المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

{تَهْجُرُونَ} بفتح التاء وضم الجيم. وروى ابن أبي عاصم: {يهجرون} - تفسير حدائق الروح والريحان في روابي علوم القرآن - جـ ١٩

[محمد الأمين الهرري]

فهرس الكتاب

الفصل: {تَهْجُرُونَ} بفتح التاء وضم الجيم. وروى ابن أبي عاصم: {يهجرون}

{تَهْجُرُونَ} بفتح التاء وضم الجيم. وروى ابن أبي عاصم: {يهجرون} بالياء بدل التاء على سبيل الغيبة. قال ابن عباس: تهجرون الحق وذكر الله، وتقطعونه من الهجر. وقال ابن زيد وأبو حاتم: من هجر المريض إذا هذى؛ أي: يقولون اللغو من القول. وقرأ ابن عباس وابن محيصن ونافع وحميد بضم التاء وكسر الجيم من أهجر الرباعي؛ أي: يقولون الهجر بضم الهاء وهو الفحش. قال ابن عباس إشارة إلى السب للصحابة وغيرهم. وقرأ ابن مسعود وابن عباس أيضًا، وزيد بن علي وعكرمة وأبو نهيك وابن محيصن أيضًا وأبو حيوة {يهجرون} بضم الياء وفتح الهاء وتشديد الجيم من هجر المضاعف من الهجر بالفتح بمعنى مقابل الوصل، أو الهذيان، أو من الهُجر بضم الهاء، وهو السب والإفحاش في المنطق، يريد سبهم للنبي صلى الله عليه وسلم، ومن اتبعه.

وعبارة "المراح": {تَهْجُرُونَ} بضم التاء؛ أي: (1) تسبون القرآن، وتسمونه سحرًا وشعرًا. وتهجرون بفتح التاء؛ أي: تتركون القرآن وتعرضون عنه، وكانوا يجتمعون حول الكعبة في الليل يتحدثون، وكان أكثر حديثهم ذكر القرآن، والطعن فيه، وتسميته سحرًا وشعرًا، وسب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وكانوا يقولون: لا يعلو علينا أحد؛ لأنا أهل الحرم كما مر.

وقوله: {مُسْتَكْبِرِينَ} ، وقوله:{سَامِرًا} وقوله: {تَهْجُرُونَ} أحوال مترادفة من الواو في {تَنْكِصُون} أو كل واحدة حال من ضمير ما قبلها، فتكون أحوالًا متداخلة، وسامرًا اسم جمع كحاج وراكب وحاضر وغائب وباقر جمع البقر، وجامل جمع الجمل، فالكل يطلق على الجمع. اهـ. وفي "القرطبي" الحاضر هم القوم النازلون على الماء. اهـ.

‌68

- ثم أنبهم سبحانه وتعالى وبيّن أن سبب إقدامهم على الكفر هو أحد هذه الأمور الأربعة الآتية:

الأول: ما ذكره بقوله: {أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ} ؛ أي: القرآن، فإنهم لو تدبروا

(1) المرح.

ص: 118

معانيه؛ لظهر لهم صدقه، وآمنوا به وبما فيه، والاستفهام فيه (1) لإنكار الواقع واستقباحه داخل على محذوف، والفاء عاطفة على ذلك المحذوف، والتقدير: أفعل الكفار ما فعلوا من النكوص والاستكبار والهجر، فلم يتدبروا القرآن ليعرفوا بما فيه من إعجاز النظم، وصحة المدلول، والإخبار عن الغيب. أنه الحق من ربهم، فيؤمنوا به فضلًا عما فعلوا في شأنه من القبائح. والتدبر إحضار القلب للفهم، وفي "الجلالين" والاستفهام المصرح به في هذا الموضع والذي في ضمن (أم) في المواضع الثلاثة الآتية للتقرير؛ أي: حمل المخاطب على الإقرار بما يعرفه؛ أي: وللتوبيخ، كما ذكره غيره، انتهى بتصرفٍ وزيادة من "الجمل".

والمعنى (2): أي إنهم لم يتدبروا القرآن، فيعلموا ما خص به من فصاحة وبلاغة، وقد كان لديهم فسحة من الوقت، تمكنهم من التدبر فيه، ومعرفة أنه الحق من ربهم، وأنه مبرأ من التناقض، وسائر العيوب التي تعتري الكلام، إلى ما فيه من حجج دامغة وبراهين ساطعة، إلى ما فيه من فضائل الآداب وسامي الأخلاق، إلى ما فيه من تشريع إن هم اتبعوه .. كانوا سادة البشر، واتبعهم الأسود والأحمر، كما كان لمن اتبعه من السابقين الأولين من المؤمنين.

والثاني: ما ذكره بقوله: {أَمْ جَاءَهُمْ} ؛ أي (3): هل جاءهم من الكتاب وبعثة الرسل {مَا لَمْ يَأْتِ آبَاءَهُمُ} كأسماعيل عليه السلام، وأعقابه من عدنان وقحطان ومضر وربيعة وقس والحرث بن كعب وأسد بن خزيمة وتميم بن مرة وتبع وضبة بن آد، فكلهم آمنوا بالله تعالى وكتبه ورسله، فإن مجيء الكتاب من الله تعالى إلى الرسل عادة قديمة له تعالى، وأن مجيء القرآن على طريقته، فمن أين ينكرونه.

وأم فيه منقطعة، مقدرة ببل (4)، التي للإضراب الانتقالي عن التوبيخ، بما ذكر إلى التوبيخ بأمر آخر، وبالهمزة التي لإنكار الواقع؛ أي: بل أجاءهم من

(1) روح البيان.

(2)

المراغي.

(3)

المراح.

(4)

روح البيان.

ص: 119