على شرف المسمّى؛ ولهذا كثرت أسماء الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم.
* * *
(1)"معجم البلدان"(4/ 225).