الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ما علينا (إِنَّ اللهَ قَدْ حَكَمَ بَيْنَ الْعِبَادِ) فأعطى كلًّا ما يستحقه (وَقَالَ الَّذِينَ فِي النَّارِ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ)، وعذاب جهنم غير منحصر في النار، (ادْعُوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْمًا مِنَ الْعَذَابِ) أي: قدر يوم، ومن العذاب بيانه، أو بعضًا من العذاب في يوم من الأيام (قَالُوا أَوَلَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ) أي: أكنتم غفلتم عن هذا ولم تك تأتيكم؟ إلخ، (قَالُوا بَلَى): جاءوا بها، (قَالُوا) الخزنة:(فَادْعُوا): أنتم لأنفسكم فنحن لا ندعوا لكم وفيه إقناط لهم، (وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ): ضياع لا نفع له.
* * *
(إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ
(51)
يَوْمَ لَا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ (52) وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْهُدَى وَأَوْرَثْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ الْكِتَابَ (53) هُدًى وَذِكْرَى لِأُولِي الْأَلْبَابِ (54) فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ (55) إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ مَا هُمْ بِبَالِغِيهِ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (56) لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (57) وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَلَا الْمُسِيءُ قَلِيلًا مَا تَتَذَكَّرُونَ (58) إِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ لَا رَيْبَ فِيهَا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يُؤْمِنُونَ (59) وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ (60)
* * *
(إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا): بظهور حجتهم والانتقام من أعدائهم والنصرة بهذا المعنى عام لكل رسول والمؤمنين وقيل: الخبر عام وأريد به الأكثرون فإن بعضًا منهم قد قتل، كيحيى وزكريا وغيرهما، (فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ): فإن الملائكة يشهدون للرسل وعلى الكفار، والجمهور على أن فاعلاً لا يجمع على أفعال، وفي الصحاح أنه جمع شَهْدٍ بالسكون وفي المرزوقي جمع شهود (يَوْمَ لَا يَنْفَعُ)، بدل (الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ)، وإن رخصوا في الاعتذار (وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ): يعني جهنم، (وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْهُدَى): ما يهتدى به في أمر الدين، (وَأَوْرَثْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ الْكِتَابَ): تركنا عليهم من بعده التوراة (هُدًى وَذكرَى)، مفعول أو حال، هاديًا ومذكرًا (لِأُولِي الْأَلْبَابِ فَاصْبِرْ): على أذاهم، (إِنَّ وَعْدَ اللهِ): في نصرتك، (حَقٌّ)، واستشْهِدْ بحال موسى (وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ)، لفرطاتك ليُعْلى درجتك، وليصير سنة لأمتك (وَسَبِّحْ): متلبسًا، (بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ): أواخر النهار وأوائله أو صلِّ العصر والصبح (إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ): برهان (أَتَاهُمْ): يردون الحجج بالشبه، (إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ). إلا تكبر عن اتباع الحق يريدون إبطاله، (مَا هُمْ بِبَالِغِيهِ):
بواصلي مقتضيه (فَاسْتَعِذْ بِاللهِ) في إطفاء نارهم، وعن كعب وأبي العالية رضي الله عنهما نزلت حين قالت اليهود: إن صاحبنا الدجال يخرج، فنملك به الأرض فأمر الله تعالى أن يستعيذ من شره، (إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ): أعظم وأشق في نظر العقل، (مِنْ خَلْقِ النَّاسِ): إعادتهم (وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ)، فلهذا ينكرون الإعادة مع الاعتراف بخلق الأعظم من غير أصل وهذا رد لجدالهم في رد البعث، ومن قال: الأمر بالاستعاذة من الدجال، فهذا رد لمقال الدجال من دعوى الألوهية، وإنكار البعث (وَمَا يَسْتَوِى الأَعْمَى وَالبصِيرُ
وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَلَا الْمُسِيءُ) مزيد لا للمبالغة في نفي مساواته للمحسن، والأولان مثلان للغافل والمستبصر، والآخران للمحسن والمسيء لتغاير وصفيهما أو كأنه قال لا يستوي الأعمى والبصير فكذلك المحسن والمسيء فشبه حالهما فى عدم الاستواء بحالهما، (قَلِيلًا مَا تَتَذَكَّرُونَ) أي: تذكرون تذكرًا قليلاً، (إِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ لَا رَيْبَ فِيهَا): لأن من تأمل في أطوار الخلق يعلم أنه لابد من معاد يجازى المحسن والمسيء، ولاتفاق كلمة الأنبياء عليهم السلام مع ظهور معجزتهم عليها، (وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يُؤْمِنُونَ): لا يصدقون بها لغفلتهم وجهلهم (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي): سلوني، (أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي): عن دعائي، والدعاء مخ العبادة، وفي الحديث " من لم يدع الله " وفي رواية " لم يسأل الله يغضب عليه "، أو معناه اعبدوني أثبكم، (سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ) صاغرين ذليلين.
* * *