الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سورة ن
مكية
وهى ثنتان وخمسونَ آية وفيها ركوعَانِ
* * *
بسم الله الرحمن الرحيم
(ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ
(1)
مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ (2) وَإِنَّ لَكَ لَأَجْرًا غَيْرَ مَمْنُونٍ (3) وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ (4) فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ (5) بِأَيِّكُمُ الْمَفْتُونُ (6) إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (7) فَلَا تُطِعِ الْمُكَذِّبِينَ (8) وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ (9) وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ (10) هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ (11) مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ (12) عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ (13) أَنْ كَانَ ذَا مَالٍ وَبَنِينَ (14) إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ (15) سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ (16) إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ (17) وَلَا يَسْتَثْنُونَ (18) فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِنْ رَبِّكَ وَهُمْ نَائِمُونَ (19) فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ (20) فَتَنَادَوْا مُصْبِحِينَ (21) أَنِ اغْدُوا عَلَى حَرْثِكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَارِمِينَ (22) فَانْطَلَقُوا وَهُمْ يَتَخَافَتُونَ (23) أَنْ لَا يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُمْ مِسْكِينٌ (24) وَغَدَوْا عَلَى حَرْدٍ قَادِرِينَ (25) فَلَمَّا رَأَوْهَا قَالُوا إِنَّا لَضَالُّونَ (26) بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ (27) قَالَ أَوْسَطُهُمْ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ لَوْلَا تُسَبِّحُونَ (28) قَالُوا سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ (29) فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَلَاوَمُونَ (30) قَالُوا يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا طَاغِينَ (31) عَسَى رَبُّنَا أَنْ يُبْدِلَنَا خَيْرًا مِنْهَا إِنَّا إِلَى رَبِّنَا رَاغِبُونَ (32) كَذَلِكَ الْعَذَابُ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (33)
* * *
(ن)، عن بعضٍ: المراد منه الحوت الذي هو حامل الأرضين السبع (1)، أو الدواة، وقد نقل إن أول شيء خلق القلم، ثم النون أي: الدواة، فقال له: اكتب ما يكون من عمل، أو رزق إلى يوم القيامة، أو لوح من نور، وفيه حديث مرسل وعلى الوجوه يكون قسمًا بحذف حرفه، (وَالْقَلَمِ): الذي خط اللوح المحفوظ، أو جنس القلم كقوله تعالى (الذي علم بالقلم) [العلق: 4]، (وَمَا يَسْطُرُون) أي: الملائكة من أعمال العباد وأحوالهم أو الأقلام أسنده إلى الآلة، وجعلها بمنزلة أولي العلم، (مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ)، جواب القسم أي: ما أنت بمجنون متلبسًا بنعمة ربك حال عن المستكن فى الخبر، وقيل: متعلق بمعنى النفي أي: انتفى منك بسبب نعمته الجنون، لا كما يقول الكفرة، (وَإنَّ لَكَ لأَجْرًا): على الإبلاغ وألصبر، (غَيْرَ مَمْنُونٍ): مقطوع، (وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ): لأنك تحتمل من الأذى ما لا يحتمل غيرك، (فَسَتُبْصِرُ): يا محمد، (وَيُبْصِرُون): المشركون الذين رموك بالجنون، (بِأَيِّكُمُ الْمَفْتُونُ)، الجنون مصدر، كالمجلود والمعقول، أو الباء زائدة، أو بمعنى: في أي: في أي
(1) من الإسرائيليات المنكرة.
الفريقين من فريقك، وفريقهم المجنون، أو المفتون: الشيطان، (إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ): فلا عقل لهم أصلاً، وهو المجنون حقيقة، (وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ): الفائزين بالعقل الكامل، (فَلَا تُطِعِ الْمُكَذِّبِينَ): صمم على معاداتهم، (وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ)، من المداهنة أي: تلاينهم، (فَيُدْهِنُونَ): فيلاينونك مثل أن تعظم دينهم وآلهتهم، فيعظمون دينك وإلهك، والفاء للسببية، أي: فهم يدهنون حينئذ أو للعطف، أي: ودوا مداهنتك فمداهنتهم، (وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ): كثير الحلف، (مَهِينٍ): حقير القلب والرأي، (هَمَّازٍ): مغتاب عياب، (مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ): نقال للكلام سعاية وإفسادًا، (مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ): يمنع نفسه عن الخير، أو الناس عنه، (مُعْتَدٍ): متجاوز عن الحد، (أَثِيمٍ): كثير الآثام، (عُتُلٍّ): غليظ جاف، وفي الحديث " هو الشديد الخلق الصحيح الجسم الأكول الشروب الواجد للطعامِ والشراب، الظلوم للناس رحيب الجوف "، (بَعْدَ ذَلِكَ): بعدما عد من النقائص، (زَنِيمٍ): دَعِيّ
منسوب إلى قوم ليس منهم، قيل: هو [الوليد بن المغيرة]، وكان ولد الزنا، أو من له زنمة، وهي قطعة من جلد تعلق في حلق الشاة يعني: يعرف بالشر كما يعرف الشاة بزنمتها، (أَنْ كَانَ ذَا مَالٍ وَبَنِينَ إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ) أي: كذب آيتنا، لأن كان ذا مال وبنين يعني يجعل مجازاة نعمنا الكفر بآيتنا، فهو متعلق بما يدل عليه قوله " قال أساطير الأولين " لا بقال؛ لأن ما بعد الشرط لا يعمل فيما قبله، أو متعلق بلا تطع أي: لا تطعه لماله، وبنيه مع تلك المعايب، (سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ): سنجعل على أنفه علامة، ووقعت يوم بدر، وفي لفظ الخرطوم استخفاف، فإنه لا يكاد يستعمل إلا في أنف الخنزير والفيل، أو سنلحق به شيئًا ظاهرًا لا يفارقه، ونذله غاية الإذلال، فإن صاحب المال والبنين متكبر غالبًا، أو نسود وجهه يوم القيامة، أو سنبين أمره بيانًا ظاهرًا كما يظهر السمة على الخراطيم، (إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ): أهل مكة بالقحط (كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ): كما امتحنا أصحاب بستان باليمن كان لرجل يتصدق منها على الفقراء فلما مات قال أبناؤه: كان أبونا أحمق إذ كان يصرف منها شيئًا كثيرًا على الفقراء، (إِذْ أَقْسَمُوا): فحلفوا، (لَيَصْرِمُنَّهَا): ليقطعن ثمرها، (مُصْبِحِينَ): داخلين في الصبح خفية عن المساكين، (وَلَا يَسْتَثْنُونَ): لا يقولون إن شاء اللًه قيل: لا يستثنون حصة المساكين كما كان يخرج أبوهم، (فَطَافَ عَلَيْهَا): على الجنة، (طَائِفٌ): بلاءٌ طائف، (مِنْ رَبِّكَ): نزلت نار فأحرقتها، (وَهُمْ نَائِمُون): في بيوتهم، (فَأَصْبَحَتْ): الجنة، (كَالصَّرِيمِ): كالليل الأسود المظلم أو كالزرع الذي حصد يابسًا، (فَتَنَادَوْا) أي: نادى بعضهم بعضًا، (مُصْبِحِينَ): داخلين في الصباح،
(أَنِ اغْدُوا): بأن أقبلوا غدوة، (عَلَى حَرْثِكُمْ)، فتعديته بعلى لتضمين معنى الإقبال، (إِن كُنتُمْ صَارِمِينَ): قاطعين الثمر، (فَانطَلَقُوا): ذهبوا، (وَهُمْ يَتَخَافتونَ): يتسارون فيما بينهم، (أَنْ لَا يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُمْ مِسْكِينٌ)، أن مفسرة بمعنى أي، والنهي عن تمكين المسكين من الدخول أي: لا تمكنوه من الدخول حتى يدخل، (وَغَدَوْا عَلَى حَرْدٍ): على جد وجهد، أو على منع المساكين، أو الحرد اسم لبستانهم أو على غيظ وغضب، والحرد في اللغة القصد والمنع والغضب، (قَادِرِينَ): عند أنفسهم على ثمارها أو على حرد متعلق بـ قادرين أي: غدوا قادرين على نكد، وحرمان لا على انتفاع، فإنه ما حصل لهم إلا الحرمان يقال: حاردت السنة، إذا لم يكن فيها مطر، وحاردت الإبل إذا منعت درها، (فَلَمَّا رَأَوْهَا): الجنة مسودة، (قَالُوا إِنَّا لَضَالُّونَ): طريق جنتنا ليست هذه بجنتنا، (بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ): يعني لما تأملوا وعلموا أنها هي رجعوا عما كانوا، وقالوا: بل نحن حرمنا لفعها، (قَالَ أَوْسَطُهمْ): أعقلهم وخيرهم، (أَلَمْ أَقُل لَكُمْ لَوْلا تُسَبِّحُونَ): هلا تسبحونه، وتشكرونه على ما أعطاكم، (قَالُوا سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ): سبحوا واعترفوا بذنبهم، حيث لا ينفع فيما مضى، وعن بعض معناه: هلا تستثنون، وسمي الاستثناء تسبيحًا؛ لأنه تعظيم الله، وإقرار بأن له القدرة فنزهه عن العجز، (فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْص يَتَلاوَمُونَ): يلوم بعضهم بعضًا، (قَالُوا يَا وَيْلَنَا إِنَّا