الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الباب السادس في سدانة البيت:
السِدّانة: بكسر السين هي الخدمة.
وكان عُمَر رضي الله عنه يقول لقريش إنه كان ولاة هذا البيت قبلكم طسم فاستخفُّوا بحقه واستحلُّوا حرمته فأهلكهم الله عز وجل.
* قال أهل السِّيَر: لما استخفَّت جرهم بحقه شرَّدهم الله تعالى، ووَلِيَتْه خزاعة ثم وَليَه بعد خزاعة قُصىَ بن كلَّاب، ووَلي حجابة الكعبة (1) وأمْرَ مكة، ثم أعطى ولده عبد الدار السدانة (2)، وهي الحجابة واللواء ودار الندوة، وسميت دار الندوة؛ لاجتماع الندا فيها، وهم الأشراف يجلسون لإبرام أمورهم ومشاورتهم. وأعطى عبد مناف الرِّفادة (3)(16/أ) والسقاية (4). ثم جعل عبد الدار الحجابة إلى ابنه عثمان، ولم يزل الأمر ينتقل إلى أولاده حتَّى ولي الحجابة عثمان بن طلحة.
قال عثمان: كنا نفتح الكعبة يوم الاثنين والخميس، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم
(1) الحجابة: سدانة الكعبة، وتولي حفظها، وهم الذين بأيديهم مفاتيحها "اللسان"، مادة:"حجب".
(2)
السدانة: خدمة الكعبة. والسادان: خادمها "مختار الصحاح".
(3)
الرفادة: شيء كانت قريش تترافد به في الجاهلية، فيخرج كل إنسان مالًا عظيمًا أيام الموسم: فيشترون به للحجاج .. الطعام .. حتَّى ينقضي موسم الحج "اللسان"، مادة:"رفد".
(4)
السقاية: سقاية الحاج الشراب "اللسان"، مادة:"سقى".
يومًا يريد أن يُدخل جمع الناس، فنلت منه (1)، وحلُم عني، ثم قال: يا عثمان لعلَّك سترى هذا المفتاح يومًا بيدي أضعه حيث شئت، فقلت لقد هلكت قريش يومئذ وذلَّتْ، قال بل عزَّت. ودخل الكعبة ووقعت كلمته مني موقعًا ظننت أن الأمر سيصير إلى ما قال وأردت الإسلام فإذا قومي يزبرونني زبرًا (2) شديدًا. فلما دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة عام القضية غيّر الله قلبي ودخلني الإسلام ولم يعزم لي أن آتيه حتَّى رجع إلى المدينة، ثم عزم لي الخروج إليه فأدلجت (3)، فلقيت خالد بن الوليد، فاصطحبنا فلقينا عمرو بن العاص، فاصطحبنا، فقدمنا المدينة فبايعته وأقمت معه حتَّى خرجت معه في غزوة الفتح، فلما دخل مكة، قال يا عثمان إيتَ بالمفتاح، فأَتيته به، فأخذه مني، ثم دفعه إلىَّ، فقال:"خذوها يا بني أبي (4) طلحة خالدة تالدة (5) لا ينزعها منكم إلَّا ظالم (6) ".
وقال ابن عباس: لما طلب رسول الله صلى الله عليه وسلم المفتاح من عثمان، فهمَّ أن يناوله إياه، فقال له (7) العباس بأبي وأمي، اجمعه لي مع السِّقاية. فكفَّ عثمان يده مخافة أن يعطيَه العباسَ بن عبد المطلب، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أرِني المفتاح إن كنت تؤمن بالله واليوم الآخر، فقال هاكه يا رسول الله بأمانة الله. فأخذ المفتاح وفتح البيت، فنزل جبريل عليه السلام بقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ
(1) فنلت منه: أي أصبت منه.
(2)
زبر: الزَّبْر: الزَّجْر والانتهار. "مختار الصحاح".
(3)
أدلج: سار من أوَّل الليل. "مختار الصحاح".
(4)
"أبي" لا توجد في "ق" وكذا "المعجم الكبير".
(5)
تالد: كل مال قديم من حيوان وغيره يورث عن الآباء "اللسان"، مادة:"تلد".
(6)
"معجم الطبراني الكبير"(11/ 120) من حديث ابن عباس.
(7)
"له" سقطت من "ق".
تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} (1)، ثم لم يزل عثمان يلي فتح البيت إلى أن توفى فدفع ذلك إلى شيبةَ بن عثمان بن أبي (2) طلحة وهو ابن عمه، فبقيت الحجابة في ولَد شيبة (3).
* * *
(1)"النساء"[آية: 58].
(2)
"أبي" سقطت من "ق".
(3)
"الدر المنثور"(2/ 570).