المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌السنة تفصل ما أجمله الكتاب - تفسير القاسمي محاسن التأويل - جـ ١

[جمال الدين القاسمي]

فهرس الكتاب

- ‌المجلد الأول

- ‌ترجمة المؤلف

- ‌1- عصر المؤلف:

- ‌2- نسبه:

- ‌3- ولادته:

- ‌4- نشأته ومشيخته:

- ‌5- طريقته في التأليف:

- ‌6- أسلوبه:

- ‌7- ثقافته العامة:

- ‌مقدّمة

- ‌تمهيد خطير في قواعد التفسير

- ‌1- قاعدة في أمهات مآخذه:

- ‌2- قاعدة في معرفة صحيح التفسير، وأصح التفاسير عند الاختلاف:

- ‌فصل

- ‌3- قاعدة في أن غالب ما صح عن السلف من الخلاف يرجع إلى اختلاف تنوّع، لا اختلاف تضادّ:

- ‌فصل

- ‌4- قاعدة في معرفة النزول:

- ‌5- قاعدة في الناسخ والمنسوخ

- ‌6- قاعدة في القراءة الشاذة والمدرج:

- ‌7- قاعدة في قصص الأنبياء والاستشهاد بالإسرائيليات

- ‌فصل في معنى ما نقل أن للقرآن ظاهرا وباطنا

- ‌ثم قال الشاطبيّ: فصل

- ‌8- قاعدة في أن كل معنى مستنبط من القرآن غير جار على اللسان العربي فليس من علوم القرآن في شيء

- ‌ثم قال الشاطبيّ: فصل

- ‌ثم قال الشاطبيّ: فصل

- ‌ثم قال الشاطبيّ: فصل

- ‌ثم قال الشاطبيّ: فصل

- ‌المسألة العاشرة

- ‌ثم قال الشاطبيّ: فصل

- ‌9- قاعدة في أن الشريعة أمية، وأنه لا بد في فهمها من اتباع معهود الأميين، وهم العرب الذين نزل القرآن بلسانهم

- ‌ثم قال الشاطبيّ: فصل

- ‌ثم قال الشاطبيّ: «المسألة الرابعة»

- ‌ثم قال الشاطبيّ: فصل

- ‌ثم قال الشاطبيّ: فصل

- ‌ثم قال الشاطبيّ: فصل

- ‌فصل في أن بيان الصحابة حجة إذا أجمعوا

- ‌فصل في أن كل حكاية في القرآن لم يقع لها ردّ فهي صحيحة

- ‌ثم قال الشاطبيّ: فصل

- ‌10- قاعدة الترغيب والترهيب في التنزيل الكريم

- ‌ثم قال الشاطبيّ: فصل

- ‌ثم قال الشاطبيّ: فصل

- ‌فصل في أن الأحكام في التنزيل أكثرها كلية ولذا احتيج في الاستنباط منه إلى السنة

- ‌‌‌ثم قال الشاطبيّ: فصل

- ‌ثم قال الشاطبيّ: فصل

- ‌ثم قال الشاطبيّ: فصل

- ‌فصل في أقسام العلوم المضافة إلى القرآن

- ‌فصل «في أن المدنيّ من السور منزل في الفهم على المكيّ»

- ‌ثم قال الشاطبيّ: فصل

- ‌فصل في الاعتدال في التفسير

- ‌ثم قال الشاطبيّ: فصل

- ‌فصل فيما جاء من إعمال الرأي في القرآن الكريم

- ‌فصل في أن الأدلة الشرعية لا تنافي قضايا العقول

- ‌فصل في أن رتبة السنة التأخر عن الكتاب، وأنها تفصيل مجمله وقاضية عليه

- ‌مطلب في ملحظ تفرقة الحنفية بين الفرض والواجب

- ‌السنة تفصل ما أجمله الكتاب

- ‌ثم قال الشاطبيّ: فصل

- ‌11- قاعدة في أنه: هل في القرآن مجاز أم لا

- ‌فصل في أنه هل في اللغة أسماء شرعية نقلها الشارع عن مسماها في اللغة؟ أو أنها باقية في الشرع على ما كانت عليه في اللغة

- ‌ذكر مجمل مقاصد التنزيل الكريم وضروب التفسير

- ‌مطلب في سر التكرير

- ‌سر تكرير قصة موسى مع فرعون

- ‌ما اقتضته الحكمة الربانية في التنزيل الكريم

- ‌ذكر بديع أسلوب القرآن الكريم

- ‌الفصل الأول

- ‌الفصل الثاني

- ‌الرخصة بقراءة القرآن على سبعة أحرف في العهد النبويّ

- ‌معنى السبع في حديث «أنزل على سبعة أحرف»

- ‌معنى الأحرف في الحديث

- ‌الرد على من توهم أن بعض الصحابة يجوّز التلاوة بالمعنى

- ‌اقتصار عثمان رضي الله عنه في جمعه، على الحرف المتواتر

- ‌بيان أن اختلاف القراءة في رفع حرف ونصبه ونحوه ليس من السبعة الأحرف

- ‌سبب الاقتصار على قراءات الأئمة المشهورين

- ‌ورود القراءات عن أئمة الأمصار على موافقة مصاحفهم العثمانية

- ‌موافقة القراءات لرسم المصحف العثمانيّ تحقيقا أو تقديرا

- ‌ما لا يعد مخالفا لصريح الرسم من القراءات الثابتة

- ‌مدار القراءات على صحة النقل لا على الأقيس، عربية

- ‌ذكر من ذهب إلى أن مرجع القراءات ليس هو السماع بل الاجتهاد

- ‌بحث أسانيد الأئمة السبعة هل هي متواترة أم آحاد

- ‌رأي الإمام أبي شامة في تواتر ما أجمع عليه من غير نكير

- ‌رأي ابن الحاجب وغيره في تواتر ما ليس من قبل الأداء

- ‌بحث القراءات الشاذة

- ‌القسم الثاني:

- ‌القسم الثالث:

- ‌بيان أن كل قراءة صحت عن النبيّ صلى الله عليه وسلم وجب قبولها والإيمان بها

- ‌افتراق اختلاف القراء من اختلاف الفقهاء

- ‌معنى إضافة القراءة إلى من قرأ بها

- ‌ثمرة اختلاف القراءات وتنوّعها

- ‌إجمال المباحث المتقدمة في تواتر القراءات وعدمها

- ‌فصل في ذكر ملخص وجوه التفسير ومراتبه

- ‌فصل في بيان دقائق المسائل العلمية الفلكية الواردة في القرآن الكريم

- ‌بيان أن الصواب في آيات الصفات هو مذهب السلف

- ‌ذكر انطواء القرآن على البراهين والأدلة

- ‌شرف علم التفسير

- ‌سورة فاتحة الكتاب

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الفاتحة (1) : آية 1]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الفاتحة (1) : آية 2]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الفاتحة (1) : آية 3]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الفاتحة (1) : آية 4]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الفاتحة (1) : آية 5]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الفاتحة (1) : آية 6]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الفاتحة (1) : آية 7]

- ‌سورة البقرة

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة البقرة (2) : آية 1]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة البقرة (2) : آية 2]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة البقرة (2) : آية 3]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة البقرة (2) : آية 4]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة البقرة (2) : آية 5]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة البقرة (2) : آية 6]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة البقرة (2) : آية 7]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة البقرة (2) : آية 8]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة البقرة (2) : آية 9]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة البقرة (2) : آية 10]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة البقرة (2) : الآيات 11 الى 12]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة البقرة (2) : آية 13]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة البقرة (2) : آية 14]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة البقرة (2) : آية 15]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة البقرة (2) : آية 16]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة البقرة (2) : آية 17]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة البقرة (2) : آية 18]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة البقرة (2) : آية 19]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة البقرة (2) : آية 20]

- ‌تنبيهات:

- ‌فصل

- ‌التنبيه الثالث:

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة البقرة (2) : آية 21]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة البقرة (2) : آية 22]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة البقرة (2) : آية 23]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة البقرة (2) : آية 24]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة البقرة (2) : آية 25]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة البقرة (2) : آية 26]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة البقرة (2) : آية 27]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة البقرة (2) : آية 28]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة البقرة (2) : آية 29]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة البقرة (2) : آية 30]

- ‌تنبيهات في وجوه فوائد من الآية

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة البقرة (2) : آية 31]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة البقرة (2) : آية 32]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة البقرة (2) : آية 33]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة البقرة (2) : آية 34]

- ‌تنبيهات:

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة البقرة (2) : آية 35]

- ‌لطيفة:

- ‌تنبيه:

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة البقرة (2) : آية 36]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة البقرة (2) : آية 37]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة البقرة (2) : آية 38]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة البقرة (2) : آية 39]

- ‌تنبيه:

- ‌«فوائد»

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة البقرة (2) : آية 40]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة البقرة (2) : آية 41]

- ‌تنبيه:

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة البقرة (2) : الآيات 42 الى 43]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة البقرة (2) : آية 44]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة البقرة (2) : آية 45]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة البقرة (2) : آية 46]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة البقرة (2) : آية 47]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة البقرة (2) : آية 48]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة البقرة (2) : آية 49]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة البقرة (2) : آية 50]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة البقرة (2) : آية 51]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة البقرة (2) : آية 52]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة البقرة (2) : آية 53]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة البقرة (2) : آية 54]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة البقرة (2) : الآيات 55 الى 56]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة البقرة (2) : آية 57]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة البقرة (2) : الآيات 58 الى 59]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة البقرة (2) : آية 60]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة البقرة (2) : آية 61]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة البقرة (2) : آية 62]

- ‌تنبيه:

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة البقرة (2) : آية 63]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة البقرة (2) : آية 64]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة البقرة (2) : آية 65]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة البقرة (2) : آية 66]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة البقرة (2) : آية 67]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة البقرة (2) : آية 68]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة البقرة (2) : آية 69]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة البقرة (2) : آية 70]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة البقرة (2) : آية 71]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة البقرة (2) : آية 72]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة البقرة (2) : آية 73]

- ‌تنبيهات:

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة البقرة (2) : آية 74]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة البقرة (2) : آية 75]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة البقرة (2) : آية 76]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة البقرة (2) : آية 77]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة البقرة (2) : آية 78]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة البقرة (2) : آية 79]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة البقرة (2) : آية 80]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة البقرة (2) : آية 81]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة البقرة (2) : آية 82]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة البقرة (2) : آية 83]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة البقرة (2) : آية 84]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة البقرة (2) : آية 85]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة البقرة (2) : آية 86]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة البقرة (2) : آية 87]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة البقرة (2) : آية 88]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة البقرة (2) : آية 89]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة البقرة (2) : آية 90]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة البقرة (2) : آية 91]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة البقرة (2) : آية 92]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة البقرة (2) : آية 93]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة البقرة (2) : آية 94]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة البقرة (2) : آية 95]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة البقرة (2) : آية 96]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة البقرة (2) : الآيات 97 الى 98]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة البقرة (2) : آية 99]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة البقرة (2) : آية 100]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة البقرة (2) : آية 101]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة البقرة (2) : آية 102]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة البقرة (2) : آية 103]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة البقرة (2) : آية 104]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة البقرة (2) : آية 105]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة البقرة (2) : آية 106]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة البقرة (2) : آية 107]

- ‌تنبيهان:

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة البقرة (2) : آية 108]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة البقرة (2) : آية 109]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة البقرة (2) : آية 110]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة البقرة (2) : آية 111]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة البقرة (2) : آية 112]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة البقرة (2) : آية 113]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة البقرة (2) : آية 114]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة البقرة (2) : آية 115]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة البقرة (2) : آية 116]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة البقرة (2) : آية 117]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة البقرة (2) : آية 118]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة البقرة (2) : آية 119]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة البقرة (2) : آية 120]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة البقرة (2) : آية 121]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة البقرة (2) : الآيات 122 الى 123]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة البقرة (2) : آية 124]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة البقرة (2) : آية 125]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة البقرة (2) : آية 126]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة البقرة (2) : آية 127]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة البقرة (2) : آية 128]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة البقرة (2) : آية 129]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة البقرة (2) : آية 130]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة البقرة (2) : آية 131]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة البقرة (2) : آية 132]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة البقرة (2) : آية 133]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة البقرة (2) : آية 134]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة البقرة (2) : آية 135]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة البقرة (2) : آية 136]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة البقرة (2) : آية 137]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة البقرة (2) : آية 138]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة البقرة (2) : آية 139]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة البقرة (2) : آية 140]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة البقرة (2) : آية 141]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة البقرة (2) : آية 142]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة البقرة (2) : آية 143]

- ‌تنبيهات:

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة البقرة (2) : آية 144]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة البقرة (2) : آية 145]

- ‌فوائد:

- ‌تنبيهات:

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة البقرة (2) : آية 146]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة البقرة (2) : آية 147]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة البقرة (2) : آية 148]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة البقرة (2) : آية 149]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة البقرة (2) : آية 150]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة البقرة (2) : آية 151]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة البقرة (2) : آية 152]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة البقرة (2) : آية 153]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة البقرة (2) : آية 154]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة البقرة (2) : الآيات 155 الى 156]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة البقرة (2) : آية 157]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة البقرة (2) : آية 158]

- ‌تنبيهات:

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة البقرة (2) : آية 159]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة البقرة (2) : آية 160]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة البقرة (2) : الآيات 161 الى 162]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة البقرة (2) : آية 163]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة البقرة (2) : آية 164]

- ‌لطيفتان:

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة البقرة (2) : آية 165]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة البقرة (2) : آية 166]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة البقرة (2) : آية 167]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة البقرة (2) : آية 168]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة البقرة (2) : آية 169]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة البقرة (2) : آية 170]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة البقرة (2) : آية 171]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة البقرة (2) : آية 172]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة البقرة (2) : آية 173]

- ‌فصل فيما لتحريم هذه المذكورات من الحكم والأسرار الباهرات

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة البقرة (2) : آية 174]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة البقرة (2) : آية 175]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة البقرة (2) : آية 176]

- ‌القول في تأويل قوله تعالى: [سورة البقرة (2) : آية 177]

- ‌لطيفة:

- ‌فهرس الجزء الأول

الفصل: ‌السنة تفصل ما أجمله الكتاب

صلاة بعد العصر

. فلا أدري أتعذّب عليها أم تؤجر، لأن الله قال: وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ [الأحزاب: 36] .

وروي عن الحكم بن أبان أنه سأل عكرمة عن أمهات الأولاد؟ فقال: هن أحرار. قلت: بأي شيء؟ قال: بالقرآن. قلت: بأي شيء في القرآن؟ قال: قال الله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ [النساء: 59] . وكان عمر من أولي الأمر. قال: عتقت ولو بسقط. وهذا المأخذ يشبه الاستدلال على إعمال السنة أو هو هو. ولكنه أدخل مدخل المعاني التفصيلية التي يدل عليها الكتاب من السنة.

‌السنة تفصل ما أجمله الكتاب

ومنها الوجه المشهور عند العلماء. كالأحاديث الآتية في بيان ما أجمل ذكره من الأحكام. إما بحسب كيفيات العمل أو أسبابه أو شروطه أو موانعه أو لواحقه أو ما أشبه ذلك. كبيانها للصلوات على اختلافها: في مواقيتها وركوعها وسجودها وسائر أحكامها. وبيانها للزكاة: في مقاديرها وأوقاتها ونصب الأموال المزكاة وتعيين ما يزكى مما لا يزكى. وبيان أحكام الصوم وما فيه مما لم يقع النص عليه في الكتاب. وكذلك الطهارة الحدثية والخبثية. والحج والذبائح والصيد وما يؤكل مما لا يؤكل. والأنكحة وما يتعلق بها من الطلاق والرجعة والظهار واللعان والبيوع وأحكامها. والجنايات من القصاص وغيره. كل ذلك بيان لما وقع مجملا في القرآن.

وهو الذي يظهر دخوله تحت الآية الكريمة وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ [النحل: 44] .

وقد روي عن عمران بن حصين أنه قال لرجل: إنك امرؤ أحمق. أتجد في كتاب الله الظهر أربعا، لا يجهر فيها بالقراءة؟ ثم عدّد إليه الصلاة والزكاة ونحو هذا.

ثم قال: أتجد هذا في كتاب الله مفسرا؟ إن كتاب الله أبهم هذا. وإن السنة تفسر ذلك. وقيل لمطرف بن عبد الله بن الشّخّير: لا تحدثونا إلا بالقرآن. فقال له مطرف:

والله ما نريد بالقرآن بدلا. ولكن نريد من هو أعلم بالقرآن منا.

وروى الأوزاعيّ عن حسان بن عطية قال: كان الوحي ينزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم ويحضره جبريل بالسنّة التي تفسر ذلك. قال الأوزاعيّ: الكتاب أحوج إلى السنة م

ص: 116

السنة إلى الكتاب. قال ابن عبد البرّ: يريد أنها تقضي عليه وتبين المراد منه.

وسئل أحمد بن حنبل عن الحديث الذي روى أن السنة قاضية على الكتاب.

فقال: ما أجسر على هذا أن أقوله. ولكني أقول: إن السنة تفسر الكتاب وتبيّنه.

فهذا الوجه في التفصيل أقرب إلى المقصود وأشهر في استعمال العلماء في هذا المعنى.

ومنها النظر إلى ما دل عليه الكتاب في الجملة وأنه موجود في السنة على الكمال، زيادة إلى ما فيها من البيان والشرح. وذلك أن القرآن الكريم أتى بالتعريف بمصالح الدارين جلبا لها والتعريف بمفاسدهما دفعا لها. وقد مرّ أن المصالح لا تعدو الثلاثة الأقسام: وهي الضروريات ويلحق بها مكملاتها. والحاجيات ويضاف مكملاتها. والتحسينيات ويليها مكملاتها. ولا زائد على هذه الثلاثة. وإذا نظرنا إلى السنة وجدناها لا تزيد على تقدير هذه الأمور. فالكتاب أتى بها أصولا يرجع إليها. والسنة أتت بها تفريعا على الكتاب وبيانا لما فيه منها. فلا تجد في السنة إلا ما هو راجع إلى تلك الأقسام. فالضروريات الخمس كما تأصلت في الكتاب تفصلت في السنة.

فإن حفظ الدين حاصله في ثلاثة معان: وهي الإسلام والإيمان والإحسان.

فأصلها في الكتاب وبيانها في السنة. ومكمله ثلاثة أشياء: وهي الدعاء إليه بالترغيب والترهيب، وجهاد من عانده أو رام إفساده، وتلافي النقصان الطارئ في أصله. وأصل هذه في الكتاب وبيانها في السنة على الكمال.

وحفظ النفس حاصله في ثلاثة معان: وهي إقامة أصله بشرعية التناسل.

وحفظ بقائه بعد خروجه من العدم إلى الوجود من جهة المأكل والمشرب. وذلك ما يحفظه من داخل. والملبس والمسكن. وذلك ما يحفظه من خارج. وجميع هذا مذكور أصله في القرآن ومبين في السنة. ومكمله ثلاثة أشياء: وذلك حفظه عن وضعه في حرام كالزنى، وذلك بأن يكون على النكاح الصحيح. ويلحق به كل ما هو من متعلقاته كالطلاق والخلع واللعان وغيرها. وحفظ ما يتغذى به أن يكون مما لا يضر أو يقتل أو يفسد. وإقامة ما لا تقوم هذه الأمور إلا به من الذبائح والصيد وشرعية الحدّ والقصاص ومراعاة العوارض اللاحقة وأشباه ذلك. وقد دخل حفظ النسل في هذا القسم. وأصوله في القرآن. والسنة بينتها. وحفظ المال راجع إلى مراعاة دخوله في الأملاك. وكتنميته أن لا يفي ومكمله دفع العوارض وتلافي الأصل

ص: 117

بالزجر والحد والضمان. وهو في القرآن والسنة. وحفظ العقل يتناول ما لا يفسده.

وهو في القرآن. ومكمله شرعية الحدّ أو الزجر. وليس في القرآن له أصل على الخصوص. فلم يكن له في السنة حكم على الخصوص أيضا. فبقي الحكم فيه إلى اجتهاد الأمة. وإن ألحق بالضروريات حفظ العرض فله في الكتاب أصل شرحته السنة في اللعان والقذف.

هذا وجه في الاعتبار في الضروريات.

وإذا نظرت إلى الحاجيات اطرد النظر أيضا فيها على ذلك الترتيب أو نحوه.

فإن الحاجيات دائرة على الضروريات. وكذلك التحسينيات. وقد كملت قواعد الشريعة في القرآن وفي السنة. فلم يتخلف عنهما شيء. والاستقراء يبيّن ذلك ويسهل على من هو عالم بالكتاب والسنة. ولما كان السلف الصالح كذلك، قالوا به ونصّوا عليه. حسبما تقدم عن بعضهم فيه. ومن تشوف إلى مزيد فإن دوران الحاجيات على التوسعة والتيسير ورفع الحرج والرفق. فبالنسبة إلى الدين يظهر في مواضع شرعية الرخص في الطهارة كالتيمم ورفع حكم النجاسة فيما إذا عسر إزالتها، وفي الصلاة بالقصر ورفع القضاء في الإغماء والجمع والصلاة قاعدا وعلى جنب. وفي الصوم بالفطر في السفر والمرض. وكذلك سائر العبادات. فالقرآن إن نص على بعض التفاصيل كالتيمم والقصر والفطر فذاك. وإلا فالنصوص على رفع الحرج فيه كافية.

وللمجتهد إجراء القاعدة والترخص بحسبها. والسنة أول قائم بذلك. وبالنسبة إلى النفس أيضا فظهر في مواضع منها مواضع الرخص كالميتة للمضطر، وشرعية المواساة بالزكاة وغيرها، وإباحة الصيد، وإن لم يتأت فيه من إراقة الدم المحرم ما يتأتى بالذكاة الأصلية، وفي التناسل من العقد على البضع من غير تسمية صداق وإجازة بعض الجهالات فيه بناء على ترك المشاحّة، كما في البيوع. وجعل الطلاق ثلاثا دون ما هو أكثر. وإباحة الطلاق من أصله والخلع وأشباه ذلك. وبالنسبة إلى المال أيضا في الترخيص في الغرر اليسير والجهالة التي لا انفكاك عنها في الغالب ورخصة السلم والعرايا والقرض والشفعة والقراض والمساقاة ونحوها. ومنه التوسعة في ادخار الأموال وإمساك ما هو فوق الحاجة منها. والتمتع بالطيبات من الحلال على جهة القصد. من غير إسراف ولا إقتار. وبالنسبة إلى العقل في رفع الحرج عن المكره وعن المضطر، على قول من قال به، في الخوف على النفس عند الجوع والعطش والمرض وما أشبه ذلك. كل ذلك داخل تحت قاعدة رفع الحرج لأن أكثره اجتهاديّ.

ص: 118

وبينت السنة منه ما يحتذي حذوه فرجع إلى تفسير ما أجمل من الكتاب. وما فسّر من ذلك في الكتاب، فالسنة لا تعدوه ولا تخرج عنه. وقسم التحسينيات جار أيضا كجريان الحاجيات. فإنها راجعة إلى العمل بمكارم الأخلاق. وما يحسن في مجاري العادات كالطهارات بالنسبة إلى الصلوات، على رأي من رأى أنها من هذا القسم، وأخذ الزينة من اللباس ومحاسن الهيئات والطّيب وما أشبه ذلك. وانتخاب الأطيب والأعلى في الزكوات والإنفاقات وآداب الرفق في الصيام. وبالنسبة إلى النفوس كالرفق والإحسان. وآداب الأكل والشرب ونحو ذلك. وبالنسبة إلى النسل كالإمساك بالمعروف أو التسريح بالإحسان من عدم التضييق على الزوجة وبسط الرفق في المعاشرة وما أشبه ذلك. وبالنسبة إلى المال كأخذه من غير إشراف نفس، والتورّع في كسبه واستعماله والبذل منه على المحتاج وبالنسبة إلى العقل كمباعدة الخمر ومجانبتها، وإن لم يقصد استعمالها، بناء على أن قوله تعالى: فَاجْتَنِبُوهُ [المائدة: 90] ، يراد به المجانبة بإطلاق.

فجميع هذا له أصل في القرآن بيّنه الكتاب على إجمال أو تفصيل أو على الوجهين معا. وجاءت السنة قاضية على ذلك كله بما هو أوضح في الفهم وأشفى في الشرح.

وإنما المقصود هنا التنبيه. والعاقل يتهدى منه لما لم يذكر مما أشير إليه وبالله التوفيق.

ومنها النظر إلى مجال الاجتهاد الحاصل بين الطرفين الواضحين. ومجال القياس الدائر بين الأصول والفروع وهو المبين في دليل القياس.

ولنبدأ بالأول: وذلك أنه يقع في الكتاب النص على طرفين مبينين فيه أو في السنة. كما تقدم في المأخذ الثاني. وتبقى الواسطة على اجتهاد. والتباين لمجاذبة الطرفين إياها، فربما كان وجه النظر فيها قريب المأخذ فيترك إلى أنظار المجتهدين.

وربما يعد على الناظر أو كان محل تعبّد لا يجري على مسلك المناسبة. فيأتي من رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه البيان، وأنه لاحق بأحد الطرفين. أو آخذ من كل واحد منهما بوجه احتياطيّ أو غيره. وهذا هو المقصود هنا.

ويتضح ذلك بأمثلة: أحدها أن الله تعالى أحل الطيبات وحرّم الخبائث. وبقي بين هذين الأصلين أشياء يمكن لحاقها بأحدهما. فبين عليه السلام في ذلك ما

ص: 119

اتضح به الأمر. فنهى عن أكل كل ذي ناب من السباع وكل ذي مخلب من الطير، ونهى عن أكل لحوم الحمر الأهلية وقال: إنها رجس.

وسئل ابن عمر عن القنفذ فقال: كل. وتلا: قُلْ لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ [الأنعام: 145] الآية. فقال له إنسان: إن أبا هريرة يرويه عن النبي صلى الله عليه وسلم ويقول: «هو خبيثة من الخبائث» «1» . فقال ابن عمر: إن قاله النبيّ صلى الله عليه وسلم فهو كما قال.

وخرّج أبو داود «2» : نهى عليه السلام عن أكل الجلالة وألبانها

. وذلك لما في لحمها ولبنها من أثر الجلة وهي العنهدة (كذا.

ولم أدر ما معناها) .

فهذا كله راجع إلى معنى الإلحاق بأصل الخبائث. كما ألحق عليه السلام الضب والحباري والأرنب وأشباهها بأصل الطيبات.

والثاني: أن الله تعالى أحل من المشروبات ما ليس بمسكر كالماء واللبن والعسل وأشباهها. وحرّم الخمر من المشروبات لما فيها من إزالة العقل الموقع للعداوة والبغضاء والصدّ عن ذكر الله وعن الصلاة. فوقع فيما بين الأصلين ما ليس بمسكر حقيقة ولكنه يوشك أن يسكر. وهو نبيذ الدبّاء والمزفّت والنّقير وغيرها.

فنهى «3» عنها إلحاقا لها بالمسكرات تحقيقا. سدّا للذريعة. ثم رجع إلى تحقيق الأمر في أن الأصل الإباحة كالماء والعسل

فقال عليه السلام «4»

«كنت نهيتكم عن الانتباذ فانتبذوا. وكل مسكر حرام»

. وبقي في قليل المسكر على الأصل من

(1)

أخرجه الإمام أحمد في مسنده: عن عيسى بن نميلة الفزاري عن أبيه قال: كنت عند ابن عمر فسئل عن أكل القنفذ فتلا هذه الآية: قُلْ لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً إلى آخر الآية. فقال شيخ عنده: سمعت أبا هريرة يقول: ذكر عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال: خبيث من الخبائث. فقال ابن عمر: إن كان قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو كما قال

. (2) أخرجه أبو داود في الأطعمة، باب النهي عن أكل الجلالة وألبانها، حديث 3785.

(3)

أخرجه البخاري في الأدب، باب قول الرجل مرحبا: عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: لما قدم وفد عبد القيس على النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مرحبا بالوفد الذي جاءوا غير خزايا ولا ندامى» فقالوا: يا رسول الله! إنا حيّ من ربيعة. وبيننا وبينك مضر. وإنا لا نصل إليك إلا في الشهر الحرام، فمرنا بأمر فصل ندخل به الجنة وندعو به من وراءنا. فقال:«أربع وأربع: أقيموا الصلاة، وءاتوا الزكاة، وصوم رمضان، وأعطوا خمس ما غنمتم. ولا تشربوا في الدبّاء والحنتم والنقير والمزفت»

. (4)

أخرجه مسلم في الجنائز، حديث 106. عن ابن بريدة عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها، ونهيتكم عن لحوم الأضاحي فوق ثلاث فأمسكوا ما بدا لكم.

ونهيتكم عن النبيذ إلا في سقاء، فاشربوا في الأسقية كلها ولا تشربوا مسكرا»

. [.....]

ص: 120

التحريم. فبيّن أن ما أسكر كثيره فقليله حرام «1» . وكذلك نهى عن الخليطين «2» للمعنى الذي نهى من أجله عن الانتباذ في الدبّاء والمزفّت وغيرها. فهذا ونحوه دائر في المعنى بين الأصلين. فكان البيان من رسول الله صلى الله عليه وسلم يعيّن ما دار بينهما إلى أي جهة يضاف من الأصلين.

والثالث: أن الله أباح من صيد الجارح المعلّم ما أمسك عليك. وعلم من ذلك أن ما لم يكن معلّما فصيده حرام إذ لم يمسك إلا على نفسه. فدار بين الأصلين ما كان معلما ولكنه أكل من صيده. فالتعليم يقتضي أنه أمسك عليك. والأكل يقتضي أنه اصطاد لنفسه لا لك. فتعارض الأصلان. فجاءت السنة ببيان ذلك.

فقال عليه السلام «3»

«فإن أكل فلا تأكل فإني أخاف أن يكون إنما أمسكه على نفسه»

وفي حديث آخر «4»

«إذا قتله ولم يأكل منه شيئا فإنما أمسكه عليك»

وجاء في حديث آخر «إذا أرسلت كلبك وذكرت اسم الله فكل، وإن أكل منه..» الحديث.

وجميع ذلك رجوع للأصلين الظاهرين.

والرابع: أن النهي ورد على المحرم أن لا يقتل الصيد مطلقا. وجاء أن على من قتله عمدا الجزاء. وأبيح للحلال مطلقا. فمن قتله فلا شيء عليه. فبقي قتله خطأ في محل النظر. فجاءت السنة بالتسوية بين العمد والخطأ. قال الزهريّ: جاء القرآن بالجزاء على العامد وهو في الخطأ سنة. والزهريّ من أعلم الناس بالسنن.

والخامس: أن الحلال والحرام من كل نوع قد بينه القرآن. وجاءت بينهما أمور ملتبسة لأخذها بطرف من الحلال والحرام. فبيّن صاحب السنة صلى الله عليه وسلم من ذلك على الجملة وعلى التفصيل.

(1)

أخرجه أبو داود في الأشربة، باب في النهي عن المسكر، حديث 3681. عند جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «ما أسكر كثيرة فقليله حرام»

. (2)

أخرجه مسلم في الأشربة، حديث 26. عن أبي قتادة أن نبي الله صلى الله عليه وسلم نهى عن خليط التمر والبسر وعن خليط الزبيب والتمر وعن خليط الزهور والرطب، وقال «انتبذوا كل واحد على حدته»

. (3)

أخرجه البخاري في الذبائح والصيد، باب ما جاء في التصيّد. عن عدي بن حاتم رضي الله عنه قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: إنّا قوم نتصيد بهذه الكلاب، فقال:«إذا أرسلت كلابك المعلّمة وذكرت اسم الله، فكل مما أمسكن عليك. إلا أن يأكل الكلب فلا تأكل. فإني أخاف أن يكون إنما أمسك على نفسه. وإن خالطها كلب من غيرها فلا تأكل» .

(4)

أخرجه البخاري في الذبائح، باب ما أصاب المعراض بعرضه. عن عدي بن حاتم رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله! إنا نرسل الكلاب المعلّمة. قال: «كل ما أمسكن عليك» قلت: وإن قتلن؟ قال: «وإن قتلن» .

ص: 121

فالأول:

قوله «الحلال «1» بين والحرام بين وبينهما أمور مشتبهات

» الحديث.

ومن الثاني:

قوله في حديث عبد الله بن زمعة «2»

«واحتجبي منه يا سودة» لما رأى من شبهه بعتبة..» الحديث.

وفي حديث عديّ بن حاتم في الصيد «فإن اختلط بكلابك كلب من غيرها فلا تأكل. لا تدري لعله قتله الذي ليس منها»

وقال في بئر «3» بضاعة، وقد كانت تطرح فيها الحيض والعذرات «خلق الله الماء طهورا لا ينجسه شيء»

فحكم بأحد الطرفين وهو الطهارة. وجاء في الصيد «4»

«كلّ ما أصميت ودع ما أنميت»

وقال في حديث عقبة بن الحارث في الرضاع «5» ، إذ أخبرته المرأة السوداء بأنها أرضعته والمرأة التي أراد تزوجها.

قال فيه «كيف بها وقد زعمت أنها قد أرضعتكما، دعها عنك»

إلى أشياء من هذا القبيل كثيرة.

والسادس: أن الله عز وجل حرم الزنى وأحل التزويج وملك اليمين. وسكت عن النكاح المخالف للمشروع، فإنه ليس بنكاح محض ولا سفاح محض. فجاء في السنة ما بيّن الحكم في بعض الوجوه حتى يكون محلا لاجتهاد العلماء في إلحاقه بأحد الأصلين مطلقا، أو في بعض الأحوال. وبالأصل الآخر في حال آخر، فجاء في

(1)

أخرجه البخاري في الإيمان، باب فضل من استبرأ لدينه. عن عامر قال: سمعت النعمان بن بشير يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «الحلال بيّن والحرام بيّن وبينهما مشتبهات لا يعلمها كثير من الناس. فمن اتقى المشتبهات استبرأ لدينه وعرضه. ومن وقع في الشبهات كراع يرعى حول الحمى يوشك أن يواقعه. ألا وإن لكل ملك حمى. ألا وإن حمى الله في أرضه محارمه. ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب»

. (2)

أخرجه البخاري في العتق، باب أم الولد. عن عائشة رضي الله عنها قالت: إن عتبة بن أبي وقاص عهد إلى أخيه سعد بن أبي وقاص أن يقبض إليه ابن وليدة زمعة. قال عتبة: إنه ابني. فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم زمن الفتح أخذ سعد ابن وليدة زمعة. فأقبل به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. وأقبل معه بعبد بن زمعة. فقال سعد: يا رسول الله! هذا ابن أخي. عهد إليّ أنه ابنه. فقال عبد بن زمعة: يا رسول الله! هذا أخي، ابن وليدة زمعة، ولد على فراشه. فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى ابن وليدة زمعة فإذا هو أشبه الناس به (أي بعتبة) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«هو لك يا عبد بن زمعة» من أجل أنه ولد على فراش أبيه. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «احتجبي منه يا سودة بنت زمعة» مما رأى من شبهه بعتبة. وكانت سودة زوج النبي صلى الله عليه وسلم

. (3)

أخرجه أبو داود في الطهارة، باب ما جاء في بئر بضاعة، حديث 66. عن أبي سعيد الخدري أنه قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم: أنتوضأ من بئر بضاعة- وهي بئر يطرح فيها الحيض ولحم الكلاب والنتن- فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الماء طهور لا ينجّسه شيء» ..

(4)

أخرجه الطبراني في كشف الخطأ، حديث 1957، عن ابن عباس.

(5)

أخرجه البخاري في النكاح، باب شهادة المرضعة.

ص: 122

ا

لحديث «أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل، فنكاحها باطل، فنكاحها باطل. فإن دخل بها فلها المهر بما استحل منها» «1»

وهكذا سائر ما جاء، في النكاح الفاسد، من السنة.

والسابع: أن الله أحلّ صيد البحر فيما أحل من الطيبات وحرّم الميتة فيما حرم من الخبائث. فدارت ميتة البحر بين الطرفين فأشكل حكمها.

فقال عليه السلام «هو الطهور ماؤه الحل ميتته» «2»

وروي في بعض الحديث «أحلت لنا ميتتان: الحيتان والجراد» »

وأكل عليه السلام مما قذفه البحر «4» لما أتى به أبو عبيدة.

والثامن: أن الله تعالى جعل النفس بالنفس وأقصّ من الأطراف بعضها من بعض في قوله تعالى: وَكَتَبْنا عَلَيْهِمْ فِيها أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ

[المائدة: 45] إلى آخر الآية، هذا في العمد.

وأما الخطأ فالدية لقوله: فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلى أَهْلِهِ [النساء: 92] . وبيّن عليه السلام دية الأطراف على النحو الذي يأتي بحول الله.

فجاء طرفان أشكل بينهما الجنين إذا أسقطته أمه بالضربة ونحوها. فإنه يشبه جزء الإنسان كسائر الأطراف ويشبه الإنسان التام لخلقته. فبينت السنة فيه أن ديته الغرة وأن له حكم نفسه لعدم تمحض أحد الطرفين له.

والتاسع: أن الله حرم الميتة وأباح المذكاة. فدار الجنين، الخارج من بطن المذكاة ميتا، بين الطرفين، فاحتملهما.

فقال في الحديث «ذكاة الجنين ذكاة أمه» «5»

ترجيحا لجانب الجزئية على جانب الاستقلال.

والعاشر: أن الله قال:

(1) أخرجه أبو داود في النكاح، باب في الولي، حديث رقم 2083.

(2)

أخرجه أبو داود في الطهارة، باب الوضوء بماء البحر، حديث 83.

(3)

أخرجه ابن ماجة في الصيد، باب صيد الحيتان والجراد، حديث 3218.

(4)

أخرجه البخاري في المغازي، باب غزوة سيف البحر. عن جابر رضي الله عنه قال: غزونا جيش الخبط. وأمر أبو عبيدة. فجعنا جوعا شديدا. فألقى البحر حوتا ميتا، لم نر مثله، يقال له العنبر.

فأكلنا منه نصف شهر. فأخذ أبو عبيدة عظاما من عظامه فمر الراكب تحته. قال أبو عبيدة: كلوا.

فلما قدمنا المدينة ذكرنا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: «كلوا رزقا أخرجه الله. أطعمونا إن كان معكم» فأتاه بعضهم بعضو، فأكله

. (5) أخرجه الترمذي في الصيد، باب ما جاء في ذكاة الجنين. [.....]

ص: 123

«فَإِنْ كُنَّ نِساءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثا ما تَرَكَ وَإِنْ كانَتْ واحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ [النساء: 11] فبقيت البنتان مسكوتا عنهما. فنقل في السنة حكمهما. وهو إلحاقهما بما فوق البنتين. ذكره القاضي إسماعيل. فهذه أمثلة يستعان بها على ما سواها، فإنه أمر واضح لمن تأمل، وراجع إلى أحد الأصلين المنصوص عليهما أو إليهما معا، فيأخذ من كل منهما بطرف فلا يخرج عنهما ولا يعدوهما. وأما مجال القياس فإنه يقع في الكتاب العزيز أصول تشير إلى ما كان من نحوها أن حكمه حكمها، وتقرب إلى الفهم الحاصل من إطلاقها أن بعض المقيدات مثلها. فيجتزي بذلك الأصل عن تفريع الفروع اعتمادا على بيان السنة فيه.

وهذا النحو بناء على أن المقيس عليه، وإن كان خاصا، في حكم العام معنى.

فإذا كان كذلك ووجدنا في الكتاب أصلا وجاءت السنة بما في معناه، أو ما يلحق به، أو يشبهه، أو يدانيه فهو المعنى هاهنا. وسواء علينا أقلنا إن النبي صلى الله عليه وسلم قاله بالقياس أو بالوحي، إلا أنه جار إفهامنا مجرى المقيس، والأصل الكتاب شامل له. وله أمثلة:

أحدها: أن الله عز وجل حرم الربا، وربا الجاهلية الذي قالوا فيه إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبا [البقرة: 275] هو فسخ الدين في الدين. يقول الطالب: إما أن تقضي وإما أن تربي. وهو الذي دل عليه أيضا قوله تعالى: وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُسُ أَمْوالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ [البقرة: 279]

فقال عليه السلام: «وربا الجاهلية موضوع، وأول ربا أضعه ربا العباس بن عبد المطلب فإنه موضوع كله» «1»

وإذا كان كذلك، وكان المنع فيه، إنما هو من أجل كونه زيادة على غير عوض، ألحقت السنة به كل ما فيه زيادة بذلك المعنى،

فقال عليه السلام «الذهب بالذهب والفضة بالفضة، والبر بالبر، والشعير بالشعير والتمر بالتمر والملح بالملح مثلا بمثل سواء بسواء يدا بيد، فمن زاد وازداد فقد أربى، فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يدا بيد» «2»

، ثم زاد على ذلك بيع النّساء إذا اختلفت الأصناف. وعده من الربا لأن

(1)

أخرجه أبو داود في المناسك، باب صفة حجة النبي صلى الله عليه وسلم، حديث 1905:

فخطب الناس فقال: «إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا. ألا إن كل شيء من أمر الجاهلية تحت قدمي موضوع. ودماء الجاهلية موضوعة. وأول دم أضعه دماؤنا: دم ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب. وربا الجاهلية موضوع. وأول ربا أضعه ربانا: ربا العباس بن عبد المطلب فإنه موضوع كله

» إلخ

. (2) أخرجه مسلم في المساقاة، حديث 82.

ص: 124

النّساء في أحد العوضين يقتضي الزيادة ويدخل فيه بحكم المعنى «السلف يجر نفعا» . وذلك لأن بيع هذا الجنس بمثله في الجنس من باب بدل الشيء بنفسه.

لتقارب المنافع فيما يراد منها. فالزيادة على ذلك من باب إعطاء عوض على غير شيء، وهو ممنوع. والأجل في أحد العوضين لا يكون عادة إلا عند مقارنة الزيادة به في القيمة. إذ لا يسلم الحاضر في الغائب إلا ابتغاء ما هو أعلى من الحاضر في القيمة. وهو الزيادة. ويبقى النظر: لم جاز مثل هذا في غير النقدين والمطعومات، ولم يجز فيهما؟ محل نظر. يخفى وجهه على المجتهدين. وهو من أخفى الأمور التي لم يتضح معناها إلى اليوم. فلذلك بينتها السنة. إذ لو كانت بينة لو كل في الغالب أمرها إلى المجتهدين، كما وكل إليهم النظر في كثير من محال الاجتهاد.

فمثل هذا جار مجرى الأصل والفرع في القياس. فتأمله.

والثاني: أن الله تعالى حرم الجمع بين الأم وابنتها في النكاح، وبين الأختين.

وجاء في القرآن: وَأُحِلَّ لَكُمْ ما وَراءَ ذلِكُمْ [النساء: 24] ، فجاء نهيه عليه السلام عن الجمع بين المرأة وعمتها أو خالتها من باب القياس، لأن المعنى الذي لأجله ذمّ الجمع بين أولئك موجود هنا.

وقد يروى في هذا الحديث «فإنكم إذا فعلتم ذلك قطعتم أرحامكم» «1» .

والتعليل يشعر بوجه القياس.

والثالث: أن الله تعالى وصف الماء الطهور بأنه أنزله من السماء، وأنه أسكنه في الأرض ولم يأت مثل ذلك في ماء البحر. فجاءت السنة بإلحاق ماء البحر بغيره من المياه بأنه

«الطهور ماؤه، الحلّ ميتته» «2» .

والرابع: أن الدية في النفس، ذكرها الله تعالى في القرآن. ولم يذكر ديات الأطراف. وهي مما يشكل قياسها على العقول. فبيّن الحديث من دياتها ما وضح به السبيل وكأنه جار مجرى القياس الذي يشكل أمره. فلا بد من الرجوع إليه، ويحذى حذوه.

والخامس: أن الله تعالى ذكر الفرائض المقدرة من النصف والربع والثمن والثلث والسدس. ولم يذكر ميراث العصبة إلا ما أشار إليه قوله في الأبوين: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَواهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ [النساء: 11] الآية وقوله في الأولاد: لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ [النساء: 11]

(1)

أخرج البخاري في النكاح، باب لا تنكح المرأة على عمتها: عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا يجمع بين المرأة وعمتها ولا بين المرأة وخالتها»

. (2) أخرجه أبو داود في الطهارة، باب الوضوء بماء البحر، حديث 83..

ص: 125

وقوله في آية الكلالة: وَهُوَ يَرِثُها إِنْ لَمْ يَكُنْ لَها وَلَدٌ [النساء: 176] . وقوله: وَإِنْ كانُوا إِخْوَةً رِجالًا وَنِساءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ [النساء: 176] فاقتضى أن ما بقي، بعد الفرائض المذكورة، فللعصبة.

وبقي من ذلك ما كان من العصبة غير هؤلاء المذكورين، كالجدّ والعم وابن العم وأشباههم.

فقال عليه السلام: «ألحقوا الفرائض بأهلها. فما بقي فهو لأولى رجل ذكر» «1»

:

وفي رواية فلأولى عصبة ذكر.

فأتى هذا على ما بقي مما يحتاج إليه، بعد ما نبه الكتاب على أصله.

والسادس: أن الله تعالى ذكر من تحريم الرضاعة قوله: وَأُمَّهاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَواتُكُمْ مِنَ الرَّضاعَةِ [النساء: 23] فألحق النبيّ عليه السلام، بهاتين، سائر القرابات من الرضاعة التي يحرمن من النسب. كالعمة والخالة وبنت الأخ وبنت الأخت وأشباه ذلك. وجهة إلحاقها هي جهة الإلحاق بالقياس إذ ذاك، من باب القياس بنفي الفارق. نصّت عليه السنة إذ كان لأهل الاجتهاد سوى النبيّ عليه السلام، في ذلك، نظر. وتردد بين الإلحاق والقصر على التعبد،

فقال عليه الصلاة والسلام «إن الله حرم من الرضاع ما حرم من النسب» «2»

وسائر ما جاء في هذا المعنى. ثم ألحق بالإناث الذكور، لأن اللبن للفحل. ومن جهة درّ المرأة، فإذا كانت المرأة بالرضاع فالذي له اللبن أم بلا إشكال.

والسابع: أن الله حرم مكة بدعاء إبراهيم. فقال: رَبِّ اجْعَلْ هذا بَلَداً آمِناً [البقرة: 126] وقال تعالى: أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنا حَرَماً آمِناً [العنكبوت: 67] .

وذلك حرم مكة، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم ربه للمدينة بمثل ما دعا إبراهيم لمكة. ومثله معه. فأجابه الله. وحرم ما بين لابتيها

فقال «إني أحرم ما بين لابتي المدينة أن يقطع عضاهها أو يقتل صيدها» «3» .

وفي رواية «ولا يريد أحد أهل المدينة بسوء إلا أذابه الله في النار ذوب الرصاص أو ذوب الملح في الماء» «4» .

وفي حديث آخر «فمن أحدث فيها حدثا أو آوى محدثا فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين. لا يقبل

(1) أخرجه البخاري في الفرائض، باب ميراث الولد من أبيه وأمه.

(2)

أخرجه الترمذي في الرضاع، باب ما جاء يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب.

(3)

أخرجه مسلم في الحج، حديث رقم 459.

(4)

أخرجه مسلم في الحج، حديث رقم 460.

ص: 126

الله منه يوم القيامة صرفا ولا عدلا» «1»

ومثله في صحيفة عليّ المتقدمة. فهذا نوع من الإلحاق بمكة في الحرمة. وقد جاء فيها قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرامِ إلى قوله: وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ [الحج: 25] والإلحاد شامل لكل عدول عن الصواب إلى الظلم وارتكاب المنهيات على تنوعها. حسبما فسرته السنة. فالمدينة لاحقة في هذا المعنى.

والثامن: أن الله تعالى قال: وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتانِ

الآية [البقرة: 282] فحكم في الأموال بشهادة النساء، منضمة إلى شهادة رجل. وظهر به ضعف شهادتين. ونبّه على ذلك في

قوله: «ما رأيت من ناقصات عقل ودين أغلب لذي لب منكن» «2»

، وفسر نقصان العقل بأن شهادة امرأتين تعدل شهادة رجل. وحين ثبت ذلك بالقرآن وقال فيه: أَنْ تَضِلَّ إِحْداهُما فَتُذَكِّرَ إِحْداهُمَا الْأُخْرى [البقرة: 282] . دلّ على انحطاطهن عن درجة الرجل. فألحقت السنة، بذلك، اليمين مع الشاهد. فقضى عليه السلام بذلك. لأن لليمين في اقتطاع الحقوق واقتضائها حكما قضى به قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلًا.. [آل عمران: 77] الآية فجرى الشاهد واليمين مجرى الشاهدين. أو الشاهد والمرأتين في القياس. إلا أنه يخفى. فبيّنته السنة.

والتاسع: أن الله تعالى ذكر البيع في الرقاب وأحله. وذكر الإجارة في بعض الأشياء. كالجعل المشار إليه في قوله تعالى: وَلِمَنْ جاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ [يوسف: 72] . والإجارة على القيام بمال اليتيم في قوله: وَمَنْ كانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ [النساء: 6] . وفي العمال على الصدقة، كقوله تعالى: وَالْعامِلِينَ عَلَيْها [التوبة: 60] . وفي بعض منافع لا تأتي على سائرها. فأطلقت السنة فيها القول بالنسبة إلى سائر منافع الرقاب من الناس والدواب والدور والأرضين. فبين النبي صلى الله عليه وسلم من ذلك كثيرا. ووكل سائرها إلى أنظار المجتهدين. وهذا هو المجال القياسيّ في الشرع. ولا علينا: أقصد النبيّ عليه السلام القياس على الخصوص أم لا؟

(1) أخرجه البخاري في الاعتصام، باب ما يكره من التعمق والتنازع في العلم والغلوّ في الدين والبدع.

(2)

أخرجه البخاري في الحيض، باب ترك الحائض الصوم.

ص: 127

لأن جميع ذلك يرجع إلى قصده بيان ما أنزل الله إليه، على أي وجه كان.

والعاشر: أن الله تعالى أخبر عن إبراهيم. في شأن الرؤيا بما أخبر به من ذبح ولده. وعن رؤيا يوسف ورؤيا الفتيين. وكانت رؤيا صادقة. ولم يدل ذلك على صدق كل رؤيا. فبين النبي صلى الله عليه وسلم أحكام ذلك، وأن الرؤيا الصالحة «1» من الرجل الصالح جزء من أجزاء النبوءة. وأنها من المبشرات. وأنها على أقسام. إلى غير ذلك من أحكامها. فتضمن إلحاق غير أولئك المذكورين بهم. وهو المعنى الذي في القياس. والأمثلة في هذا المعنى كثيرة.

ومنها النظر إلى ما يتألف من أدلة القرآن المتفرقة من معان مجتمعة، فإن الأدلة قد تأتي في معان مختلفة ولكن يشملها معنى واحد شبيه بالأمر في المصالح المرسلة والاستحسان. فتأتي السنة بمقتضى ذلك المعنى الواحد، فيعلم أو يظن أن ذلك المعنى مأخوذ من مجموع تلك الأفراد. بناء على صحة الدليل الدّال على أن السنة إنما جاءت مبينة الكتاب. ومثال هذا الوجه ما تقدم في أول كتاب الأدلة الشرعية، في طلب معنى

قوله عليه السلام «لا ضرر ولا ضرار» «2»

من الكتاب، ويدخل فيه ما في معنى هذا الحديث من الأحاديث. فلا معنى للإعادة.

ومنها النظر إلى تفاصيل الأحاديث في تفاصيل القرآن. وإن كان في السنة بيان زائد. ولكن صاحب هذا المأخذ يتطلب أن يجد كل معنى في السنة مشارا إليه من حيث وضع اللغة، لا من جهة أخرى. أو منصوصا عليه في القرآن. ولنمثله ثم ننظر في صحته أو عدم صحته. وله أمثلة كثيرة:

أحدها: حديث ابن عمر في تطليقه زوجه وهي حائض «3» .

فقال عليه السلام لعمر «مره فليراجعها. ثم ليتركها حتى تطهر. ثم تحيض ثم تطهر. ثم، إن شاء، أمسك بعد، وإن شاء طلق قبل أن يمس، فتلك العدة التي أمر الله أن يطلق لها النساء»

. يعني أمره في قوله: يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ [الطلاق: 1] .

(1) أخرجه البخاري في التعبير، 2- باب رؤيا الصالحين، عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:، و 3- باب الرؤيا من الله، عن أبي قتادة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:، و 4- باب الرؤيا الصالحة جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة.

(2)

أخرجه ابن ماجة في الأحكام، باب من بنى في حقه ما يضر بجاره حديث 2340.

(3)

أخرجه البخاري في الطلاق، باب قول الله تعالى: يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ.

ص: 128

والثاني: حديث فاطمة «1» بنت قيس في أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يجعل لها سكنى ولا نفقة، إذ طلقها البتة. وشأن المبتوتة أن لها السكنى وإن لم يكن لها نفقة. لأنها بذت على أهلها بلسانها. فكان ذلك تفسيرا لقوله: وَلا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ [الطلاق: 1] .

والثالث: حديث سبيعة الأسلمية «2» ، إذ ولدت بعد وفاة زوجها بنصف شهر. فأخبرها عليه السلام أن قد حلّت. فبيّن الحديث أن قوله تعالى: وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْواجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً [البقرة: 234] مخصوص في غير الحامل. وأن قوله تعالى: وَأُولاتُ الْأَحْمالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ [الطلاق: 4] عامّ في المطلقات وغيرهن.

والرابع: حديث أبي هريرة في قوله: فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ [البقرة: 59] قالوا: حبة في شعرة «3» : يعني عوض قوله: وَقُولُوا حِطَّةٌ.

والخامس:

حديث «4» جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم حين قدم مكة. طاف بالبيت سبعا.

فقرأ: وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقامِ إِبْراهِيمَ مُصَلًّى [البقرة: 125] . فصلى خلف المقام، ثم أتى الحجر فاستلمه. ثم قال: نبدأ بما بدأ الله به. وقرأ: إِنَّ الصَّفا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعائِرِ اللَّهِ.

والسادس:

حديث «5» النعمان بن بشير عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى: وَقالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ [غافر: 60] . قال «الدعاء هو العبادة» وقرأ الآية إلى قوله. داخِرِينَ.

والسابع:

حديث «6» عديّ بن حاتم قال: لما نزلت: حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ قال لي النبي صلى الله عليه وسلم «إنما ذلك بياض النهار من سواد الليل» .

(1) أخرجه مسلم في الطلاق، حديث 36. [.....]

(2)

أخرجه البخاري في الطلاق، باب وَأُولاتُ الْأَحْمالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ. عن أم سلمة، زوج النبي صلى الله عليه وسلم أن امرأة من أسلم يقال لها سبيعة، كانت تحت زوجها. توفي عنها وهي حبلى

(3)

أخرجه البخاري في التفسير، سورة البقرة، باب وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هذِهِ الْقَرْيَةَ.

(4)

أخرجه النسائي في مناسك الحج، باب القول بعد ركعتي الطواف.

(5)

أخرجه الترمذي في التفسير، سورة البقرة، باب حدثنا هناد.

(6)

أخرجه البخاري في الصوم، باب قول الله تعالى: كُلُوا وَاشْرَبُوا. عن عدي بن حاتم رضي الله عنه قال: لما نزلت: حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ

ص: 129

والثامن:

حديث سمرة بن جندب، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«صلاة الوسطى صلاة العصر» «1»

،

وقال يوم الأحزاب: «اللهم! املأ قبورهم وبيوتهم نارا كما شغلونا عن صلاة الوسطى حتى غابت الشمس» «2» .

والتاسع:

حديث أبي هريرة قال عليه السلام: «إن موضع سوط في الجنة لخير من الدنيا وما فيها» «3»

. اقرءوا إن شئتم فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فازَ [آل عمران: 135] .

والعاشر:

حديث أنس في الكبائر. قال عليه السلام، فيها «الشرك بالله وعقوق الوالدين وقتل النفس وقول الزور» «4» .

وثمّ أحاديث أخر فيها ذكر الكبائر. وجميعها تفسير لقوله تعالى: إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ [النساء: 31] الآية.

وهذا النمط في السنة كثير. ولكن القرآن لا يفي بهذا المقصود على النص والإشارة العربية التي تستعلمها العرب أو نحوها. وأول شاهد في هذا، الصلاة والحج والزكاة والحيض والنفاس واللّقطة والقراض والمساقاة والديات والقسامات وأشباه ذلك من أمور لا تحصى.

فالملتزم لهذا لا يفي بما ادعاه إلا أن يتكلف في ذلك مآخذ لا يقبلها كلام العرب ولا يوافق على مثلها السلف الصالح ولا العلماء الراسخون في العلم.

ولقد رام بعض الناس فتح هذا الباب الذي شرع في التنبيه عليه، فلم يوف به إلا على التكلف المذكور، والرجوع إلى المآخذ الأول في مواضع كثيرة، لم يتأت له فيها نص ولا إشارة إلى خصوصات ما ورد في السنة. فكان ذلك نازلا بقصده الذي قصد.

وهذا الرجل المشار إليه لم ينصب نفسه في هذا المقام إلا لاستخراج معاني الأحاديث التي خرّج مسلم بن الحجاج في كتابه «المسند الصحيح» دون ما سواها مما نقله الأئمة سواه. وهو من غرائب المعاني المصنفة في علوم القرآن والحديث.

وأرجو أن يكون ما ذكر هنا من المآخذ موفيا بالغرض في الباب. والله الموفق للصواب.

(1) أخرجه الترمذي في كتاب التفسير، سورة البقرة، باب حدثنا حميد بن مسعدة.

(2)

أخرجه البخاري في التفسير، سورة البقرة، باب حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى.

(3)

ابن كثير 1/ 435.

(4)

أخرجه البخاري في الأدب، باب عقوق الوالدين من الكبائر..

ص: 130