الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الباب الثالث في فضل الصلاة فيه:
* قد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "الصلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة فيما سواه إلَّا المسجد الحرام"(1).
وذكر في "المستوعب" وغيره: أن الصلاة فى مسجد النبى صلى الله عليه وسلم بخمسين ألفًا. وقد رواه ابن ماجه من حديث أنَس عن النبي صلى الله عليه وسلم، إلَّا أن في إسناده أبا الخطاب وهو لا يُعرف، قال بعضهم: ولا يصح! ! مع أن فيه إنها في المسجد الأقصى بخمسين ألفًا (2).
* وقال الشيخ تقي الدين ابن تيمية: الصلاة بالمسجد الحرام بمائة ألف وبمسجد المدينة بألف، وإن الصواب: في الأقصى بخمسمائة (3). وما قاله (4) الشيخ تقي الدين. هو حديثا رواه البزار والطبراني، من حديث أبي الدرداء - كما يأتي في الأقصى إن شاء الله.
لكن هذه المضاعفة؛ هل تخُتص بما كان فى زمن النبى صلى الله عليه وسلم من مسجده، أم حُكمُ الزيادة حُكم الأصل؟
(1) رواه أحمد (1/ 184).
(2)
رواه ابن ماجه (198).
(3)
رواه ابن عدي في "الكامل"(7/ 2670).
(4)
في "ق": "وقال الشيخ" وفي "م" و"قاله الشيخ".
* قال ابن عقيل: الأحكام المتعلقة بمسجد النبي صلى الله عليه وسلم لما كان في زمانه لا ما زيد فيه لقوله عليه السلام: (60/ ب) في مسجدي هذا، وكذا قال الشيخ محي الدين النووي.
وقال ابن مفلح في "آدابه": وهذه المضاعفة تخُتَصُّ بالمسجد على ظاهر الخبر. وقول العلماء من أصحابنا وغيرهم.
واختار الشيخ تقي الدين ابن تيمية: أن حكم الزائد حكم المزيد عليه.
قال الشيخ تقي الدين السبكي: اختلفوا؛ إذا وُسِّع عما كان عليه في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، هل تثبت هذه الفضيلة له أو تخُتص بالقدْر الذي كان في زمنه صلى الله عليه وسلم؟
وممن رأى الاختصاص النووي للإشارة بقوله: "مسجدي هذا".
ورأى جماعة عدم الاختصاص، وأنه لو وسّع: فهو مسجده - كما في مسجد مكة إذا وُسّع، فإن تلك الفضيلة ثابتة له، وقد قيل: إن مسجد النبي صلى الله عليه وسلم كان في حياته سبعين ذراعًا في ستين ذراعًا - انتهى كلام السُّبكي.
* وقال الشيخ زين الدين ابن رجب في "شرح البخاري"(1):
وحكم الزيادة حكم المزِيد فيه في الفضل أيضًا، فما زِيد في المسجد الحرام ومسجد النبي صلى الله عليه وسلم: كلُّه مسجد، والصلاة فيه سواة في المضاعفة والفضل.
وقد قيل: إنه لا يُعلم عن السَّلف في ذلك خلاف، إنما خالف فيه بعض المتأخرين من أصحابنا؛ منهم: ابن عقيل وابن الجوزي.
ولكن؛ قد رُوي عن الإمام أحمد التوقف (2) في ذلك؛ قال الأثرم: قلت
(1)"فتح الباري" لابن رجب (3/ 291).
(2)
في "م""التوقيف".
لأبي عبد الله: الصف الأول في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم أيُّ- صيف هو؟ ؛ فإني رأيتهم يتوخّرون دون المنبر ويدعون الصف الأول! قال: ما أدري.
قلت لأبي عبد الله: فما زيد في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم فهو عندك منه؟
فقال: وما عندي! ! إنما هم أعلم بهذا يعني أهل المدينة!
وقد روى عمر بن شبة في كتاب "أخبار المدينة" بإسناد فيه نظر، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"لو بني المسجد إلى صنعاء لكان مسجدي"، فكان أبو هريرة يقول:"لو مُدَّ هذا المسجد إلى باب داري ما عدوت أن أصلي فيه"(1).
وبإسناد فيه ضعف، عن ابن عمر قال: زاد عمر في المسجد (61/ أ) في شاميِّهِ، ثم قال: لو زدنا فيه حتى يبلغ الجبَّانة: كان مسجد النبي صلى الله عليه وسلم.
وبإسناد عن ابن أبي ذئب قال: قال عمر: لو مُدَّ مسجد النبي صلى الله عليه وسلم إلى ذي الحُلَيْفة كان منه، وكذلك الزيادة في المسجد الحرام.
وقد ذكر الشافعية: أنه لو حلف أن يدخل هذا المسجد؛ فزِيد فيه: فدخل موضع الزيادة: لم يحنث، ولو حلف لا يدخل مسجد بني فلان؛ فزيد فيه: فدخل موضع الزيادة: حنَث. وهذا مما يشهد؛ لأن حكم الزيادة حكم المزيد في المسجد الحرام ومسجد النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأنه عرَّف المسجد الحرام بالألف واللام ومسجده بإضافته إليه، ولكنه جمع بين الإشارة إليه وتعريفه بالإضافة فقال:"مسجدي هذا". انتهى كلام الشيخ زين الدين رحمه الله تعالى.
* وذكر الرافعي في "الفروع المنثورة" آخر "كتاب الأَيْمان" عن الحنفية
(1) سبق مرفوعًا.
ووافقهم: أنه لو حلف لا يدخل هذا المسجد؛ فزِيد فيه: فدخل موضع الزيادة: حنث.
قال في "الروضة": وفيه نظر، وينبغي أن لا يحنث بدخولها؛ لأن اليمين
لم يتناولها حالة الحلف.
* * *