الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الباب السابع عشر في صفة قبر النبيُّ وقبر صاحبيه رضي الله عنهما:
* ذكر ابن بطة في "الإبانة": صفة القبور، فذكر بسنده إلى عائشة رضي الله عنها أنها وصفت قبر النبي صلى الله عليه وسلم وقبرَى أبي بكر وعمر رضي الله عنهما. وهذه القبور في سهوة في بيت عائشة رضي الله عنها؛ ورأس النبي صلى الله عليه وسلم ممَّا يلي المغرب، وقبر أبي بكر رضي الله عنه رأسه عند رجلىْ النبي صلى الله عليه وسلم، وقبر عمر رضي الله عنه خلْف أبي بكر. وبقي ثمَّ موضع قبر.
وهذه صفة قبورهم على وصف أبي أوْيس عن يحيى بن سعيد عن عَمرة عن عائشة.
قال الشيح: "السهوة": هي الصُّفَّة، وفيها قبورهم.
* هذه هي صفة السهوة من الحجرة وصفة القبور فيها على ما ورد في هذا الحديث، والله أعلم:
محمد صلى الله عليه وسلم
…
الحجرة
أبو بكر
…
السهوة
عمر
* ذكر بسنده؛ صفة أخرى عن رجاء بن حَيْوَة (1)، وأن رأس أبي بكر
(1) في "م": "جابر بن جعوة"، وفي "س":"جابر بن حيوة"، وانظر كتاب "الشريعة" للأجري (5/ 2391).
رضي الله عنه عند وسط النبي صلى الله عليه وسلم. ورأس عمر رضي الله عنه عند وسط أبي بكر رضي الله عنه. انتهى.
فعلى هذا تكون صفتهم هكذا:
النبي صلى الله عليه وسلم
أبو بكر
عمر
* ذكر ابن بطة أيضًا صفة أخرى؛ من رواية ابن مخلد بسنده إلى غنيم ابن بسطام (1) المدائني قال: رأيت قبر النبي صلى الله عليه وسلم لما قدِم (2) عمر بن العزيز، (72/ب) فرأيت قبر النبي صلى الله عليه وسلم مرتفعًا نحوًا من أربع أصابع عليه حتَّى إلى الحُمْرة ما هي (3). ورأيت قبر أبي بكر رضي الله عنه وراء قبر النبي صلى الله عليه وسلم أسفل منه. ورأيت قبر عمر رضي الله عنه وراء قبر أبي بكر رضي الله عنه أسفل منه.
ووصفه لنا ابن مخلَّد في هذا الحديث بالخط على هذا الشكل:
النبي صلى الله عليه وسلم
أبو بكر
عمر
(1)"غنيم بن بسطام" كذا في جميع النسخ، وفي كتاب "الشريعة" للأجرى (5/ 2391):"عشيم بن بسطام"، وقال المحقق: الصواب "ابن نسطاس" كما في كتب التراجم، وفي "الدرة الثمينة" (ص: 212): "عثمان بن نسطاس".
(2)
"قدم" كذا في جميع النسخ، وفي كتاب "الشريعة" للأجري، وفي "الدرة الثمينة":"هدم عمر ابن عبد العزيز عنه البيت".
(3)
"ما هي" كذا في جميع النسخ، وفي كتاب "الشريعة"، وفي "الدرة الثمينة":"مائلة".
* ذكر صفة أخرى، من رواية القاسم بن محمد أنَّه قال: دخلت على عائشة رضي الله عنها فقلت: يا أمَّه! اكشفي لي عن قبر النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبيه فكشفت لي عن ثلاثة قبور، لا مشرفة ولا لاطِيَة، مبطوحة ببطحاء العرصة الحمراء، قال: فرأيت قبر النبي صلى الله عليه وسلم مقدَّمًا وقبر أبي بكر رضي الله عنه عند رأسه، وقبر عمر رضي الله عنه عند رجل النبي صلى الله عليه وسلم.
قال عمرو بن عثمان: فوصف لي القاسم قبورهم:
قبر النبي صلى الله عليه وسلم
قبر أبي بكر رضي الله عنه
…
قبر عمر رضي الله عنه
* وساقه من طريق آخر، عن القاسم كذلك، إلَّا أنَّه قال فيه: فرأيت قبر النبي صلى الله عليه وسلم مقدّمًا وأبا بكر عند رأسه: رِجْلاه بين كتفىْ النبي صلى الله عليه وسلم، وعمر عند رجلَي النبي صلى الله عليه وسلم.
* ذكر هذه الصفة؛ من طريق آخر عن مِصعب بن الزبير، وزاد بعد أن مثَّل قبورهم، قال إبراهيم الحربي: فرِجْلا عمر رضي الله عنه تحت الجدار. انتهى.
* قلت: قد روى حديث القاسم الذي تقدم أبو داود والحاكم على غير الصفة المتقدمة؛ فإنهما رويا: أنها كشفت عن ثلاثة قبور لا مشرِفة ولا طية مبطوحة ببطحاء العرصة الحمراء، زاد الحاكم: فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم مقدَّمًا وأبا بكر رأسه بين كتفَىْ النبي صلى الله عليه وسلم وعمر رأسه عند رجلَىْ النبي صلى الله عليه وسلم.
(73/ أ) وذكر ابن الجوزي في "مثير العزم الساكن" ثلاث صفات:
إحداها: التي نقلها ابن بطة عن القاسم.
والثانية: التي نقلها عن رجاء بن حَيْوَة.
والثالثة: التساوي؛ وهذه صفتها:
النبي صلى الله عليه وسلم
أبو بكر رضي الله عنه
عمر رضي الله عنه
قال ابن الجوزي: واختُلف في قبره: هل هو مسنَّم أو مسطَّح؛ فَرُوي الوصفان جميعًا. انتهى (1).
والتسنيم أفضل؛ عند أبي حنيفة ومالك وأحمد والمُزَني وكثير من الشافعية.
وفي البخاري، عن سُفيان التمَّار أنَّه قال: رأيت قبر النبي صلى الله عليه وسلم مُسَنَّمًا (2).
وزاد أبو (3) نعيم في "المستخرج": وقبر أبي بكر وعمر رضي الله عنهما كذلك.
ومنصوص الشافعي: التسطيح أفضل.
وفي مسلم: من حديث فضالة بن عبيْد أنَّه أمر بقبر فسُوِّي ثم قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر بتسويتها (4).
* روى ابن بطَّة بسنده إلى حبيان بن ثابت رضي الله عنه، أنَّه قال في النبيُّ وفي أبي بكر وعمر رضي الله عنهما:
ثلَاثَةٌ بَرَزُوا بِفَضْلِهِمُ
…
نَضَّرَهُمْ رَبُّهُمْ إذَا نُشِرُوا
(1)"مثير العزم الساكن"(2/ 291 - 292).
(2)
"البخاري"(1395).
(3)
سقطت "أبو" من "م".
(4)
"مسلم"(968) من حديث فضالة بن عبيد رضي الله عنه.
فَلَيسَ مِنْ مُؤْمِنٍ لَهُ بَصَرٌ
…
يُنْكِرُ تفْضِيلَهُمْ إذا ذُكِرُوا
عَاشُوا بِلَا فُرْقَةٍ ثلَاثَتُهُمْ
…
وَاجْتَمَعُوا في المَمَاتِ إذْ قُبِرُوا
* قال ابن بطة: قال لي أبو بكر محمد بن الحسين: سألت أبا بكر أحمد بن غزال - قال أبو بكر: وكان ابن غزال من أهل السِّيَر وأهل القرآن والنحو والأدب، وكان من جلساء أبي بكر بن الأنباري - أن يُنشدني، فأنشدني شيئًا في دفن أبي بكر وعمر رضي الله عنهما مع النبي صلى الله عليه وسلم فأنشدني:
أَلا إنَّ النَّبِيِّ وَصَاحبَيْهِ
…
كمِثْلِ الفَرْقَدَيْنِ، بلَا افْتِراقِ
عَلَى رَغْمِ الرَّوَافِضِ قَدْ تصَافَوْا
…
وَعَاشُوا في المَوَدَّةِ بِاتفَاقِ
وَصَاروا بَعْدَ مَوتهِمُ جمَيعًا
…
إلى قَبْرٍ تضَمَّنَ باعْتِناقِ
إلَى مَا مِنْهُ قَدْ خُلِقُوا أُعِيدُوا
…
وَمِنْهَا يُبْعَثُونَ إلَىَ السِّيَاقِ
فَقُلْ لِلرَّافِضىَ تَعِسْتَ يَا مَنْ
…
يُبَابِنُ في العَدَاوَةِ وَالشقَاقِ
لأَهْلِ السَّبْقِ والأفْضَالِ حَقٌ
…
طُوَالَ الدَّهْرِ، يُطْرَحُ في وَثَاقِ
فعند الموت تبصر سوء هذا
…
وبعد الموت تحشر (73/ب) في الخناق
وأَهْلُ البَيتِ حبهم بِقَلْبِي
…
وَأصْحابُ النَّبِيِّ، كَذِي وَثَاق
بِهمْ نَرْجُو السَّلَامَةَ مِنْ جَحِيْمٍ
…
تُسعَّرُ للمُخَالِف بِاحْتِرَاقِ
وَفَوْزًا في الجِنَانِ بدَارِ خُلْدٍ
…
وَتُلْقي (1) بالتَّحيَّةِ في التلاقي
وَهَذا وَاضِحٌ، شُكْرًا لِرَبِّي
…
مَكِينٌ عِنْدَ أَهْلِ الحِقِّ بَاقِي
* * *
(1) في "ق": "نلقي".