الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الباب الخامس والعشرون في فضل مكة:
* روى ابن الجوزي بسنده إلى النبي صلى الله عليه وسلم، أنه لما قدِم مكة أتته الأنصار فجلسوا حوله، فجعل يقلِّب بصره في نواحي مكة وينظر (31/ ب) إليها ويقول:"والله لقد عرفتُ أنك أحبّ البلاد إلى الله عز وجل وأكرمها على الله تعالى، ولولا أن قومي أخرجوني ما خرجت"(1).
* وبسنده أيضًا: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال وهو واقف بالحزْوَرة من سوق مكة: "والله إنك لخير أرض الله وأحبّ أرض الله تبارك وتعالى إليه، ولولا أني أُخرجتُ منك ما خرجت"(2).
* وعن كعب قال: "اختار الله البلاد، فأحبُّ البلاد إلى الله تعالى البلد الحرام"(3).
* وقال ابن إسحاق (4): حُدِّثْنا أن قريشًا وجدت في الركن كتابًا بالسريانية فلم يُدْر ما هو حتى قرأه لهم رجل من اليهود، فإذا فيه: "أنا الله ذو بكة، خلقتها يوم خلقت السموات والأرض. وصوَّرت الشمس والقمر، وحففتها
(1)"مثير العزم الساكن"(1/ 328).
(2)
"مثير العزم الساكن"(1/ 329). ورواه الترمذي (4182). وقال: هذا حديث حسن غريب صحيح.
(3)
"مثير العزم الساكن"(1/ 329).
(4)
جمع النسخ (إسحاق) والصواب (ابن إسحاق) كما في "ع" و"مثير العزم الساكن"(1/ 329).
بسبعة أملاك حُنُفا، فلا تزول حتى يزول أخشباها، مبارك لأهلها في الماء واللبن" (1).
* وفي الصحيحين من حديث ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: يوم فتح مكة: "إن هذا البلد حرَّمه الله تعالى يوم خلق السموات والأرض، فهو حرام بحرمة الله تعالى إلى يوم القيامة وأنه لا يحل القتال فيه لأحد قبلي ولا يحل لي إلا ساعة من نهار فهو حرام بحرمة الله تعالى إلى يوم القيامة، ولا يُعضد شوكه ولا يُنفَّر صيده، ولا تلتقط (2) لقطته إلا مَنْ عرفها، ولا يختلى خلاؤه، فقال العباس: يا رسول الله، إلَّا الإذخر، فإنه لقينهم وبيوتهم، فقال: إلا الإذخر"(3).
* تنبيهان:
أحدهما: الخلى، مقصور: هو الحشيش، فإذا مُدّ فهو المكان الخالي. ذكره ابن الجوزي (4) وكذا قال ابن فارس في "المجمل": إن الخلى، مقصور: هو الحشيش اليابس واحدته خلاة، والذي ذكره الجوهري وصاحب "الكفاية" وابن خطيب الدهشة: أن الخَلَى بالقصر: الرطْب من النبات. وأما الحشيش: فهو اليابس.
الثاني: الأخشبان: الجبلان، وهما أبو قبيس والجبل الذي يقال له الأحمر، وكان يسمى الأعرَف في الجاهلية (5)، وهو الجبل المشرِف، وجهه
(1)"مثير العزم الساكن"(1/ 329).
(2)
في "ق""يلتقط".
(3)
"البخاري"(1834)، ورواه "مسلم"(1353) من حديث ابن عباس رضي الله عنهما.
(4)
"مثير العزم الساكن"(1/ 231).
(5)
"في الجاهلية" سقطت من "ق".
على قعيقعان. ومكة بين هذين الجبلين (1). وأبو قبيس هو الجبل المشرف على الصفا إلى السويد إلى الحندمة، (32/ أ) وكان يُسمى في الجاهلية: الأمين؛ لأن الركن الأسود كان مستودَعًا فيه عام الطوفان.
واختلفوا لِمَ قيل له أبو قبيس على ثلاثة أقوال:
أحدها: لأنه أول مَن نهض فبنى فيه رجل من مذحج يسمى أبو قبيس، فلما صُعد بالبناء فيه سُمِّي جبل أبي قبيس.
وقيل: إنه من. إياد، وهو الأشهر عند أهل مكة على ما ذكره الأزرقي (2).
والثاني: لأنه اقتبس من الركن، فسمي لذلك.
قال ابن الجوزي في "مثير العزم الساكن": والأول أصح (3).
والثالث: أن رجلًا يُقال له قبيس بن سالح بن جرهم كان قد وشى بين عمر ابن مضَّاض الجرهمي ملك جرهم بمكة وبين ميَّة بنت عمه، فنذرت أن لا تكلمه، وكان شديد الكلَف بها، فحلف ليقتلنّ قبيسًا. فهرب منه في الجبل المعروف به وانقطع خبره، فإمَّا مات وإمَّا تردَّى منه، فسُمي الجبل أبا قبيس. ذكر هذا القول السهيلي في "الروض الأُنُف"، وذكر: أن ابن هشام ذكره في خبر طويل في غير "السيرة" لابن إسحاق.
* ورُوي عن ابن عباس، أن أبا قبيس أول جبل وضع في الأرض (4).
(1)"مثير العزم الساكن"(1/ 330).
(2)
"أخبار مكة"(2/ 266 - 267).
(3)
(1/ 330).
(4)
في "أخبار مكة" للأزرقي عن عبد الوهاب بن مجاهد عن أبيه أنه قال: أول جبل وضعه الله عز وجل على الأرض حين مادت أبو قبيس.
وذكر أبو عبد الله محمد القزويني في "عجائب المخلوقات" أن الناس يزعمون أن مَن أكل رأسًا مشويًّا على أبي قبيس يأمن أوْجاع الرأس، وكثير من الناس يفعل ذلك.
* * *