الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الباب التاسع عشر في ذكر الشرب من ماء زمزم والوضوء والغُسل وإزالة النجاسة به:
* ذكر الأزرقي عن وَهب بن منبِّه أنه قال عن زمزم: "والذي نفسي بيده إنها لفي كتاب الله تعالى طعام طُعْم وشفاء سُقْم"(1).
وروى الطبراني عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "خير ماء على وجه الأرض ماء زمزم فيه طعام من الطُّعم وشفاء من السُّقم"(2).
وذكر شيخ الإسلام سراج الدين البلقيني: أن ماء زمزم أفضل من الكوثر؛ لأن به غُسل قلب النبي صلى الله عليه وسلم ولم يكن يغسل أفضل القلوب إلا بأفضل المياه.
قال (25/ ب) بعض الأعيان: الحكمة في غسل قلب النبي صلى الله عليه وسلم ليلة المعراج بماء زمزم ليقوى على رؤية ملكوت السموات والأرض والجنة والنار، لأن من خواص ماء زمزم أن يقوِّي القلب ويسكّن الروع، والله أعلم.
* وذكر الأزرقي بسنده إلى جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ماء زمزم لما شُرب له (3).
(1)"أخبار مكة"(2/ 49).
(2)
"المعجم الكبير"(11/ 98) رقم 11167.
(3)
"أخبار مكة"(2/ 52) و"المسند"(3/ 357) و"سنن ابن ماجه"(3062).
* ويُستحب لمن شرب من ماء زمزم أن يكثر منه؛ فقد روى (1) ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "التضلُّع من ماء زمزم براءة من النفاق" ذكره الأزرقي (2).
واختلف العلماء؛ هل يُكره الوضوء والغُسْل من ماء زمزم. فعند الأكثرين: لا يكره، وعن أحمد روايتان: إحداهما كذلك، والأُخرى يُكره.
قال ابن الجوزي: لقول العباس: "لا أحلِّها لمغتسل، لكن لشارب حِلٌّ وَبِلٌّ (3).
وقال ابن الزاغوني: لا يختلف المذهب أنه يَنهى عن الوضوء به لقول العباس لا أحلِّها لمغتسل وهي لشارب حلٌّ وبلٌّ.
واختُلف في السبب الذي لأجله ثبت النهي على طريقين:
أحدهما: أنه اختيار الواقف وشرطه وهو قول العباس المتقدم وهذا كما لو سبَّل ماء للشرب هل يجوز الوضوء به مع الكراهة أو يحرم؟ على وجهين؛ ولأجل هذا: جاء وجه في الوضوء بالتحريم.
والثانية: أن سببه الكرامة والتعظيم:
فإن قلنا: إن ما ينحدر من أعضاء المتوضّئ طاهر مطهِّر كمذهب مالك: لم يكره.
وإن قلنا: إنه طاهر غير مطهِّر: كره.
(1) في "ق""رُوي عن ابن عباس".
(2)
"أخبار مكة" للأزرقي (2/ 52)، و"أخبار مكة" للفاكهي (2/ 28)، وعبد الرزاق في "المصنف"(5/ 112 - 113)، والدارقطني (2/ 288).
(3)
"مثير العزم الساكن إلى أشرف الأماكن"(2/ 50).
وإن قلنا: إنه نجس كمذهب الحنفية: حرم.
وقيل: يكره الغسل دون الوضوء، واختاره أبو العباس؛ لأن حدث الجنابة أغلظ وهي تجري مجري إزالة النجاسة من وجه، ولهذا عمَّت البدن كله، ولأن العباس إنما حَجَزها (1) عن الغُسْل خاصة.
وأما إزالة النجاسة به فهل يحرم أم لا، أم يحرم حيث تنجس؟ في المسألة: ثلاثة أقوال، وقال بالكراهة: الروياني من الشافعية، وبالتحريم: المحب الطبري (2)، وكذا الماوردي؛ لكنه خصَّه بالاستنجاء.
* * *
(1) في "ق، س": "حجرها".
(2)
"القرى لقاصد أم القرى"(ص: 490).