الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لا يموتون، (إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤًا مَنْثُورًا): من صفاء ألوانهم، وطراوتهم، وانبثاثهم فى منازلهم، (وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ) أي: إذا وجدت الرؤية في الجنة، ترك مفعوله ليعم، (رَأَيْتَ نَعِيمًا وَمُلْكًا كَبِيرًا): واسعًا، (عَالِيَهُمْ)، بالنصب حال من عليهم وبسكون الياء مبتدأ، وقوله:(ثِيَابُ سُنْدُسٍ)، خبره، وهو ما رقَّ من الثياب، (خُضْرٌ)، بالجر صفة سُنْدُسٍ، وبالرفع صفة ثياب، (وَإِسْتَبْرَقٌ): هو ما غلظ من الثياب، وله بريق، ولمعان بالرفع عطف على ثياب، وبالجر على سندس، (وَحُلُّوا)، عطف على ويطوف، (أَسَاوِرَ)، جمع سوار، (مِنْ فِضَّةٍ)، وهذا للأبرار، وأما المقربون فيحلون من أساور من ذهب، أو للأبرار أساور من ذهب، وفضة، (وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا)، عين على باب الجنة من شرب منها نزع ما كان في قلبه من الأخلاق الرديئة، أو طاهرًا من الأقذار لم تدنسه الأيدي، والأرجل كخمر الدنيا، أو لأنه يرشح عرقًا له ريح كالمسك، (إِنَّ هَذَا كَانَ لَكُمْ) أي: يقال لهم ذلك، (جَزَاءً وَكَانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُورًا): غير مضيَّع.
* * *
(إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ تَنْزِيلًا
(23)
فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا (24) وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلًا (25) وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلًا طَوِيلًا (26) إِنَّ هَؤُلَاءِ يُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ وَيَذَرُونَ وَرَاءَهُمْ يَوْمًا ثَقِيلًا (27) نَحْنُ خَلَقْنَاهُمْ وَشَدَدْنَا أَسْرَهُمْ وَإِذَا شِئْنَا بَدَّلْنَا أَمْثَالَهُمْ تَبْدِيلًا (28) إِنَّ هَذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا (29) وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللهُ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا (30) يُدْخِلُ مَنْ يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (31)
* * *
(إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ تَنْزِيلًا): متفرقًا منجمًا آية بعد آية، وفي تكرير الضمير مع التأكيد بإن مزيد اختصاص التنزيل، (فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ): بتأخير نصرك، (وَلَا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا)، لفظ أو للدلالة على أن إطاعة كل واحد منهما قبيح، فالجمع بين الطاعتين أقبح، والآثم الكافر؛ لأن الفسوق في الأفعال يظهر من الكافر، والكفور المنافق، لأنه صفة القلب، ولا تطع الكافرين، والمنافقين، وعن بعض الآثم عتبة، فإنه ركَّاب الفسوق، والكفور الوليد، فإنه الغالي في الكفر، وهما قالا لو رجعت عن هذا الأمر لزوجناك ابنتينا بغير مهر، وأعطيناك من المال حتى ترضى، (وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلًا): أول النهار وآخره، (وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلًا طَوِيلًا)، كما قال:(ومن الليل فتهجد به نافلة لك)[الإسراء: 79] وعن بعض المراد صلاة الصبح، والعصر، والمغرب، والعشاء، والتهجد، (إِنَّ هَؤُلاء يُحِبُّونَ العَاجلَةَ): الدار العاجلة، (وَيَذَرُونَ وَرَاءَهُمْ): وراء ظهورهم، أو أمامهم، (يَوْمًا ثَقِيلًا): شديدًا، (نَحْنُ خَلَقْنَاهُمْ وَشَدَدْنَا أَسْرَهُمْ): ربطهم، وتوثيق مفاصلهم، (وَإِذَا شِئْنَا بَدَّلْنَا أَمْثَالَهُمْ): في شدة الأسر بعد إهلاكهم، (تَبْدِيلًا)، والمراد النشأة الأخرى، والتبديل في الصفات، أو المراد إذا شئنا أهلكناهم،
ونأت بخلق جديد مثلهم بدلهم فالتبديل في الذوات، وحقه حينئذ إن بدل إذا لكن جيء بإذا على المبالغة كأن له وقتًا معينًا، (إِنَّ هَذِهِ) أي: السورة، (تَذْكِرَةٌ): عظة، (فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا): طريقًا ومسلكًا إلى الله، (وَمَا تَشَاءُونَ): ذلك، (إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللهُ) أي: إلا وقت أن يشاء الله مشيئتكم، (إِنَّ اللهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا): فيعلم من يستحق الهداية، فيقيض له أسبابها، ومن يستحق الغواية فييسر له أسبابها، وله الحكم في ذلك، (يُدْخِلُ مَنْ يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ): بهدايته، (وَالظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا)، نصب الظالمين بفعل يفسره ما بعده، مثل أعد.
اللهم أدخلنا برحمتك في رحمتك ولا تجعلنا من الظالمين.
* * *