الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إني لا أقول آلم حرف ولكن ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف»
والذي عليه محققو العلماء أن المراد بالحرف الاسم وحده، والفعل وحده، وحرف المعنى وحده. لقوله: ألف حرف، وهذا اسم. ولهذا، لما سأل الخليل أصحابه عن النطق بالزاي من زيد فقالوا: زاي. فقال: نطقتم بالاسم. وإنما الحرف زه.
الرد على من توهم أن بعض الصحابة يجوّز التلاوة بالمعنى
قال ابن الجزريّ في النشر: أما من يقول بأن بعض الصحابة، كابن مسعود، كان يجيز القراءة بالمعنى فقد كذب عليه. إنما قال: نظرت القراء فوجدتهم متقاربين فاقرؤوا كما علمتم. نعم كانوا ربما يدخلون التفسير في القراءة إيضاحا وبيانا، لأنهم محقّقون لما تلقّوه عن النبي صلى الله عليه وسلم قرآنا. فهم آمنون من الالتباس. وربما كان بعضهم يكتبه معه. لكن ابن مسعود رضي الله عنه كان يكره ذلك ويمنع منه. رواه عنه مسروق. وروي عنه: جرّدوا القرآن، ولا تلبسوا به ما ليس منه.
اقتصار عثمان رضي الله عنه في جمعه، على الحرف المتواتر
قال ابن الجزريّ في النشر: لما كان في حدود سنة ثلاثين من الهجرة، في خلافة عثمان رضي الله عنه، حضر حذيفة بن اليمان فتح إرمينية وأذربيجان، فرأى الناس يختلفون في القرآن. ويقول أحدهم: قراءتي أصح من قراءتك. فأفزعه ذلك.
وقدم على عثمان وأشار إليه بأن يتدارك هذا الأمر. فأمر بالصحف الموجودة أن تنسخ في المصاحف. وأشار أن يكتب بلسان قريش لأنه أنزل بلسانهم. فكتب منها عدة مصاحف. فوجه منها إلى مكة واليمن والبحرين والبصرة والكوفة والشام. وترك بالمدينة مصحفا. وأمسك لنفسه مصحفا (الذي يقال له الإمام) وأجمعت الأمة على ما تضمنته هذه المصاحف، وترك ما خالفها من زيادة ونقص وإبدال كلمة بأخرى. مما كان مأذونا فيه، توسعة عليهم، ولم يثبت عندهم ثبوتا مستفيضا أنه من القرآن.
وقال ابن الحصار: ترتيب السور ووضع الآيات مواضعها إنما كان بالوحي.
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «ضعوا آية كذا في موضع كذا»
وقد حصل اليقين من النقل المتواتر، بهذا الترتيب، من تلاوة رسول الله صلى الله عليه وسلم. ومما أجمع الصحابة على وضعه هكذا في المصحف.
وقال الحارث المحاسبيّ: إنما حمل عثمان الناس على القراءة بوجه واحد، على اختيار وقع بينه وبين من شهده من المهاجرين والأنصار، لمّا خشي الفتنة عند اختلاف أهل العراق والشام في حروف القراآت. فأما قبل ذلك فقد كانت المصاحف بوجوه من القراءات المطلقات على الحروف السبعة التي أنزل بها القرآن. فأما السابق إلى جمع الجملة فهو الصديق.
وقال ابن التين: اقتصر عثمان، من سائر اللغات، على لغة قريش. محتجا بأنه نزل بلغتهم. وإن كان قد وسع في قراءته بلغة غيرهم رفعا للحرج والمشقة في ابتداء الأمر. فرأى أن الحاجة إلى ذلك قد انتهت. فاقتصر على لغة واحدة.
وقال القاضي أبو بكر، في الانتصار: لم يقصد عثمان قصد أبي بكر في جمع نفس القرآن بين لوحين، وإنما قصد جمعهم على القراءات الثابتة المعروفة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وإلغاء ما ليس كذلك. وأخذهم بمصحف لا تقديم فيه ولا تأخير، ولا تأويل أثبت مع تنزيل، ولا منسوخ تلاوته، كتب مع مثبت رسمه ومفروض قراءته وحفظه، خشية دخول الفساد والشبهة، على ما يأتي بعد.
ينتج عن ذلك مسألة وهي: هل الأحرف السبعة موجودة في المصحف اليوم؟
جوابه ما قاله ابن جرير: إنا لم ندّع أن ذلك موجود اليوم. وإنما أخبرنا أن معنى
قول النبي صلى الله عليه وسلم «أنزل القرآن على سبعة أحرف»
على نحو ما جاءت به الأخبار التي تقدم ذكرها (يعني عن ابن مسعود وغيره) .
ثم قال ابن جرير:
فإن قال: فما بال الأحرف الأخر الستة غير موجودة وقد أقرأهن رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه، وأمر بالقراءة. بهن وأنزلهن الله من عنده على نبيه صلى الله عليه وسلم: أنسخت فرفعت؟
فما الدلالة على نسخها ورفعها؟ أم نسيتهن الأمة؟ فذلك تضييع ما قد أمروا بحفظه.
أم ما القصة في ذلك؟
قيل له: لم تنسخ فترفع، ولا ضيعتها الأمة، وهي مأمورة بحفظها، ولكن الأمة أمرت بحفظ القرآن، وخيّرت في قراءته وحفظه بأي تلك الأحرف السبعة شاءت.
كما أمرت، إذا هي حنثت في يمين وهي موسرة، أن تكفّر بأي الكفارات الثلاث شاءت. إما بعتق أو إطعام، أو كسوة. فلو أجمع جميعها على التكفير بواحدة من الكفارات الثلاث دون حظرها التكفير بأي الثلاث شاء المكفر، كانت مصيبة حكم الله، مؤدّية، في ذلك، الواجب عليها من حق الله. فكذلك الأمة. أمرت بحفظ