الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لا غيرهم {الْفَاسِقُونَ} ؛ أي: الكاملون في الفسق والخروج عن الطاعة، وفي الطغيان حدود الكفر.
قال المفسرون: أول من كفر بهذه النعمة وجحد حقها الذين قتلوا عثمان رضي الله عنه فلما قتلوه غير الله ما بهم من الأمن وأدخل عليهم الخوف الذي رفع عنهم، حتى صاروا يقتتلون بعد أن كانوا إخوانًا متحابين. والله تعالى لا يغير نعمة أنعمها على قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم. وفي الحديث:"إذا وضع السيف في أمتي، لا يرفع عنها إلى يوم القيامة".
56
- وجملة قوله: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ} معطوفة (1) على مقدر يدل عليه السياق، كأنه قيل لهم: فآمنوا واعملوا صالحًا، وأقيموا الصلاة إلخ. وقيل: معطوف على {وَأَطِيعُوا اللَّهَ} . وقيل: التقدير: فلا تكفروا، وأقيموا الصلاة؛ أي: أدوا الصلوات الخمس في مواقيتها بأركانها وشروطها وآدابها، وأعطوا الزكاة المفروضة في أموالكم إلى مستحقيها.
{وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ} ؛ أي: اتبعوا الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، فيما أمركم به ونهاكم عنه، فهو من باب التكميل. {لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ}؛ أي: لكي تنالوا رحمة الله سبحانه في الدنيا والآخرة؛ أي: افعلوا ما ذكر من الإقامة والإيتاء والإطاعة، راجين أن يرحمكم الله سبحانه وتعالى بسبب امتثالكم هذه المأمورات. فهو متعلق بالأوامر الثلاثة. وكرر الأمر بطاعة الرسول للتأكيد، وخصه بالطاعة لأن طاعته طاعة الله تعالى. ولم يذكر ما يطيعونه فيه لقصد التعميم، كما يشعر به الحذف، على ما تقرر في علم المعاني، من أن مثل هذا الحذف مشعر بالتعميم.
57
- {لَا تَحْسَبَنّ} يا محمد، أو يا من يصلح للخطاب كائنًا من كان {الَّذِينَ كَفَرُوا} مفعول أول للحساب. {مُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ} (2)؛ أي: معجزين لله عن إدراكهم لاهلاكهم في قطر من الأقطار بما رحبت، فائتين عنه، وإن هربوا منها
(1) الشوكاني.
(2)
روح البيان.
كل مهرب {وَمَأْوَاهُمُ} ؛ أي: مسكنهم ومقرهم في الآخرة {النَّارُ} ؛ أي: نار جهنم.
والجملة الاسمية معطوفة على جملة النهي بتأويلها بجملة خبرية؛ أي: لا تحسبن الذين كفروا معجزين في الأرض، فإنهم مدركون، ومأواهم النار. {وَلَبِئْسَ} وقبح {الْمَصِيرُ} والمرجع لهم النار. والجملة جواب لقسم محذوف. والمخصوص بالذم محذوف؛ أي: وعزتي وجلالي لبئس المصير، والمرجع لهم. هي؛ أي: النار.
وقرأ الجمهور (1): {لَا تَحْسَبَنَّ} بالتاء الفوقية؛ أي: لا تحسبن يا محمد. وقرأ حمزة وابن عامر وأبو حيوة {لا يحسبن} بالياء التحتيَّة، فيكون الموصول فاعلًا على هذه القراءة والمفعول الأول محذوف، أي لا يحسبن الذين كفروا أنفسهم معجزين في الأرض. قال النحاس: وما علمت أحدًا بصريًا، ولا كوفيًا إلا وهو يخطىء قراءة حمزة.
وفي الآية (2): إشارة إلى كفران النعمة، فإن الذين أنفقوا النعمة في المعاصي، وغيروا ما بهم من الطاعات مأواهم نار القطيعة. قال علي رضي الله عنه: أقل ما يلزمكم لله أن لا تستعينوا بنعمه على معاصيه.
ومعنى الآيتين (3): وأقيموا أيها الناس الصلاة على الوجه الذي رسمه الله في مواقيتها، ولا تضيعوها، وآتوا الزكاة التي فرضها الله على أهلها ، لما فيها من الإحسان إلى الفقير والمسكين وذوي البؤس والحاجة، وأطيعوا رسول ربكم فيما أمركم به، ونهاكم عنه، لعل ربكم أن يرحمكم فينجيكم من شديد عذابه، ثم بين أن الكافرين سيحل بهم النكال، ولا يجدون مهربًا مما أوعدهم به ربهم فقال:{لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ} ؛ أي: لا تظن أيها الرسول الكافرين يجدون مهربًا في الأرض إذا أردنا إهلاكهم، بل نحن قادرون على أخذهم،
(1) البحر المحيط.
(2)
روح البيان.
(3)
المراغي.
والبطش بهم متى أردنا. وبعدئذٍ بين مآلهم في الآخرة، فقال:{وَمَأْوَاهُمُ النَّارُ وَلَبِئْسَ الْمَصِيرُ} ؛ أي: كما أنا سنضيف عليهم في الدنيا، وننكل بهم، ولا يفلتون من عذابنا سنجعل عاقبة أمرهم نارًا تلظّى، لا يصلاها إلا الأشقى الذي كذب وتولى.
والخلاصة: أنه سيلحقهم سخطنا في الدنيا، وسينالهم الذل والصغار، وسيكون مصيرهم في الآخرة سعيرًا وحميمًا وغساقًا، جزاءً وفاقًا، إنهم كذبوا بآياتنا كذابًا.
الإعراب
{أَلَمْ} (الهمزة): للاستفهام التقريري. {لَمْ تَرَ} : جازم ومجزوم وفاعل مستتر يعود على محمد، والجملة مستأنفة مسوقة لتقرير هذه الحقيقة. {أَنَّ اللَّهَ}: ناصب واسمه. {يُسَبِّحُ} : فعل مضارع {لَهُ} متعلق به. {مَنْ} : اسم موصول في محل الرفع فاعل {فِي السَّمَاوَاتِ} : جار ومجرور صلة الموصول. {وَالْأَرْضِ} معطوف على {السَّمَاوَاتِ} . وجملة {يُسَبِّحُ} في محل الرفع خبر {أَنَّ} . وجملة {أَنَّ} في تأويل مصدر ساد مسد مفعولي رأى؛ لأن الرؤية هنا قلبية تتعدى إلى مفعولين؛ لأن تسبيع المسبحين لا تتعلق به رؤية البصر. {وَالطَّيْرُ} : معطوف على {مَنْ} . {صَافَّاتٍ} حال من الطير ومفعول صافات محذوف؛ أي: باسطات أجنحتها. {كُلٌّ} : مبتدأ، وسوغ الابتداء به لما فيه من معنى العموم. {قَدْ}: حرف تحقيق. {عَلِمَ} : فعل ماض وفاعله ضمير يعود على كل، أو على الله. وقال أبو البقاء: إن عودته على كل أرجح؛ لأن القراءة برفع كل على الابتداء، فيرجع ضمير الفاعل إليه. ولو كان فيه ضمير اسم الله لكان الأولى نصب كل، لأن الفعل الذي بعدها قد نصب ما هو من سبببها، فيصير كقولك: زيدًا ضرب عمرو غلامه. {صَلَاتَهُ} : مفعول به. {وَتَسْبِيحَهُ} : معطوف عليه. وجملة {عَلِمَ} في محل الرفع خبر المبتدأ. والجملة الاسمية مستأنفة. {وَاللَّهُ} : مبتدأ.
{عَلِيمٌ} : خبره. والجملة مستأنفة. {بِمَا} : متعلق بـ {عَلِيمٌ} . وجملة {يَفْعَلُونَ} صلة لـ {ما} . {وَاللَّهُ} {الواو} : استئنافية. {لله} : خبر مقدم. {مُلْكُ السَّمَاوَاتِ} : مبتدأ مؤخر ومضاف إليه. {وَالْأَرْضِ} : معطوف على {السَّمَاوَاتِ} والجملة مستأنفة. {وَإِلَى اللَّهِ} : خبر مقدم. {الْمَصِيرُ} : مبتدأ مؤخر. والجملة معطوفة على ما قبلها.
{أَلَمْ} : (الهمزة): فيه للاستفهام التقريري. {لم تر} : جازم وفعل مجزوم، وفاعل مستتر. تقديره أنت. والجملة مستأنفة. {أَنَّ اللَّهَ}: ناصب واسمه. {يُزْجِي سَحَابًا} : فعل وفاعل مستتر، يعود على الله ومفعول به. والجملة الفعلية في محل الرفع خبر {أَنَّ} . وجملة {أَنَّ} في تأويل مصدر ساد مسد مفعولي تر، إن قلنا إنها قلبية، ويصح كونها بصرية، تقديره: ألم تر إزجاء الله سحابًا. {ثُمَّ} : حرف عطف وتراخ. {يُؤَلِّفُ} : فعل مضارع وفاعل مستتر يعود على الله، معطوف على {يُزْجِي}. {بَيْنَهُ}: ظرف ومضاف إليه متعلق بـ {يُزْجِي} . {ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَامًا} : فعل وفاعل مستتر يعود على الله، ومفعولان معطوف على {يُؤَلِّفُ}. {فَتَرَى الْوَدْقَ} {الفاء}: عاطفة. {ترى الودق} : فعل وفاعل مستتر ومفعول به مطعوف على {يَجْعَلُهُ} . {يَخْرُجُ} : فعل وفاعل مستتر يعود على {الْوَدْقَ} . {مِنْ خِلَالِهِ} : متعلق بـ {يَخْرُجُ} . والجملة الفعلية في محل النصب حال من {الْوَدْقَ} . {وَيُنَزِّلُ} : فعل مضارع وفاعل مستتر يعود على الله. والجملة معطوفة على جملة {يُزْجِي} على كونها خبرًا لـ {أَنَّ} . {مِنَ السَّمَاءِ} : جار ومجرور متعلق بـ {ينزل} . فـ {مِنْ} : ابتدائية. {مِنْ جِبَال} : جار ومجرور بدل من الجار والمجرور قبله، بدل اشتمال. {فِيهَا}: جار ومجرور صفة لـ {جِبَال} . {مِنْ بَرَدٍ} : جار ومجرور متعلق بـ {ينزل} . وهو في موضع مفعول الإنزال وهي تبعيضية. وفي "الفتوحات" قد ذكرت {مَنْ} هنا ثلاث مرات. فالأولى: ابتدائية
باتفاق المفسرين. والثانية: قيل زائدة. وقيل تبعيضية. وقيل: ابتدائية على جعل مدخولها بدلًا مما قبله بإعادة الجار. والثالثة: فيها هذه الأقوال الثلاثة. وتزيد بقول رابع: وهو أنها لبيان الجنس انتهى. {فَيُصِيبُ} {الفاء} : عاطفة. {يصيب} : فعل مضارع وفاعل مستتر يعود على الله معطوف على ينزل. {بِهِ} : متعلق بـ {يصيب} . {مَنْ} مفعول به لـ {يصيب} . وجملة {يَشَاءُ} صلة {مَنْ} الموصولة. والعائد محذوف، تقديره: من يشاء إصابته. {وَيَصْرِفُهُ} : فعل ومفعول وفاعل مستتر يعود على الله، معطوف على يصيب. {عَنْ مَنْ}: جار ومجرور متعلق بـ {يصرف} وجملة {يَشَاءُ} صلة {من} الموصولة {يَكَادُ} : فعل مضارع ناقص من أفعال المقاربة. {سَنَا بَرْقِهِ} اسمها ومضاف إليه. وجملة {يَذْهَبُ بِالْأَبْصَار} في محل النصب خبر {يَكَادُ} . وجملة {يَكَادُ} في محل الجر صفة لـ {بَرَدٍ} .
{يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ} : فعل وفاعل ومفعول. {وَالنَّهَارَ} : معطوف على الليل. والجملة مستأنفة. {إِنَّ} : حرف نصب وتوكيد. {فِي ذَلِكَ} : جار ومجرور خبر مقدم لـ {إِنَّ} . {لَعِبْرَةً} : اسمها مؤخر. واللام فيه حرف ابتداء. {لِأُولِي الْأَبْصَارِ} : جار ومجرور مضاف إليه صفة {لَعِبْرَةً} . وجملة {إن} مستأنفة مسوقة لتعليل ما قبلها. {وَاللَّهُ} : مبتدأ. {خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ} : فعل وفاعل مستتر يعود على الله ومفعول به. والجملة الفعلية في محل الرفع خبر المبتدأ. والجملة الاسمية مستأنفة مسوقة لبيان أصناف الخلق. {مِنْ مَاءٍ} : جار ومجرور متعلق بـ {خَلَقَ} ؛ أي: من نطفة. بحسب الأغلب. {فَمِنْهُمْ} : {الفاء} : حرف عطف وتفصيل. {منهم} : جار ومجرور خبر مقدم. {مَنْ} : اسم موصول مبتدأ مؤخر. والجملة الاسمية معطوفة على الجملة التي قبلها، عطف مفصل على مجمل. {يَمْشِي}: فعل مضارع وفاعله ضمير يعود على من. {عَلَى بَطْنِهِ} : متعلق به. والجملة
الفعلية صلة {مِنْ} الموصولة {وَمِنْهُمْ} خبر مقدم. {من} : مبتدأ مؤخر، والجملة معطوفة على الجملة التي قبلها. {يَمْشِي}: فعل مضارع وفاعل مستتر على {من} . {عَلَى رِجْلَيْنِ} : متعلق بـ {يَمْشِي} . والجملة الفعلية صلة {مَنْ} الموصولة. {وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى أَرْبَعٍ} إعرابه نظير ما قبله، ومعطوف عليه {يَخْلُقُ اللَّهُ مَا}: فعل وفاعل ومفعول به. والجملة مستأنفة. وجملة {يَشَاءُ} صلة {ما} الموصولة. {إِنَّ اللَّهَ} : ناصب واسمه. {عَلَى كُلِّ شَيْءٍ} : جار ومجرور متعلق بـ {قَدِيرٌ} ، {قَدِيرٌ}: خبر {إِنَّ} . وجملة إن مستأنفة مسوقة لتعليل ما قبلها.
{لَقَدْ} : اللام: موطئة للقسم. {قد} : حرف تحقيق. {أَنْزَلْنَا آيَاتٍ} : فعل وفاعل ومفعول به. {مُبَيِّنَاتٍ} : صفة {آيَاتٍ} . والجملة الفعلية لقسم محذوف، لا محل لها من الإعراب. وجملة القسم مستأنفة. {وَاللَّهُ}: مبتدأ. وجملة {يَهْدِي} خبره. والجملة الاسمية مستأنفة. {من} : اسم موصول في محل النصب مفعول به لـ {يَشَاءُ} وجملة {يَشَاءُ} صلة {مَنْ} الموصولة. {إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} : جار ومجرور، وصفة متعلق بـ {يَهْدِي}. {وَيَقُولُونَ}: فعل وفاعل. والجملة مستأنفة. {آمَنَّا بِاللَّهِ} إلى {ثُمَّ يَتَوَلَّى} : مقول محكي، وإن شئت قلت:{آمَنَّا} : فعل وفاعل. {بِاللَّهِ} : متعلق به. والجملة في محل النصب مقول ليقولون. {وَبِالرَّسُولِ} معطوف على بالله. {وَأَطَعْنَا} : فعل وفاعل معطوف على {آمَنَّا} . {ثُمَّ} : حرف عطف. {يَتَوَلَّى فَرِيقٌ} : فعل وفاعل معطوف على يقولون. {مِنْهُمْ} : صفة لـ {فَرِيقٌ} . {مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ} : جار ومجرور ومضاف إليه متعلق بـ {يَتَوَلَّى} . {وَمَا} : {الواو} : حالية {ما} : حجازية. {أُولَئِكَ} : اسمها. {بِالْمُؤْمِنِين} : خبرها. والباء: زائدة. والجملة الاسمية في محل النصب، حال من {فَرِيقٌ} لتخصصه بالصفة.
{وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ (48) وَإِنْ يَكُنْ لَهُم
الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ (49)}.
{وَإِذَا} {الواو} : عاطفة. {إذا} : ظرف لما يسقبل من الزمان، متضمن معنى الشرط. {دُعُوا}: فعل ونائب فاعل. {إِلَى اللَّهِ} : متعلق بـ {دُعُوا} . {وَرَسُولِهِ} : معطوف على الجلالة. والجملة الفعلية في محل الخفض بإضافة {إذا} إليها، على كونا فعل شرط لها. {لِيَحْكُمَ} (اللام): حرف جر وتعليل. {يحكم} : فعل مضارع منصوب بأن مضمرة. جوازًا بعد لام كي، وفاعله ضمير يعود على الرسول. {بَيْنَهُمْ}: متعلق بـ {يحكم} والجملة مع أن المضمرة، في تأويل مصدر مجرور باللام، تقديره: لحكمه. {بَيْنَهُمْ} : الجار والمجرور متعلق بـ {دُعُوا} . {إِذَا} فجائية، قائمة مقام الفاء، في ربط الجواب بشرطه. وهو {إِذَا} الأولى، حرف لا محل لها من الإعراب. {فَرِيقٌ}: مبتدأ. {مِنْهُمْ} : صفة له. {مُعْرِضُونَ} : خبر المبتدأ. والجملة الاسمية جواب {إذا} الشرطية، لا محل لها من الإعراب. وجملة {إذا} الشرطية معطوفة على جملة قوله:{وَيَقُولُونَ} . {وَإِنْ يَكُنْ} {الواو} : عاطفة. {إِنْ} : حرف شرط جازم. {يَكُنْ} : فعل مضارع ناقص. مجزوم بـ {إن} الشرطية. {لَهُمُ} : خبر {يَكُنْ} مقدم على اسمها. {الْحَقُّ} : اسما مؤخر. {يَأْتُوا} : فعل وفاعل مجزوم بـ {إن} الشرطية على كونه جوابًا لها. {إِلَيْهِ} متعلق بـ {يَأْتُوا} . {مُذْعِنِينَ} حال من فاعل {يَأْتُوا} . وجملة {إن} الشرطية معطوفة على جملة {إذا} .
{أَفِي} الهمزة فيه: للاستفهام التقريري. جيء بها للمبالغة في الذم. {في قلوبهم} : جار ومجرور خبر مقدم. {مَرَضٌ} : مبتدأ مؤخر. والجملة مستأنفة، مسوقة لتقسيم الأمر في صدودهم عن حكومته، إذا كان الحق عليهم بين أن يكونوا مرضى القلوب منافقين، أو مرتابين في أمر نبوته، أو خائفين أن يحيف عليهم لمعرفتهم بحاله. {أَمِ}: حرف عطف منقطعة، تقدر ببل الإضرابية. وهمزة الاستفهام التقريري. {ارْتَابُوا}: فعل وفاعل. والجملة معطوفة على الجملة التي
قبلها. {أَمِ} : عاطفة متقطعة تقدر ببل. وهمزة الاستفهام التقريري. {يَخَافُونَ} فعل وفاعل. والجملة معطوفة على ما قبلها. {أن} حرف نصب ومصدر. {يَحِيفَ اللَّهُ} فعل وفاعل منصوب بأن. {عَلَيْهِمْ} متعلق بـ {يَحِيفَ} . {وَرَسُولُهُ} معطوف على الجلالة. والجملة في تأويل مصدر منصوب على المفعولية، تقديره: أم يخافون حيف الله ورسوله عليهم. {بَلْ} : حرف إضراب وابتداء. {أُولَئِكَ} : مبتدأ. {هُمُ} : ضمير فصل. {الظَّالِمُونَ} : خبر المبتدأ والجملة مستأنفة.
{إِنَّمَا} : أداة حصر بمعنى ما النافية وإلا المثبتة. أو تقول: {إن} : حرف نصب مكفوفة عن العمل. {ما} : كافة. {كَانَ} : فعل ماض ناقص. {قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ} : خبرها مقدم على اسمها. {إِذَا} : ظرف لما يستقبل من الزمان، مجرد عن معنى الشرط. {دُعُوا}: فعل ونائب فاعل. {إِلَى اللَّهِ} متعلق بـ {دُعُوا} . {وَرَسُولِهِ} : معطوف على الجلالة. والجملة في محل الخفض بضافة {إِذَا} إليها. والظرف متعلق بقول المؤمنين. {لِيَحْكُمَ} : {اللام} : حرف جر وتعليل. {يحكم} : فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد لام كي، وفاعله ضمير يعود على الرسول. {بَيْنَهُمْ}: متعلق بـ {يحكم} . والجملة في تأويل مصدر مجرور باللام، تقديره: لحكمه. {بَيْنَهُمْ} : الجار والمجرور متعلق بـ {دُعُوا} . {أَنْ يَقُولُوا} : ناصب وفعل وفاعل. والجملة في تأويل مصدر مرفوع على كونه اسم كان مؤخرًا، والتقدير: إنما كان قول سمعنا وأطعنا قول المؤمنين، وقت دعوتهم إلى الله، ورسوله ليحكم بينهم. وجملة كان مستأنفة. وإنما ترجح نصب قول المؤمنين على رفعه؛ لأنه متى اجتمع معرفتان فالأولى جعل أوغلهما في التعريف اسمًا لكان. ولكن سيبويه لم يفرق بينهما. {سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا} مقول محكي ليقولوا. وإن شئت قلت:{سَمِعْنَا} فعل وفاعل. والجملة في محل النصب مقول ليقولوا. {وَأَطَعْنَا} فعل وفاعل معطوف على سمعنا. {وَأُولَئِكَ} : مبتدأ. {هُمُ} : ضمير فصل. {الْمُفْلِحُونَ} : خبر. والجملة مستأنفة.
{وَمَنْ} {الواو} : استئنافية. {مَنْ} : اسم شرط جازم في محل الرفع مبتدأ. والخبر جملة الشرط، أو الجواب، أو هما. {يُطِعِ اللَّهَ}: فعل ومفعول وفاعل مستتر يعود على {مَنْ} مجزوم بـ {مَنْ} على كونه فعل شرط لها. {وَرَسُولَهُ} : معطوف على الجلالة. {وَيَخْشَ اللَّهَ} : فعل ومفعول وفاعل مستتر يعود على {من} معطوف على {يُطِعِ} على كونه فعل شرط لمن. {وَيَتَّقْهِ} : فعل ومفعول وفاعل مستتر يعود على من معطوف على يطع، وعلامة جزمه حذف حرف العلة، وسكنت القاف على قراءة حفص للتخفيف، أو مجزوم بسكون القاف إجراء للمعتل مجرى الصحيح، كما مر في مبحث القراءة. {فَأُولَئِكَ}:{الفاء} : رابطة الجواب. {أُولَئِكَ} : مبتدأ. {هُمُ} : ضمير فصل. {الْفَائِزُونَ} خبر المبتدأ. والجملة الاسمية في محل الجزم بـ {من} الشرطية على كونها جوابًا لها. وجملة من الشرطية مستأنفة. {وَأَقْسَمُوا} {الواو} : استئنافية. {أقسموا} : فعل وفاعل. والجملة مستأنفة {بِاللَّهِ} متعلق بـ {أقسموا} . {جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ} : منصوب على المفعولية المطلقة، أو حال من فاعل {أقسموا}؛ أي: مجتهدين في أيمانهم. {لَئِنْ} (اللام): موطئة للقسم. {إن} : حرف شرط. {أَمَرْتَهُمْ} : فعل وفاعل ومفعول به في محل الجزم بـ {إن} على كونه فعل شرط لها. {لَيَخْرُجُنَّ} اللام: موطئة للقسم مؤكدة للأولى. {يخرجن} : فعل مضارع مرفوع، وعلامة رفعه ثبات النون المحذوفة، لتوالي الأمثال، والواو المحذوفة: لالتقاء الساكنين في محل الرفع فاعل، ونون التوكيد الثقيلة: حرف لا محل لها من الإعراب. ولم يبن الفعل هنا؛ لأن النون لم تباشره. والجملة الفعلية جواب القسم، لا محل لها من الإعراب. وجملة القسم مستأنفة. وجواب الشرط محذوف لدلالة جواب القسم عليه، تقديره: إن أمرتهم، يخرجون. وجملة الشرط معترضة بين القسم وجوابه، لا محل لها من الإعراب. {قُلْ}: فعل أمر وفاعل مستتر يعود على محمد. والجملة مستأنفة. {لَا} ناهية جازمة. {تُقْسِمُوا} : فعل
وفاعل مجزوم بـ {لَا} الناهية. والجملة الفعلية في محل النصب مقول {قُلْ} . {طَاعَةٌ} مبتدأ {مَعْرُوفَةٌ} صفته. وسوغ الابتداء بالنكرة هذا الوصف. والخبر محذوف، تقديره: خير لكم، أو خبر لمبتدأ محذوف، تقديره: أمركم الذي أنتم عليه طاعة معروفة؛ أي: نفاقية لسانية. قال الواسطي: وهذا الوجه أولى؛ لأن الخبر محط الفائدة، وعليه فالمعنى: أمركم الذي يطلب منكم طاعة معروفة، معلومة لا يشك فيها، ولا يرتاب اهـ. "كرخي". والجملة الاسمية في محل النصب مقول {قُلْ}. {إِنَّ اللَّهَ}: ناصب واسمه. {خَبِيرٌ} خبره. {بِمَا} متعلق بـ {خَبِيرٌ} . وجملة {تَعْمَلُونَ} صلة {ما} الموصولة. وجملة {إن} مستأنفة مسوقة لتعليل ما قبلها.
{قُلْ} : فعل وفاعل مستتر يعود على محمد. والجملة مستأنفة. {أَطِيعُوا اللَّهَ} : فعل وفاعل ومفعول. والجملة في محل النصب مقول {قُلْ} . {وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ} فعل وفاعل ومفعول معطوف على أطيعوا الله. {فَإِنْ تَوَلَّوْا} : {الفاء} : عاطفة، أو فصيحة؛ لأنها أفصحت عن جواب شرط مقدر، تقديره: إذا عرفتم ما قلت لكم، من أمرم بالإطاعة وأردتم بيان حكم ما إذا تتولوا عن الطاعة فأقول لكم. {إن تولوا} {إن}: حرف شرط جازم. {تَوَلَّوْا} : فعل مضارع وفاعل مجزوم بـ {إن} الشرطية على كونه فعل شرط لها. وعلامة جزمه حذف النون؛ لأن أصله تتولوا فحذفت إحدى التاءين للتخفيف. {فَإِنَّمَا} : الفاء: رابطة الجواب. {إنما} : أداة حصر. {عَلَيْهِ} : جار ومجرور خبر مقدم. {ما} : موصولة في محل الرفع مبتدأ مؤخر. {حُمِّلَ} : فعل ماض مغير الصيغة ونائب فاعل مستتر يعود على {ما} . والجملة الفعلية صلة الموصول. والجملة من المبتدأ والخبر في محل الجزم بـ {إن} الشرطية على كونا جوابًا لها. وجملة {إن} الشرطية في محل النصب مقول لجواب إذا المقدرة. وجملة إذا المقدرة مستأنفة. {وَعَلَيْكُمْ} : خبر مقدم. {مَا حُمِّلْتُم} : مبتدأ مؤخر. والجملة الاسمية
في محل الجزم، معطوفة على الجملة التي قبلها، على كونها جواب {إن} الشرطية. {وَإِنْ تُطِيعُوهُ}:{الواو} : عاطفة. {إن} : حرف شرط جازم. {تُطِيعُوهُ} : فعل وفاعل ومفعول مجزوم بـ {إن} الشرطية على كونه فعل شرط لها. {تَهْتَدُوا} : فعل وفاعل مجزوم بـ {إن} الشرطية على كونها جوابًا لها. وجملة {إن} الشرطية في محل النصب معطوفة على جملة {إن} الأولى، على كونها مقولًا لجواب إذا المقدرة. {وَمَا}:{الواو} : عاطفة. {ما} : نافية. {عَلَى الرَّسُولِ} : جار ومجرور خبر مقدم. {إِلَّا} : أداة استثناء مفرغ. {الْبَلَاغُ} : مبتدأ مؤخر. {الْمُبِينُ} صفته. والجملة الاسمية في محل النصب معطوفة على جملة قوله: {فَإِنْ تَوَلَّوْا}
{وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ} فعل وفاعل ومفعول. والجملة مستأنفة. {آمَنُوا} فعل وفاعل صلة الموصول. {مِنْكُمْ} جار ومجرور حال من فاعل {آمَنُوا} . {وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} فعل وفاعل ومفعول معطوف على {آمَنُوا} . {لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ} (اللام): واقعة في جواب قسم محذوف، تقديره: وأقسم. {يستخلفنهم} فعل مضارع، وفاعل مستتر يعود على الله. ونون التوكيد الثقيلة، ومفعول به في محل الرفع لتجرده عن الناصب والجازم، مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الثقيلة. {فِي الْأَرْضِ}: متعلق به. والجملة الفعلية جواب القسم، لا محل لها من الإعراب.
{كَمَا} الكاف: حرف جر. {ما} : مصدرية. {اسْتَخْلَفَ} : فعل ماض وفاعل مستتر يعود على الله. {الَّذِينَ} مفعول به. {مِنْ قَبْلِهِمْ} جار ومجرور صلة الموصول. والجملة الفعلية صلة {ما} المصدرية {ما} : مع صلتها
في تأويل مصدر، مجرور بالكاف، تقديره: كاستخلافه الذين من قبلهم، الجار والمجرور متعلق بواجب الحذف، لوقوعه صفة لمصدر محذوف، تقديره: ليستخلفنهم استخلافًا كائنًا، كاستخلاف الذين من قبلهم. {وَلَيُمَكِّنَنَّ}:{الواو} : عاطفة. و {اللام} : موطئة للقسم. {يمكنن} : فعل مضارع في محل الرفع، لتجرده عن الناصب، والجازم مبني على الفتح، لاتصاله بنون التوكيد الثقيلة، وفاعله ضمير يعود على الله. والجملة الفعلية جواب القسم، لا محل لها من الإعراب. وجملة القسم، معطوفة على جملة القسم، في قوله:{ليستخلفنهم} : {لَهُمْ} متعلق بـ {يمكنن} {دِينَهُمُ} : مفعول به. {الَّذِي} اسم موصول في محل النصب صفة لـ {دِينَهُمُ} . {ارْتَضَى} فعل ماض وفاعله ضمير يعود على الله. {لَهُمْ} . متعلق به. والجملة صلة الموصول. والعائد محذوف، تقديره ارتضاه لهم. {وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ}:{الواو} : عاطفة. (واللام): موطئة للقسم. {يبدلنهم} : فعل وفاعل مستتر يعود على الله ومفعول به أول، ونون توكيد ثقيلة. والجملة معطوفة على جملة {لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ}. {مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ} جار ومجرور ومضاف إليه متعلق بـ {ليبدلنهم}. {أَمْنًا} مفعول ثان ليبدلن. {يَعْبُدُونَنِي} {يعبدون}: فعل مضارع وفاعل مرفوع بثبات النون. والنون نون الوقاية. والياء مفعول به. والجملة الفعلية مستأنفة على الأرجح، استئنافًا بيانيًا لا محل لها من الإعراب. كأنه قيل: ما بالهم بعد ذلك. فقيل: يعبدونني. ويجوز أن تكون حالًا من مفعول ليستخلفنهم؛ أي: حالة كونهم عابدين إياي. {لَا يُشْرِكُونَ} . {لَا} : نافية. {يُشْرِكُونَ} : فعل وفاعل. {بِي} : متعلق به. {شَيْئًا} مفعول به، أو مفعول مطلق. والجملة الفعلية في محل النصب بدل من جملة {يَعْبُدُونَنِي} أو حال من فاعل {يَعْبُدُونَنِي}؛ أي: يعبدونني حالة كونهم موحدين. وهو جيد. ولك أن تجعلها استئنافية كسابقتها. {وَمَنْ} الواو: استئنافية. {وَمَنْ} : اسم شرط في محل الرفع. مبتدأ. والخبر جملة الشرط، أو الجواب، أو هما {كَفَرَ} فعل ماض في محل الجزم بـ {من} على كونه فعل شرط لها، وفاعله ضمير يعود على من. {بَعْدَ ذَلِكَ} متعلق بـ {كَفَرَ} {فَأُولَئِكَ}:{الفاء} : رابطة الجواب. {أولئك} : مبتدأ. {هُمُ} : ضمير
فصل. {الْفَاسِقُونَ} خبر. والجملة الاسمية في محل الجزم بـ {وَمَنْ} على كونها جوابًا لها. وجملة {وَمَنْ} الشرطية، مستأنفة.
{وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (56)}
{وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ} : فعل وفاعل ومفعول به. والجملة معطوفة على محذوف، معلوم من السياق، تقديره: فآمنوا واعملوا صالحًا وأقيموا الصلاة، أو معطوفة على وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول. قال الزمخشري: وليس ببعيد أن يقع بين المعطوف والمعطوف عليه فاصل؛ لأن حق المعطوف أن يكون غير المعطوف عليه. {وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ} كلاهما فعل وفاعل ومفعول به معطوفان على {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ} {لَعَلَّكُمْ} ناصب واسمه. وجملة {تُرْحَمُونَ} : خبر {لعل} . مستأنفة مسوقة لتعليل ما قبلها.
{لَا} ناهية جازمة. {تَحْسَبَنَّ} : فعل مضارع في محل الجزم بـ {لَا} مبني على الفتح، لاتصاله بنون التوكيد الثقيلة، وفاعله ضمير مستتر يعود على محمد، أو على أي مخاطب. والجملة مستأنفة. {الَّذِينَ} اسم موصول للجمع المذكر، في محل النصب مفعول أول لحسب. وجملة {كَفَرُوا} صلة الموصول {مُعْجِزِينَ} مفعول ثان لحسب {فِي الْأَرْضِ} متعلق بمحذوف حال من الضمير المستكن في {مُعْجِزِينَ} ومتعلق {مُعْجِزِينَ} محذوف، تقديره: لنا. {وَمَأْوَاهُمُ النَّار} مبتدأ وخبر، أو بالعكس. والجملة معطوفة على جملة {لَا تَحْسَبَنَّ} عطف خبر على إنشاء، على رأي بعضهم، أو معطوفة على مقدر، تقديره: بل هم مقهورون مدركون ومأواهم الخ. وهذا أولى؛ لأنه يكون عطف خبر على خبر. {وَلَبِئْسَ} {الواو} : استئنافية. و (اللام): موطئة للقسم. {بئس} : فعل ماض جامد لإنشاء الذم. {الْمَصِيرُ} فاعل والمخصوص بالذم محذوف وجوبًا، تقديره: مصيرهم، يعني النار. والجملة الفعلية جواب لقسم محذوف. وجملة القسم مستأنفة.
التصريف ومفردات اللغة
{وَالطَّيْرُ} جمع طائر، كريب وراكب. والطائر كل ذي جناح يسبح أى الهواء قال أبو عبيدة: وقطرب: الطير يقع على الواحد والجمع. وقال ابن الأنباري: الطير جماعة، وتأنيثها أكثر من التذكير. وفي "المصباح" الطائر على صيغة اسم الفاعل، من طار يطير طيرانًا، وهو له أى الجو كمشي الحيوان أى الأرض، ويعدى بالهمزة. والتضعيف. فيقال: طيرته وأطرته. وجع الطائر طير كصحب وصاحب. وجمع الطير طيور وأطيار.
{صَافَّاتٍ} أي: باسطات أجنحتهن أى الهواء، من الصف، وهو البسط. {يُزْجِي سَحَابًا} أي: يسوق سوقًا برفق، والإزجاء سوق الشيء برفق وسهولة لينساق، غلب أى سوق شيء يسير، أو غير معتد به. ومنه البضاعة المزجاة، فإنها يزجيها كل أحد، ويدفعها لقلة الاعتداد بها. ففيه إيماء إلى أن السحاب بالنسبة إلى قدرته تعالى، ما لا يعتد به. وفي "المختار" زجى الشيء تزجية، دفعه برفق، وتزجى بكذا اكتفى به. وأزجى الإبل ساقها. والمزجي الشيء القليل تسوقه. وفي "القاموس" وشرحه زجا يزجو زجوًا وزجى تزجية وأزجى إزجاء وازدجاه: ساقه، ودفعه برفق. يقال: كيف تزجي أيامك؛ أي: كيف تدفعها. وزجى فلان حاجتي؛ أي: سهل تحصيلها، وأزجى الأمر أخره وأزجى الدرهم روجه.
وسمي السحاب سحابًا لانسحابه في الهواء؛ أي: انجراره، هو اسم جنس يصح إطلاقه على سحابة واحدة وما فوقها. والمراد هاهنا، قطع السحاب بقرينة إضافة بين إلى ضميره، فإنه لا يضاف إلا إلى متعدد كما مر.
{رُكَامًا} : الركام بضم الراء المتراكم بعضه فوق بعض. قال في "المفردات": يقال: سحاب مركوم؛ أي: متراكم، والركام ما يلقى بعضه على بعض. وفي" المختار" ركم الشيء إذا جمعه، وألقى بعضه على بعض، وبابه نصر، وارتكم الشيء وتراكم إذا اجتمع. والركام الرمل المتراكم. والسحاب
ونحوه. اهـ.
{فَتَرَى الْوَدْقَ} : الودق: المطر، قيل: هو خاص بالضعيف. وقيل: هو المطر ضعيفًا كان أو شديدًا، وهو في الأصل مصدر. يقال: ودق السحاب يدق من باب وعد، وفي "المفردات" الودق قيل: ما يكون خلال المطر، كأنه غبار، وقد يعبر به عن المطر اهـ.
{مِنْ خِلَالِهِ} ؛ أي: من ثقبه. وفي "القرطبي" الخلال جمع خلل، كجبال جمع جبل. وهي فرجه ومخارج القطر منه. وقد تقدم أى البقرة، أن كعبًا قال: إن السحاب غربال المطر، لولا السحاب حين ينزل المطر من السماء .. لأفسد ما يقع عليه من الأرض. اهـ. {مِنْ بَرَدٍ} البرد: محركة الماء المنعقد؛ أي: ما يبرد من المطر أى الهواء، فيصلب. كما في "المفردات".
{سَنَا بَرْقِهِ} في "المختار" السنا: مقصورًا، ضوء البرق الساطع، والسنا أيضًا: هو نبت يتداوى به، وهو من ذي الواو، يقال: سنا يسنوا سنًا؛ أي: أضاء يضيء اهـ. "سمين". والسناء من الرفعة مصدود، والشيء الرفيع وأسناه رفعه، وسناه تسنية فتحه وسهله. وفي "القاموس" البرق واحد بروق السحاب، أو ضرب ملك السحاب، وتحريكه إياه لينساق. فترى النيران. وفي "إخوان الصفا" البرق: نار، تنقدح من احتكاك تلك الأجزاء الدخانية، في جوف السحاب.
{يَذْهَبُ بِالْأَبْصَارِ} أي: يخطفها بسرعة، جمع بصر، بمعنى الجارحة. {يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ} أي: يتصرف فيهما فيأخذ من طول هذا، أى قصر ذاك، حتى يعتدلا، ويغير أحوالهما بالحر والبرد.
{لِأُولِي الْأَبْصَارِ} أي: لأهل العقول والبصائر، جمع بصيرة. ويقال: لقوة القلب المدركة بميرة وبصر، ولا يكاد يقال للجارحة يصيرة. كما أى "المفردات". {كُلَّ دَابَّةٍ} الدب والدبيب مشي خفيف، ويستعمل ذلك أى الحيوان وفي الحشرات أكثر، كما في "المفردات". والدابة هنا: ليست عبارة عن مطلق ما يمشي ويتحرك، بل هي إسم للحيوان الذي يدب على الأرض، ومسكنه
هنالك، فيخرج منها الملائكة والجن، فإن الملائكة خلقوا من نور، والجن من نار. وقال في "فتح الرحمن": خلق كل حيوان يشاهد في الدنيا، ولا يدخل فيه الملائكة والجن؛ لأنا لا نشاهدهم. اهـ.
والمعنى: خلق كل حيوان يدب على الأرض.
{يَمْشِي} والمشي: ضابطه، هو قطع المسافة، والمرور عليها، مع قيد كون ذلك المرور على الأرجل. {وَأَطَعْنَا} من الإطاعة، وهو فعل يعمل بالأمر، لا غير؛ لأنها الانقياد، وهو لا يتصور إلا بعد الأمر، كما مر. {لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ} والحكم بالشيء، أن تقضي بأنه كذا، وليس بكذا، سواء ألزمت بذلك غيرك، أو لم تلزمه.
{مُعْرِضُونَ} يقال: أعرض إذا أظهر عرضه؛ أي: ناحيته. {مُذْعِنِينَ} ؛ أي: منقادين. {مَرَضٌ} ؛ أي: فساد من أصل الفطرة يحملهم على الضلال. {ارْتَابُوا} شكوا في نبوتك. {أَنْ يَحِيفَ} والحيف الجور، والظلم، والميل في الحكم إلى أحد الجانبين. يقال: حاف في قضيته؛ أي: جار فيما حكم.
{فَإِنْ تَوَلَّوْا} : فعل مضارع مجزوم بحذف النون؛ لأن أصله تتولوا بتاءين، إحداهما تاء المضارعة، والأخرى تاء المطاوعة؛ لأن ماضيه تولى من باب تفعل الخماسي.
{إِلَّا الْبَلَاغُ} البلاغ اسم مصدر لبلغ المضعف، فهو بمعنى التبليغ، الذي هو مصدر بلغ. {لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ} قال الراغب: الخلافة النيابة عن الغير. إما لغيبة المنوب عنه، وإما لموته، وإما لعجزه، وإما لتشريف المستخلف. وعلى هذا الوجه الأخير استخلف الله أولياءه في الأرض.
{وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ} التمكين جعل الشيء مكانًا لآخر. يقال: مكن له في الأرض؛ أي: جعلها مقرًا له. يقال: مكنتك ومكنت لك مثل نصحتك ونصحت لك.
{وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ} التبديل جعل الشيء مكان آخر، وهو أعم من العوض، فإن العوض هو أن يصير لك الثاني بإعطاء الأول، والتبديل يقال: للتغير وإن لم تأت ببدله.
{أَمْنًا} وأصل الأمن طمأنينة النفس، وزوال الخوف. {وَلَبِئْسَ الْمَصِيرُ} أي: المرجع. يقال: صار إلى كذا؛ أي: انتهى إليه. ومنه صير الباب لمصيره الذي ينتهي إليه في تنقله وتحركه.
البلاغة
وقد تضمنت هذه الآيات ضروبًا من البلاغة، وأنواعًا من الفصاحة والبيان والبديع:
فمنها: ذكر الخاص بعد العام في قوله: {وَالطَّيْرُ} بعد قوله: {يُسَبِّحُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} وتخصيصها بالذكر مع اندراجها في جملة ما في الأرض لعدم استقرارها فيها قرار ما فيها؛ لأنها تكون بين السماء والأرض.
ومنها: فن العنوان في قوله: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحَابًا} الآية. وهو فن انفرد به القليل من علماء البيان، ويسمونه فن العنوان، وعرفوه بأنه أن يأخذ المتكلم في غرض له من وصف، أو فخر، أو مدح، أو عتاب، أو هجاء، أو غير ذلك من الفنون، ثم يأتي لقصد تكميله وتوكيده، بأمثلة من ألفاظ، تكون عنوانات لأخبار متقدمة، وقصص سالفة، ومنه نوع عظيم جدًّا، وهو ما يكون عنوانًا للعلوم، وذلك أن تذكر في الكلام ألفاظ تكون مفاتيح العلوم، ومداخل لها، والآية التي نحن بصددها، فيها عنوان العلم المعروف بالآثار العلوية، والجغرافيا الرياضية وعلم الفلك.
ومنها: الطباق في قوله: {يصيب} وقوله: {يصرفه} .
ومنها: الاستعارة اللطيفة في قوله: {يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ} إذ ليس المراد التقليب المادي للأشياء الذاتية، وإنما استعير لتعاقب الليل والنهار.
ومنها: الجناس التام في قوله: {يَذْهَبُ بِالْأَبْصَار} ، {لِأُولِي الْأَبْصَارِ}
المراد بالأول العيون الباصرة، وبالثانية العقول المدركة.
ومنها: الإجمال ثم التفسير في قوله: {وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ مَاءٍ فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى بَطْنِهِ} الآية. فقد ذكر سبحانه أولًا الجنس الأعلى، حيث قال: كل دابة، فاستغرق أجناس كل ما دب، ثم فسر هذا الجنس الأعلى، بالأجناس المتوسطة. حيث قال:{فَمِنْهُمْ} و {مِنْهُمْ}
ومنها: الاستعارة المكنية في قوله: {فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى بَطْنِهِ} فقد سمي الزحف على البطن مشيًا على سبيل الاستعارة المكنية، كما قالوا في الأمر المستمر قد مشى هذا الأمر. ويقال فلان لا يتمشى له أمر.
ومنها: التغليب في قوله: {مَنْ يَمْشِي عَلَى بَطْنِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى رِجْلَيْنِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى أَرْبَعٍ} لأنه لما اختلط غير العاقل بالعاقل في قوله كل دابة، عبر بـ {من} تغليبًا للعاقل على غيره لشرفه.
ومنها: الالتفات من الغيبة إلى التكلم في قوله: {لَقَدْ أَنْزَلْنَا آيَاتٍ مُبَيِّنَاتٍ} .
ومنها: حسن التقسيم في قوله: {أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ} الآية. لأن الآية لم تبق قسمًا يقع في القلوب، من الصوارف عن القبول، إلا جاءت به، ألا ترى أنه تعالى بعد قوله:{أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ} ذكر الريبة؛ لأنه لا بد أن يكون الصارف عن الإجابة لحكم الله ورسوله، إما إبطان الكفر، وإظهار الإِسلام، وهو المرض، أو التشكك والتردد، والتذبذب في حكم الله، هل هو جار على العدل، أو على غيره، وذلك هو الريبة. أو يكون الصارف خوف الحيف الذي لا يشعر به رجاء الإنصاف، فلم يبق قسم من الصوارف إلا ذكر فيها.
ومنها: الاستعارة اللطيفة في قوله: {جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ} شبه الإيمان التي يحلف بها المنافقون بالغين، فيها أقصى المراتب في الشدة، والتوكيد بـ {من} يجهد نفسه في أمر سياق لا يستطيعه، ويبذل أقصى وسعه وطاقته بطريق الاستعارة التصريحية.
ومنها: المشاكلة في قوله: {عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ} ؛ أي: عليه أمر
التبليغ، وعليكم وزر التكذيب.
ومنها: الطباق بين الخوف والأمن في قوله: {مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا} .
ومنها: الزيادة والحذف في عدة مواضع.
والله سبحانه وتعالى أعلم
* * *
دخول الأجانب في البيوت، إلا بعد الاستئذان والتسليم على أهلها، وبين أن في ذلك الخير كل الخير لهم، فإن لم يجدوا فيها أحدًا رجعوا، لما لذلك من كبير الأثر في المجتمع الإِسلامي بصيانة الآداب العامة، ومنع القيل والقال، وحفظ الأعراض والإنساب .. استثنى في هذه الآيات دخول الأقارب بعضهم على بعض، ودخول المملوكين على سادتهم، وبين أن الاستئذان لا يكون في جميع الأوقات، بل في ثلاث أوقات، هي عورات لأرباب البيوت لما فيها من رفع الكلفة، وقلة التحفظ في الستر. ثم ذكر أن النساء الطاعنات في السن، إذا لم يطمعن في الزواج، فلا حرج عليهن إذا لم يستعملن الزينة، وعليهن أن يتعففن جهد الطاقة.
قوله تعالى: {لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ
…
} الآية، مناسبة هذه الآية لما قبلها: أن الله سبحانه، لما ذكر أن للمماليك والصبيان الدخول في البيوت في غير العورات الثلاث بلا استئذان، ولا إذن من أهل البيت .. ذكر هنا أنه لا حرج على أهل هذه الأعذار الثلاثة، في تركهم للجهاد وما يشبهه، وذلك يستلزم عدم الاستئذان منه صلى الله عليه وسلم، فلهم القعود من غير استئذان، ولا إذن كما لا حرج عمن ذكروا بعدهم في الأكل، من البيوت المذكورة في الآية.
قوله تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ
…
} الآيات، مناسبة هذه الآيات لما قبلها: أن الله سبحانه وتعالى لما أمر المؤمنين بالاستئذان عند الدخول، أمرهم بالاستئذان حين الخروج، ولا سيما إذا كانوا في أمر جامع مع الرسول صلى الله عليه وسلم، كتشاور في قتال أحد، أو في حادث عرض، وبين أن من يفعل ذلك .. فهو من كامل الإيمان. ثم أمر رسوله أن يأذن لمن شاء منهم إذا استأذنه، ثم أمر المؤمنين أن يبجلوا نبيهم، ولا يسموه باسمه، بل يقولون يا نبي الله، ويا رسول الله. وليحذروا أن يخالفوا أمره. وسنته وشريعته، بل عليهم أن يزنوا أقوالهم وأفعالهم بأقواله وأفعاله، فما وافق ذلك قبل، وما خالفه، فهو مردود على فاعله وقائله، كائنًا من كان. وقد ثبت في "الصحيحين" وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"من عمل عملًا ليس عليه أمرنا فهو رد".
وقال أبو حيان (1): لما افتتح الله سبحانه وتعالى، هذه السورة بقوله:{سُورَةٌ أَنْزَلْنَاهَا} وذكر أنواعًا من الأوامر والحدود، مما أنزله على الرسول عليه السلام .. اختتمها بما يجب له عليه السلام، على أمته من التتابع. والتشايع على ما فيه مصلحة الإِسلام، ومن طلب استئذانه، إن عرض لأحد منهم عارض، ومن توقيره في دعائهم إياه.
أسباب النزول
قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ
…
} الآية، روي (2) أن سبب نزول هذه الآية: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث وقت الظهيرة إلى عمر رضي الله عنه غلامًا من الأنصار، يقال له: مدلج بن عمرو، وكان عمر نائمًا فدق عليه الباب، ودخل، فاستيقظ وجلس فانكشف منه شيء، فقال: لوددت لو أن الله تعالى نهى آبانا وأبناءنا، وخدمنا عن الدخول علينا في هذه الساعة إلا بإذن فانطلق معه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فوجد الآية قد نزلت فخر ساجدًا، وهذا أحد موافقات رأيه الصائب رضي الله عنه الوحي.
قوله تعالى: {لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ
…
} الآية، سبب نزول هذه الآية: ما أخرجه (3) عبد الرزاق عن معمر عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قال: كان الرجل يذهب بالأعمى والأعرج والمريض إلى بيت أبيه، أو بيت أخيه أو بيت أخته أو بيته عمته أو بيت خالته، فكانت الزمنى يتحرجون من ذلك، يقولون إنما يذهبون بنا إلى بيوت غيرهم. فنزلت هذه الآية رخصةً لهم {لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ
…
} الآية.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنه قال: لما أنزل الله عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ} تحرج المسلمون، وقالوا الطعام من أفضل الأموال، فلا يحل لأحد منا أن يأكل عند
(1) البحر المحيط.
(2)
المراغي.
(3)
لباب النقول.
أحد، فكف الناس عن ذلك، فنزل {لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ} إلى قوله:{مَفَاتِحَهُ} الآية.
وأخرج الضحاك قال: كان أهل المدينة، قبل أن يبعث النبي صلى الله عليه وسلم، لا يخالطهم في طعامهم أعمى، ولا مريض، ولا أعرج؛ لأن الأعمى لا يبصر طيب الطعام، والمريض لا يستوفي الطعام كما يستوفي الصحيح، والأعرج لا يستطيع المزاحمة على الطعام، فنزلت رخصة في مؤاكلتهم. وأخرج عن مقسم قال: كانوا يتقون أن يأكلوا مع الأعمى والأعرج فنزلت هذه الآية.
وأخرج (1) الثعلبي في "تفسيره" عن ابن عباس رضي الله عنه قال: خرج الحارث غازيًا مع رسول الله، فخلف على أهله خالد بن زيد، فحرج أن يأكل من طعامه، وكان مجهودًا، فنزل قوله تعالى:{لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ} الآية، وأخرج البزار بسند صحيح عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان المسلمون يرغبون في النفير فيدفعون مفاتيحهم إلى زمناهم ويقولون لهم: قد أحللنا لكم أن تأكلوا مما أحببتم، وكانوا يقولون إنه لا يحل لنا أنهم أذنوا عن غير طيب نفس، فأنزل الله:{لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ} إلى قوله: {أَوْ مَا مَلَكْتُمْ مَفَاتِحَهُ} .
وأخرج ابن جرير عن الزهري أنه سئل عن قوله تعالى: {لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ} ما بال الأعمى والأعرج والمريض ذكروا هنا، فقال: أخبرني عبد الله بن عبد الله، قال: إن المسلمين كانوا إذا غزوا، خلفوا زمناهم، وكانوا يدفعون إليهم مفاتيح أبوابهم، ويقولون: قد أحللنا لكم أن تأكلوا مما في بيوتنا، وكانوا يتحرجون من ذلك، ويقولون لا ندخلها وهم غيب، فأنزل الله عز وجل هذه الآية رخصةً لهم. وأخرج عن قتادة قال: نزلت: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعًا أَوْ أَشْتَاتًا} في حي من العرب، كان الرجل منهم لا يأكل طعامه وحده، وكان يحمله بعض يوم، حتى يجد من يأكله معه، فربما قعد، والطعام بين يديه،
(1) لباب النقول.