الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل
* وأما أخْذه؛ فذكر أهل التاريخ أن عدوَّ الله أبا طاهر القرمطي وافى مكة في سابع ذي الحجة وقيل في ثامنه سنة سبع عشرة وثلاثماثة وفعل فيها هو وأصحابه أمورًا منكرة، منها: أن بعضهم ضرب الحجر افي سود بدبُّوس فكسره ثم قلَعه، وقيل قلَعه جعفر بن علاج البنَّاء بأمر أبي طاهر يوم الاثنين بعد الصلاة لأربع عشرة خلت من ذي الحجة. وذهب به معه إلى بلاده هَجَر. وبقي موضعه خاليًا يضع الناس فيه أيديهم للتبرّك إلى حين رُدَّ إلى موضعه من الكعبة المعظَّمة وذلك يوم الثلاثاء يوم النَّحر من سنة تسع وثلاثين وثلاثمائة على ما ذكر المسبحي (1) وذكر أن الَّذي وافى به مكة سُنَين بن الحسن القرمطي.
وذكر بعضهم: أن القرامطة قلعوا الحجر والباب وأصعدوا رجلًا لقلع الميزاب فتردَّى على رأسه وأخذوا أسلاب (2) مكة والحاج وألقوا القتلى في زمزم.
وهلك تحت الحجر من مكة إلى الكوفة أربعون جملًا فعلَّقه لعنه الله على الإسطوانة السابعة من جامع الكوفة (17/ ب) إلى الجانب الغربي؛ ظنًّا منه: أن الحج ينتقل إلى الكوفة.
* قال ابن دحية، ثم حُمِل الحَجَر إلى هَجَر سنة سبع عشرة وثلاثمائة.
(1) في "م س""المستحي" وفي "ق""المُسبِّحي".
(2)
أسلاب: جمع سلب وهو لباسها (اللسان) مادة: "سلب".
وبقي عند القرامطة اثنين وعشرين سنة إلا شهرًا، ثم رُدَّ لخمس خَلَوْن من ذي الحِجَّة سنة تسع وثلاثين وثلاثمائة.
وكان حَكَم التركي بذل لهم في ردِّه خمسين ألف دينار فلم يفعلوا وقالوا: أخذناه بأمر ولا نرده إلَّا بأمر.
* وقيل: إنهم باعوه من الخليفة المقتدر بثلاثين ألف دينار. ولما أرادوا تسليمه، أشهدوا عليهم أنهم تسلَّموا الحجر الأسود، وقالوا لهم بعد الشهادة: "يا مَن لا عقل لهم، مَن علم منكم أن هذا هو الحجر الأسود ولعلنا أحضرنا حجرًا أسود من هذه البرية عوضه، فسكت الناس، وكان فيهم عبد الله بن عكيم المحدّث، فقال لنا في الحجر الأسود علامة، فإن كانت موجودة: فهو هو؛ وإن كانت معدومة: فليس هو، ثم رفع حديثًا غريبًا أن الحجر الأسود يطفو على وجه الماء ولا يسخن بالنار إذا أوقدت عليْه، فأحضر القرمطي طستًا فيه ماء ووضع الحجر فيه فطفى على الماء، ثم أوقدت عليه النار فلم يحس بها فمدَّ عبد الله المحدِّث يده وأخذ الحجر وقبَّله وقال: أشهد أنه الحجر الأسود، فتعجَّب القرمطي من ذلك، وقال: هذا دين مضبوط بالنقل. وأُرسل الحَجَر إلى مكة.
* قال ابن دحية: عبد الله بن عكيم هذا لا يعرف، والحجر الأسود جلْمدًا (1) لا تخلَّل فيه. والذي يطفو على الماء يكون فيه بعض التخلل كالخفاف وشبهه. قال وللحجر الأسود علامات غير ذلك، وعرضه وطوله معلوم عند جميع من ألَّف في أخبار مكة ولا يمكن التدليس فيه والنقطة البيضاء التي فيه من أكبر العلامات.
(1) جلمد: الجلمد بالفتح، والجلمود: الصَّخْر "مختار الصحاح". وفي "ق""جلمد".
قلت: ولقد شاهدت في سنة خمس وسبعين وثمانمائة وقد ذهبت تلك النقطة البيضاء منه.
* وذكر الذهبي: أنه هلك تحته لما حُمِل إلى هَجَر أربعون جملًا، فلما أعيد حُمل على قَعُود هزيل فسمِن.
وقيل: هلك تحته لما حُمل (18/أ) إلى هجر ثلاثمائة بعير، وقيل: خمسمائة بعير. والله تعالى أعلم! ..
* * *