الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بالآخر فيتناثر منهما شرر النار، (نَحْنُ جَعَلْنَاهَا تَذكِرَةً): لنار جهنم، (وَمَتَاعًا): منفعة، (لِلْمُقْوِينَ): الذين ينزلون القواء، أي: المفازة، فإن انتفاعهم بالزند أكثر من انتفاع الحضريين، أو الجائعين، فإن أصل القواء الخلو، (فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ): فجدد التسبيح، ونزهه عن النقائص باستعانة ذكر اسمه العظيم، أو اسم ذاته العظيم تنزيهًا عما يقولون، أو تعجبًّا أو شكرًا.
* * *
(فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ
(75)
وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ (76) إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ (77) فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ (78) لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ (79) تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (80) أَفَبِهَذَا الْحَدِيثِ أَنْتُمْ مُدْهِنُونَ (81) وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ (82) فَلَوْلَا إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ (83) وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ (84) وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَلَكِنْ لَا تُبْصِرُونَ (85) فَلَوْلَا إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ (86) تَرْجِعُونَهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (87) فَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ (88) فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّتُ نَعِيمٍ (89) وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ (90) فَسَلَامٌ لَكَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ (91) وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ (92) فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ (93) وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ (94) إِنَّ هَذَا لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ (95) فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ (96)
* * *
(فَلَا أُقْسِمُ)، لا مزيدة لتأكيد القسم، أو رد لقول الكفار أنه سحر وشعر، ثم استأنف القسم، (بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ) أي: نجوم القرآن، ومواقعها أوقات نزولها، أو بمغارب نجوم السماء، أو منازلها، أو انتشارها يوم القيامة، (وَإِنَّهُ): هذا القسم الذي أقسمت به، (لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ): لو تعلمون اعتراض بين الموصوف والصفة، (إِنَّهُ لَقُرْآنٌ)، جواب القسم، (كَرِيمٌ): كثير النفع، (فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ): مصون من الشياطين وهو اللوح، (لَا يَمَسُّهُ) أي: الكناب المكنون الذي في السماء، (إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ) أي:
الملائكة، وعن بعض زعمت قريش أن القرآن تنزلت به الشياطين فردهم الله تعالى بقوله:" لا يمسه إلا المطهرون " كما قال: " وما تنزلت به الشياطين "[الشعراء: 210] أو لا يمس القرآن إلا المطهرون من الجنابة والحدث، والمراد من القرآن حينئذ المصحف كما نُقِلَ " نهى عليه الصلاة والسلام أن يسافر بالقرآن أي: المصحف إلى [أرض] العدو "، ويكون نفيًا بمعنى النهي أو لا يجد طعمه ونفعه إلا المطهرون من الشرك، (تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ)، صفة أخرى للقرآن، وفيها مبالغة، (أَفَبِهَذَا الْحَدِيثِ) أى: القرآن، (أَنْتُمْ مُدْهِنُونَ): متهاونون مكذبون، (وَتَجْعَلونَ رِزْقَكمْ): الرزق بمعنى الشكر في لغة أو تشكر رزقكم الذي هو المطر، (أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ): بمعطيه، وتقولون: مطرنا بنوء كذا، أو تجعلون حظكم ونصيبكم من القرآن تكذيبكم، (فَلَوْلا): هلا، (إِذَا بَلَغَتِ): النفس، (الْحُلْقُومَ وَأَنْتُمْ): يا أهل الميت، (حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ): حاله أو أمري وسلطاني ولا تقدرون على دفعه، والواو للحال، (وَنَحْنُ أَقْرَبُ)، المراد الملائكة كما قال تعالى: (وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ
حَفَظَةً حَتَّى إِذَا جَاءَ .. ) الآية [الأنعام: 61]، أو نحن أعلم، (إِلَيْهِ): إلى المحتضر، (مِنْكُمْ): أيها الحاضرون، (وَلَكِنْ لا تُبْصِرُونَ): قربنا، ولا تعرفون قدرتنا، (فَلَوْلا): فهلا، (إِنْ كُنتمْ غَيرَ مَدينينَ): محاسبين مجزيين في القيامة (تَرْجِعُونَهَا): النفس إلى مقرها بعدما بلغت الحلقومَ، (إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ): إنه لا بعث ولا حساب لولا الثاني تأكيد للأول، والعامل في الظرف ترجعونها، وهو المحضض عليه أي: هلا ترجعونها إذا بلغت الحلقوم إن كنتم غير مدينين صادقين في ذلك، وجواب الشرط يدل عليه السياق، وحاصله أنكم تنسبون إلى الافتراء كتابي، وإلى الساحر رسولي، وإلى غيري رحمتي ومطري، وتزعمون أن لا بعث ولا حساب، ولا إله يجازي فنفيتم قدرتي واختياري، فما لكم لا تردون روح من يعز عليكم إذا بلغ الحلقوم، وأنتم ناظرون إليه، وما يقاسيه من شدة النزع، فإذا لم يمكنكم ذلك فاعلموا أن فوقكم قادر مختار بيده الأمر لا عجز ولا تعطيل، (فَأَمَّا إِنْ كَانَ): المتوفَّى، (مِنَ الْمُقَرَّبِينَ فَرَوْحٌ): فله راحة، (وَرَيْحَانٌ): رزق حسن، وعن بعض من السلف: إنه لا يفارق أحد من المقربين حتى يؤتى بغصن من ريحان الجنة فيقبض روحه فيه، وفي الحديث " ينطلق إلى وليِّ الله ملك الموت مع خمس مائة من الملك معهم ضبائر الريحان أصل الريحان واحد وفي رأسها عشرون لونًا لكل لون ريح سوى ريح صاحبه، (وَجَنَّتُ نَعِيمٍ): ذات تنعم، أي: يبشر بهذه الثلاثة، (وَأَمَّا إِنْ كَانَ): المحتضر، (مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ فَسَلَامٌ لَكَ) أي: فيقال له سلام لك يا صاحب اليمين، (مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ): من إخوانك، أو
حصل لك سلامة من العذاب حال كونك من أهل اليمين يبشر بالبشارتين، وعن بعض المفسرين: فسلامة لك يا محمد منهم لا تهتم لهم فإنهم في سدر مخضود، (وَأَمَّا إِنْ كَانَ): المحتضر، (مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ): أصحاب الشمال، (فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ) أي: فله ذلك، (وَتَصْلِيَةُ): إدخال، (جَحِيمٍ إِنَّ هَذَا): الذي ذكرت، (لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ): حق هو اليقين لا مرية فيه، أو اليقين اسم للعلم الذي لا لبس له، والإضافة بمعنى اللام، (فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ)، قيل: الباء زائدة، وقد ورد لما نزلت قال عليه السلام " اجعلوها في ركوعكم " ولما نزلت " سبح اسم ربِّك الأعلى " قال:" اجعلوها في سجودكم ".
والْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِينَ.
* * *