الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقرأ الحسن (1) وقتادة بفتح همزة أن من قوله: {أنه لا يفلح} على التعليل؛ أي: لا يفلح هو، فوضع الكافرون موضع الضمير، حملًا على معنى من؛ لأن من يدع فى معنى الجمع. وقرأ الجمهور: بالكسر على الاستئناف. وقرأ الحسن: {يفلح} بفتح الياء واللام مضارع فلح بمعنى أفلح، ففعل وأفعل فيه بمعنى واحد.
والمعنى (2): أي ومن يعبد مع ذلك المعبود، الذي لا تصلح العبادة إلا له، معبودًا آخر لا بينة له به، فجزاؤه مهيأ له عند ربه فى الآخرة، وهو موفيه ما يستحقه من جزاء وعقاب. وفي ذلك من شديد التوبيخ والتقريع ما لا يخفى. {إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ}؛ أي: إنه سبحانه لا يسعد أهل الشرك، ولا ينجيهم من العذاب، وما ألطف افتتاح السورة بفلاح المؤمنين وختمها بخيبة الكافرين، وعدم فوزهم بما يؤملون. فانظر تفاوت ما بين الافتتاح والاختتام.
118
- وبعد أن شرح أحوال الكافرين وجهلهم فى الدنيا وعذابهم فى الآخرة .. أمر رسوله بالانقطاع إليه والالتجاء إلى غفرانه ورحمته بقوله: {وَقُلْ} أيها الرسول {رَبِّ اغْفِرْ} .
وقرأ ابن محيصن {رب} بضم الباء؛ أي: يا رب استر ذنوبي بعفوك عنها {وَارْحَمْ} ؛ أي: وارحمني بقبول توبتي، وترك عقابي على ما اجترحت من آثام وأوزار. {وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ}؛ أي: وأنت ربنا خير من رحم ذا ذنب ، فقبل توبته وتجاوز عن عقابه، إنك ربنا خير غافر، وإنك المتولي للسرائر، والمرجو لإصلاح الضمائر.
أخرج البخاري ومسلم والترمذي وابن حبان فى جماعة عن أبي بكر أنه قال: يا رسول الله، علمني دعاء أدعو به فى صلاتي. قال:"قل: اللهم إفي ظلمت نفسي ظلمًا كثيرًا، وإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، فاغفر لى مغفرة من عندك، وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم".
(1) البحر المحيط.
(2)
المراغي.
واعلم: أنه سبحانه أمر (1) رسوله صلى الله عليه وسلم، بالاستغفار وا لاسترحام، إيذانًا بأنهما من أهم الأمور الدينية، حيث أمر به، من غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر فكيف بمن عداه، كما قال: فى "التأويلات النجمية" الخطاب مع محمَّد صلى الله عليه وسلم يشير إلى أنه مع كمال محبوبيته، وغاية خصوصيته، ورتبة نبوته ورسالته محتاج إلى مغفرته ورحمته، فكيف بمن دونه وبمن يدعو مع الله إلهًا آخر؛ أي: فلا بدّ لأمته من الاقتداء به فى هذا الدعاء. والله أعلم بأسرار كتابه.
الإعراب
{قُلْ رَبِّ إِمَّا تُرِيَنِّي مَا يُوعَدُونَ (93)} .
{قُلْ} : فعل أمر وفاعل مستتر يعود على محمَّد، والجملة مستأنفة. {إِمَّا تُرِيَنِّي}: إلى قوله: {الظَّالِمِينَ} : مقول محكي. وإن شئت قلت: {رَبِّ} : منادى مضاف إلى ياء المتكلم المحذوفة، وجملة النداء فى محل النصب مقول {قُلْ}. {إِمَّا}:{إن} : حرف شرط جازم. {ما} : زائدة. {تُرِيَنِّي} : فعل مضارع فى محل الجزم بـ {إن} الشرطية على كونها فعل شرط لها، مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الثقيلة، وفاعله ضمير مستتر، يعود على الله، والنون للوقاية، وياء المتكلم فى محل النصب مفعول أول له. و {مَا}: مفعول ثان له، فهي بصرية تعدت لمفعولين بواسطة الهمزة؛ لأنه من أرى الرباعي. {يُوعَدُونَ}: فعل ونائب فاعل، والجملة صلة {ما} الموصولة، والعائد محذوف، تقديره: يوعدون به من العذاب.
{رَبِّ فَلَا تَجْعَلْنِي فِي الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (94)} .
{رَبِّ} : منادى مضاف إلى ياء المتكلم المحذوفة، وكرر مبالغةً فى التضرع والابتهال إلى الله سبحانه. {فَلَا تَجْعَلْنِي}:{الفاء} : رابطة لجواب {إن} الشرطية وجوبًا لكون الجواب جملة طلبية، (لا) دعائية جازمة. {تَجْعَلْنِي}: فعل
(1) روح البيان.
مضارع وفاعل مستتر يعود على الله مجزوم بـ {لا} الدعائية. والنون للوقاية، وياء المتكلم فى محل النصب مفعول أول. {فِي الْقَوْمِ}: جار ومجرور فى محل المفعول الثاني. و {فِي} : بمعنى مع {الظَّالِمِينَ} : صفة للقوم، والجملة الفعلية فى محل الجزم بـ {إن} الشرطية على كونها جوابًا لها، وجملة {إن} الشرطية: فى محل النصب مقول لـ {قُلْ} .
{وَإِنَّا} {الواو} : استئنافية. {إنا} : ناصب واسمه. {عَلَى} : حرف جر. {أَنْ} : حرف نصب ومصدر. {نُرِيَكَ} : فعل مضارع ومفعول أول، منصوب بـ {أَن} المصدرية، وفاعله ضمير يعود على الله. {مَا}: مفعول ثان {لنرى} ، وتقدم القول: فى أرى البصرية آنفًا. {نَعِدُهُمْ} : فعل مضارع ومفعول به وفاعله ضمير مستتر فيه، يعود على الله، والجملة صلة لـ {مَا} الموصولة، والعائد محذوف، تقديره: ما نعدهم به. والجملة الفعلية صلة {أَن} المصدرية، أن مع صلتها فى تأويل مصدر مجرور بعلى، تقديره: على إراءتك {مَا نَعِدُهُمْ} الجار والمجرور متعلق بـ {قادرون} . {لَقَادِرُونَ} : {اللام} : لام الابتداء زحلقت إلى الخبر. {قادرون} : خبر {إنا} ، وجملة {إن} مستأنفة. {ادْفَعْ}: فعل أمر وفاعل مستتر على محمَّد، والجملة مستأنفة مسوقة لحث النبي صلى الله عليه وسلم على الصفح عن مساءتهم. {بِالَّتِي}: جار ومجرور متعلق بادفع. {هِيَ أَحْسَنُ} : مبتدأ وخبر. والجملة صلة الموصول. {السَّيِّئَةَ} : مفعول به. {نَحْنُ أَعْلَمُ} : مبتدأ وخبر. {بِمَا} : جار ومجرور متعلق بـ {أَعْلَمُ} . {يَصِفُونَ} : فعل وفاعل، والجملة صلة {مَا} الموصولة، والعائد محذوف، تقديره: بما يصفونه. ويجوز أن تكون ما مصدرية؛ أي: بوصفهم لك، وسوء ذكرهم، والجملة الاسمية مستأنفة.
{وَقُلْ} {الواو} : عاطفة. {قُل} : أمر وفاعل مستتر يعود على محمد.
والجملة معطوفة على جملة قل الأول. {رَبِّ} : منادى مضاف إلى ياء المتكلم المحذوفة، وجملة النداء فى محل النصب مقول {قُل}. {أَعُوذُ}: فعل مضارع وفاعله ضمير يعود على محمَّد. {بِكَ} : جار ومجرور متعلق بـ {أَعُوذُ} والجملة الفعلية فى محل النصب مقول {قُل} على كونها جواب النداء. {مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ} : جار ومجرور ومضاف إليه متعلق بـ {أَعُوذُ} ، والجملة الفعلية معطوفة على جملة {أَعُوذُ} الأول. {وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ}: منادى مضاف، كرر اعتناء بالاستعاذة. {أَنْ يَحْضُرُونِ}:{أَن} : حرف نصب ومصدر، {يَحْضُرُون}: فعل مضارع منصوب بـ {أَن} المصدرية، وعلامة نصبه حذف النون؛ لأنه من الأفعال الخمسمة، و {الواو}: فاعل. و (النون): للوقاية، وياء المتكلم المحذوفة اجتزىء عنها بكسرة نون الوقاية ولرعاية الفاصلة، فى محل النصب مفعول به، والجملة الفعلية فى تأويل مصدر مجرور بحرف جر محذوف، تقديره: وأعوذ بك رب من حضورهم إياي.
{حَتَّى} : حرف ابتداء لدخولها على الجملة التي تبدًا بها، وحرف غاية لكونها غاية لمحذوف. {إذا}: ظرف لما يستقبل من الزمان. {جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ} : فعل ومفعول وفاعل. والجملة الفعلية فى محل الخفض، فبإضافة إذا إليها، على كونها فعل شرط لها. {قَالَ}: فعل ماض وفاعله ضمير مستتر يعود على الأحد، وجملة {قَالَ}: جوابـ {إذا} ، لا محل لها من الإعراب. وجملة إذا فى محل الجر بحتى الواقعة غاية لمحذوف، تقديره: ويستمر كفار مكة على التكذيب أو على الوصف المذكور إلى قول أحدهم رب ارجعون وقت مجيء الموت إياه، والجملة المحذوفة مستأنفة. {رَبِّ}: منادى مضاف إلى ياء المتكلم المحذوفة، وجملة النداء فى محل النصب مقول قال:{ارْجِعُونِ} : فعل دعاء مبني على حذف النون، و {الواو}: فاعل، و (النون): للوقاية، وياء المتكلم المحذوفة، اجتزىء عنها بكسرة نون الوقاية، فى محل النصب مفعول به.
والجملة الفعلية في محل النصب مقول {قَالَ} على كونها جواب النداء، وإنما جمع ضميو الفاعل فى {ارْجِعُونِ} مع كون المخاطب واحدًا، وهو الله سبحانه للتعظيم. {لَعَلِّي}:{لعل} : حرف نصب وترج. والياء: ضمير المتكلم في محل النصب اسمها. {أَعْمَلُ} : فعل مضارع، وفاعله ضمير مستتر، تقديره: أنا، {صَالِحًا}: مفعول به أو مفعول مطلق، والجملة الفعلية في محل الرفع خبر {لعل} ، وجملة {لعل}: في محل النصب مقول {قَالَ} على كونها جواب الطلب المذكور قبلها. {فِيمَا} : جار ومجرور صفة لصالحًا؛ أي: صالحًا بدلًا عما تركت، أو متعلق بـ {أَعْمَلُ}:{تَرَكْتُ} : فعل وفاعل، والجملة صلة لـ {مَا} والعائد محذوف، تقديره: فيما تركته.
{كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ} .
{كَلَّا} : حرف ردع وزجر. {إِنَّهَا} : ناصب واسمه. {كَلِمَةٌ} : خبرها. {هُوَ قَائِلُهَا} : مبتدأ وخبر. والجملة في محل الرفع صفة لـ {كَلِمَةٌ} . وجملة {إن} : مستأنفة. {وَمِنْ وَرَائِهِمْ} : جار ومجرور ومضاف إليه، خبر مقدم. {بَرْزَخٌ}: مبتدأ مؤخر. {إِلَى يَوْمِ} : جار ومجرور صفة لـ {بَرْزَخٌ} ، والجملة الاسمية معطوفة على جملة {إن}. {يُبْعَثُونَ}: فعل ونائب فاعل، والجملة في محل الجر مضاف إليه لـ {يَوْمِ}؛ أي: إلى يوم بعثهم.
{فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ} .
{فَإِذَا} {الفاء} : استئنافية. {إذا} : ظرف لما يستقبل من الزمان، {نُفِخَ}: فعل ماض مغير الصيغة. {فِي الصُّورِ} : جار ومجرور في محل الرفع نائب فاعل، والجملة الفعلية في محل الجر مضاف إليه لـ {إذا} على كونها فعل شرط لها، والظرف متعلق بما فى الجواب من معنى النفي، وانتفى ذلك النسب وقت النفخ فى الصور. {فَلَا}:{الفاء} : رابطة لجواب {إذا} الشرطية. {لا} : نافية. {أَنْسَابَ} : في محل النصب اسمها. {بَيْنَهُمْ} : ظرف ومضاف إليه، متعلق بمحذوف خبر {لا}؛ أي: فلا أنساب كائنة بينهم، وجملة {لا} جواب {إذا} ، لا محل لها من الإعراب، وجملة {إذا} مستأنفة. {يَوْمَئِذٍ وَلَا
يَتَسَاءَلُونَ}. {يوم} : منصوب على الظرفية، وهو مضاف. {إذا}: ظرف لما مضى من الزمان في محل الجر مضاف إليه. والتنوين عوض عن الجملة المحذوفة؛ أي: يوم إذ نفخ فى الصور، والظرف متعلق بما تعلق به الظرف المذكور قبله، أو الأول: صفة لأنساب، والثاني: خبر لـ {لا} ؛ أي: فلا أنساب كائنة بينهم فى الدنيا، نافعة يومئذِ. {وَلَا}:{الواو} : عاطفة. {لا} : نافية. {يَتَسَاءَلُونَ} : فعل وفاعل معطوف على {لا} النافية.
{فَمَنْ} : {الفاء} : فاء الفصيحة؛ لأنها أفصحت عن جواب شرط مقدر، تقديره: إذا عرفت أنه لا أنساب بينهم يوم القيامة، وأردت بيان حالهم فى ذلك اليوم، بالنسبة إلى الفلاح والخسران .. فأقول لك:{من ثقلت} . {من} : اسم شرط جازم في محل الرفع مبتدأ، والخبر جملة الشرط، أو الجواب، أو هما. {ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ}: فعل وفاعل في محل الجزم بـ {من} على كونه فعل شرط لها. {فَأُولَئِكَ} : {الفاء} : رابطة لجواب {من} الشرطية وجوبًا. {أولئك} : مبتدأ {هُمُ} : ضمير فصل. {الْمُفْلِحُونَ} : خبره، والجملة الاسمية في محل الجزم بـ {من} الشرطية على كونها جوابًا لها، وجملة {من} الشرطية: في محل النصب مقول لجواب إذا المقدرة، وجملة إذا المقدرة مستأنفة، {وَمَنْ خَفَّتْ}:{الواو} : عاطفة، {من}: اسم شرط في محل الرفع مبتدأ، والخبر جملة الشرط أو الجواب. {خَفَّتْ مَوَازِينُهُ}: فعل وفاعل في محل الجزم بـ {من} على كونه فعل شرط لها. {فَأُولَئِكَ} : {الفاء} : رابطة لجواب {من} الشرطية {أولئك الذين} : مبتدأ وخبر، والجملة الاسمية في محل الجزم بـ {من} الشرطية على كونها جوابًا لها. وجملة {من} الشرطية في محل النصب، معطوفة على جملة {من} الأولى، على كونها، مقولًا لجواب إذا المقدرة. {خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ}: فعل وفاعل ومفعول صلة الموصول. {فِي جَهَنَّمَ} : متعلق بـ {خَالِدُونَ} . {خَالِدُونَ} : خبر مبتدأ محذوف، أو خبر بعد خبر، {تَلْفَحُ}: فعل مضارع.
{وُجُوهَهُمُ} : مفعول به. {النَّارُ} : فاعل، والجملة الفعلية إما مستأنفة، أو خبر ثان لـ {أولئك} ، أو في محل النصب حال من فاعل {خَسِرُوا} ، {وَهُمْ}: مبتدأ. {فِيهَا} : متعلق بـ {كَالِحُونَ} . {كَالِحُونَ} : خبر المبتدأ، والجملة في محل النصب حال من ضمير {وُجُوهَهُمُ} .
{أَلَمْ تَكُنْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ (105)} .
{أَلَمْ تَكُنْ} : الهمزة: الاستفهام التقريري. {لم تكن} : جازم ومجزوم. {آيَاتِي} : اسم {تَكُنْ} ، وجملة {تُتْلَى}: خبرها. {عَلَيْكُمْ} : متعلق بـ {تُتْلَى} . وجملة {تَكُنْ} جملة إنشائية مستأنفة، لا محل لها من الإعراب. {فَكُنْتُمْ}:{الفاء} : عاطفة. {كنتم} : فعل ناقص واسمه. {بِهَا} : متعلق بـ {تُكَذِّبُونَ} ، وجملة {تُكَذِّبُونَ}: خبر {كان} : وجملة {كان} معطوفة على جملة {أَلَمْ تَكُنْ آيَاتِي} .
{قَالُوا} : فعل وفاعل، والجملة مستأنفة. {رَبَّنَا}: منادى مضاف، وجملة النداء في محل النصب مقول {قَالُوا}. {غَلَبَتْ}: فعل ماض. {عَلَيْنَا} : متعلق به. {شِقْوَتُنَا} : فاعل ومضاف إليه، والجملة في محل النصب مقول {قَالُوا} على كونها جواب النداء. {وَكُنَّا}: فعل ناقص واسمه معطوف على {غَلَبَتْ} . {قَوْمًا} : خبر {كان} . {ضَالِّينَ} : صفة {قَوْمًا} . {رَبَّنَا} : منادى مضاف كرره للعناية به. {أَخْرِجْنَا} : فعل دعاء ومفعول به، وفاعله ضمير يعود على الله، والجملة في محل النصب مقول {قَالُوا}. {مِنْهَا}: متعلق بـ {أَخْرِجْنَا} . {فَإِنْ عُدْنَا} : الفاء: عاطفة. {إن} : حرف شرط. {عُدْنَا} : فعل وفاعل في محل الجزم بـ {إن} الشرطية على كونها فعل شرط لها. {فَإِنَّا} : {الفاء} : رابطة لجواب {إن} الشرطية وجوبًا. {إنا} : ناصب واسمه. {ظَالِمُونَ} : خبره، والجملة الاسمية في محل الجزم بـ {إن} الشرطية على كونها جوابًا لها، وجملة {إن} الشرطية في محل النصب معطوفة على جملة {أَخْرِجْنَا} .
{قَالَ} : فعل ماض وفاعل مستتر يعود على الله، والجملة مستأنفة. {اخْسَئُوا فِيهَا} إلى قوله:{هُمُ الْفَائِزُونَ} : مقول محكي، وإن شئت قلت:{اخْسَئُوا} : فعل وفاعل. {فِيهَا} : متعلق به، والجملة في محل النصب مقول {قَالَ}. {وَلَا تُكَلِّمُونِ}:{الواو} : عاطفة. {لَا} : ناهية جازمة. {تُكَلِّمُونِ} : فعل وفاعل مجزوم بـ {لَا} الناهية. و (النون): نون الوقاية، وياء المتكلم المحذوفة اجتزىء عنها بكسرة نون الوقاية، في محل النصب مفعول به، والجملة في محل النصب معطوفة على جملة {اخْسَئُوا}. {إِنَّهُ}: ناصب واسمه. {كَانَ فَرِيقٌ} : فعل ناقص واسمه. {مِنْ عِبَادِي} : جار ومجرور ومضاف إليه صفة لـ {فَرِيقٌ} ، وجملة {يَقُولُونَ}: في محل النصب خبر {كَانَ} ، وجملة {كَانَ}: في محل الرفع خبر {إن} مستأنفة، مسوقة لتعليل النهي قبلها على كونها مقول {قَالَ}. {رَبَّنَا}: منادى مضاف، وجملة النداء في محل النصب مقول {يَقُولُونَ}. {آمَنَّا}: فعل وفاعل، والجملة في محل النصب مقول {يَقُولُونَ} على كونها جواب النداء. {فَاغْفِرْ}:{الفاء} : عاطفة تفريعية. {اغفر} : فعل دعاء، وفاعله ضمير يعود على الله. والجملة معطوفة على جملة {آمَنَّا}. {لَنَا}: متعلق باغفر. {وَارْحَمْنَا} : فعل وفاعل مستتر، ومفعول به معطوف على {اغفر}. {وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ}: مبتدأ وخبر ومضاف إليه، والجملة الاسمية في محل النصب، حال من فاعل {ارحمنا}. {فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ}:{الفاء} : عاطفة تفريعية. {اتخذتموهم} : فعل وفاعل ومفعول أول. و (الميم): علامة الجمع، و {الواو}: حرف زائد لإشباع ضمة الميم. {سِخْرِيًّا} : مفعول ثان لـ {اتخذ} ، والجملة معطوفة مفرعة على جملة {يَقُولُونَ} على كونها مقول {قَالَ}. {حَتَّى}: حرف جر وغاية. {أَنْسَوْكُمْ} : فعل ماض وفاعل ومفعول أول، في محل النصب بأن مضمرة بعد {حَتَّى} الجارة. {ذِكْرِي}: مفعول ثان ومضاف إليه، والجملة الفعلية صلة أن المضمرة، {أن} مع صلتها فى تأويل مصدر، مجرور بـ {حَتَّى} بمعنى إلى،
الجار والمجرور متعلق بـ {اتخذتموهم} ؛ أي: إلى إنساءهم إياكم ذكري. {وَكُنْتُمْ} : فعل ناقص واسمه {مِنْهُمْ} : متعلق بـ {تَضْحَكُونَ} . وجملة {تَضْحَكُونَ} : في محل النصب خبر {كان} ، وجملة {كان}: في محل الجر معطوفة على جملة {أَنْسَوْكُمْ} على كونها فى تأويل مصدر مجرور بـ {حَتَّى} .
{إِنِّي} : ناصب واسمه. {جَزَيْتُهُمُ} : فعل وفاعل ومفعول أول. {الْيَوْمَ} : ظرف متعلق بـ {جَزَيْتُهُمُ} ، والجملة الفعلية في محل الرفع خبر إن، وجملة {إن}: مستأنفة. {بِمَا} : (الباء): حرف جر وسبب. {ما} : مصدرية. {صَبَرُوا} : فعل وفاعل، والجملة صلة {ما} المصدرية، {ما} مع صلتها فى تأويل مصدر مجرور بالباء، الجار والمجرور متعلق بـ {جزيت}؛ أي: جزيتهم بسبب صبرهم. {أَنَّهُمْ} : ناصب واسمه. {هُمُ} للتأكيد {الْفَائِزُونَ} : خبره، وجملة {أن} فى تأويل مصدر منصوب على كونه مفعولًا ثانيًا لـ {جزيت}؛ أي: جزيتهم فوزهم بسبب صبرهم. {قَالَ} : فعل ماضٍ وفاعله ضمير يعود على الله، والجملة مستأنفة. {كَمْ}: اسم استفهام في محل النصب على الظرفية الزمانية مبني على السكون، وهو متعلق بـ {لَبِثْتُمْ}. {لَبِثْتُمْ}: فعل وفاعل. {فِي الْأَرْضِ} : متعلق بـ {لبثتم} أيضًا، أو بمحذوف حال من فاعل {لَبِثْتُمْ} ، {عَدَدَ}: تمييز لـ {كم} ، منصوب به. {سِنِينَ}: مضاف إليه، وجملة {لَبِثْتُمْ}: في محل النصب مقول {قَالَ} . {قَالُوا} : فعل وفاعل، والجملة مستأنفة. {لَبِثْنَا}: فعل وفاعل، والجملة في محل النصب مقول {قَالُوا}. {يَوْمًا}: ظرف متعلق بـ {لَبِثْنَا} ، {أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ}: معطوف على {يَوْمًا} . {فَاسْأَلِ} : {الفاء} : فاء الفصيحة؛ لأنها أفصحت عن جواب شرط مقدر، تقديره: إذا عرفت جوابنا وشكنا وجهلنا، وأَردت بيان الحقيقة .. فنقول لك:{اسْأَلِ الْعَادِّينَ} . {اسْأَلِ} فعل أمر وفاعله ضمير يعود على الله. {الْعَادِّينَ} : مفعول أول لـ {اسْأَلِ} ، والثاني محذوف، تقديره: فاسأل العادين عددها، والجملة الفعلية في محل
النصب مقول لجواب إذا المقدوة، وجملة إذا المقدرة مستأنفة.
{قَالَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا لَوْ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (114)} .
{قَالَ} : فعل ماض وفاعله ضمير يعود على الله، والجملة مستأنفة. {إن}: نافية. {لَبِثْتُمْ} : فعل وفاعل، والجملة في محل النصب مقول {قَالَ}. {إِلَّا}: أداة استثناء مفرغ. {قَلِيلًا} : صفة لظرف محذوف، أو مصدر محذوف؛ أي: زمنًا قليلًا أو لبثًا قليلًا. {لَوْ} : حرف شرط غير جازم وامتناع لامتناع. {أَنَّكُمْ} : ناصب واسمه. {كُنْتُمْ} : فعل ناقص واسمه، وجملة {تَعْلَمُون}: خبر {كان} ، ومفعول العلم محذوف، تقديره: مقدار {لبثكم} ، وجملة {كان}: في محل الرفع خبر {أن} ، وجملة {أن}: فى تأويل مصدر مرفوع على الفاعلية لفعل محذوف، هو فعل شرط لـ {لو} ، وجوابـ {لو} الشرطية محذوف، والتقدير: لو ثبت علمكم مقدار لبثكم فى الطول .. لما أجبتم بهذه المدة القليلة، أعني لبثنا يومًا أو بعض يوم، وجملة {لَوْ}:فى، محل النصب مقول {قَالَ} .
{أَفَحَسِبْتُمْ} : (الهمزة): للاستفهام الإنكاري التوبيخي، داخلة على محذوف. و {الفاء}: عاطفة على ذلك المحذوف، والتقدير: أغفلتم وظننتم من فرط غفلتكم أنما خلقناكم، والجملة المحذوفة مستأنفة. {حسبتم}: فعل وفاعل، والجملة معطوفة على تلك المحذوفة. {أَنَّمَا}:{أن} : حرف نصب وتوكيد، ولكن بطل عملها لدخول {ما} الكافة عليها. {ما}: كافة لكفها ما قبلها عن العمل فيما بعدها. {خَلَقْنَاكُمْ} : فعل وفاعل ومفعول به. {عَبَثًا} : منصوب على الحالية من فاعل {خَلَقْنَاكُمْ} ؛ أي: حالة كوننا {عابثين} ، أو منصوب على المصدرية؛ أي: خلقًا عبثًا، أو على أنه مفعول لأجله؛ أي: لأجل العبث، والجملة الفعلية فى تأويل مصدر، ساد مسد مفعولي {حسب}؛ أي: أغفلتص وظننتم حلقنا إياكم عبثًا. {وَأَنَّكُمْ} : ناصب واسمه {إِلَيْنَا} : جار
ومجرور متعلق بـ {تُرْجَعُونَ} ، وجملة {لَا تُرْجَعُونَ}: في محل الرفع خبر {أن} ، وجملة {أن}: في محل النصب معطوفة على جملة {أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ} على كونها فى تأويل مصدر ساد مسد مفعولي {حسب} ؛ أي: وعدم رجوعكم إلينا. {فَتَعَالَى اللَّهُ} : {الفاء} : استئنافية. {تعالى الله} : فعل وفاعل، والجملة مستأنفة. {الْمَلِكُ الْحَقُّ}: صفتان للجلالة. {لا} : نافية. {إِلَهَ} : اسمها. {إِلَّا} : أداة استثناء مفرغ، {هُوَ} في محل الرفع بدل من الضمير المستكن فى خبر {لَا}؛ أي: لا إله موجود هو إلا هو سبحانه، وجملة {لا}: في محل النصب حال من الجلالة فى قوله: فتعالى الله. {رَبُّ الْعَرْشِ} : صفة ثالثة ومضاف إليه. {الْكَرِيمِ} : بالجر صفة للعرش، وبالرفع صفة للرب.
{وَمَنْ} {الواو} : استئنافية. {مَن} : اسم شرط جازم في محل الرفع مبتدأ، والخبر جملة الجواب، أو الشرط، أو هما على الخلاف المذكور فى محله. {يَدْعُ}: فعل مضارع مجزوم بـ {مَن} على كونه فعل شرط لها، وجزمه حذف حرف العلة وفاعله ضمير يعود على {مَن}. {مَعَ اللَّهِ}: ظرف ومضاف إليه متعلق بيدع. {إِلَهًا} : مفعول به ليدع. {آخَرَ} : صفة أولى له، إلا: نافية للجنس. {بُرْهَانَ} : في محل النصب اسمها. {لَهُ} : جار ومجرور خبر {لا} . {بِهِ} : جار ومجرور متعلق بـ {بُرْهَانَ} . و (الباء) بمعنى على، أي لا برهان عليه كائن له. وجملة لا في محل النصب صفة ثانية لـ {إِلَهًا} ، وهي صفة لازمة لا مفهوم لها. {فَإِنَّمَا}:{الفاء} : رابطة لجواب {من} الشرطية. {إنما} : أداة حصر. {حِسَابُهُ} : مبتدأ ومضاف إليه. {عِنْدَ رَبِّهِ} : خبر المبتدأ، والجملة الاسمية في محل الجزم بـ {من} الشرطية على كونها جوابًا لها، وجملة {من} الشرطية: مستأنفة. {إِنَّهُ} : ناصب واسمه، وجملة {لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ} في محل الرفع خبر {إن} ، وجملة {إن} مستأنفة مسوقة لتعليل ما قبلها.
{وَقُلْ رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ (118)} .
{وَقُلْ} {الواو} : استئنافية. {قُلْ} : فعل أمر وفاعله ضمير يعود على محمد، والجملة مستأنفة. {رَبِّ}: منادى مضاف إلى ياء المتكلم المحذوفة، وجملة النداء في محل النصب مقول قال. {اغْفِرْ}: فعل دعاء وفاعله ضمير يعود على الله، والجملة في محل النصب مقول لـ {قل} على كونها جواب النداء. {وَارْحَمْ}: معطوف على {اغفر} . {وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ} : مبتدأ وخبر ومضاف إليه، والجملة في محل النصب حال من فاعل {ارحم} ، والله أعلم.
التصريف ومفردات اللغة
{هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ} : جمع همزة، وهي النخسة والدفعة بيد أو بغيرها، والمهماز، مفعال من ذلك كالمحراث من الحرث، والهمَّاز الذي يعيب الناس، كأنه يدفع بلسانه، وينخس به. اهـ. "سمين".
وفي "الأساس" و"اللسان" همز رأسه عصره، وهمز الجوزة بكفه، ومن المجاز همز الرجل فى قفاه غمز بعينه، ورجل همزة وهماز، والشيطان يهمز الإنسان، يهمس فى قلبه وسواسًا، ويقال: أعوذ بالله من همسه وهمزه ولمزه.
وأعوذ بك من همزات الشيطان. وفي "المختار" وهمزات الشيطان: خطراته التي يخطرها بقلب الإنسان. اهـ. وفي "البيضاوي" وأصل الهمز النخس. ومنه مهماز الرائض، شبه حثهم الناس على المعاصي، بهمز الرائض الدواب على المشي، والجمع للمرات، أو لتنوع الوساوس، أو لتعدد المضاف إليه. اهـ. فلا يرد ما يقال: الهمزة الواحدة أيضًا ينبغي أن يتعوذ منها، فما وجه الجمع اهـ "كرخي". قلت: مهماز الرائض: حديدة توضع فى مؤخر الرحل ينخس بها الدابة لتسرع اهـ.
{كَلَّا} : كلمة تستعمل للردع والزجر عن حصول ما يطلب. {وَمِنْ وَرَائِهِمْ} ؛ أي: من أمامهم. {بَرْزَخٌ} ؛ أي: حاجز بينهم وبين الرجعة؛ أي: حاجز يصدهم عن الرجوع إلى الدنيا، وهو المدة التي من حين الموت إلى البعث. وفي "السمين" البرزخ: الحاجز بين المتنافيين، وقيل: الحجاب بين الشيئين يمنع أن
يصل أحدهما إلى الآخر، وهو بمعنى الأول، وقال الراغب: أصله برزه بالهاء، فعرب، وهو فى القيامة الحائل بين الإنسان وبين المنازل الرفيعة، والبرزخ قيل: هو الحائل بين الإنسان وبين الرجعة التي يتمناها اهـ.
{فِي الصُّور} : الصور واحدها صورة، نحو بسر وبسرة؛ أي: نفخت فى الأجساد أرواحها. {فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ} جمع نسب، والنسب: القرابة بين اثنين فصاعدًا؛ أي: اشتراك من جهة أحد الأبوين، وذلك ضربان: نسب بالطول، كالاشتراك بين الآباء والأبناء، ونسب بالعرض، كالنسب بين الأخوة وبني الأعمام، كما مر فى مبحث التفسير.
{فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ} ؛ أي: موزونات أعماله، فالموازين جمع موزون، ويجوز كونه جمع ميزان. وجمعه حينئذٍ مع وحدته لتعدد الموزون اهـ "شهاب"؛ أي: ثقلت موازينه بالحسنات، بثقلها على السيئات، بأن تجسم وتصور بصور حسان، وتوضع فى كفة الميزان اليمنى، التي على يمين العرش، أو خفت موازينه بالحسنات، بثقل السيئات عليها بسبب زيادتها على الحسنات، بأن تجسم السيئات وتصور بصور ظلمانية، وتوضع فى كفة الميزان اليسرى، التي فى على يسار العرش اهـ. "شيخنا".
{تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ} ؛ أي: تحرقها، واللفح: أشد النفخ؛ لأنه الإصابة بشدة، والنفح الإصابة مطلقًا، كما فى قوله تعالى:{وَلَئِنْ مَسَّتْهُمْ نَفْحَةٌ مِنْ عَذَابِ رَبِّكَ} وفي "القاموس" لفح يلفح من باب فتح فلانًا بالسيف ضربه به، ولفحت النار لفحًا ولفحانًا، أو السموم بحرها فلانًا، أصابت وجهه، وأحرقته {كَالِحُونَ}؛ أي: عابسون، الكلوح أن تتقلص الشفتان، وتتشمرا عن الأسنان، كما ترى الرؤس المشوية.
وفي "المختار" الكلوح تكشر فى عبوس، وبابه خضع. قلت: ومنه كلوح الأسد؛ أي: تكشيره عن أنيابه، ودهر كالح وبرد كالح؛ أي: شديد.
{غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا} أحد مصادر شقي. وفي "المختار" الشقاء والشقاوة بالفتح: ضد السعادة. وقرأ قتادة شقاوتنا بالكسر، وهي لغة، وقد شقى بالكسر
شقاء وشقاوة أيضًا. وأشقاه الله فهو شقي؛ أي: بين الشقوة. وفي "القاموس" وشرحه شقى يشقى من باب تعب شقًا، وشقاوة وشقاوة وشقوة وشقوة ضد سعد فهو شقي، والجمع أشقياء. والشقاوة سوء العاقبة.
{اخْسَئُوا} ؛ أي: ذلوا فيها وانزجروا، كما تنزجر الكلاب إذا زجرت. وفي "الصحاح" خسأت الكلب وخسأ يتعدى بنفسه، ولا يتعدى. وفي "المختار" خسأ الكلب طرده، من باب قطع وخسأ هو بنفسه إذا خضع.
{سِخْرِيًّا} بضم السين وكسرها، أصله سخرًا بضم السين وكسرها أيضًا، وزيدت فيه ياء النسب، للدلالة على المبالغة فى قوة الفعل، وهو المسخرة. اهـ. "شيخنا". وفي "السمين" وزيدت الياء للدلالة على قوة الفعل، فالسخرى أقوى من السخر، كما قيل فى الخصوص: خصوصية دلالة على قوله ذلك. وفي "المصباح" سخرت منه سخرًا من باب تعب هزئت به، والسخرى بالكسر لغة فيه، والسخرة وزان غرفة ما سخرت من خادم، أو دابة بلا أجر، والسخرى بالضم بمعناه، وسخرته فى العمل بالتثقيل استعملته مجانًا، وسخر الله الإبل ذللها وسهلها. اهـ.
{كَمْ لَبِثْتُمْ} واللبث: الإقامة، {الْعَادِّينَ} بتشديد الدال جمع عاد من عدّ الشيء يعده، بضم العين فى المضارع إذا أحصاه وحبسه. والمراد هنا: الحفظة العادين لأعمال العباد وأعمارهم، كما مر.
{عَبَثًا} : العبث بفتحتين: اللعب، وما لا فائدة فيه، وكل ما ليس فيه غرض صحيح، يقال: عبث يعبث عبثًا إذا خلط عمله بلعب، وأصله من قولهم: عبثت الأقط؛ أي: خلطته، والعبث طعام مخلوط، ومنه العوثباتي لتمرٍ وسويق وسمن مختلط.
{الْحَقُّ} الثابت الذي لا يبيد ولا يزول ملكه. وفي "البيضاوي"{الْمَلِكُ الْحَقّ} ؛ أى: الذى يحق له الملك مطلقًا، فإن ما عداه مملوك بالذات، مالك بالعرض من وجه دون وجه، وفي حال دون حال. اهـ.
و {الْعَرْشِ} : هو مركز تدبير العالم، ووصفه بالكريم لشرفه، وكل ما شرف فى جنسه يوصف بالكرم، كما فى قوله:{وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ (26)} وقوله: {وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا} وفي "أبي السعود" قوله: {رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ} ؛ أي: فكيف بما تحته وما أحاط به من المخلوقات، كائنًا ما كان، ووصف بالكرم، إما لأنه ينزل منه الوحي الذي منه القرآن الكريم، أو الخير والبركة والرحمة، أو لنسبته إلى أكرم الأكرمين تعالى من حيث أنه أعظم مخلوقاته اهـ.
البلاغة
وقد تضمنت هذه الآيات ضروبًا من البلاغة، وأنواعًا من الفصاحة والبيان والبديع:
فمنها: التأكيد بإن وباللام وباسمية الجملة فى قوله: {وَإِنَّا عَلَى أَنْ نُرِيَكَ مَا نَعِدُهُمْ لَقَادِرُونَ (95)} لإنكار المخاطبين ذلك.
ومنها: الطباق المعنوي فى قوله: {ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ} ؛ لأن المعنى: ادفع بالحسنة السيئة، فهو طباق بالمعنى لا باللفظ.
وفي قوله أيضًا: {ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} من البلاغة العدول عن مقتضى السياق لسر بليغ، فالظاهر أن يقول ادفع بالحسنة السيئة، ولكنه عدل عن مقتضى الكلام لما فيه من التفصيل، والمعنى: ادفع السيئة بما أمكن من الإحسان، حتى إذا اجتمع الصفح والإحسان، وبذل الاستطاعة فيه كانت حسنة مضاعفة بإزاء سيئة.
ومنها: إعادة لفظ الرب فى قوله: {رَبِّ فَلَا تَجْعَلْنِي فِي الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (94)} مبالغة فى الابتهال والتضرع.
ومنها: الإظهار فى مقام الإضمار فى قوله: {فَلَا تَجْعَلْنِي فِي الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (94)} تسجيلًا عليهم باسم الظلم؛ لأن الأصل فلا تجعلني فيهم.
ومنها: إعادة كل من العامل والنداء فى قوله: {وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ (98)} مبالغةً وزيادة اعتناء بهذه الاستعاذة.
ومنها: الإتيان بضمير الجمع، مع كون المرجع المفرد المعظم المنزه فى قوله:{رَبِّ ارْجِعُونِ} تعظيمًا لله تعالى.
ومنها: جمع الضمير فى قوله: {وَمِنْ وَرَائِهِمْ} مع عوده إلى الأحد، اعتبارًا بالمعنى؛ لأنه فى حكم كلهم، كما أن الإفراد فى الضمائر الأول باعتبار اللفظ، ذكره "أبو السعود".
ومنها: المجاز المرسل فى قوله: {إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا} حيث أطلق الكلمة على الجملة، وهو من إطلاق الجزء، وإرادة الكل.
ومنها: فن التنكيت فى قوله: {فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ} فقد قصد بنفي الإنساب، وهي موجودة أمرًا آخر لنكتة فيه، فإن الأنساب ثابتة لا يصح نفيها.
وقد كان العرب يتفاخرون بها فى الدنيا، ولكنه جنح إلى نفيها، إما لأنها تلغو فى الآخرة، إذ يقع التقاطع بينهم فيتفرقون معاقبين، أو مثابين، أو أنه قصد بالنفي صفة للأنساب محذوفة؛ أي: يعتد بها حيث تزول بالمرة، وتبطل لزوال التراحم والتعاطف، من فرط الحيرة، واستيلاء الدهشة عليهم.
ومنها: المقابلة اللطيفة بين {فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ} وبين {وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ} .
ومنها: الاستفهام التقريري فى قوله: {أَلَمْ تَكُنْ آيَاتِي} .
ومنها: جناس الاشتقاق فى قوله: {وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ} .
ومنها: الإسناد المجازي فى قوله: {حَتَّى أَنْسَوْكُمْ ذِكْرِي} حتى أنساكم استهزاؤهم ذكري، فهو من إسناد ما للشيء إلى صاحبه.
ومنها: الاستفهام التبكيتي الإلزامي فى قوله: {كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ} والاستفهام التوبيخي فى قوله: {أَفَحَسِبْتُمْ} .
ومنها: القصر فى قوله: {أَنَّهُمْ هُمُ الْفَائِزُونَ} .
ومنها: التعبير بالمضارع فى قوله: {وَكُنْتُمْ مِنْهُمْ تَضْحَكُونَ} استحضارًا
للصورة الماضية.
ومنها: حذف جواب لو فى قوله: {لَوْ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} ثقةً بدلالة ما سبق عليه.
ومنها: الإظهار فى مقام الإضمار فى قوله: {إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ} للنداء عليه بهذا الوصف القبيح. وفيه أيضًا مراعاة معنى من؛ لأن الأصل إنه لا يفلح.
ومنها: تقديم المغفرة على الرحمة فى قوله: {رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ} ؛ لأن باب التخلية مقدم على باب التحلية.
ومنها: تفاوت ما بين الافتتاح والاختتام، حيث بدأ السورة بقوله:{قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (1)} ، وأورد فى خاتمتها أنه لا يفلح الكافرون. ذكره فى "البحر".
ومنها: الزيادة والحذف فى عدة مواضع.
والله سبحانه وتعالى أعلم
* * *
خلاصة ما تضمنته هذه السورة من الحكم والأحكام والآداب
اشتملت هذه السورة على المقاصد التالية:
1 -
فوز المؤمنين ذوي الصفات الفاضلة، بدخول الجنات خالدين فيها أبدًا.
2 -
ذكر حال النشأة الأولى.
3 -
خلق السماوات السبع وإنزال المطر من السماء، وإنشاء الجنات من النخيل والأعناب، وذكر منافع الحيوان للإنسان.
4 -
قصص بعض الأنبياء، كنوح وشعيب وموسى وهارون وعيسى عليهم السلام، ثم أمرهم جميعًا بأكل الطيبات وعمل الصالحات.
5 -
أنه لا يكلف الله عباده، إلا بما فيه يسر وسماحة.
6 -
وصف ما يلقاه الكافرون من النكال والوبال يوم القيامة، وتأنيبهم على عدم الإيمان بالرسول، وتفنيد المعاذير التي اعتذروا بها.
7 -
ذكر ما أنعم به على عباده، من الحواس والمشاعر.
8 -
إنكار المشركين للبعث والجزاء، والحجاج على إثبات ذلك.
9 -
النعي على من أثبت الولد، والشريك لله تعالى.
10 -
دعاء النبي صلى الله عليه وسلم ربه أن لا يجعله فى القوم الظالمين، حين عذابهم.
11 -
تعليم نبيه صلى الله عليه وسلم الأدب فى معاملة الناس، وأمره أن يدعوه بدفع همزات الشياطين عنه.
12 -
طلب الكفار العودة إلى الدنيا، حين رؤية العذاب، لعلهم إذا عادوا عملوا صالحًا.
13 -
وصف أهوال يوم القيامة، وبيان ما فيها من الشدائد.
14 -
أوصاف السعداء والأشقياء.
15 -
تأنيب الكافرين على طلبهم العودة إلى الدنيا، وزجرهم على هذا الطلب.
16 -
سؤال المشركين عن مدة لبثهم فى الدنيا، وبيان أنهم ينسون ذلك.
17 -
النعي على من عبد مع الله إلهًا آخر.
وصلى الله على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين (1).
والله سبحانه وتعالى أعلم
* * *
(1) قد تمّ تفسير سورة المؤمنون بعون الله تعالى، وتوفيقه، بتاريخ 7/ 12/ 1412 هـ. وفي أوائل الليلة السابعة من شهر الله ذي الحجة من شهور سنة ألف وأربع مئة واثني عشرة سنة، من الهجرة النبوية، على صاحبها أفضل الصلاة، وأزكى التحية.