الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سورة النَّجْمِ
مكية
وهي إحدى أو اثنتان وستونَ آية وثلاث ركوعات
* * *
بسم الله الرحمن الرحيم
(وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى
(1)
مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى (2) وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (4) عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى (5) ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى (6) وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى (7) ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى (8) فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى (9) فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى (10) مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى (11) أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى (12) وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى (13) عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى (14) عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى (15) إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى (16) مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى (17) لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى (18) أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى (19) وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى (20) أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثَى (21) تِلْكَ إِذًا قِسْمَةٌ ضِيزَى (22) إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنْفُسُ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدَى (23) أَمْ لِلْإِنْسَانِ مَا تَمَنَّى (24) فَلله الْآخِرَةُ وَالْأُولَى (25)
* * *
(وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى) أقسم بالثريا إذا غاب، أو بجنس النجم إذا انقض، ورمي به الشياطين، أو بالقرآن وقد نزل منجمًا إذا نزل من السماء، أو بالنجوم إذا انتثرت يوم القيامة، وعن السلف: الخالق يقسم بما شاء من خلقه، والمخلوق لا ينبغي أن يقسم إلا بالخالق، (مَا ضَلَّ): ما عدل عن الطريق المستقيم، (صَاحِبُكُمْ): صلى الله عليه
وسلم، (وَمَا غَوَى): وما اعتقد باطلاً كما تزعمون، (وَمَا يَنْطِقُ): بالقرآن، (عَنِ الْهَوَى) أو ما يقول قولاً عن هوى وغرض، (إِنْ هُوَ): ليس ما ينطق به، (إِلا وَحْيٌ): من الله تعالى، (يُوحَى): إليه، وفي الحديث أنه قال عليه السلام:" لا أقول إلا حقًّا "، (عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى): جبريل فإنه شديد قواه، (ذُو مِرَّةٍ): ذو قوة شديدة، ومنظر حسن أو إحكام في العقل، (فَاسْتَوَى): جبريل واستقام على صورته التي خلقه الله تعالى عليها، وما رآه غيره من الأنبياء على صورته، (وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى): أفق السماء قد سد الأفق، وهذا قبل الإسراء، (ثُمَّ دَنَا): جبريل إلى محمد، وهبط إلى الأرض بعدما رده الله تعالى إلى صورة آدمي، (فَتَدَلَّى): تعلق به وليس المراد منه الإسراء، وكأن هذه الرؤية في أوائل البعثة بعد أن جاء إليه في حراء قيل: فى " فتدلى " إشارة منه إلى أنه ما تجاوز عن مكانه فإنه استرسال مع تعلق كتدلي الثمرة، (فَكَانَ): جبريل، (قَابَ): مقدار، (قَوْسَيْنِ)، يعني مقدار مسافة قربه مثل قاب قوسين، (أَوْ أَدْنَى): على تقديركم، والغرض نفي ما زاد عليه، (فَأَوْحَى): جبريل، (إِلَى عَبْدهِ): إلى عبد الله تعالى، (مَا أَوْحَى): جبريل فيه تفخيم للموحى به، أو المعنى فأوحى الله تعالى إلى عبده ما أوحى بواسطة جبريل، وحاصل المعنى متحد، (مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى) أي: فؤاد محمد صلى الله عليه وسلم ما رآه ببصره من صورة جبريل، أو ما كذب الفؤاد ما رآه بفؤاده أي: الله تعالى، وفي الحديث " رأيته بفؤادي
مرتين ثم قرأ (مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى)(أَفَتُمَارُونَهُ): تجادلونه من المراء، (عَلَى مَا يَرَى): من صورة جبريل، ولتضمينه معنى الغلبة عدى بعلى، (وَلَقَدْ رَآهُ): جبريل في صورته، (نَزْلَةً أُخْرَى): مرة أخرى، وعن أبي هريرة رضي الله عنه وجم غفير من السلف أنه رأى جبريل في صورته مرتين والمرة الأخيرة ليلة الإسراء نصب بالمفعول فيه، (عِندَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى): هي شجرة نبق في السماء السابعة عن يمين العرش إليها ينتهي علم الخلائق لا يعلم أحد ما وراءها، (عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى)، فيه تعظيم لما يغشاها، وفي الحديث " أنه غشاها نور الربِّ، وألوانًا لا يدري ما هي، والملائكة مثل الغربان يعبدون " ما يغشى فاعل يغشى، وإذ ظرف لـ رآه أو لما زاغ عند من يجوز تقديم ما بعد ما إذا كان ظرفًا، (مَا زَاغَ): ما مال، (الْبَصَرُ) أي: بصر النبي صلى الله عليه وسلم عما رآه (وَمَا طَغَى): ما تجاوزه، وهذا وصف أدبه صلى الله عليه وسلم (لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ ربِّهِ): بعض عجائبه، (الْكُبْرَى)، صفة الآيات، أو هو المفعول ومن آيات ربه حال مقدم، ثم اعلم أنه قد ورد في الصحيحين أن عائشة رضي الله عنها قالت: أنا أول من سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قوله " ولقد رآه بالأفق المبين "، " ولقد رآه نزلة أخرى " فقال:" إنما ذاك جبريل لم يره في صورته إلا مرتين "، وفي مسلم عن أبي ذر رضي الله عنه قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم هل رأيت ربَّك؟ قال: [نُورٌ] أَنَّى أَرَاهُ "، وفي
رواية لغير مسلم " رأيت نورًا "، وكان سؤال عائشة بعد الإسراء، فلا يمكن أن يقال كأن نفي الرؤية قبل الإسراء، وما قيل إنه عليه الصلاة والسلام خاطبها على قدر عقلها فخطأ مردود قال الشيخ عماد الدين ابن كثير: لا يصح في أنه رأى ربه ببصره شيء عن الصحابة، وأما ما قال البغوي: ذهب جماعة إلى أنه رآه بعينه، وهو قول أنس والحسن وعكرمة، ففيه نظر، والحديث الذي رواه الإمام أحمد عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال عليه الصلاة والسلام: " رأيت ربي عز وجل " فهو مختصر من حديث المنام كما رواه الإمام أحمد أيضًا، وقد ثبت عن كثير من السلف نفي رؤية البصر، والله أعلم، (أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ): صخرة بيضاء عليها بيت بالطائف له
سدنة يعظمونه اشتقوا اسمها من لفظ الله يعنون مؤنثه - تعالى الله عن ذلك، (وَالْعُزَّى)، من العزيز شجرة عليها بناء وأستار بنخلة بين مكة والطائف، (وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى)، كانت بين مكة والمدينة يهلون منها للحج أفرد هذه الثلاثة بالذكر وإن كان في جزيرة العرب طواغيت كثيرة عليها بيوت يعظمونها كتعظيم الكعبة، لأنها أشهر من غيرها، وأعظم عندهم، والأخرى ذم وهي المتأخرة في الرتبة، و " أفرأيتم " عطف على أفتمارونه، وإدخال الهمزة لزيادة الإنكار يعني: أبعد هذا البيان تستمرون على المراء فترون اللات والعزى ومناة أولاد الله أخس أولاد أي الإناث وقوله: (أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثَى)، دال على ثاني مفعولي أفرأيتم، ومعناه أتختارون لأنفسكم الذكر من الأولاد، وتجعلون لله، وتختارون له البنات فإنهم يقولون: الملائكة وهذه الأصنام بنات الله - تعالى عن ذلك، (تِلْكَ إِذًا قِسْمَةٌ ضِيزَى): جائرة، ومن قرأ بالهمزة، فهو من ضأزه إذا ظلمه، (إِنْ هِيَ): ما الأصنام، (إِلا أَسْمَاءٌ): ليس لها في الحقيقة مسميات، لأنكم تدعون الألوهية لها، (سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ): بهواكم، (مَا أَنْزَلَ اللهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ): برهان تتعلقون به، (إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنْفُسُ): أنفسهم، (وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدَى): الرسول