الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الباب الخامس في ذكر كسوة الكعبة، زادَها الله شرفًا:
* روى الأزرقي بسنده إلى أبي هريرة: أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن سب أسعد الحِمْيري وهو تُبَّع، وكان أول مَن كَسا الكعبة. وقال جماعة من أهل العلم: كان قد رأى في المنام أن يكسوها فكساها الأنطاع (1)، ثم أُريَ أنْ اكْسها فكساها الوصائل- ثياب حِبرَة من عُصَب اليمن (2).
* وروى عبد الرزاق عن ابن جريْج قال: بلغنا أن تبَّعًا أول من كَسا الكعبة الوصائل فسُتِّرت بها.
قال: وزعم بعض علمائنا أن أول مَن كَسا الكعبة إسماعيل عليه السلام (3).
وحكى الزبير بن بكَّار عن بعض علمائهم: أن عدنان أول من كسا الكعبة أو كُسيَتْ في زمنه.
* وحكى البلاذُري: أن أول مَن كساها الأنطاع عدنان بن إدٌ، فلما نشأ أبو زمعة ابن المغيرة قال أنا أكسو وحدي الكعبة سنة وجميع قريش سنة، وكان يأتي بالحبِرة الجيدة فيكسوها إلى أن مات فسمَّته قريش:"العِدل"؛ لأنه عدل فعله بفعل قريش كلها.
(1) الأنطاع: جع نطع بساط من الأديم "اللسان" و"القاموس" مادة: "نطع".
(2)
"أخبار مكة"(1/ 249).
(3)
"المصنف": (5/ 89).
* وروى الواقدي عن إبراهيم بن أبي ربيعة قال: كُسِي البيت في الجاهلية الأنطاع ثم كساه رسول الله صلى الله عليه وسلم الثياب اليمانية، ثم كساه عمر وعثمان القباطي، ثم كساه الحجَّاج الديباج.
وقد ذكر ابن إسحاق وتابعه (1) ابن هشام: أن أول مَن كساها (14/ ب) الديباج: الحجَّاج.
* وروى عبد الرزاق بسنده: أن أول من كساها الديباج عبد الله بن الزبير (2). وقاله الزبير النسَّاب.
وروى عبد الرزاق أيضًا: أن النبي صلى الله عليه وسلم كساها القباطي والحبرات وأبو بكر وعمر وعثمان. وأول مَن كساها الديباج عبد الملك بن مروان (3).
ونقل الفاكهي شيئًا؛ يدل على أن خالد بن جعفر بن شهاب أول مَن كساها الديباج (4)، وقاله الماوردي.
* وروى الدارقطني في "المؤتلف": أن أول مَن كَسا الكعبة الديباج: نُتيْلة بنت خبَّاب والدة العباس بن عبد المطلب (5).
وذكر بعضهم: أن أول مَن كساها الديباج: يزيد بن معاوية، وقدم الأزرقي الحجاج، قال: ويقال: يزيد بن معاوية، ويقال: ابن الزبير، ويقال: عبد الملك ابن مروان (6).
(1) في "ق""وتبعه".
(2)
"المصنف": (5/ 89).
(3)
"المصنف"(5/ 89).
(4)
"أخبار مكة"(5/ 230)، وانظر "فتح الباري"(3/ 536)، "شفاء الغرام"(1/ 121).
(5)
"المؤتلف والمختلف"(1/ 466).
(6)
"أخبار مكة"(1/ 253).
فحصلنا في أول مَن كساها مطلقًا على ثلاثة أقوال:
إسماعيل عليه السلام أو عدنان أو تُبَّع، وهو: أسعد. وجمع بعضهم بين الأقوال؛ على تقدير ثبوتها: بأن إسماعيل عليه السلام أول من كساها مطلقًا، وأما تبع: فأول من كساها ما ذُكر، وأما عدنان: فلعلَّه أول مَن كساها بعد إسماعيل.
* وحصلنا في أول مَن كساها الديباج على ستة أقوال ترجع إلى خمسة: الحجَّاج أو عبد الملك والحجَّاج من جهة عبد الملك، فهما قول. أو ابن الزبير أو نتيلة أم العباس أو يزيد بن معاوية أو خالد بن جعفر.
وذكر الفاكهي: أن أول مَن كساها الديباج الأبيض: المأمون بن الرشيد. واستمر بعده (1). وأول من خلق جوف الكعبة ابن الزبير (2).
وروى ابن أبي نجيح، عن أبيه: أن عمر بن الخطَّاب رضي الله تعالى عنه كَسا الكعبة القباطي من بيت المال (3).
وأجرى لها معاوية رضي الله عنه وظيفة الطِّيب كل صلاة وبعث إليها عبيدًا يخدمونها (4).
* وذكر الأزرقي: أنها كانت تُكسى كل سنة كُسوتين: كسوة ديباج وكسوة قباطي، فأما الديباج فتكساه يوم التروية، فيعلَّق القميص ويدلَّى (15/أ)
(1)"أخبار مكة"(5/ 233)، "فتح الباري"(3/ 536)، "تاريخ الخلفاء" للسيوطي (ص: 328).
(2)
"أخبار مكة" للأزرقي (1/ 253).
(3)
"أخبار مكة" للأزرقي (1/ 253).
(4)
"أخبار مكة" للأزرقي (1/ 254).
ولا يخاط، فإذا صدر الناس من منى خُيِّط القميص وترك الإزار حتَّى يذهب الحاج لِئلا يخرقوه، فإذا كان العاشور عُلِّق الإزار فُوصل بالقميص، فلا تزال هذه الكسوة الديباج عليها حتَّى يوم سبع وعشرين من شهر رمضان فتكسى القباطي للفِطْر، فلما كانت خلافة المأمون رُفع إليه أن الديباج يبلى ويتخرَّق قبل أن يبلغ الفطر ويرقَّع حتَّى يسمج فسأل مبارك الطبري مولاه، وهو يومئذ على بريد مكة وصوافيها: في أي الكسوة الكعبة أحسن؟ فقال له: في البياض، فأمر بكسوة من ديباج أبيض. فعملت سنة ست ومائتين وأرسل بها إلى الكعبة.
فصارت الكعبة تُكسى ثلاث كسىً: الديباج الأحمر يوم الترْوية، والقباطي يوم هلال رجب، والديباج الأبيض الَّذي أحدثه المأمون يوم سبع وعشرين من شهر رمضان للفطر، فهي تكسى إلى اليوم ثلاث كسىً.
* ثم رُفع إلى المأمون: أن إزار الديباج الأبيض يتخرَّق في أيام الحج من مسِّ الحاج قبل أن يخاط عليها إزار الديباج الأحمر، الَّذي يخاط في العاشور، فبعث بفضل إزار ديباج أبيض تُكساه يوم التروية أو يوم سابع فيستر به ما تخرَّق من الإزار الَّذي كسيته للفطر إلى أن يُخاط عليها إزار الديباج الأحمر.
* ثم رُفع إلى المتوكل: أن إزار الديباج الأحمر يَبلى قبل هلال رجب من مسّ الناس وتمسُّحِهم بالكعبة، فزادها إزارين مع الإزار الأول، وأذيل قميصها الديباج الأحمر، حتَّى بلغ الأرض ثم جعل الإزار فوقه: كل شهرين إزار، وذلك في سنة: أربعين ومائتين. ثم كَتَبَت الحَجَبة إليه: إزارًا واحدًا (1) مع ما أذيل من قميصها يجزيها، فصار يبعث بإزار واحد (2).
(1) في "ق""ازار واحد".
(2)
"أخبار مكة" للأزرقي (1/، 255256).
* وكسيت في أيام الفاطميين الديباج الأبيض، وكساها محمود بن سبكتكين: ديباجًا أصفر، وكساها الناصر العباسي: ديباجًا أخضر، ثم كساها: ديباجًا أسود، فاستمر إلى الآن. (15/ ب) ولم تزَل الملوك يتداولون كسوتها إلى أن وقف عليها الصالح إسماعيل بن الناصر- رحمه الله في سنة نيّف وخمسين وسبعمائة (1) قرية بنواحي القاهرة (2).
* قال الزركشي الشافعي في كتابه "إعلام الساجد": أول مَن اتخذ لها غَلَقًا: عبد المطلب، بابًا من حديد من تلك الأسياف (3).
قلت: غَفَل عن ما ذكره الأزرقي عن تُبَّع: أنه لما كَسا الكعبة جعل لها بابًا يغلق بضبَّة فارسية وذكر في موضع آخر أنه جعل لها بابًا يغلق.
وقال أسعد في ذلك:
وكسونا البيت الَّذي حرَّم الله
…
ملاءً معضدًا وبرودا
وأقمنا به من الشهر عشرًا
…
وجعلنا لبابه إقليدا
وخرجنا منه يؤم (4) سهيْلا
…
قد رفعنا لواءنا معقودا (5)
وهذا هو تُبَّع الثالث كما ذكره الأزرقي وغيره. مع أن الزركشي؛ قد ذكر من قصة تُبَّع هذا قطعة قُبيل هذا بيسير (6).
(1) في "فتح الباري"(3/ 537): في سنة ثلاث وأربعين وسبعمائة.
(2)
انظر: "فتح الباري" لابن حجر (3/ 537) وذكر فيه اسم القرية يقال لها "بيسوس".
(3)
"إعلام الساجد"(ص: 52).
(4)
في "ق""نؤم" وكذا في "أخبار مكة" للأزرقي.
(5)
"أخبار مكة" للأزرقي (1/ 250).
(6)
"إعلام الساجد"(ص: 51).
وذكر الزركشي عن ابن قتيبة أن هذه القصة كانت قبل الإسلام بسبعمائة سنة (1).
وذكر الأزرقي: أنه كان في أول زمان قريش.
وذكر الأزرقي، عن ابن جريْج في قصة تُبَّع: أنه جعل لها بابًا ولم تكن تغلق قبل ذلك (2).
وقال الزبير بن بكَّار والسهيلي: أول مَن بوَّبها: أنوش بن شيث بن آدم.
وقيل: إن جُرْهمًا بوَّبته، ذكَره الفاكهي (3).
* * *
(1)"إعلام الساجد"(ص: 51).
(2)
"أخبار مكة"(1/ 250).
(3)
"أخبار مكة"(5/ 225).