الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الباب الأربعون في ذكر آيات عظام بِمنى:
* الأولى: أن الجمار على كثرته في كل سنة يُمتحق وُيرى على قدر واحد.
وقد ورد: أن ما تُقبِّل رُفع، وقد جاء ذلك من طرق كثيرة، منها ما رواه ابن الجوزي في "مثير العزم الساكن" بسنده إلى سعيد بن جبير أنه قال: الحصى قربان؛ فما قُبِل منه: رُفع، وما لم يقبل: بقى (1).
وذكر الأزرقي، عن ابن خثيم: أنه سأل أبا الطفيل عن هذه الجمار ترمى في الجاهلية والإسلام كيف لا يكون هضابًا تسدّ الطريق؟ قال سألت عنها ابن عباس، فقال إن اللَّه تعالى وكَّل بها ملكًا، فما تُقبِّل منها: رُفع، وما لم يتقبل منها: تُرك (2).
وعن أبي سعيد الخدري قال: ما تُقبل من الحصى رفع، يعني: حصى الجمار (3).
وقال ابن عمر: واللَّه ما قُبِل من امرئ حجه إلا رفع حصاه.
قال المحب الطبري في "شرح التنبيه"، وقد أخبرني شيخنا أبو النعمان
(1)(1/ 287) وانظر "أخبار مكة" للفاكهي (4/ 293).
(2)
"أخبار مكة"(2/ 176) انظر "أخبار مكة" للفاكهي (4/ 292).
(3)
"أخبار مكة" الأزرقي (2/ 177) - والفاكهي (4/ 293).
بشير ابن أبي بكر حامد التبريزي شيخ الحرم الشريف ومفتيه، أنه شاهد ارتفاع الحجر عيانًا.
قال القاضي مجد الدين الشيرازي: وقد خمنت مرة؛ فاقتضى قياس العقل والحساب وعدد السنين والأعوام التي حُج فيها البيت ورُميت الجمار أن يكون التراكم عند كل جمرة من الحصى ما يواري مساحة خمسين ذراعًا في مثلها في وجه الأرض ومرتفع العلو ارتفاع جبل ثبير، ولكن (41/ ب) للَّه تعالى فيها سرّ كريم من أسراره الخفيات لا إله سواه.
* الثانية: اللحوم بمنى في أيامها؛ تنشر على الجدار وعلى صخرات الجبال وعلى أسطحة السوق وهي محروسة بحراسة اللَّه تعالى لها من تخطف الطير لها، ومعلوم: أن الحِدَأة - إذا رأت شيئًا أحمر بيد إنسان أو على رأسه: انقضت عليه حتى تخطفه، وهي تحوم حول تلك اللحوم لا تستطيع أن تأخذ منها شيئًا.
* الثالث: الذباب لا يقع على الطعام؛ بل يأكل العسل ونحوه مما يجمع الذباب ويتهافت على الوقوع فيه، بل لا يحوم عليه في الغالب مع كثرة العفونات لكثرة الذباب من الدماء والأنتان الملقاة في الطرقات. فإذا انقضت أيام الضيافة والكرامة تهافت الذباب على كل طعام حتى لا يطيب للطاعم طعام.
وتلك آيات ظاهرة، ودلالات باهرة على قدرة من يحيى العظام وهي ناخرة.
* الرابعة: اتساعها في أيام نزول الحاج بها: عن أبي الدرداء، قال: قلنا يا رسول اللَّه إن أمر مِنى لعجب، هي ضيقة، فإذا نزلها الحاج اتسعت، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: إنما مثل منى كالرحم إذا حملت وسعها اللَّه تعالى (1).
(1)"أخبار مكة" للفاكهي" (4/ 278) - الأزرقي (2/ 179).
* الخامسة: قلة البعوض بها أيام مِنى؛ على ما ذكر أبو سعد الملاني في "الوفا شرف المصطفى"، فإنه قال: كنت ليلًا بمنى في غير أيام الموسم، وكنت ساهرًا أكثر الليل أتأذى من البعوض، فلما كان من الغد؛ سألت بعض أهل الحرم عن البعوض، فقال: جميع السنة يكون كثيرًا إلا أيام منى فإنه يقلُّ.
* * *