الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْكُبْرَى) أي: المعجزة الكبرى، (فَكَذبَ): بأنَّهَا من الله، (وَعَصَى): الله، (ثُمَّ أَدْبَرَ): أعرض عن الطاعة، (يَسْعَى): ساعيًا في الفساد، وإبطال أمره، (فَحَشَرَ): جمع جنوده، (فَنَادَى)، في المجمع، (فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى): لا رب فوقي، قيل: هم يعبدون الأصنام، فأراد ربها وربكم، (فَأَخَذَهُ اللهُ نَكَالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولَى): نكال الآخرة بالإحراق ونكال الدار الدنيا بالإغراق، وعن مجاهد نكال الكلمة الآخرة، وهي قوله " أنا ربكم الأعلى " ونكال الكلمة الأولى، وهي قوله:" ما علمت لكم من إله غيري "[القصص: 38]، وبينهما أربعون سنة، ونصب نكال، بأنه مصدر مؤكد أو مفعول له، أي: للتنكيل فيهما، (إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِمَنْ يَخْشَى): لمن كان من شأنه الخشية.
* * *
(أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا
(27)
رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا (28) وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا (29) وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا (30) أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا (31) وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا (32) مَتَاعًا لَكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ (33) فَإِذَا جَاءَتِ الطَّامَّةُ الْكُبْرَى (34) يَوْمَ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسَانُ مَا سَعَى (35) وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِمَنْ يَرَى (36) فَأَمَّا مَنْ طَغَى (37) وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (38) فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى (39) وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى (40) فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى (41) يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا (42) فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْرَاهَا (43) إِلَى رَبِّكَ مُنْتَهَاهَا (44) إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرُ مَنْ يَخْشَاهَا (45) كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا (46)
* * *
(أَأَنْتُمْ): يا منكرى البعث، (أَشَدُّ): أصعب، (خَلْقًا)، بعد الموت، (أَمِ السَّمَاءُ) ثم بين كيفية خلقها فقال:(بَنَاهَا)، ثم بين البناء فقال:(رَفَعَ سَمْكَهَا): جعل مقدار ذهابها في سمت العلو مديدًا رفيعًا، (فَسَوَّاهَا): عدلها مستوية بلا قطور، أو تممها وأصلحها، من سويت أمره إذا أصلحته، (وَأَغْطَشَ): أظلم، (لَيْلَهَا وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا): أبرز ضوء شمسها، أضاف الليل والنهار إلى السماء، لأنهما يحدثان بحركتها، (وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا): بسطها، خلق الأرض قبل السماء لكن دحوها بعدها، نقل ذلك عن ابن عباس، وفيه إشكال لأن الدحو هو البسط، وخلقُ الجبال، والأنهار، والمراعي، كما صرح ابن عباس، وقد مر في سورة " حم " السجدة أن ذلك مقدم على خلق السماء، ويدل على ذلك صريح الآية في تلك السورة، وأيضًا كثير من الصحابة صرحوا بأن خلق نفس الأرض في يوم الأحد والاثنين، وخلق الجبال والآكام وما بينهما في الثلائاء والأربعاء، وخلق السماء في الخميس والجمعة، قيل: فالوجه أن يجعل الأرض منصوبًا بمضمر، نحو تذكر وتدبر، أو اذكر الأرض بعد ذلك
وإن جعل مضمرًا على شريطة التفسير، جعل بعد ذلك إشارة إلى المذكور سابقًا، من ذكر خلق السماء لا خلق السماء نفسه، ليدل على أنه متأخر في الذكر عن خلق السماء، تنبيهًا على أنه قاصر في الدلالة عن الأول، لكنه تتميم، ولو قلنا: إن " ثم " في قوله " ثم استوى إلى السماء " في سورة حم السجدة، لتفاوت ما بين الخلقين لا للتراخي في المدة، ويكون دحو الأرض بعد خلق السماء، لما يبقى مخالفة بين الآيتين، لكن مخالف لإطباق أهل التفسير، ثم خلق الأرض وما فيها في أربعة أيام، ثم خلق السماء وما فيها في يومين، إلا ما نقل الواحدي في " البسيط "، عن مقاتل: أن خلق السماء مقدم على إيجاد الأرض فضلاً عن دحوها، وعلى أي وجه لا يخلو عن إشكال فلا تغفل، (أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا): عيونها، ترك العطف لأنه حال بتقدير " قد " أو بيان للدحو وهو المراد منه، (وَمَرْعَاهَا): رعيها، الرعي بالكسر: الكلاء، وبالفتح: المصدر، والمرعى يقع عليهما، وعلى الموضع، (وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا): أثبتها حتى لا يتحرك، (مَتَاعًا): تمتيعًا، (وَلِأَنْعَامِكُمْ فَإِذَا جَاءَتِ الطَّامَّةُ): الداهية، التي تطم وتعلو وتغلب على الدواهى، (الْكُبْرَى): وهي القيامة، (يَوْمَ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسَانُ مَا سَعَى): ما عمل في الدنيا، وقد نسيها بدل من إذا جاءت، (يَوْمَ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسَانُ مَا سَعَى): أظهرت لمن له عين، (فَأَمَّا مَنْ طَغَى): تمرد، (وَآثَرَ
الْحَيَاةَ الدُّنْيَا)، على الآخرة، (فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى) أي: هي مأواه واللام ساد مسد الإضافة للعلم به، (وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ)، أي: مقامه بين يديه في الآخرة، (وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى): زجرها عن اتباع شهوتها، (فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى)، وجواب فإذا جاءت هو قوله:" فأما " كأنه قال: فإذا جاءت، فإن الطاغي للجحيم مأواه، وإن الخائف للجنة مأواه، وزيادة إما لزيادة المبالغة، وتحقيق الترتيب، والثبوت على كل تقدير، أو جوابه محذوف كأنه قال: فإذا جاءت وقع ما وقع، وقوله، " فأما " تفصيل لذلك المحذوف، (يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ): متى، (مُرْسَاهَا): إرساء بها وإقامتها، (فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْرَاهَا): في أي شيء أنت يا محمد، من أن تذكر وقتها لهم، يعني ما أنت من تبيين وقتها في شيء، وقيل: تتمة لسؤالهم، أي: سألوا متى وقتها؟ وفي أي شيء أنت من ذكرها؟ أي: هل لك يقين أو ظن أو جهل؟ والجواب قوله: (إِلَى رَبِّكَ مُنْتَهَاهَا)، أي: منتهى علمها إلى الله وحده،) إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرُ مَنْ يَخْشَاهَا)، لا مُعِين وقتها، (كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوا): في الدنيا، وقيل: في القبر، (إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا)، أي: ضحى تلك العشية يعني: استقصروا مدة لبثهم في الدنيا كأنها لم تبلغ يومًا كاملاً، ولكن ساعة منه إما عشية أو ضحاه كما تقول آتيك العشية أو غداتها.
والحمد لله حقَّ حمده.
* * *