الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الهدى (فَأَخَذَتْهُمْ صَاعِقَةُ الْعَذَابِ الْهُونِ): صيحة ورجفة؛ وهي الذل والهوان والإضافة إلى العذاب ووصفه بالهوان للمبالغة (بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ): من القبائح (وَوَنَجَّيْنَا): من تلك الصاعقة، (الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ).
* * *
(وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَاءُ اللهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ
(19)
حَتَّى إِذَا مَا جَاءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (20) وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنْطَقَنَا اللهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (21) وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَا أَبْصَارُكُمْ وَلَا جُلُودُكُمْ وَلَكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللهَ لَا يَعْلَمُ كَثِيرًا مِمَّا تَعْمَلُونَ (22) وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ (23) فَإِنْ يَصْبِرُوا فَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ وَإِنْ يَسْتَعْتِبُوا فَمَا هُمْ مِنَ الْمُعْتَبِينَ (24) وَقَيَّضْنَا لَهُمْ قُرَنَاءَ فَزَيَّنُوا لَهُمْ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنَّهُمْ كَانُوا خَاسِرِينَ (25)
* * *
(وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَاءُ اللهِ إِلَى النَّارِ) أي اذكره (فَهُمْ يُوزَعُونَ) يحبس أولهم على آخرهم (حَتَّى إِذَا مَا جَاءوهَا) ما مزيدة لتأكيد ظرفية للشهادة أي: إنما تقع فيه
ألبتَّة (شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُونَُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ): من المعاصي، (وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ)، خص الجلود بالسؤال لأن الشهادة منها أعجب إذ ليس شأنها الإدراك بخلاف السمع والبصر (لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا): لأي علة؟! وبأي موجب؟! (قَالُوا أَنْطَقَنَا اللهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ) أي: كل شيء ينطق فما شهدنا اختيارًا، بل اضطرارًا، والأعضاء في القيامة هي الناطقة بالحقيقة وفيها القدرة والإرادة، لا كنطق ينسب إلى الجملة، واللسان مجرد آلة حتى إن إسناد النطق إليه ربما يعد مجازًا (وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ)، الظاهر أنه من تتمة كلام الجلود عن ابن عباس رضي الله عنهما إن الكافر يجحد شركه ويحلف كما يحلفون لكم فتشهد من أنفسهم جوارحهم ويختم على أفواههم ثم يفتح لهم الأفواه فتخاصم الجوارح فتقول أنطقنا الله الذي أنطق كل شيء وهو الذي خلقكم أول مرة وإليه ترجعون، فتقر الألسنة بعد الجحود (وَما كُنتمْ تَسْتَتِرُونَ): عند المعاصي، (أَنْ يَشْهَدَ): لأن يشهد (عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَا أَبْصَارُكُمْ وَلَا جُلُودُكُمْ) أي: ليس استتاركم عند المعاصي خيفة شهادة الجوارح، فإنكم ما تصدقون بشهادتها لإنكاركم الحشر والبعث (وَلَكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللهَ لَا يَعْلَمُ كَثِيرًا مِمَّا تَعْمَلُونَ) أي: لكنكم
إنما استترتم لظنكم أن الله لا يعلم الخفيات، فهو بالحقيقة استدراك من المفعول له أي: ليس استتاركم لخوف الشهادة، بل لظن أن الله تعالى لا يعلم (وَذلِكُمْ)، مبتدأ (ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ) خبر أو بدل (أَرْدَاكُمْ)، خبر ثان أو هو الخبر أي: أهلككم، (فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ)، قد صرح بعض المفسرين أن كلام الجلود إلى قوله:(فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ)، (فَإِنْ يَصْبِرُوا): ولا يسألوا شيئًا، (فَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ): لم ينفعهم الصبر، (وَإِنْ يَسْتَعْتِبُوا): يسترضوا، (فَمَا هُمْ مِنَ الْمُعْتَبِينَ)، فلم يرضوا تقول استعتبته فأعتبني أي: استرضيته فأرضاني أو إن سألوا الرجوع عن الآخرة إلى الدنيا لم يجابوا، (وَقَيَّضْنَا): قدرنا، (لَهُمْ): للمشركين، (قُرَنَاءَ): من الشياطين، (فَزَيَّنُوا لَهُمْ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ) أي: أحْسَنوا لهم أعمالهم الماضية والآتية فلم يروا أنفسهم إلا محسنين أو أمر الدنيا واتباع شهواتها، وأمر الآخرة وإنكارها (وَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ): كلمة العذاب، (فِي أُمَمٍ) أي: كائنين في جملتهم حال من عليهم (قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنَّهُمْ) استئناف تعليل (كَانُوا خَاسِرِينَ).
* * *