الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ
(45)
مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ (46) إِلَيْهِ يُرَدُّ عِلْمُ السَّاعَةِ وَمَا تَخْرُجُ مِنْ ثَمَرَاتٍ مِنْ أَكْمَامِهَا وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَى وَلَا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ أَيْنَ شُرَكَائِي قَالُوا آذَنَّاكَ مَا مِنَّا مِنْ شَهِيدٍ (47) وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَدْعُونَ مِنْ قَبْلُ وَظَنُّوا مَا لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ (48) لَا يَسْأَمُ الْإِنْسَانُ مِنْ دُعَاءِ الْخَيْرِ وَإِنْ مَسَّهُ الشَّرُّ فَيَئُوسٌ قَنُوطٌ (49) وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ رَحْمَةً مِنَّا مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ هَذَا لِي وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُجِعْتُ إِلَى رَبِّي إِنَّ لِي عِنْدَهُ لَلْحُسْنَى فَلَنُنَبِّئَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِمَا عَمِلُوا وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ (50) وَإِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الْإِنْسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ فَذُو دُعَاءٍ عَرِيضٍ (51) قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللهِ ثُمَّ كَفَرْتُمْ بِهِ مَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ هُوَ فِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ (52) سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (53) أَلَا إِنَّهُمْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقَاءِ رَبِّهِمْ أَلَا إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطٌ (54)
* * *
(وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ): بالتصديق والتكذيب، كما اختلف قومك في كتابك (وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ): في تأخير العذاب وأجل مسمى، (لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ): عجل لهم العذاب، (وَإِنَّهُمْ) أي: المشركين (لَفِي شَكٍّ مِنْهُ): من القرآن (مُرِيبٍ): موقع لهم في الريبة أو أن اليهود لفى شك من التوراة (مَنْ عَمِلَ
صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ): فلا يعذب أحدًا إلا بعد الاستحقاق. (إِلَيْهِ يُرَدُّ عِلْمُ السَّاعَةِ): ما يعلمها إلا الله، (وَمَا تَخْرُجُ مِنْ ثَمَرَاتٍ)، ما نافية ومن زائدة للاستغراق (مِنْ أَكْمَامِهَا)، جمع كِم بالكسرة، وهو وعاء الثمرة، (وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَى وَلَا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ): مقرونًا بعلمه (وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ) أي: اذكر يوم ينادي الله تعالى المشركين (أَيْنَ شُرَكَائِي) بزعمكم؟ (قَالُوا آذَنَّاكَ) أعلمناك (مَا مِنَّا مِنْ شَهِيدٍ): من أحد يشهد أن لك شريكًا إذ تبرءوا عنهم لما عاينوا الحال والسؤال توبيخ (وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَدْعُونَ): من الأصنام، (مِنْ قَبْلُ): قبل القيامة فلا ينفعهم، (وَظَنُّوا): أيقنوا (مَا لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ): مهرب، (لَا يَسْأَمُ): لا يمل، (الْإِنسَانُ مِنْ دُعَاءِ الْخَيْرِ): كالمال والصحة، (وَإِنْ مَسَّهُ الشَّرُّ): كالفقر والمرض، (فَيَئُوسٌ): من فضله، (قَنُوطٌ): من رحمته، وما هذا إلا حال الكافر فإنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون، (وَلَئِنْ أَذقْنَاهُ رَحْمَةً مِنَّا مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ): بتفريجها عنه، (لَيَقُولَنَّ هَذَا لِي): حقي وصل إليَّ، أو لا يزول عني، (وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُجِعْتُ إِلَى رَبِّي): على فرض أن تقوم القيامة كما يزعمون (إِنَّ لِي عِنْدَهُ لَلْحُسْنَى):
معدٌ لي عند الله الحالة الحسنى من النعمة يتمنى على الله تعالى مع إساءة عمله، وهو جواب القسم ساد مسد جواب الشرط (فَلَنُنَبِّئَنً الذِينَ كَفَرُوا): نخبرنهم، (بِمَا عَمِلُوا): بحقيقة أعمالهم فيعلموا أنها تستوجب ندامة لا كرامة (وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ وَإِذَا أَنعَمْنَا عَلَى الإِنسَانِ أَعْرَضَ): نسي المنعم، ولم يأتمر بأوامره (وَنَأَى بِجَانِبِهِ): أذهب نفسه وتباعد عنه تكبرًا، والجانب مجاز عن النفس (وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ فَذُو دُعَاءٍ عَرِيضٍ): كثير دائم لأنه إذا كان عرضه واسعًا فما بالك بطوله فإنه أطول الامتدادين استعير ما هو من صفة الأجرام للدعاء (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ): القرآن، (مِنْ عِنْدِ اللهِ ثُمَّ كَفَرْتُمْ بِهِ مَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ هُوَ فِي شِقَاقٍ): خلاف وعداوة (بَعِيدٍ): عن الطريق المستقيم، أي: من أضل منكم؟ فوضع موضعه، ليكون تعليلاً لكمال الضلال، وهو في موقع مفعولي أخبروني على طريق التعليق،
(سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا): الدالة على حقية القرآن، (فِي الْآفَاقِ): كوقائع لا تتعلق بخاصتهم، مثل ظهور الإسلام على الأقاليم وسائر الأديان (وَفِي أَنْفُسِهِمْ): كالوقائع التي حلت بهم، كوقعة بدر وفتح مكة (حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ): القرآن، (الْحَقُّ): المنزل من عند الله تعالى أو معناه سنريهم آياتنا في الآفاق، كالشمس والقمر وغيرهما، وفى أنفسهم من عجائب الصنع المركب منها الإنسان حتى يتبين أن الله هو الحق وكل شيء سواه باطل، زائل لا يستحق الألوهية (أَوَلَمْ يَكْفِ) أي: أليس الأمر كذلك؟ ولم يكف (بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) أي: ألم يكف شهادته على كل شيء؟ وهو يشهد على صدق محمد فيما أخبر به عنه أو ألم يكف في حقية الله تعالى اطلاعه على جميع الأشياء؟ فـ بربك فاعل كفى، وما بعده بدل منه قيل: أو لم يكفك ربك؟ فإنه عالم بكل شىء فيعلم حالك (أَلَا إِنَّهُمْ فِي مِرْيَةٍ): شك (مِنْ لِقَاءِ رَبِّهِمْ): بالبعث، (أَلَا إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطٌ): الكل تحت علمه وقدرته فإقامة الساعة يسير عليه.
والْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِينَ.
* * *