الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
له إلهًا في السماء (وَكَذَلِكَ) مثل ذلك التزين، (زُيِّنَ لِفِرْعَوْنَ سُوءُ عَمَلِهِ وَصُدَّ عَنِ السَّبِيلِ): عن طريق رشاده ومن قرأ صَدَّ فمعناه صَدَّ فرعونُ الناسَ عن الحق بأن أوهم رعاياه بأنه يعمل شيئًا يتوصل به إلى العلم بكذبه (وَمَا كَيْدُ فِرْعَوْنَ إِلَّا فِي تَبَابٍ) خسار لا ينفعه كيده.
* * *
(وَقَالَ الَّذِي آمَنَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُونِ أَهْدِكُمْ سَبِيلَ الرَّشَادِ
(38)
يَا قَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ (39) مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ (40) وَيَا قَوْمِ مَا لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجَاةِ وَتَدْعُونَنِي إِلَى النَّارِ (41) تَدْعُونَنِي لِأَكْفُرَ بِاللهِ وَأُشْرِكَ بِهِ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَأَنَا أَدْعُوكُمْ إِلَى الْعَزِيزِ الْغَفَّارِ (42) لَا جَرَمَ أَنَّمَا تَدْعُونَنِي إِلَيْهِ لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ فِي الدُّنْيَا وَلَا فِي الْآخِرَةِ وَأَنَّ مَرَدَّنَا إِلَى اللهِ وَأَنَّ الْمُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحَابُ النَّارِ (43)
فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللهِ إِنَّ اللهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ (44) فَوَقَاهُ اللهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ (45) النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ (46) وَإِذْ يَتَحَاجُّونَ فِي النَّارِ فَيَقُولُ الضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا نَصِيبًا مِنَ النَّارِ (47) قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُلٌّ فِيهَا إِنَّ اللهَ قَدْ حَكَمَ بَيْنَ الْعِبَادِ (48) وَقَالَ الَّذِينَ فِي النَّارِ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ ادْعُوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْمًا مِنَ الْعَذَابِ (49) قَالُوا أَوَلَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا بَلَى قَالُوا فَادْعُوا وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ (50)
* * *
(وَقَالَ الَّذِي آمَنَ) مؤمن آل فرعون: (يَا قَوْمِ اتَّبِعُونِ أَهْدِكُمْ سَبِيلَ الرَّشَادِ): أدلكم عليه، (يَا قَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَياةُ الدُّنيَا) أي: ما هذه الحياة، إلا (مَتَاعٌ): تمتع قليل تذهب عن قريب، (وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ): فإنها لا تزول، (مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ): بغير تقدير لا كالسيئة فإنها بموازنة العمل وما هذا إلا من سعة فضله ورحمته (وَيَا قَوْمِ مَا لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجَاةِ): إلى ما هو سبب لها (وَتَدْعُونَنِي إِلَى النَّارِ)، وهذا المنادى عطف على قوله يا قوم اتبعوني لا على يا قوم إنما هذه؛ لأن الثاني كالبيان للأول ولهذا تراه بغير عطف بخلاف الثالث (تَدْعُونَنِي لِأَكْفُرَ بِاللهِ)، بيان للثاني، والدعاء كالهداية في التعدية بإلى واللام (وَأُشْرِكَ بِهِ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ): شيئًا ليس لي بربوبيته حجة وبرهان أي ما ليس بإله (وَأَنَا أَدْعُوكُمْ إِلَى الْعَزِيزِ): الغالب القادر المطلق (الْغَفَّارِ لَا جَرَمَ أَنَّمَا
تَدْعُونَنِي إِلَيْهِ لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ فِي الدُّنْيَا وَلَا فِي الْآخِرَةِ): لا ردّ لما دعوه إليه وجَرَمَ فعل بمعنى حق وما بعده فاعله أي: حق، وثبت أن الذي تدعونني إليه باطل ليس له ثبوت أصلاً في زمان، أو بمعنى كسب، وفاعله ضمير إلى ما قبله وما بعده مفعول أي: كسب ذلك الدعاء إليه بطلان دعوة ما تدعونني إليه، أي: ما حصل من ذلك إلا ظهور بطلان دعوته، أو اسم بمعنى القطع ولا لنفي الجنس وما بعده خبره أي لا قطع ولا انقطاع لبطلان دعوة الأصنام، ومعنى ليس له دعوة أنا ليس له دعوة إلى نفسه ومن شأن المعبود الحق أن يدعو العباد إلى طاعته أو معناه ليس له استجابة دعوة فيكون من تسمية أثر الشيء وثمرته باسم ذلك الشيء (وَأَنَّ مَرَدَّنا إِلَى الله): مرجعنا إليه، (وَأَنَّ الْمُسْرِفِينَ): المشركين، (هُمْ أَصْحَابُ النَّارِ فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ): من النصح وتتحسرون على عدم القبول (وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللهِ): فيعصمني عن كل سوء، (إِنَّ اللهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ)، وذلك حين أوعدوه بمخالفة دينهم (فَوَقَاهُ اللهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا)، فما وصل إليه آثار مكرهم، ونَجَا مع موسى (وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ): بفرعون وقومه واستغنى بذكرهم عن ذكره للعلم بأنه أولى بذلك (سُوءُ الْعَذَابِ) الغرق في الدنيا ثم النقلة منه إلى النار (النَّارُ يُعْرَضُونَ
عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا) مبتدأ وخبر أو النار بدل من سوء العذاب، ويعرضون حال، (وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ)، قيل لهم، (أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ)، في الصحيحين " إن أحدكم إذا مات عرض عليه مقعده بالغداة والعشي إن كان من أَهل الجنة، فمن أهل الجنة، وإن كان من أهل النار، فمن أهل النار فيقال: هذا مقعدك حتي يبعثك الله إليه يوم القيامة "، وهذه الآية أصل في استدلال عذاب القبر وعليه سؤال وهو أن الآية لا شك في أنها مكية، وفي مسند الإمام أحمد بإسناد صحيح على شرط الشيخين أن يهودية في المدينة كانت تعيذ عائشة عن عذاب القبر، فسألت عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:" كذب يهود لا عذاب دون يوم القيامة "، فلما مضى بعض أيام نادى عليه السلام محمرًا عيناه بأعلى صوته:" أيها الناس استعيذوا بالله من عذاب القبر، فإنه حق " فقيل في جوابه: إن الآية دلت على عذاب الأرواح في البرزخ وما نفاه أولاً ثم أثبته عليه السلام عذاب الجسد فيه، والأولى أن يقال الآية دلت على عذاب الكفار فيه وما نفاه ثم أثبته عذاب القبر للمؤمنين ففي صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها أن يهودية قالت: أشعرت أنكم تفتنون في القبور فلما سمع عليه الصلاة والسلام قولها ارتاع وقال: " إنما يفتن اليهود " ثم قال بعد ليال: " أشعرت أنه أوحي إليَّ أنكم تفتنون في القبور "، ثم كان بعده يستعيذ من عذاب القبر (وَإِذْ يَتَحَاجُّونَ)، واذكر وقت تخاصمهم (فِي النَّارِ فَيَقُولُ الضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا): في الدنيا جمع تابع كخدم (فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا نَصِيبًا مِنَ النَّارِ): نصيبًا مفعول اسم الفاعل بتضمين مغنون معنى دافعون (قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُلٌّ فِيهَا): نحن وأنتم وكفانا