الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
دينار فصرفته بعشرة دراهم، فكنت إذا جئت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تصدقت بدرهم، فنسخت فلم يعمل بها غيري (ذلِكَ): التصدق (خَيْرٌ لَكُمْ وَأَطْهَرُ فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) هذا رخصة مناجاتهم للفقراء بلا تصدق (أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ): أي: أخفتم تقديم الصدقة لما يعدكم الشيطان عليه من الفقر، وجمع الصدقات لجمع المخاطبين (فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا) ما أمرتم به (وَتَابَ اللهُ عَلَيْكُمْ) عذركم ورخص لكم في أن لا تفعلوه (فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ) فلا تفرطوا فيهما (وَأَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ) في أوامره ونواهيه، ليكون كالجابر (وَاللهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ).
* * *
(أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ تَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللهُ عَلَيْهِمْ مَا هُمْ مِنْكُمْ وَلَا مِنْهُمْ وَيَحْلِفُونَ عَلَى الْكَذِبِ وَهُمْ يَعْلَمُونَ
(14)
أَعَدَّ اللهُ لَهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (15) اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ فَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ (16) لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ مِنَ اللهِ شَيْئًا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (17) يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللهُ جَمِيعًا فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَمَا يَحْلِفُونَ لَكُمْ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلَى شَيْءٍ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْكَاذِبُونَ (18) اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ
الشَّيْطَانُ فَأَنْسَاهُمْ ذِكْرَ اللهِ أُولَئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ (19) إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ فِي الْأَذَلِّينَ (20) كَتَبَ اللهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ (21) لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (22)
* * *
(أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ): المنافقين (تَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللهُ عَلَيْهِمْ) اليهود، كان المنافقون ينقلون إليهم أسرار المؤمنين (مَا هُمْ مِنْكُمْ) لأنَّهُم منافقون (وَلَا مِنْهُمْ) من اليهود أيضًا؛ لأنَّهُم مذبذبون (وَيَحْلِفُونَ عَلَى الْكَذِبِ) وهو ادعاء الإسلام (وَهُمْ يَعْلَمُونَ) أن [المحلوف] عليه كذب (أَعَدَّ اللهُ لَهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) يعني هذا العذاب؛ لإصرارهم على سوء العمل (اتَّخَدوا أَيْمَانَهُمْ) التي حلفوا بها (جُنَّةً) وقاية من القتل والنهب (فصَدُّوا) الناس (عَن سَبِيلِ اللهِ) يعني بالحلف الكذب، يقون أنفسهم ويأمنون وفي خلال أمنهم يصدون الناس عن الدين الحق (فَلَهُمْ عَذَاب مهِينٌ لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ مِنَ اللهِ شَيْئًا) أي من عذابه، أو شيئًا من الإغناء (أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) نزلت
ْحين قال عليه الصلاة والسلام: سيأتيكم إنسان (1) ينظر بعيني شيطان، فإذا ناداكم فلا تكلموه، فجاء رجل أزرق فقال له عليه الصلاة والسلام: علامَ تشتمني أنت وفلان، فانطلق الرجل، فدعاهم وحلفوا له، واعتذروا إليه (يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللهُ جَمِيعًا)، ظرف لن تغني (فَيَحْلِفُونَ لَهُ) لله تعالى على أنَّهم ما كانوا مشركين (كَمَا يَحْلِفُونَ لَكُمْ) كذبا في الدنيا أنَّهم منكم (وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلَى شَيْءٍ) حسبوا أن الأيمان الكاذبة تروج الكذب في الآخرة، كما روجت في الدنيا (أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْكَاذِبُونَ اسْتَحْوَذَ) استولى (عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنْسَاهُمْ ذِكْرَ اللهِ) فلا يذكرون الله تعالى أصلاً ولا يصلون (أُولَئِكَ حِزْبُ) جنود (الشَّيْطَانِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللهَ) يعادونه (وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ فِي الْأَذَلِّينَ) في جملة من لهم ذل فى الدارين.
(كَتَبَ اللهُ) حكم وقرر (لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي) إما بالحجة وإما بها وبالسيف (ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين إنهم لهم المنصورون)[الصافات: 171 - 172] الآية (إِنَّ اللهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللهَ وَرَسُولَهُ) يعني لا يجتمع الإيمان ومحبة أعداء الله تعالى (وَلَوْ كَانُوا) أي من حاد الله (آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ) أقاربهم (أُولَئِكَ) الذين لم يوادوهم (كَتَبَ) الله (فِى قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ): أثبته فيها (وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ): من عند
(1) رواه أحمد وغيره، ولا شبهة أن هذا الرجل من المنافقين. [وقال الشيخ أحمد شاكر في " تعليقه على المسند " (2407): وإسناده صحيح].
بدأ بالآباء لأن الواجب على الأولاد طاعتهم فنهاهم عن توادهم ثم ثني بالأبناء لأنه أعلق بالقلوب ثم ثالثًا بالإخوان لأن لهم التعاضد ثم رابعًا بالعشيرة لأن بهم التناصر والمقاتلة / 12 وجيز.
الله تعالى وهو النصر على العدو أو نور القلب (وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ) حال مقدرة (فِيهَا رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ) لما سخطوا على القرائب لله تعالى عوضهم بالرضا عنهم وأرضاهم عنه بما أنعم عليهم من الفضل العظيم (أُولَئِكَ حِزْبُ اللهِ) أنصار دينه (أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) الفائزون بخير الدارين.
اللهم اجعلنا منهم.
* * *