المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

الأعمش والمفضل عن عاصم {عددًا} بالتنوين، والمعنى؛ أي: قال الملك - تفسير حدائق الروح والريحان في روابي علوم القرآن - جـ ١٩

[محمد الأمين الهرري]

فهرس الكتاب

الفصل: الأعمش والمفضل عن عاصم {عددًا} بالتنوين، والمعنى؛ أي: قال الملك

الأعمش والمفضل عن عاصم {عددًا} بالتنوين، والمعنى؛ أي: قال الملك المأمور بسؤالهم: كم لبثتم فى الأرض والدنيا التي تطلبون أن ترجعوا إليها عددًا من السنين، والغرض من هذا السؤال: التبكيت؛ لأنم كانوا لا يعدون اللبث إلا فى دار الدنيا، ويظنون أن الفناء يدوم بعد الموت، ولا إعادة. فلما حصلوا فى النار، وأيقنوا أنهم مخلدون فيها، سألهم الله: كم لبثتم فى الأرض، فإنهم فيها تمكنوا من العلم والعمل، تذكيرًا لهم بأن الذي ظنوه طويلًا فهو قليل بالنسبة إلى ما أنكروه، فحينئذٍ تحصل لهم الحسرة على ما كانوا يعتقدونه فى الدنيا، حيث أيقنوا خلافه،

‌113

- {قَالُوا} ؛ أي: قال أهل النار جوابًا لسؤال ربهم {لَبِثْنَا يَوْمًا} ثم شكوا فى ذلك فقالوا: {أَوْ} لبثنا {بَعْضَ يَوْمٍ} استقصارًا لمدة لبثهم فيها بالنسبة إلى دخولهم فى النار، أو لأنها كانت أيام السرور وأيام السرور قصار، أو لأنها منقضية، والمنقضي كالمعدوم، وقد اعترفوا بالنسيان، حيث قالوا:{فَاسْأَلِ الْعَادِّينَ} ؛ أي: الذين يعلمون عدد أيام الدنيا وساعاتها أو الذين يحصون الأعمال وأوقات الحياة والممات إن أردت تحقيقها فإنا لما نحن فيه من العذاب مشغولون عن تذكرها وإحصائها.

وفي "التأويلات النجمية": {فَاسْأَلِ الْعَادِّينَ} يعني: الذين يعدون أنفاسنا وأيامنا وليالينا، من الملائكة الموكلين علينا. اهـ. وقال قتادة: يعني الحساب. وقرأ الحسن والزهري وأبو عمران الجوني والكسائي: {الْعَادِّينَ} بتخفيف الدال؛ أي: الظلمة رؤساءنا الذين أضلونا. وقرىء: {العاديين} بياء مشددة، جمع عادى؛ أي: القدماء المعمرين.

‌114

- {قَالَ} الله سبحانه لهم بلسان مالك {إِنْ لَبِثْتُمْ} ؛ أي: ما لبثتم فى الدنيا {إِلَّا} زمانًا {قَلِيلًا} تصديقًا لم فى تقليلهم لسني لبثهم فى الدنيا. وقليلًا صفة مصدر محذوف؛ أي: لبثًا قليلًا، أو زمان محذوف؛ أي: زمانًا قليلًا {لَوْ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} شيئًا من العلم، لعلمتم يومنذٍ قلة لبثكم فى الدنيا، كما علمتم اليوم.

(1) المراح.

ص: 173

وفي "بحر العلوم": أي لو كنتم تعلمون مقدار لبثكم من الطول، لما أجبتم بهذه المدة، وفي "المراح": لو كنتم تعلمون أن لبثكم فى الآخرة لا نهاية له .. لأصلحتم أعمالكم فى الدنيا، ولتقربتم بها إلى الله تعالى.

وقرأ ابن كثير ونافع وعاصم وأبو عمرو وابن عامر (1): {قَالَ إِنْ لَبِثْتُمْ} . وقرأ حمزة والكسائي {قل إن لبثتم} على معنى: قل أيها السائل عن لبثهم. وزعموا أن فى مصحف أهل الكوفة {قل} فى الموضعين. فقرأهما حمزة والكسائي على ما فى مصاحفهم.

وحاصل معنى الآية (2): أنه قد نسي هؤلاء الأشقياء مدة لبثهم فى الدنيا، لعظيم ما هم فيه من النبلاء والعذاب، وقصر عندهم الأمد الذي مكثوه فيها ما حل بهم من نعمة الله، حتى حسبوا أنهم لم يمكثوا إلا يومًا أو بعض يوم، ولعل بعضهم يكون قد أقام بها الزمان الطويل والسنين الكثير.

{فَاسْأَلِ الْعَادِّينَ} ؛ أي: فأسأل الحفظة العارفين لأعمال العباد وأعمارهم. كما روي ذلك جماعة عن مجاهد {قَالَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا لَوْ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (114)} ؛ أي: قال لهم الملك: ما لبثتم إلا زمنًا يسيرًا، ولو كنتم تعلمون شيئًا من العلم، لعملتم على مقتضى ذلك، ولما صدر منكم ما أوجب خلودكم فى النار، ولما قلنا لكم: اخسئوا فيها ولا تكلمون.

روي مرفوعًا: "أن الله تعالى إذا أدخل أهل الجنة الجنة، وأهل النار النار، قال: يا أهل الجنة كم لبثتم فى الأرض عدد سنين؟ قالوا: لبثنا يومًا أو بعض يوم، قال: لنعم ما أنجزتم فى يوم أو بعض يوم، رحمتي ورضواني وجنتي، امكثوا فيها خالدين مخلدين، ثم يقول: يا أهل النار، كم لبثتم فى الأرض عدد سنين؛ قالوا: لبثنا يومًا، أو بعض يوم، فيقول: بئسما أنجزتم فى يوم أو بعض يوم ناري وسخطي، امكثوا فيها خالدين مخلدين".

(1) زاد المسير.

(2)

المراغي.

ص: 174