الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والتعريض بحال من عداهم، فليس لهم يقين، ولهم ريب وشك، (وَلِيَقُولَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ): شك، ونفاق، (وَالْكَافِرُونَ): المشركون، وفي الآية إخبار عن الغيب، لأنها مكية فظهر النفاق في المدينة، (مَاذَا أَرَادَ اللهُ بِهَذَا) أي شيء أراد الله بهذا العدد؟! (مَثَلًا)، حال من هذا أو تمييز له، وسموه مثلاً لغرابته، ومرادهم إنكاره، وأنه لو كان من عند الله لما جاء بهذا العدد الناقص، (كَذَلِكَ): مثل ذلك المذكور من الإضلال والهدى، (يُضِلُّ اللهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ): لا يعلم عددهم، وكمية الموكلين بأمر دون أمر إلا الله، وحكم أمثال ذلك كحكم أعداد السماوات والأرض، وغيرهما لا يطلع عليه إلا بعض المقربين، (وَمَا هِيَ): السقر التي وصفت، (إِلَّا ذِكْرَى): تذكرة، (لِلْبَشَرِ).
* * *
(كَلَّا وَالْقَمَرِ
(32)
وَاللَّيْلِ إِذْ أَدْبَرَ (33) وَالصُّبْحِ إِذَا أَسْفَرَ (34) إِنَّهَا لَإِحْدَى الْكُبَرِ (35) نَذِيرًا لِلْبَشَرِ (36) لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ (37) كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ (38) إِلَّا أَصْحَابَ الْيَمِينِ (39) فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءَلُونَ (40) عَنِ الْمُجْرِمِينَ (41) مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ (42) قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ (43) وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ (44) وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ (45)
وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ (46) حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ (47) فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ (48) فَمَا لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ (49) كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ (50) فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ (51) بَلْ يُرِيدُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُؤْتَى صُحُفًا مُنَشَّرَةً (52) كَلَّا بَلْ لَا يَخَافُونَ الْآخِرَةَ (53) كَلَّا إِنَّهُ تَذْكِرَةٌ (54) فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ (55) وَمَا يَذْكُرُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللهُ هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ (56)
* * *
(كَلَّا)، ردع لمن أنكرها، (وَالْقَمَرِ وَاللَّيْلِ إِذْ أَدْبَرَ): أدبر على المضي كقبل بمعنى أقبل، وقيل: من دبر الليل النهار إذا خلفه، (وَالصُّبْحِ إِذَا أَسفَرَ): أضاء، (إِنَّهَا) أي: سقر، (لإِحْدَى الكُبَرِ): لإحدى البلايا الكبر، جمع كبرى، أسقطت ألف التأنيث كتائها، يقال: فُعَلُ في جمع فُعْلةٍ، وعن مقاتل دركات جهنم سبعة: جهنم، ولظى، والحطمة، والسعير، وسقر، والجحيم، والهاوية، وهي جواب القسم أو تعليل لـ (كلا) والقسم معترض للتوكيد، (نَذِيرًا لِّلْبَشَرِ) تمييز أي: إنَّهَا لإحدى الدواهي إنذارًا كقولك: هو أحد الرجال كياسة، (لِمَن شَاءَ مِنكُمْ)، بدل من البشر، (أَنْ يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ) مفعول شاء أي: نذيرًا لمن شاء التقدم والسبق إلى الخير، أو التأخر، والتخلف عنه، أو أن يتقدم مبتدأ، ولمن شاء خبره نحو " فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر " [الكهف: 29] (كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ): مرهونة عند الله في القيامة مصدر كالشتيمة، فإن فعيل الصفة لا يؤنث، (إِلَّا أَصْحَابَ الْيَمِينِ): فإنهم فكوا
رقابهم بحسن أعمالهم، ونقل عن علي رضي الله عنه إنهم أطفال المسلمين لأنه لا أعمال لهم يرتهنون بها (فِي جَنَّاتٍ)، حال من أصحاب اليمين، (يَتَسَاءَلُونَ عَنِ الْمُجْرِمِينَ) أي: يتساءلون المجرمين عن حالهم، فحذف المفعول؛ لأن ما بعده يدل عليه، (مَا سَلَكَكُمْ): ما أدخلكم، (في سَقَرَ)، بيان للتساؤل، وهذا أولى الوجوه، (قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ) أي: ما عبدنا ربنا، وما أحسنا إلى خلقه، (وَكنَّا نَخُوضُ): في الباطل، (مَعَ الْخَائِضِينَ وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ): أى مع هذا كله كنا نكذب بالقيامة، (حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ): الموت، (فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ) أي: لو شفعوا أجمعين لهم، وهو قول الله، (فَمَا لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ) أي: ما لهؤلاء الكفرة معرضين عن التذكير؟ فـ " معرضين " حال من الضمير، (كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ) أي: كأنهم في نفارهم عن الحق حمر وحشية فرت مِنْ مَنْ يصيدها، أو من الأسد، (بَلْ يُرِيدُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُؤْتَى صُحُفًا مُنَشَّرَةً) قالوا: إنْ سرَّك أن نتبعك، فأت كلاًّ منا بكتاب من السماء أن اتبع يا فلان محمدًا فإنه رسولك، أو كل منهم يريد أن ينزل عليه كما نزل عليك قال تعالى:(وَإِذَا جَاءَتْهُمْ آيَةٌ قَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتَى) الآية [الأنعام: 124]، (كَلَّا): ردع عن تلك الإرادة، (بَلْ لَا يَخَافُونَ الْآخِرَةَ)، ولهذا أعرضوا عن التذكرة، (كَلَّا)،
ردع عن الإعراض، (إِنَّهُ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ) أي: فمن شاء اتعظ به، أو حفظه، (وَمَا يَذْكُرُونَ): وما يتعظون به، (إِلا أَن يَشَاءَ اللهُ)، ذكرهم، أو مشيئتهم، (هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى): هو أهل أن يتقى، فلا يجعل معه إله، (وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ): وأهل لأن يغفر لمن اتقى أن يجعل معه إلها، كذا رواه الإمام أحمد، والترمذي، وابن ماجه في تفسير (هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ).
والْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِينَ.
* * *