المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الباب الثلاثون في ذكر حدود الحرم: - تحفة الراكع والساجد بأحكام المساجد

[الجراعي]

فهرس الكتاب

- ‌نقد ورد

- ‌عملنا في الكتاب

- ‌ترجمة المصنف

- ‌مولده:

- ‌نسبه:

- ‌نشأته ورحلاله في طلب العلم:

- ‌شيوخه:

- ‌تلاميذه:

- ‌مصنفاته:

- ‌وفاته:

- ‌‌‌اسم الكتابونسبته إلى مؤلفه

- ‌اسم الكتاب

- ‌صحة نسبة الكتاب للمؤلف:

- ‌وصف النسخ الخطية المعتمدة

- ‌ النسخة الأولى *

- ‌ النسخة الثانية *

- ‌ النسخة الثالثة *

- ‌الفصل الأول من المقدمة في فضل المساجد

- ‌الفصل الثاني في فضل بنائها

- ‌الفصل الثالث في فضل حبها

- ‌الفصل الرابع في فضل السعي إليها

- ‌الفصل السادس في ذهاب الأرض كلها يوم القيامة إلا المساجد

- ‌ الكتاب الأول * في ذكر الكعبة زادها الله تعالى شرفًا وما يتعلق بها

- ‌الباب الأول في ذكر أسمائها

- ‌ الأول: الكعبة *

- ‌ الثاني: البيت العتيق *

- ‌ الثالث: البيت الحرام *

- ‌ الخامس: من أسمائها: بكَّة *

- ‌ السادس: قادس *

- ‌ السابع: بادر *

- ‌ الثامن: قبلة أهل الإسلام *

- ‌ التاسع: القربة القديمة *

- ‌ العاشر: الدُّوَّار *

- ‌ الحادي عشر: البنيَّة *

- ‌الباب الثاني في ذكر بنائها:

- ‌الباب الثالث في كيفية بناء المسجد الحرام:

- ‌الباب الرابع في فضل المسجد الحرام:

- ‌ فائدة

- ‌الباب الخامس في ذكر كسوة الكعبة، زادَها الله شرفًا:

- ‌الباب السادس في سدانة البيت:

- ‌الباب السابع في فضل الحجر الأسود وذكر أخذه وردَّه:

- ‌فصل

- ‌الباب الثامن فيما جاء في رفع الحجر الأسود:

- ‌الباب التاسع في ذكر الركن اليماني:

- ‌الباب العاشر في ذكر الحِجْر:

- ‌الباب الحادي عشر في ذكر الميزاب:

- ‌الباب الثاني عشر في ذكر الحطيم:

- ‌الباب الثالث عشر في فضل النظر إلى البيت ونزول الرحمة عليه:

- ‌الباب الرابع عشر في ذكر المواضع التي يُستجاب فيها الدعاء:

- ‌الباب الخامس عشر في ذكر طواف الحشرات بالبيت:

- ‌الباب السادس عشر في ذرع الكعبة من جهاتها الأربع وارتفاعها في السماء وذِكْر الشاذروان

- ‌تنبيه:

- ‌الباب السابع عشر في ذكر المقام:

- ‌الباب الثامن عشر في ذكر ابتداء زمزم وتجديدها بعد دثورها:

- ‌الباب التاسع عشر في ذكر الشرب من ماء زمزم والوضوء والغُسل وإزالة النجاسة به:

- ‌الباب العشرون في أسماء زمزم:

- ‌الباب الحادي والعشرون في غور الماء قبل يوم القيامة إلَّا زمزم وذكر ذرعها وغور مائها وفوره:

- ‌الباب الثاني والعشرون في حدِّ المسجد الحرام ومن هو حاضره:

- ‌الباب الثالث والعشرون في ذكر حال انتهاء البيت:

- ‌الباب الرابع والعشرون في أسماء مكة:

- ‌الباب الخامس والعشرون في فضل مكة:

- ‌الباب السادس والعشرون في فضل صوم رمضان بمكة:

- ‌الباب السابع والعشرون في أن الحسنات كلها تضاعف بمكة كالصلاة:

- ‌الباب الثامن والعشرون في أن السيئات تضاعَف فيها كما تضاعَف الحسنات وأنه يعاقَب عليها قبل فِعلها:

- ‌الباب التاسع والعشرون في بيان أن أهل مكة أهل الله تعالى:

- ‌الباب الثلاثون في ذكر حدود الحرم:

- ‌الباب الحادي والثلاثون في ذكر نُصُب حدود الحرم وأول مَن نصَبَها:

- ‌الباب الثاني والثلاثون في ذكر تعظيم حُرمة الحرَم:

- ‌الباب الثالث والثلاثون في ذرْع المسجد الحرام وعدد اسطواناته:

- ‌الباب الخامس والثلاثون في صفة أبواب المسجد وعددها وذرْعها:

- ‌الباب السادس والثلاثون في ذرع جدرات المسجد وعدد شرفاته:

- ‌الباب السابع والثلاثون في حكم بيع مكة وإجارتها:

- ‌الباب الثامن والثلاثون في ذكر مِنى:

- ‌الباب التاسع والثلاثون في ذكر مسجد الخيْف:

- ‌الباب الأربعون في ذكر آيات عظام بِمنى:

- ‌الباب الحادي والأربعون في ذكر المزدلفة:

- ‌ تنبيه:

- ‌الباب الثاني والأربعون في الطريق من المزدلفة إلى عرفة:

- ‌الباب الثالث والأربعون في ذكر عرَفة وحدودها:

- ‌الباب الرابع والأربعون في ذكر المجاورة بمكة شرَّفها اللَّه تعالى:

- ‌الباب الخامس والأربعون في كراهة نقل تراب الحرم وحجارته إلى الحلّ وعكسه

- ‌الباب السادس والأربعون في بيان الحجاز:

- ‌الباب السابع والأربعون في ذكر جزيرة العرب:

- ‌الباب الثامن والأربعون في ذكر خصائص البيت والمسجد الحرام وأحكامهما:

- ‌ تنبيه:

- ‌ الكتاب الثاني * في المسجد النبوي على صاحبه أفضل الصلاة والسلام وما يتعلق به

- ‌الباب الأول في ذكر بنائه

- ‌الباب الثاني في فضله:

- ‌الباب الثالث في فضل الصلاة فيه:

- ‌الباب الرابع في ذكر منبر النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌الباب الخامس في ذكر الروضة:

- ‌الباب السادس في حنين الجذع الَّذي كان في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌الباب السابع في ذكر بناء الجدار الَّذي سقط في زمن الوليد بن عبد الملك:

- ‌الباب الثامن في ذكر آثار حسنة في المسجد الشريف:

- ‌الباب التاسع في فضل المدينة:

- ‌الباب العاشر في ذكر حدود الحرم:

- ‌الباب الحادي عشر فى أسماء مدينة النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌الباب الثاني عشر في ذكر خراب المدينة:

- ‌ الباب الثالث عشر في ذكر خروج النار التي أخبر عنها المختار:

- ‌الباب الرابع عشر فيما جاء أن المدينة أقل الأرض مطرًا:

- ‌الباب الخامس عشر هل المدينة حجازية أم شامية أم يمانية

- ‌الباب السادس عشر في ذكر جملة من الخصائص والأحكام والفضائل:

- ‌الباب السابع عشر في صفة قبر النبيُّ وقبر صاحبيه رضي الله عنهما:

- ‌الباب الثامن عشر في ذكر مسجد قباء وأهله:

- ‌ الكتاب الثالث * في ذكر المسجد الأقصى وما يتعلق به

- ‌الباب الأول في معنى اسمه وابتداء بنائه

- ‌الباب الثاني في فضله وفضل الصلاة فيه:

- ‌الباب الرابع في أسمائها:

- ‌الباب الخامس في ذكر جملة من خصائصه وأحكامه:

- ‌ الكتاب الرابع * في ذكر بقية المساجد وذكر طرف من أخبار المدارس

- ‌الباب الأول في ذكر أول مسجد بنُي في الإِسلام:

- ‌الباب الثاني في ذكر طرف من أخبار المدارس

- ‌الباب الثالث في ذكر أول مسجد وضع بالقاهرة:

- ‌الباب الرابع في ذكر أحكام تتعلق بسائر المساجد:

الفصل: ‌الباب الثلاثون في ذكر حدود الحرم:

‌الباب الثلاثون في ذكر حدود الحرم:

* حدُّه من جهة المدينة: ثلاثة أميال- كما قال الأزرقي- دون التنعيم عند بيوت نِفار، بنون مكسورة وفاء وألف وراء مهملة، وجزم به القاضي أبو يعلى في "أحكامه"، وأبو الخطاب، وابن الجوزي، والمجد، وابن حمدان، والرافعي، وقدَّمه في "الفروع"، وقال: عند بيوت السُّقيا، تبعًا "للهداية"- كما نقله عن ابن القاص، وقدمه في "إعلام الساجد".

وقيل: أربعة أميال- كما قال الفاكهي.

وقيل: خمسة أميال- على ما ذكره الباجي.

تنبيه:

قال صاحب "المطالع" عن التنعيم: إنما سُميت بذلك؛ لأن جبلًا عن يمينها يقال له: "نعيم" وآخر عن شمالها (1) يقال له (2): "ناعم"، والوادي: نعْمان.

* ومن طريق اليمن: سبعة أميال- بتقديم السين-، جزم به الأزرقي، وأبو الخطاب، وابن الجوزي، وابن حمدان، وصاحب "الفروع".

وقدم في "إعلام الساجد": ستة أميال، قال في "تحفة الكرام": وجدت

(1) في "ق""شماله".

(2)

"يقال له" مكررة في "ق".

ص: 149

بخط المحب الطبري في "القِرى": أن حدّ الحرم من جهة اليمن: ستة أميال، ولعلّ ذلك؛ سبق قلم، عند (1) أَضاة لِبْن في ثنِيَّة لِبْن (2)، وهذه الأضاة تعرف الآن بأضاة ابن عَقَشِّر، والأَضاة: مُسْتنقع الماء، وهي بهمزة مفتوحة وضاد معجمة على وزن قناة، ولِبْ بكسر اللام وسكون الباء الموحَّدة: قاله الحازمي، وضبطها سليمان بن خليل: بفتح اللام والباء على ما وجده بعض الأعيان بخطه في مواضع من "منسكه".

* ومن جهة العراق: سبعة أميال- بتقديم السين-، قاله الأزرقي، وجزم به القاضي أبو يعلي في "أحكامه"، وأبو الخطَّاب، وابن الجوزي، والمجد، وصاحب "الفروع"، والرافعي، وقدمه في "الرعاية"، و"إعلام الساجد".

وقيل: ثمانية أميال- على ما ذكر ابن أبي زيد المالكي في "النوادر"(33/ ب).

وقيل: تسعة أميال- حكاه ابن حمدان.

وقيل: عشرة أميال - على ما ذكر سليمان بن خليل.

وقيل: ستة أميال - على ما ذكر ابن خُردادبة على ثنيَّة خلّ بالمقْطَّع. فأما "خل"، فبخاء معجمة مفتوحة، و"المُقطَّع" بضم الميم وفتح الطاء المشددة - على ما وُجِدَ بخط سليمان بن خليل فيهما.

ووُجِدَ بخط المحبّ الطبري في "القِرى"(3) على الخاء من خلّ نقطة من

(1)"عند" مكررة في "ق".

(2)

"القرى"(651).

(3)

"القرى"(653).

ص: 150

فوق وعلى اللَّام شدة وضبط المَقْطع بفتح الميم وإسكان القاف.

وفي "تاريخ الأزرقي": على الخاء أيضًا من خل نقطة من فوقها.

ودكر النَّووي في "الإيضاح" و"تهذيب الأسماء واللغات": حوض خل جبل بجيم وباء موحَّدة.

قال في "تحفة الكرام": وذلك تصحيف، والله أعلم.

وذكر الأزرقي: أن سبب تسميته بذلك؛ أنهم قطعوا منه أحجار الكعبة في زمن ابن الزبير، وقيل غير ذلك.

* ومن جهة جُدة - بضم الجيم - عشرة أميال، جزم به الأزرقي، والقاضي أبو يعلى في "أحكامه"، وأبو الخطَّاب، وابن الجوزي، والمجد، وابن حمدان، وصاحب "الفروع" والرافعي، وابن أبي زيد.

قال في "تحفة الكرام": ونحو ثمانية عشر ميلًا - على ما ذكر الباجي في مقدار ما بين مكة والحديبية - بتخفيف الياء الثانية على الأصوب فيها.

ومنتهاها حدُّ الحرم من جهة جُدة - كما ذكر ابن أبي زيد في "النوادر":

قال الأزرقي: منتهى الحد في هذه الجهة منقطع الأعشاش: جمع عش، وقال القاضي في "أحكامه": منقطع العشائر، وكذا قال في "إعلام الساجد".

* ومن جهة الجعرانة - بسكون العين وتخفيف الراء على الأصوب في ضبطها -: تسعة أميال- بتقديم التاء -: قاله الأزرقي، والقاضي أبو يَعلَى، وأبو الخطَّاب، وابن الجوزي، والمجد، وابن حمدان، وصاحب "الفروع"، والرافعي.

وقيل: بريد: حكاه ابن خليل بصيغة التمريض في شِعْب آل عبد الله بن خالد بن أسْيَد وهو لا يُعرف الآن.

ص: 151

* ومن طريق الطائف على طريق عرفة من بطن نَمِرة: أحد عشر ميلًا، قاله الأزرقي.

* قال في "الفروع": ومن (34/ أ) الطائف: سبعة أميال عند طرف عرفة.

* ومن بطن عُرَنة: أحد عشر ميلًا، و"الفروع": تابع ابن الجوزي، وابن الجوزي: تابع أبا الخطَّاب في نقله الذي نقله في "الهداية" عن ابن القاص.

وقيل: نحو ثمانية عشر ميلًا، ذكره الباجي.

وقيل: تسعة أميال - بتقديم التاء على السين -، ذكره ابن أبي زيد، وابن خليل، وغيرهما.

وقيل: سبعة - بتقديم السين على الباء -، كما ذكره الماوردي، وأبو إسحاق الشيرازي، والقاضي أبو يَعْلَى في "أحكامه"، والرافعي، والنووي، وابن حمدان، لكنه قال: وعرفات والطائف وبطن نمرة: سبعة أميال.

* ومن بطن عرفة: أحد عشر ميلا.

قال في "تحفة الكرام": وفيما قالوه نظر قوي يقتضي عدم استقامة قولهم. وقد جزم جماعة، منهم الرافعي - كما تقدم؛ على أنه من طريق المدينة: على ثلاثة، ومن العراق والطائف: على سبعة، ومن الجعرانة: تسعة، ومن جُدَّة: عشرة.

وعليه بنى الشاعر قوله:

وَللْحَرَمِ التَّحْدِيدُ مِنْ أَرْض طَيْبَةٍ

ثَلَاَثةُ أَمْيَالٍ إِذَا رُمْتَ إِتْقَانَة

وَسَبْعَةُ أَمْيَالِ عِراقٌ وطائف

وَجُدَّةُ عَشْرٌ ثُمَّ تِسْعُ جُعْرَانَة

ص: 152

زاد قاضي (1) القضاة كمال الدين أبو الفضل النويْري، قاضي مكة وخطيبها:

وَمِنْ يمن سَبْعٌ بِتَقْدِيمِ سِينِهَا

وَقَدْ كمُلتْ فاشْكُرْ لِرَبِّك إِحْسَانَهْ

وَقَذ زِيدَ في حَدٍّ لَطائفٍ أَربَعٌ

وَلَمْ يَرْضَ أَهْلُ العِلْم وَالحِفْظِ إِتقَانَهْ

قال كمال الدين الدَّميري، الأوْلى (2) أن يقال:

وَمِنْ يَمَنِ سَبْعٌ بِتَقْديمِ سينِهَا

كَذَلِكَ سَيْل الحِلِّ لَمْ يَعْدُ بُنْيَانَهْ

* لأجل فائدة: وهي أَن سيل الحِلّ لا يدخل الحَرَم. وهذا ذكره الأزرقي، عن عمر ابن الخطَّاب رضي الله تعالى عنه لما؛ بعث أربعة من قريش يحددون أنْصَاب الحرم: وهم مخرمة بن نوفل، وسعيد بن يربوع المخزومي، وحويطب ابن عبد العُزّى، وأزهر بن عبد عوف الزُّهري؛ أمَرَهم أن ينظروا إلى كل وادٍ يصبّ في الحرم، فنصبوا عليه وأعلموه وجعلوه حرمًا. وإلى كل وادٍ يصبّ في الحل فجعلوه حِلًّا (3)، وسيأتي (34/ ب) لهذا مزيد إن شاء الله تعالى في الثالث والسبعين من الخصائص.

* قال ابن سراقة في كتاب "الأعداد والحَرم": في الأرض موضع واحد وهو مكة وحولها، ومساحة ذلك: ستة عشر ميلًا في مثلها، وذلك بريد واحد وثلث في بريد واحد وثلث على التقريب - انتهى.

* وقال أبو القاسم بن خردادبة الخراساني في كتابه "المسالك والممالك": وطول الحرم حول مكة كما يدور: سبعة وثلاثون ميلًا، وهي التي تدور بأنصاب الحرم - انتهى.

(1) في "م"(القاضي).

(2)

في "ق""والأولى".

(3)

"أخبار مكة"(2/، 129130).

ص: 153

* فإن قال قائل: فما السبب في أن بعض حدود الحرم يقرب من مكة، وبعضها بعيد ولم يُجعل على قانون واحد؟

فالجواب من أربعة أوجه (1):

* أحدها:

ما روى سعيد بن جُبيْر عن ابن عباس قال:

لما أُهبط آدم عليه السلام خرَّ ساجدًا يعتذر، فأرسل الله تعالى إليه جبريل عليه السلام بعد أربعين سنة فقال: ارفع رأسك فقد قبلت توبتك، فقال: يارب إنما أتلهَّف على ما فاتني من الطواف بعرشك مع ملائكتك، فأوحى الله تعالى إليه: إني سأنزل لك بيتًا أجعله قِبلة، فأهبط الله تعالى إليه البيت المعمور وكان ياقوتة حمراء يلتهب التهابًا، وله بابان: شرقي وغربي، قد نُظمت حيطانه بكواكب بمض من ياقوت الجنة. فلما استقر البيت في الأرض أضاء نوره ما بين المشرق والمغرب، فنفرت لذلك الجنّ والشياطين وفزعوا فارتقوا في الجو ينظرون من أين ذلك النور فلما رأوه من مكة أقبلوا يريدون الاقتراب إديه، فأرسل الله تعالى ملائكته؛ فقاموا حوالي الحرم في مكان الأعلام اليوم، فمن ثَمَّ ابتدأ اسم الحرم.

* الثاني:

ما رواه وَهب بن منبِّه:

أن آدم عليه السلام لما نزل إلى الأرض اشتد بكاؤه فوضع الله تعالى له خيمة بمكة موضع البيت، وكانت الخيمة ياقوتة حمراء من الجنة وفيها ثلاثة قناديل فيها نور يلتهب من الجنة، فكان ضوء النور ينتهى إلى موضع الحرَم،

(1) انظر "القرى لقاصد أم القرى"(653، 652).

ص: 154

وحرس اللَّه تعالى تلك الخيمة بملائكة، فكانوا يقفون على (35/ أ) مواضع أنصاب الحرم يحرسونه ويذودون سكان الأرض من الجن. فلما قبض اللَّه تعالى آدم عليه السلام، رفعها إليه.

* الثالث:

أن إبراهيم الخليل عليه السلام لمَّا بنى البيت قال لإسماعيل عليه السلام: ابغني حجرًا أجعله للناس آية فذهب إسماعيل عليه السلام ورجع ولم يأتِه بشيء ووجد الركن عنده، فقال: من أين لك هذا؟ قال: جاء به من لم يَكلني إلى حجرك، جاء به جبريل عليه السلام، فوضعه إبراهيم عليه السلام في موضعه هذا، فأنار شرقًا وغربًا ويمينًا وشمالًا، فحرَّم اللَّه تعالى الحرم حيث انتهى نور الركن وإشراقه من كل جانب.

* الرابع:

أن آدم عليه السلام لما أُهبط إلى الأرض خاف على نفسه من الشياطين، فاستعاذ باللَّه تعالى، فأرسل اللَّه تعالى ملائكة حفُّوا بمكة من كل جانب ووقفوا حواليها، فحرّم اللَّه تعالى الحرم من حيث كانت الملائكة وقفت.

قال عبد اللَّه بن عمر: والحرم حرام إلى السماء السابعة.

وقال عطاء: كانوا يرون أن العرش على الحرم (1).

* * *

(1)"القرى"(653).

ص: 155