الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الباب الثاني عشر في ذكر خراب المدينة:
* روى البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "تتركون المدينة على خير ما كانت لا يغشاها إلَّا العوافي، يريد عوافي السباع والطير، ثم يخرج راعيان من مُزَيْنَة يريدان المدينة ينعِقان بغنمهما فيجدانها وحوشًا، حتَّى إذا بلغا ثنية الوداع خرَّا على وجوههما"(1)، هذا لفظ مسلم.
وقال البخاري فيه: "وآخر من يُحشر راعيان من مزينة يريبيان المدينة".
وفي لفظ لمسلم: "لَيتركنَّها أهلها على خير ما كانت. مذلَّلة للعوافي ينعِقان (2) - بكسر العين - أي: يصيحان ويجدانها وحوشًا"(3).
ذكر بعضهم؛ أن الضمير عائد على الغنم، إما بقلب ذاتها أو تتوحش فينفر (4) من أصواتها (5).
وأنكره القاضي عياض والنَّووي، وقالا: إن الضمير في يجدانها عائد إلى المدينة لا إلى الغنم، وقد اختلف الناس؛ متى يكون ذلك.
(1)"البخاري"(1874)، و"مسلم"(1389).
(2)
في "م": "ينقعان".
(3)
"مسلم": (1389).
(4)
في "ق": "فتنفر".
(5)
في "ق": "أصواتهما".
فقال القاضي عياض: إن هذا جرى في العصر الأول، وإنه من المعجزات. فقد تركت المدينة على أحسن ما كانت للدين والدنيا: أما الدين؛ فلكثرة العلماء (1) بها، وأما الدنيا؛ فلعمارتها واتساع حال أهلها.
قال: وذكر الأخباريون في بعض الفتن التي جرت (2) بالمدينة وخاف أهلها: أنَّه رحَل عنها أكثر الناس، وبقيت ثمارها للعوافي، وخلت مدة لم تراجع الناس إليها.
قال: وحالها اليوم قريب من هذا، وقد خربت أطرافها.
وقال النَّووي: الظاهر المختار أن هذا التَّرْك للمدينة يكون في آخر الزمان عند قيام الساعة ويوضحه قضية الراعيين من مُزَيْنَة؛ فإنهما يخرَّان على وجوههما حتَّى تدركهما الساعة، وهما آخر من يحشر -كما ثبت في "صحيح البخاري"(3).
وروى الترمذي من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "آخر قرية من قرى الإسلام خرابًا: المدينة"، وقال: حديث حسن غريب (4).
* * *
(1) في "ق": "فلكثرة علمائها".
(2)
في "ق": "خرجت".
(3)
"البخاري"(1755).
(4)
"الترمذي"(3919).