الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الباب الثالث والعشرون في ذكر حال انتهاء البيت:
* روى البخاري في صحيحه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "يخرِب الكعبة ذو السويْقتين من الحبشة"(1).
وفي رواية له: "كأني به أسود أفحج (2) يقلعها حجرًا حجرًا"(3).
* وروى أحمد عن أبي هريرة: "يبايَع لرجل بين الركن والمقام، ولن يَستحلّ هذا البيت إلَّا أَهلُه، فإذا استحلوه فلا تسأل عن هلَكَةِ العرب، ثم تجيء الحبشة فيخرِبونه خرابًا لا يعمَر بعده أبدًا. وهم الذين يستخرجون كنزه"(4).
* ورُوي أيضًا عن عبد الله بن عمرو مرفوعًا: "فيسلبها حُلِيَّها ويجرِّدها من كُسوتها كأني أنظر إليه أصلع فَيْدَع، يضرب عليها بمِسْحاته أَو بِمِعْوله"(5).
* واختلف الناس متى بكون ذلك:
* فذكر الحليمي في "منهاجه": أن ذلك يكون في زمن عيسى عليه
(1) رواه "البخاري"(1596)، و"مسلم"(2909) من حديث أبي هريرة.
(2)
في "م""فحج".
(3)
"البخاري"(1595) من حديث ابن عباس بلفظ "أفحج".
(4)
رواه "أحمد"(2/ 291 - 312 - 238 - 351).
(5)
رواه "أحمد"(2/ 220).
السلام، وأن الصريخ يأتيه بأن ذا السويْقتين وأصحابه قد ساروا إلى البيت لهدمه، فيبعث إليه عيسى عليه السلام طائفة ما بين الثمان إلى التسع.
* وقال القرطبي: الصحيح أن خرابه يكون بعد رفع القرآن من الصدور والمصاحف (1)، وبه جزم السهيلي، وذلك: بعد موت عيسى عليه السلام.
ويوافق الأول ما في كتاب "الملاحم والفتن" لنعيم بن حماد من حديث عبد الله بن عمر: "وتخرج الحبشة بعد نزول عيسى عليه السلام فيبعث عيسى عليه السلام (2) طليعة فيُهزَمون، وفي رواية، يهُدَم مرتين وُيرفع الحجر في الثالثة".
* وذكر ابن بطَّال في "شرح البخاري": أن تخريب الحبشة يحصل، ثم تعود حُرمتها ويعود الحج إليها. واحتجّ بما رواه البخاري من حديث أبي سعيد قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ليحجَّنّ البيت وليعتمرن بعد خروج يأجوج ومأجوج"(3).
ورُوي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال، قال الله تعالى:"إذا أردت أن أخرب الدنيا بدأت ببيتي فخربته، ثم أخرِب الدنيا على أثره".
وقال الحاكم في "مستدركه": يمكن أن يُحَج وُيعتمر بعد ذلك، ثم ينقطع الحجّ بمرّة (4).
قلت: ما صحَّحه القرطبي ظاهر، وهو موافق لرواية الإمام (5) أحمد
(1)"التذكرة في أحوال الموتى وأمور الآخرة"(2/ 707).
(2)
"السلام" سقطت من "م".
(3)
رواه "البخاري"(1593).
(4)
"المستدرك"(4/ 453).
(5)
"الإمام" سقطت من "ق".
المتقدمة، ولا يُعَمَّر بعده أبدًا، فإن هذا، والله أعلم، لا يكون إلَّا قرب قيام الساعة حيث لا يبقى في الأرض أحد يقول: الله الله.
* قال القرطبي: لا تَعارُض بين هذا وبين قوله تعالى: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا} (1) لأن تخريب الكعبة إنما يكون عند خراب الدنيا، ولعله يكون في الوقت الذي لا يبقى إلَّا شِرار الخلق فيكون حَرَمًا آمنًا مع بقاء الدين وأهله، فإذا ذهبوا ارتفع ذلك المعنى.
ولو قيل في الجواب: على أنه يُحمل ذلك على الأعمّ الأغلب من أحواله لَمَا كان بعيدًا، وإن كان قد وُجد الخوف فيه في أيام يزيد والقرامطة، فإنه شيء يسير نادر منْغَمر في الأعمِّ الأغلب.
* فإن قيل: ما السر في حراسة الكعبة من الفيل ولم تحرس في الإسلام من الحجَّاج والقرامطة وذي السويْقتين؟ !
فالجواب؛ كما قال أبو الفرج إن حَبْس الفيل كان من إعلام نبوَّة رسول (29 / أ) الله صلى الله عليه وسلم ودلائل رسالته ولتأكُد الحجة عديهم بالأدلَّة التي شوهدت بالبصر، مثل الأدلَّة المرئيَّة بالبصائر.
* * *
(1)"العنكبوت"(آية: 67).