الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الرابع في فضل السعي إليها
* في الصحيحين، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبيُ قال:"من غدا إلى المسجد أو راح: أعدَّ الله له نُزُله من الجنة - كلما غدا أو راح"(1).
* وروى مسلم في صحيحه، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"من تطهر في بيته ثم مشى إلى بيت من بيوت الله؛ ليقضي فريضة من فرائض الله؛ كانت خطواته: إحداهما تحطُّ خطيئة، والأخرى ترفع درجة"(2).
* وروى ابن الجوزي، بسنده عن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لا يتوضأ أحد فيحسن وضوءَه ويُسبغه ثم يأتي المسجد لا يريد إلا الله تعالى، إلا تبشبش الله تعالى به كما يتبشَّش (3) أهل الغائب بطلعته".
ورواه الإمام أحمد في مسنده، إلا أنه قال:
"ثم يأتي المسجد لا يريد إلا الصلاة فيه"، وباقيه مثله (4).
(1)"البخاري" برقم (622) و"مسلم" برقم (669) من حديث أبي هريرة.
(2)
"مسلم" رقم (666) من حديث أبي هريرة.
(3)
في "ق": "يتبشبش".
(4)
"المسند"(2/ 328، 340، 307). و"ابن ماجه" رقم: (792).
* وروى أبو داود والترمذي، عن أبي ثمامة الخياط (1) قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا خرج أحدكم إلى المسجد فلا يشبِّكن يده فإنه في صلاة"(2).
* * *
(1) كذا بـ"الأصل": "الخياط": بالخاء المعجمة، وصوابه:"الحناط": بالحاء المهملة - كما في "سننن أبي داود" و"التهذيب"(33/ 175).
(2)
"سنن أبي داود" رقم: (562) و"الترمذي" رقم: (386) من حديث كعب بن عجرة وعند الترمذي: عن رجل، عن كعب بن عجرة.
الفصل الخامس في مدلول المسجد (5/ب) لغة وشرعًا
* أما لغة: فهو "مفعِل" بكسر العين: اسم لمكان السجود، وبالفتح: اسم للمصدر.
وقال ابن خطيب الدهشة في "حرف السين" من كتابه: والمسجد: بيت الصلاة، والمسجد أيضًا: موضع السجود من بدن الإنسان، والجمع: مساجد.
فظاهر كلامه؛ أن جبهة المصلي يقال فيها: مسجد، بالكسر، أو يجيء فيها الوجهان على ما يأتي.
* وقال في "الصِّحاح": "والمسجد بالفتح: جبهة الرجل حيث يصيبه السجود".
ثم قال: والمسجِد والمسجَد: واحد المساجد.
قال الفرَّاء: "كل ما كان على فَعَل يفْعُل، مثل: دخل يَدْخُل، فالفعل منه بالفتح، اسمًا كان أو مصدرًا. ولا يقع فيه الفرق، مثل: دخل مدخلًا وهذا مدخله، إلا أحرفًا من الأسماء: ألزموها كسر العين: من ذلك: المسجد والمطلع، إلى أن قال: فجعلوا الكسر: علامة للإسم، وربما فتحه بعض العرب في الاسم. وقد رُوي: مسكِن ومسكَن، وسمعنا المسجِد والمسجَد والمطلِع (1)
(1)"المطلع": سقطت من: "ق".
والمطلَع. قال: والفتح في كلِّه جائز وإن لم تسمعه (1)، انتهى.
فأجرى الفتح مطلقًا ولم يوقفه على السماع.
وقال ابن خطيب الدهشة في خاتمة كتابه؛ لمَّا ذكر "فَعَل" بفتح العين "يفعُل" بضمها، فالفعل بالفتح مطلقًا، نحو: قلع مقلَعًا: أي: قلعًا وهذا مقلعه، أي: موضع قلعه وزمانه. وقعد مقعدًا: أي: قعودًا، وهذا مقعده، إلى أن قال: أما من عند نفسه أو حكاية عن ابن السكِّيت، وشذّ من ذلك أحرف؛ فجاءت بالفتح والكسر، نحو: المسجِد والمرفق والمنبِت والمحشِر والمنسِك والمشرِق والمغرِب والمطلعِ والمسعط والمسكِن والمظِنّه ومجمِع الناس. انتهى.
فعلى هذا؛ هو موقوف على السماع.
وقال أبو حفص عمر بن خلف بن مكي الصقلي في كتاب "تثقيف اللسان": "ويقال للمسجد: مَسيد بفتح الميم، حكاه غير واحد، فتحصل فيه ثلاث (6/ أ) لغات: كسر الجيم وفتحها ومسيد بالياء موضع الجيم.
* وأما شرعًا؛ فقال بعضهم: كل موضع (2) الأرض، لقوله صلى الله عليه وسلم:"جُعلت لىَ الأرض مسجدًا"(3)، وهذا من خصائص هذه (4) الأمة. قاله (5) القاضي عياض.
* وقال ابن حجر في قوله: "جُعلت لي الأرض مسجدًا": أي: موضع
(1) في "ق": نسمعه بالنون.
(2)
في "ق": "من الأرض".
(3)
"البخاري" رقم: (335) من حديث جابر بن عبد الله.
(4)
سقط من: "ق": "هذه".
(5)
في "ق": "قالها".
سجود، لا يُختص السجود منها بموضع دون غيره. ويمكن أن يكون مجازًا عن المكان المبني للصلاة، وهو من مجاز التشبيه؛ لأنه لما جازت الصلاة في جميعها كانت كالمسجد في ذلك.
وقال ابن التِّين: "جُعلت لي الأرض مسجدًا وطهورًا وجعلت لغيري مسجدًا ولم تجُعل له طهورًا"؛ لأن عيسى عليه السلام: كان يسيح في الأرض ويصلي حيث أدركته الصلاة.
قال ابن حجر: كذا قال، وسبقه إلى ذلك: الداودي.
وقيل: إنما أبيح لهم في موضع يتيقنون فيه الطهارة، بخلاف هذه الأمة، فأبيح لها في جميع الأرض إلا ما تيقن نجاسته.
والأظهر؛ ما قاله الخطّابي، وهو: أن مَنْ قَبْلَه إنما أُبيحت لهم الصلاة في أماكن مخصوصة كالبِيَع والصوامع.
* ويؤيده: رواية عمرو بن شعيب، بلفظ:
"وكان مَنْ قبلي إنما كانوا يصلون في كنائسهم"(1).
وهذا نص في موضع النزاع؛ فثبتت الخُصوصية.
* ويؤيده: ما أخرجه البزار، من حديث ابن عباس، نحو حديث الباب:
وفيه: "ولم يكن أحد من الأنبياء يصلي حتى يبلغ محرابه"(2). انتهى كلام ابن حجر.
* قلت: يُستثنى من قوله صلى الله عليه وسلم: "جُعلت لىَ الأرض مسجدًا": المواطن
(1)"المسند"(2/ 222).
(2)
"فتح الباري"(1/ 576).
المنْهيّ عن الصلاة فيها؛ لأدلَّة خاصة، كالمزبلة، والمقبرة، ومعاطن الإبل، وقارعة الطريق، والمجزرة، والحمام، والحشّ (1).
ولما كان السجود أشرف أفعال الصلاة؛ لقرب العبد فيه من ربه عز وجل: اشتُق اسم المكان منه ولم يقولوا مركع.
* واعلم؛ أن العُرف: خصص المسجد بالمكان المهيأ للصلوات الخمس حتى يخرج المصلَّى المجتَمَع فيه للأعياد ونحوها؛ فلا يُعطَى حكمه، وكذلك الرُّبُط والمدارس (6/ ب)؛ لأنها هُيِّئت لغير ذلك.
* * *
(1) رواه الترمذي رقم: (346) وابن ماجه رقم: (746) من حديث ابن عمر.
وقال الترمذي: حديث ابن عمر إسناده ليس بذلك القوي، وقد تكلم في زيد بن جبيرة من قبل حفظه.