الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يسابقون الناس إلى تلك الخيرات لينالوا رضا الله تعالى؛ أي: إنهم يرغبون في الطاعات وهم لأجلها سابقون الناس إلى الثواب، لا أولئك الذين أمددناهم بالمال والبنين فظنوا غير الحق أن ذلك إكرام منا لهم، فإن إعطاء المال والبنين والإمداد بهما لا يؤهل للمسارعة إلى الخيرات، وإنما الذي يؤهل للخيرات هو خشية الله وعدم الإشراك به، وعدم الرياء في العمل، والتصديق مع الخوف منه.
وخلاصة ذلك: أن النعم ليست هي السعادة الدنيوية وقيل الحظوظ فيها، بل هي العمل الطيب بإيتاء الصدقات، ونحوها، مع إحاطة ذلك بالخوف والخشية.
62
- {وَلَا نُكَلِّفُ نَفْسًا} من النفوس {إِلَّا وُسْعَهَا} ؛ أي: قدر طاقتها، فقول: لا إله إلا الله، والعمل بما يترتب عليه من الأحكام من قبيل ما هو في الوسع؛ أي: أن (1) سنتنا جارية على أن لا نكلف نفسًا من النفوس إلا ما في وسعها وقدر طاقتها، ومن ثم قال مقاتل: من لم يستطع القيام في الصلاة، فليصل قاعدًا، ومن لم يستطع القعود فليوم إيماء؛ أي: فإن الله تعالى لا يكلف عباده إلا ما في وسعهم، فإن لم يبلغوا في فعل الطاعات مراتب السابقين، فلا عليهم بعد أن يبذلوا طاقتهم.
{وَلَدَيْنَا} ؛ أي: وعندنا، عندية رتبة واختصاص. {كِتَابٌ}؛ أي (2): صحائف أعمال قد أثبت فيها أعمال كل أحد على ما هي عليه {يَنْطِقُ} ذلك الكتاب {بِالْحَقِّ} ؛ أي: بالصدق لا يوجد فيه ما يخالف الواقع؛ أي: يظهر الحق ويبينه للناظر فيه، كما يبينه النطق، ويظهر للسامع، فأعمال العباد كلها مثبتة في صحائفهم، فيقرؤونها حين الحساب، وتظهر فيها أعمالهم التي عملوها في الدنيا دون لبس ولا ريب، ويجازون عليها، إن خيرًا فخير، وإن شرًا فشر، ونحو الآية قوله تعالى:{هَذَا كِتَابُنَا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (29)}
(1) المراغي.
(2)
روح البيان.
وقوله: {لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا} وفي هذا تهديد للعصاة، وتأنيس للمطيعين من الحيف والظلم.
وجملة قوله: {وَلَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} مستأنفة (1)، للتحريض على ما وصف به السابقون، من فعل الطاعات المؤدي إلى نيل الكرامات، ببيان سهولته، وكونه غير خارج عن حد الوسع والطاقة، وأن ذلك عادة الله سبحانه في تكليف عباده، وجملة قوله:{وَلَدَيْنَا كِتَابٌ يَنْطِقُ بِالْحَقِّ} من تمام ما قبلها، من نفي التكليف بما فوق الوسع، وقيل: المراد بالكتاب اللوح المحفوظ، فإنه قد كتب فيه كل شيء، وقيل: المراد بالكتاب القرآن والأول أولى.
ثم بيّن فضله على عباده، وعدله بينهم في الجزاء إثر بيان لطفه في التكليف وكتابة الأعمال على ما هي عليه، فقال:{وَهُمْ لَا يُظْلَمُون} في الجزاء بنقص ثواب، أو زيادة عذاب، بل يجزون بقدر أعمالهم التي كلفوها، ونطقت بها صحائفها بالحق، والجمع في {وَهُمْ لَا يُظْلَمُون} باعتبار عموم النفس لوقوعها في سياق النفي.
الإعراب
{ثُمَّ} : حرف عطف وتراخ، {أَنْشَأْنَا}: فعل وفاعل {مِنْ بَعْدِهِمْ} : جار ومجرور، متعلق بمحذوف حال من {قَرْنًا}؛ لأنه صفة نكرة قدمت عليها. {قَرْنًا}: مفعول به. {آخَرِينَ} : صفة لـ {قَرْنًا} . والجملة الفعلية معطوفة على محذوف معلوم من السياق، تقديره: فأغرقنا قوم نوح لما كذبوه، ثم أنشأنا من بعدهم قرنًا آخرين. {فَأَرْسَلْنَا}: الفاء: عاطفة. {أرسلنا} : فعل وفاعل. {فِيهِمْ} متعلق بـ {أرسلنا} . {رَسُولًا} : مفعول به. {مِنْهُمْ} جار ومجرور صفة
(1) الشوكاني.
لـ {رَسُولًا} . والجملة معطوفة على جمل {أَنْشَأْنَا} . {أَنِ} : مفسرة؛ لأن في الإرسال معنى القول دون حروفه؛ أي: قلنا لهم على لسان الرسول: اعبدوا الله، ويجوز أن تكون مصدرية مؤولة مع ما بعدها بمصدر، مجرور بحرف جر محذوف، متعلق بـ {أرسلنا}؛ أي: أرسلنا فيهم رسولًا منهم، بعبادة الله تعالى. بأن أعبدوا {اعْبُدُوا اللَّهَ} فعل وفاعل ومفعول {مَا}: نافية. {لَكُمْ} : جار ومجرور خبر مقدم. {مِنْ إِلَهٍ} : مبتدأ مؤخر، و {من}: زائدة. {غَيْرُهُ} : صفة لإله بالرفع، تبعًا لمحله، وبالجر تبعًا للفظه. والجملة الاسمية مستأنفة، مسوقة لتعليل الأمر بالعبادة. {أَفَلَا تَتَّقُون}:(الهمزة): للاستفهام الإنكاري داخلة على محذوف. و {الفاء} : عاطفة على ذلك المحذوف، والجملة المحذوفة مستأنفة، والتقدير: أتشركون بالله فلا تتقون عذابه. {لا} : نافية. {تَتَّقُون} : فعل وفاعل معطوف على ذلك المحذوف.
{وَقَالَ} {الواو} : عاطفة. {قال الملأ} : فعل وفاعل معطوف على {أرسلنا} . {مِنْ قَوْمِهِ} : جار ومجرور حال من {الْمَلَأُ} . {الَّذِين} في محل الجر صفة لـ {قَوْمِهِ} . {كَفَرُوا} : فعل وفاعل صلة الموصول. {وَكَذَّبُوا} : فعل وفاعل معطوف على {كَفَرُوا} . {بِلِقَاءِ الْآخِرَةِ} : جار ومجرور، ومضاف إليه متعلق بـ {كذبوا}. {وَأَتْرَفْنَاهُمْ}: فعل وفاعل ومفعول به معطوف على {كذبوا} . {فِي الْحَيَاةِ} : جار ومجرور متعلق بـ {أترفناهم} . {الدُّنْيَا} صفة للحياة.
{مَا} : نافية. {هَذَا} : مبتدأ. {إِلَّا} : أداة إستثناء مفرغ. {بَشَرٌ} : خبر المبتدأ. {مِثْلُكُمْ} : صفة أولى لـ {بَشَرٌ} . والجملة الاسمية في محل النصب، مقول قال:{يَأْكُلُ} : فعل مضارع وفاعله ضمير يعود على {بَشَرٌ} . {مِمَّا} : جار ومجرور متعلق به، والجملة في محل الرفع صفة ثانية لبشر. {تَأْكُلُونَ}: فعل وفاعل صلة الموصول. {مِنْهُ} : متعلق به وهو العائد على الموصول. {وَيَشْرَبُ} معطوف على يأكل. {مِمَّا} متعلق به. {تَشْرَبُونَ} صلة الموصول،
والعائد محذوف اكتفاء بالعائد الأول، وهو ضمير منه لاستكمال شروط جواز حذفه، وهي اتحاد الحرف والمتعلق، وعدم قيامه مقام مرفوع، وعدم ضمير آخر، وقد أشار إليها ابن مالك بقوله:
كَذَا الَّذِيْ جُرَّ بِمَا الْمَوْصُوْلَ جَرّ
…
كَمُرَّ بِالَّذِيْ مَرَرْتُ فَهُوَ بَرّ
هذا إذا جعلناها بمعنى الذي، فإن جعلناها مصدرًا، لم تحتج إلى عائد، ويكون المصدر واقعًا موقع المفعول؛ أي: من مشروبكم اهـ. "كرخي".
{وَلَئِنْ أَطَعْتُمْ} {الواو} : عاطفة. {واللام} : موطئة للقسم، {إن}: حرف شرط. {أَطَعْتُمْ} : فعل وفاعل في محل الجزم بـ {أن} الشرطية على كونها فعل شرط لها. {بَشَرًا} مفعول به. {مِثْلَكُمْ} : صفة له. {إِنَّكُمْ} : ناصب واسمها. {إِذًا} : حرف شرط غير جازم، بمعنى إن الشرطية، جيء بها لتأكيد مضمون الشرط، توكيدًا لفظيًا، من قبيل إعادة الشيء بمرادفه، والتنوين فيها عوض عن جملة شرطها المحذوفة، تقديره: إنكم إن أطعتموه .. لخاسرون، ولا جواب لها؛ لأنها إنما ذكرت .. لتأكيد ما قبلها. كذا في "الإتقان" للحافظ السيوطي. {لَخَاسِرُون} اللام حرف ابتداء. {خاسرون}: خبر {إن} . وجملة إن المكسورة، جواب القسم لا محل لها. وجملة القسم في محل النصب معطوفة على جملة قوله:{مَا هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ} على كونها مقول {قال} ، وجواب إن الشرطية محذوف، دل عليه جواب القسم، تقديره: وإن أطعتم بشرًا مثلكم .. فإنكم إذًا لخاسرون، وجملة إن الشرطية في محل النصب مقول {قال} أيضًا، على كونها معترضة بين القسم وجوابه، ولا يصلح أن تكون جملة {إن} المكسورة جواب الشرط؛ لعدم وجود الفاء، وهذا جرى على القاعدة التي ذكرها ابن مالك في "الخلاصة":
وَاحْذِفْ لَدَى اجْتِمَاعِ شَرْطِ وَقَسَمْ
…
جَوَابَ مَا أخَّرْتَ فَهْوَ مُلْتَزَمْ
{أَيَعِدُكُمْ} (الهمزة): فيه للاستفهام الإنكاري. {يعدكم} : فعل ومفعول به
أول، وفاعله ضمير يعود على هود، والجملة الفعلية في محل النصب مقول {قال} على كونها مستأنفة، مسوقة لتقرير ما قبلها، ومن زجرهم عن اتباعه؛ بإنكار وقوع ما يدعوهم إلى الإيمان به، واستبعاده، كما في "أبي السعود". {أَنَّكُمْ} ناصب واسمه، {إِذَا}: ظرف لما يستقبل من الزمان، مجرد عن معنى الشرط، في محل النصب على الظرفية، والظرت متعلق بمخرجون. {مِتُّمْ}: فعل وفاعل في محل الجر مضاف إليه لـ {إِذَا} . {وَكُنْتُمْ تُرَابًا} : فعل ناقص واسمه وخبره معطوف على {متم} . {وَعِظَامًا} معطوف على {ترابًا} . {أَنَّكُمْ} توكيد لفظي لـ {أَنَّكُمْ} الأولى أكد بها لما طال الفصل بين اسمها وهو الكاف، وخبرها وهو {مُخْرَجُون}. {مُخْرَجُون}: خبر {أَنَّكُمْ} الأولى، وجملة {أن} الأولى في محل النصب مفعول ثان لـ {يعدكم} ، والتقدير: أيعدكم إخراجكم من القبور وقت موتكم، وكونكم ترابًا وعظامًا. {هَيْهَاتَ}: اسم فعل ماض بمعنى بعد، مبني على الفتح، والغالب في الاستعمال أن تستعمل هذه الكلمة مكررة، والثانية توكيد لفظي للأولى. {لِمَا} اللام زائدة في الفاعل. {ما}: اسم موصول في محل الرفع فاعل لـ {هَيْهَات} ؛ أي: بعدما توعدون {تُوعَدُون} : فعل مغير ونائب فاعل، والجملة صلة {ما} الموصولة، والعائد محذوف، تقديره: ما توعدونه، ويجوز أن تكون ما مصدرية، والمصدر المؤول منها فاعل {هَيْهَاتَ} ، وجملة {هَيْهَاتَ} في محل النصب مقول {قال} .
{إِنْ} : نافية. {هِيَ} : مبتدأ، أصله إن الحياة إلا حياتنا، فأقيم الضمير مقام الأولى لدلالة الثانية عليها، حذرًا، من التكرار، واشعارًا بإغنائها عن التصريح، كما في قولهم: هي النفس تتحمل ما حملت، وهي العرب تقول ما شاءت وحيث كان الضمير بمعنى الحياة الدالة على الجنس، كانت {إِنْ} النافية بمنزلة النافية للجنس اهـ "أبو السعود". {إِلَّا}: اداة استثناء مفرغ. {حَيَاتُنَا} :
خبر المبتدأ. {الدُّنْيَا} : صفة لـ {حَيَاتُنَا} ، والجملة الاسمية في محل النصب مقول {قال} على كونها مستأنفة، مسوقة لتقرير معتقدهم، بأن العالم قديم بالطبع، ولم يزل كذلك، ولم يحدث بحداث محدث، والناس كالنبات ينبتون ويعودون بالموت هشيمًا، وهذا كفر صريح وضلال بعيد. {نَمُوتُ}: فعل مضارع وفاعل مستتر، يعود على المتكلمين من قوم هود، والجملة في محل النصب حال من الضمير المضاف إليه في {حَيَاتُنَا}. {وَنَحْيَا}: معطوف على نموت. {وَمَا نَحْنُ} : {الواو} : عاطفة. {ما} : حجازية. {نَحْنُ} : اسمها. {بِمَبْعُوثِينَ} : خبرها، والباء زائدة، والجملة الاسمية معطوفة على الجملة في قوله:{إِنْ هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا} . {إنْ} : نافية. {هُوَ} : مبتدأ. {إِلَّا} : أداة استثناء مفرغ. {رَجُلٌ} : خبر المبتدأ والجملة في محل النصب مقول {قال} على كونها مستأنفة. {افْتَرَى} : فعل ماض وفاعل مستتر يعود على رجل. {عَلَى اللَّهِ} : متعلق به. {كَذِبًا} : مفعول به، والجملة في محل الرفع صفة لرجل. {وَمَا}:{الواو} : عاطفة. {ما} : حجازية. {نَحْنُ} : اسمها. {له} : متعلق {بِمُؤْمِنِين} . {بِمُؤْمِنِين} : خبرها، والجملة معطوفة على جملة قوله:{إِنْ هُوَ إِلَّا رَجُلٌ} . {قَالَ} : فعل ماض وفاعل مستتر يعود على هود، والجملة مستأنفة. {رَبِّ}: منادى مضاف، وجملة النداء في محل النصب مقول {قَالَ}. {انْصُرْنِي}: فعل دعاء وفاعل مستتر يعود على الرب، و (النون): للوقاية. و (الياء): مفعول به، والجملة الفعلية في محل النصب مقول {قَال} على كونها جواب النداء. {بِمَا}:(الباء): جرف جر وسبب. {ما} : مصدرية. {كَذَّبُون} : فعل ماض وفاعل. و (النون): للوقاية. و (ياء): المتكلم المحذوفة اجتزاء عنها بكسرة نون الوقاية، مفعول به، والجملة الفعلية في تأويل مصدر، مجرور بالباء؛ أي: بسبب تكذيبهم إياي، الجار والمجرور متعلق بـ {انْصُرْنِي}. {قَالَ}: فعل ماض، وفاعله ضمير يعود على الله والجملة مستأنفة. {عَمَّا}:{عن} : حرف جر بمعنى بعد. {ما} : زائدة. {قَلِيلٍ} : مجرور بعن، الجار والمجرور متعلق بـ {يصبحن} أو بنادمين {لَيُصْبِحُنّ} {اللام}: موطئة للقسم. {يصيحن} فعل مضارع ناقص مرفوع لتجرده عن الناصب والجازم، وعلامة رفعه ثبات النون المحذوفة لتوالي الأمثال.
والواو المحذوفة لالتقاء الساكنين، في محل الرفع اسمها، والنون المشددة نون التوكيد الثقيلة. {نَادِمِين}: خبر أصبح، وجملة يصبح جواب القسم، لا محل لها من الإعراب، وجملة القسم في محل النصب مقول {قَالَ} .
{فَأَخَذَتْهُمُ} : {الفاء} : عاطفة. {أخذتهم} : فعل ومفعول. {الصَّيْحَةُ} : فاعل. {بِالْحَقِّ} : حال من الصيحة، والجملة معطوفة على جملة قال. {فَجَعَلْنَاهُمْ}:{الفاء} : عاطفة. {جعلناهم غثاء} : فعل وفاعل ومفعولان، والجملة معطوفة على جملة {فَأَخَذَتْهُمُ}. {فَبُعْدًا}:{الفاء} : عاطفة. {بعدًا} : منصوب بفعل محذوف وجوبًا لنيابته عنه، تقديره: ألزمنا، أو أوجبنا. {بعدًا}: مفعول به. {لِلْقَوْمِ} : جار ومجرور صفة لـ {بعدًا} . {الظَّالِمِينَ} : صفة {للقوم} ، والجملة الفعلية معطوفة على جملة {فَجَعَلْنَاهُمْ غُثَاءً} ، أو مفعول مطلق لفعل محذوف وجوبًا، لنيابة المصدر عنه، تقديره: بعدوا بعدًا.
{ثُمَّ} : حرف عطف وتراخٍ. {أَنْشَأْنَا} : فعل وفاعل، والجملة معطوفة على جملة قوله:{فَجَعَلْنَاهُمْ غُثَاءً} . {مِنْ بَعْدِهِمْ} : جار ومجرور حال من {قرونًا} ؛ لأنه صفة نكرة قدمت عليها {قُرُونًا} : مفعول به. {آخَرِينَ} : صفة قرونًا. {مَا} : نافية. {تَسْبِق} : فعل مضارع. {مِنْ} : زائدة. {أُمَّةٍ} : فاعل مرفوع محلًا، مجرور لفظًا. {أَجَلَهَا}: مفعول به ومضاف إليه، والجملة مستأنفة. {وَمَا}:{الواو} : عاطفة. {مَا} : نافية. {يَسْتَأْخِرُونَ} : فعل وفاعل معطوف على {تَسْبِقُ} ، وذكر الضمير في {يَسْتَأْخِرُون} بعد تأنيثه لمراعاة المعنى؛ لأن أمة بمعنى قوم.
{ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تَتْرَى كُلَّ مَا جَاءَ أُمَّةً رَسُولُهَا كَذَّبُوهُ} .
{ثُمَّ} : حرف عطف وتراخٍ، {أَرْسَلْنَا}: فعل وفاعل. {رُسُلَنَا} : مفعول
به. {تَتْرَى} : حال من {رسلنا} ، وعلامة نصبه فتحة مقدرة للتعذر؛ لأنه اسم مقصور، ألفه للإلحاق بجعفر كأرطى وعلقى، والتاء فيه مبدلة من الواو، وأصله وترى؛ أي: متعاقبين متتابعين بعضهم بعضًا، أو هو مصدر كشبعى ودعوى فألفه للتأنيث، والجملة معطوفة على جملة {أَنْشَأْنَا}. {كل ما}: اسم شرط غير جازم، في محل النصب على الظرفية مبني على السكون، والظرف متعلق بالجواب الآتي. {جَاءَ}: فعل ماض. {أمة} : مفعول به مقدم. {رَسُولُهَا} : فاعل مؤخر وجوبًا لاتصاله بضمير المفعول، والجملة الفعلية فعل شرط لـ {كل ما}. {كَذَّبُوهُ}: فعل وفاعل ومفعول به، والجملة جواب {كل ما}: لا محل لها من الإعراب، وجملة {كل ما}: مستأنفة.
{فَأَتْبَعْنَا بَعْضَهُمْ بَعْضًا وَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ فَبُعْدًا لِقَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ} .
{فَأَتْبَعْنَا} : {الفاء} : عاطفة. {أتبعنا} : فعل وفاعل. {بَعْضَهُمْ} : مفعول به أول. {بَعْضًا} : مفعول به ثان، وإلجملة معطوفة على {كَذَّبُوهُ}. {وَجَعَلْنَاهُمْ}: فعل وفاعل ومفعول أول. {أَحَادِيثَ} : مفعول ثان، والجملة معطوفة على جملة {جعلنا}. {فَبُعْدًا}:{الفاء} : استئنافية. {بعدًا} : مفعول مطلق لفعل محذوف وجوبًا لنيابته عنه، تقديره بعدوا بعدًا، وهذا دعاء عليهم، أو أوجبنا بعدًا. {لِقَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ}:{لِقَوْمٍ} : جار ومجرور صفة لـ {بعدًا} ، ولا تتعلق به هذه اللام؛ لأنه لا يحفظ حذف هذه اللام، ووصول المصدر إلى مجرورها ألبتة. والجملة المحذوفة مستأنفة، وجملة {لَا يُؤْمِنُونَ}: في محل الجر صفة {لِقَوْمٍ} .
{ثُمَّ} : حرف عطف وتراخٍ. {أَرْسَلْنَا مُوسَى} : فعل وفاعل ومفعول به، والجملة معطوفة على جملة قوله:{ثُمَّ أَنْشَأْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْنًا آخَرِينَ (31)} هو. {وَأَخَاهُ} : معطوف على {مُوسَى} . {هَارُون} : بدل من {أخاه} ، أو عطف بيان له. {بِآيَاتِنَا}: جار ومجرور حال من {مُوسَى} و {هَارُونَ} ؛ أي: حالة كونهما ملتبسين بآياتنا، فالباء للملابسة. {وَسُلْطَانٍ}: معطوف على {آياتنا} . {مُبِينٍ} :
صفة لـ {سلطان} . {إِلَى فِرْعَوْنَ} : جار ومجرور، وعلامة جره الفتحة نيابة عن الكسرة؛ لأنه اسم لا ينصرف للعلمية والعجمية، متعلق بـ {أَرْسَلْنَا}. {وَمَلَئِهِ}: معطوف على فرعون. {فَاسْتَكْبَرُوا} : {الفاء} : عاطفة. {استكبروا} : فعل وفاعل معطوف على {أَرْسَلْنَا} . {وَكَانُوا قَوْمًا} : فعل ناقص واسمه وخبره، معطوف على {استكبروا}. {عَالِينَ}: صفة {قَوْمًا} .
{فَقَالُوا أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنَا وَقَوْمُهُمَا لَنَا عَابِدُونَ (47)} .
{فَقَالُوا} : {الفاء} : عاطفة. {قالوا} : فعل وفاعل معطوف على {استكبروا} . {أَنُؤْمِنُ} : (الهمزة): للاستفهام الإنكاري، {نؤمن}: فعل وفاعل مستتر يعود إلى {فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ} ، والجملة في محل النصب مقول {قالوا}. {لِبَشَرَيْنِ}: متعلق بـ {نؤمن} . {مِثْلِنَا} : صفة {لِبَشَرَيْنِ} وهو اسم كغير في أنه يوصف بهما الاثنان، والجمع والمذكر والمؤنث، والبشر يقع على الواحد والمثنى والمجموع والمذكر والمؤنث. {وَقَوْمُهُمَا}: مبتدأ مضاف إليه. {لَنَا} : متعلق بـ {عَابِدُونَ} . {عَابِدُونَ} : خبر المبتدأ، والجملة في محل النصب حال من فاعل {نؤمن} .
{فَكَذَّبُوهُمَا} {الفاء} : عاطفة. {كذبوهما} : فعل وفاعل ومفعول معطوف على {فَقَالُوا} . {فَكَانُوا} : فعل ناقص واسمه {مِنَ الْمُهْلَكِين} : خبره، والجملة معطوفة على جملة {كذبوهما}. {وَلَقَدْ}:{الواو} : استئنافية. {اللام} : موطئة للقسم. {قد} : حرف تحقيق. {آتَيْنَا} : فعل وفاعل. {مُوسَى الْكِتَابَ} : مفعولان لـ {أتينا} ؛ لأنه بمعنى أعطى، والجملة جواب القسم، وجملة القسم مستأنفة. {لَعَلَّهُمْ}:{لعل} : حرف ترجٍ ونصب والهاء اسمها، والضمير يعود إلى قوم موسى؛ لأن فرعون وقومه كانوا قد بادوا، وجملة {يَهْتَدُونَ}: في محل الرفع خبر {لعل} ، وجملة {لعل}: مستأنفة مسوقة لتعليل ما قبلها.
{وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ} : فعل وفاعل ومفعول أول. {وَأُمَّهُ} : معطوف على ابن مريم. {آيَةً} : مفعول ثان لـ {جعلنا} . والجملة الفعلية معطوفة على جملة قوله {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا} ، ولم يقل آيتين؛ لأن فيهما واحدة، وهي الولادة من غير أب، {وَآوَيْنَاهُمَا}: فعل وفاعل ومفعول معطوف على {جعلنا} . {إِلَى رَبْوَةٍ} : متعلق بـ {آويناهما} . {ذَاتِ} : صفة لـ {رَبْوَةٍ} . {قَرَارٍ} : مضاف إليه. {وَمَعِينٍ} : معطوف على {قَرَارٍ} .
{يا} : حرف نداء. {أي} : منادى نكرة مقصودة. {ها} : حرف تنبيه زائد. {الرُّسُلُ} : صفة لـ {أي} ، أو عطف بيان، أو بدل منه، وجملة النداء مستأنفة. {كُلُوا}: فعل وفاعل، والجملة جواب النداء. {مِنَ الطَّيِّبَاتِ}: جار ومجرور متعلق بـ {كلوا} . {وَاعْمَلُوا} : فعل وفاعل معطوف على {كُلُوا} . {صَالِحًا} مفعول به أو مفعول مطلق. {إِنِّي} : ناصب واسمه. {بِمَا} : جار ومجرور متعلق بـ {عليم} . {تَعْمَلُونَ} : فعل وفاعل صلة لـ {ما} ، أو صفة لها، والعائد أو الرابط محذوف، تقديره: تعملونه {عَلِيمٌ} : خبر إن، وجملة إن مستأنفة مسوقة لتعليل ما قبلها. {وَإِنَّ هَذِهِ}:{الواو} : استئنافية. {إن هذه أمتكم} : ناصب واسمه وخبره، والجملة مستأنفة على قراءة كسر همزة {إن} ، وأما على قراءة فتحها فالجملة سادة مسد مفعولي علم المحذوفة، تقديرها: واعلموا أن هذه أمتكم أمة واحدة، والجملة المحذوفة معطوفة على جملة قوله:{وَاعْمَلُوا صَالِحًا} . {أُمَّةً} : حال لازمة من {أُمَّتُكُمْ} . {وَاحِدَةً} : صفة {لامة} . {وَأَنَا رَبُّكُمْ} : مبتدأ وخبر، والجملة معطوفة على جملة {وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ}. {فَاتَّقُونِ}:{الفاء} : فاء الفصيحة؛ لأنها أفصحت عن جواب شرط مقدر، تقديره: إذا عرفتم وأنا ربكم وأردتم بيان ما هو اللازم لكم .. فأقول لكم {اتقون} . {اتقون} : فعل أمر مبني على حذف النون والواو فاعل، والنون نون
الوقاية، وياء المتكلم المحذوفة اجتزاء عنها بكسرة نون الوقاية في محل النصب مفعول به، والجملة الفعلية في محل النصب مقول لجواب إذا المقدرة، وجملة إذا المقدرة مستأنفة استئنافًا بيانيًا. {فَتَقَطَّعُوا}:{الفاء} : استئنافية. {تقطعوا} : فعل وفاعل، والجملة مستأنفة. {أَمْرَهُمْ}: إما منصوب بنزع الخافض؛ أي: تفرقوا في أمرهم، أو مفعول به وعدى تقطعوا إليه؛ لأنه بمعنى قطعوا. {بَيْنَهُمْ}: ظرف متعلق بـ {تقطعوا} . {زُبُرًا} : حال من فاعل {تقطعوا} ؛ أي: حالة كونهم أحزابًا متخالفين. {كُلُّ حِزْبٍ} : مبتدأ ومضاف إليه. {بِمَا} : جار ومجرور متعلق بـ {فَرِحُونَ} . {لَدَيْهِمْ} : ظرف مكان متعلق بمحذوف صلة لـ {ما} . {فَرِحُونَ} : خبر المبتدأ، والجملة الاسمية في محل النصب حال من فاعل تقطعوا.
{فَذَرْهُمْ} : {الفاء} : فاء الفصيحة؛ لأنها أفصحت عن جواب شرط مقدر، تقديره: إذا عرفت تقطعهم يا محمد وتفرقهم وفرح كل حزب بما لديهم، وأردت بيان ما هو الأصلح لك، فأقول لك: ذرهم. {ذرهم} : فعل وفاعل مستتر يعود على محمد ومفعول أول، والضمير لكفار مكة. {فِي غَمْرَتِهِمْ}: جار ومجرور متعلق بمحذوف مفعول ثان، أو حال من ضمير المفعول؛ أي: أتركهم متخبطين في غمرتهم، أو حالة كونهم متخبطين، والجملة الفعلية في محل النصب مقول لجواب إذا المقدرة، وجملة إذا المقدرة مستأنفة. {حَتَّى حِينٍ}: جار ومجرور متعلق بـ {ذرهم} . {أَيَحْسَبُونَ} : (الهمزة) فيه للاستفهام التقريعي الإنكاري. {يحسبون} : فعل وفاعل، والجملة مستأنفة. {أَنَّمَا} {أن}: حرف نصب ومصدر. {ما} : اسم موصول في محل النصب اسمها، وكان من حقها أن تكتب مفصولة، ولكنها موصولة اتباعًا لرسم المصحف. {نُمِدُّهُمْ}: فعل ومفعول وفاعل مستتر يعود على الله. {بِهِ} : متعلق بـ {نُمِدُّهُمْ} ، وهو العائد على الموصول، وجملة {نُمِدُّهُمْ} صلة الموصول، {مِنْ مَالٍ}: حال من الموصول {وَبَنِينَ} : معطوف على {مَالٍ} . {نُسَارِعُ} : فعل وفاعل مستتر يعود على الله، تقديره: نحن.
{لَهُمْ} : متعلق بـ {نسارع} . {فِي الْخَيْرَاتِ} : متعلق به أيضًا، والجملة الفعلية في محل الرفع خبر {أن} ، والرابط بين هذه الجملة، واسم {أن} محذوف، تقديره: نسارع لهم به، أو فيه، إلا أن حذف مثله قليل، وقيل: الرابط بينهما هو اسم الظاهر الذي قام مقام المضمر، من قوله:{فِي الْخَيْرَاتِ} ، وهذا يتمشى على مذهب الأخفش، إذ يرى الربط بالأسماء الظاهرة، وإن لم يكن بلفظ الأول. وجملة {أن} من اسمها وخبرها، في تأويل مصدر ساد مسد مفعولي حسب، والتقدير: أيحسبون مسارعتنا إياهم في الخيرات، بما أمددناهم به من مال وبنين. {بَلْ}: حرف إضراب، للإضراب الانتقالي عن الحسبان. {لَا}: نافية. {يَشْعُرُونَ} : فعل وفاعل، معطوف على مقدر ينسحب عليه الكلام؛ أي: لا نفعل ذلك، بل هم لا يشعرون بشيء أصلًا كالبهائم، لا فطنة لهم، ولا شعور يتيح لهم التأمل، فيعرفون أن ذلك الإمداد ما هو إلا استدراج لهم، واستجرار إلى زيادة الإثم.
{إِنَّ الَّذِينَ} : ناصب واسمه. {هُمْ} : مبتدأ. {مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ} : جار ومجرور ومضاف إليه متعلق بـ {مُشْفِقُونَ} . {مشفقون} : خبر المبتدأ، والجملة من المبتدأ والخبر صلة الموصول. {وَالَّذِينَ}: معطوف على الموصول الأول. {هُم} : مبتدأ. {بِآيَاتِ رَبِّهِمْ} : جار ومجرور ومضاف إليه متعلق بـ {يُؤْمِنُون} . {يُؤْمِنُون} : فعل وفاعل خبر المبتدأ، والجملة من المبتدأ، والخبر صلة الموصول.
{وَالَّذِينَ} : معطوف على الموصول الأول. {هُمْ} : مبتدأ. {بِرَبِّهِمْ} : متعلق بـ {يُشْرِكُونَ} وجملة {لَا يُشْرِكُونَ} خبر المبتدأ. والجملة من المبتدأ والخبر صلة الموصول، {وَالَّذِينَ}: معطوف على الموصول الأول. {يُؤْتُونَ} : فعل وفاعل صلة الموصول. {مَا} : مفعول {يؤتون} . {آتَوْا} : فعل وفاعل،
والجملة صلة {مَا} الموصولة، والعائد محذوف، تقديره: ما آتوه. {وَقُلُوبُهُمْ} : {الواو} : حالية. {قلوبهم} : مبتدأ. {وَجِلَةٌ} : خبره، والجملة الاسمية في محل النصب حال من فاعل {يُؤْتُونَ}. {أَنَّهُمْ}: ناصب واسمه. {إِلَى رَبِّهِمْ} : جار ومجرور متعلق بـ {رَاجِعُونَ} . {رَاجِعُونَ} : خبر {أن} ، وجملة {أن} في تأويل مصدر مجرور بحرف جر محذوف، والجار المحذوف متعلق بـ {وجلة}؛ أي: قلوبهم خائفة من رجوعهم إلى ربهم.
{أُولَئِكَ} : مبتدأ. {يُسَارِعُونَ} : فعل وفاعل {فِي الْخَيْرَات} : متعلق به، وجملة {يسارعون} في محل الرفع خبر المبتدأ، والجملة من المبتدأ والخبر في محل الرفع خبر {أن}؛ أي: خبر عن أن الذين هم من خشية ربهم وما عطف عليه، قاسم {أن} أربع موصولات، وخبرها جملة أولئك .. الخ. {وَهُمْ}: مبتدأ {لَهَا} متعلق بـ {سَابِقُونَ} ، قدم عليه للفاصلة وللاختصاص. {سَابِقُونَ}: خبر المبتدأ، والجملة الاسمية معطوفة على سابقتها عطف تأكيد لها. {وَلَا نُكَلِّفُ}:{الواو} : استئنافية. {لا} : نافية. {نُكَلِّف} : فعل مضارع، وفاعل مستتر يعود على الله. {نَفْسًا}: مفعول به أول، والجملة مستأنفة، مسوقة للدلالة على أن التكليف غير خارج عن حدود الطاقات والإمكانيات. {إِلَّا}: أداة استثناء مفرغ. {وُسْعَهَا} : مفعول ثان. {وَلَدَيْنَا} : {الواو} : عاطفة. {لدينا} : ظرف ومضاف إليه، خبر مقدم، {كِتَابٌ}: مبتدأ مؤخر، والجملة معطوفة على جملة {وَلَا نُكَلِّف} ، وجملة {يَنْطِقُ} صفة كتاب {بِالْحَقِّ} متعلق به، أو حال من فاعل {يَنْطِق}؛ أي: حالة كونه ملتبسًا بالحق. {وَهُمْ} مبتدأ، وجملة {لَا يُظْلَمُونَ}: خبره، والجملة معطوفة على سابقتها.
التصريف ومفردات اللغة
{قَرْنًا} : القرن: الأمة. والمراد بهم: عاد قوم هود، لقوله تعالى في سورة الأعراف:{وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ} .
{وَأَتْرَفْنَاهُمْ} ؛ أي: نعمناهم ووسعنا عليهم، يقال: ترف فلان؛ أي: توسع في النعمة وأترفته النعمة: أطغته. {لَخَاسِرُون} ؛ أي: لمغبونون في آرائكم، إذ أنكم أذللتم أنفسكم لعبادة من هو دونكم. {هَيْهَاتَ}؛ أي: بعد. {لِمَا تُوعَدُونَ} هو البعث والحساب. {بِمُؤْمِنِينَ} ؛ أي: بمصدقين. {عَمَّا قَلِيلٍ} ؛ في؛ أي: بعد زمان قليل {لَيُصْبِحُنّ} ؛ أي: ليصيرن. {الصَّيْحَةُ} ، والصيحة: العذاب الشديد، كماقال:
صَاحَ الزَّمَانُ بِآلِ بَرْمَكَ صَيْحَةً
…
خَرُّوْا لِشِدَّتِهَا عَلَى الأذْقَانِ
{غُثَاءً} : الغثاء العشب إذا يبس، يجمع على أغثية كغراب وأغربة، وعلى غثيان كغراب وغربان. وقال الزجاج: هو البالي من ورق الشجر إذا جرى السيل به فخالط زبده. وقيل: كل ما يلقيه السيل، والقدر مما لا ينتفع به، وبه يضرب المثل في ذلك. ولامه واو؛ لأنه من غثا الوادي يغثو غثوًا، وكذلك غثت القدر، وأما غثيت نفسه تغثى غثيانًا؛ أي: خبثت فهو قريب من معناه، ولكنه من مادة الياء، وتشدد ثاء الغثاء وتخفف، وقد جمع على أغثاء وهو شاذ بل كان قياسه أن يجمع على أغثية كأغربة، أو على غثيان كغربان وغلمان. اهـ. "سمين".
وقال الزمخشري: شبَّههم في دمارهم بالغثاء، وهو حميل السيل مما بلى، واسود من بلي العيدان والورق. اهـ.
{تَتْرَا} من المواترة، وهي التتابع بين الأشياء مع فترة ومهلة بينها، قاله الأصمعي، والتاء فيه مبدلة من الواو، وأصله وترى وهو مصدر كشبعى ودعوى. فألفه للتأنيث، وهو منصوب على الحالية؛ أي: متتابعين، والتتر: المتابعة مع مهلة، فإن كانت بدونها، قيل لها: مداركة ومواصلة، كما في "القاموس".
{أَحَادِيثَ} : جمع أحدوثة، كأضاحيك وألاعيب وأعاجيب، جمع أضحوكة وألعوبة وأعجوبة، والأحدوثة: هي كل ما يتحدث به الناس تعجبًا منه، وتلهيًا به ودفعًا للملالة، واجتلابًا للسلوى، وتزجية للفراغ، أو جمع حديث على غير قياس.
وفي "السمين" قيل: هو جمع حديث، ولكنه شاذ، وقيل: بل جمع أحدوثة كأضحوكة. وقال الأخفش: لا يقال ذلك إلا في الشر، ولا يقال في الخير. وقد شذت العرب في ألفاظ، فجمعوها على صيغة مفاعيل كأباطيل وأقاطيع. وقال الزمخشري: الأحاديث تكون اسم جمع للحديث، ومنه أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأفاعيل ليس من أبنية اسم الجمع، وإنما ذكره أصحابنا فيما شذ من المجموع، كقطيع وأقاطيع، وإذا كان عباديد قد حكموا عليه بأنه جمع تكسير، مع أنهم لم يلفظوا له بواحد، فاحرى أحاديث، وقد لفظ له بواحد وهو حديث، فاتضح أنه جمع تكسير، لا اسم جمع لما ذكرنا. اهـ. وفي "القاموس" صاروا أحاديث؛ أي: انقرضوا. اهـ.
{عَالِينَ} ؛ أي: متكبرين. {لِبَشَرَيْن} : تثنية بشر، والبشر يقع على الواحد والمثنى والمجموع والمذكر والمؤنث، قال تعالى:{مَا أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا} وقد يطابق، ومنه هذه الآية، وأمّا إفراد مثلنا؛ فلأنه يجري مجرى المصادر في الإفراد، والتذكير ولا يؤنث أصلًا، وقد يطابق ما هو له تثنيةً كقوله:{يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ} . وجمعًا كقوله: {ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ} ، وقيل: أريد
المماثلة في البشرية لا الكمية، وقيل: اكتفى بالواحد عن الاثنين. اهـ.
{عَابِدُونَ} ؛ أي: خدم منقادون. قال أبو عبيدة: العرب تسمي كل من دان للملك عابدًا. وقال المبرد: العابد: المطيع الخاضع.
{وَآوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَةٍ} ؛ أي: أسكناهما وأنزلناهما في ربوة؛ أي: أوصلناهما إلى ربوة، وسبب ذلك أن ملك ذلك الزمان، كان أراد أن يقتل عيسى عليه السلام، فهربت به أمه إلى تلك الربوة، ومكثت بها ثنتي عشرة سنة، حتى هلك ذلك الملك. اهـ. من "الخطيب".
والربوة والرباوة: الأرض المرتفعة، وفي رائها الحركات الثلاث، وقد اختلف المفسرون في المراد بها، فقيل: بيت المقدس، وقيل: دمشق وغوطتها. وعن الحسن: فلسطين أو الرملة، أو مصر، أقوال.
{مَعِينٍ} : اسم مفعول من عان يعين كباع يبيع، فهو معين كمبيع، فالميم
زائدة، وأصله معيون كمبيوع، وقد دخله الإعلال. والمعين: الماء الظاهر البخاري على وجه الأرض. وقد اختلف في زيادة ميمه وأصالته، فوجه من جعله مفعولًا أنه مدرك بالعين؛ لظهوره من عانه إذا أدركه بعينه، نحو ركبه إذا ضربه بركبته، ووجه من جعله فعيلًا، أنه نفاع بظهوره وجريه من الماعون وهو المنفعة. وقال الراغب: هو من معن الماء إذا جرى، ويسمى مجرى الماء معيانًا، وأمعن الفرس تباعد في عدوه، وأمعن بحقي ذهب به، وفلان معن في حاجته؛ أي: سريع، قلت: وهذا كله راجع إلى معنى الجري والسرعة.
وفي "السمين" قوله: ومعين صفة لموصوف محذوف؛ أي: وماء معين، وفيه قولان:
أحدهما: أن ميمه زائدة، وأصله معيون؛ أي: مبصر بالعين، فأعل إعلال مبيع، وبابه وهو مثل قولهم: كبدته؛ أي: ضربت كبده، ورأسته؛ أي: أصبت رأسه، وعنته؛ أي: أدركته بعيني، ولذلك أدخله الخليل في مادة ع ي ن.
والثاني: أن الميم اصلية، ووزنه فعيل، مشتق من المعن، واختلف في المعن. فقيل: هو الشيء القليل، ومنه الماعون، وقيل: هو من معن الشيء، معانة إذا كثر.
{الطَّيِّبَاتِ} : جمع طيب، والطيب: ما يستطاب ويستلذ من المآكل والفواكه. {أُمَّتُكُمْ} ؛ أي: ملتكم وشريعتكم. {فَتَقَطَّعُوا} ؛ أي: قطعوا ومزقوا. {أَمْرَهُمْ} ؛ أي: أمر دينهم. {زُبُرًا} ؛ أي: قطعًا، واحدها زبور: بمعنى فريق. اهـ. "بيضاوي". أو جمع زبرة بمعنى القطعة؛ أي: الطائفة من الناس، وهي مثل غرفة، فتجمع على زبر بالضم وبالفتح، كما في الكهف فهما جمعان، كما في "القاموس". وقيل: معنى زبرًا، كتبًا؛ أي: تمسك كل قوم بكتاب، فآمنوا به، وكفروا بما سواه من الكتب. اهـ. "خطيب".
{فَذَرْهُمْ فِي غَمْرَتِهِمْ} والخطاب لمحمد صلى الله عليه وسلم، والضمير لكفار مكة، في غمرتهم؛ أي: في ضلالتهم، شبهها بالماء الذي يغمر القامة؛ لأنهم يغمرون فيها، والغمر في الأصل الماء الذي يغمر القامة، والغمر أيضًا الذي يغمر
الأرض، ثم استعير ذلك للجهالة، فقيل: فلان في غمره، والمادة تدل على الغطاء والاستتار، ومنه الغمر بالضم لمن لم يجرب الأمور، والغمر بالكسر: الحقد؛ لأنه يغطي القلب، والغمرات: الشدائد، والغامر: الذي يلقي نفسه في المهالك. اهـ. "سمين".
البلاغة
وقد تضمنت هذه الآيات ضروبًا من البلاغة، وأنواعًا من الفصاحة والبيان والبديع:
فمنها: الجناس المغاير في قوله: {فَأَرْسَلْنَا فِيهِمْ رَسُولًا} .
ومنها: أسلوب الإطناب في قوله: {الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِلِقَاءِ الْآخِرَةِ وَأَتْرَفْنَاهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} ذمًّا لهم وتسجيلًا عليهم بالقبائح والشناعات.
ومنها: ذكر الخاص بعنوان العام في قوله: {فَأَرْسَلْنَا فِيهِمْ رَسُولًا} ؛ لأن المراد بالرسول هنا هو عليه السلام بقرينة ما سبق في سورة الأعراف.
ومنها: الاستفهام الإنكاري في قوله: {أَفَلَا تَتَّقُونَ} .
ومنها: الإيجاز بالحذف في قوله: {وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ} ؛ أي: منه.
ومنها: إقامة الضمير مقام الظاهر في قوله: {إِنْ هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا} أصله إن الحياة إلا حياتنا الدنيا، فأقيم الضمير مقام الأولى، لدلالة الثانية عليها، حذرًا من التكرر وإشعارًا بإغنائها عن التصريح.
ومنها: الطباق في قوله: {نَمُوتُ وَنَحْيَا} ، وكذلك بين {تَسْبِقُ} و {يَسْتَأْخِرُونَ} .
ومنها: التشبيه البليغ في قوله: {فَجَعَلْنَاهُمْ غُثَاءً} ؛ أي: كالغثاء في سرعة زواله ومهانة حاله، حذف وجه الشبه وأداة التشبيه، فصار بليغًا.
ومنها: الجناس الناقص في قوله: {ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا} ؛ لتغيير بعض الحروف والشكل.
ومنها: وضع الظاهر موضع المضمر في قوله: {فَبُعْدًا لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} إفادة للتعليل وإشعارًا بالعلية.
ومنها: الجناس المماثل في قوله: {يُؤْتُونَ مَا آتَوْا} .
ومنها: الاستعارة التصريحية الأصلية في قوله: {فَذَرْهُمْ فِي غَمْرَتِهِمْ} حيث شبه ضلالتهم وجهالتهم بالماء الذي يغمر الإنسان من فرقه إلى قدمه بجامع الاستتار في كلٍّ، وإن كان مختلفًا بكونه في الماء حسيًّا وفي الجهالة معنويًا، واستعير اسم المشبه به للمشبه على سبيل الاستعارة التصريحية الأصلية.
ومنها: الاستفهام الإنكاري في قوله: {أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ} .
ومنها: حذف الرابط في قوله: {نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ} حذف به؛ أي: نسارع لهم به في الخيرات وحسن حذفه؛ لاستطالة الكلام مع أمن اللبس.
ومنها: الطباق بين {يُؤْمِنُون} و {يُشْرِكُون} .
ومنها: الاستعارة البديعة في قوله: {وَلَدَيْنَا كِتَابٌ يَنْطِقُ بِالْحَقِّ} فالنطق لا يكون إلا ممن يتكلم بلسانه، والكتاب ليس له لسان فوصف سبحانه الكتاب بالنطق، مبالغةً في وصفه بظهار البيان وإعلان البرهان، أو تشبيهًا باللسان الناطق على سبيل الاستعارة التصريحية التبعية.
ومنها: الزيادة والحذف في عدة مواضع.
والله سبحانه وتعالى أعلم
* * *
عَامِلُونَ (63)
…
} الآيات، مناسبة هذه الآيات لما قبلها (1): أن الله سبحانه، لما ذكر سماحة هذا الدين، وأنه دين يسر لا عسر، ولا يكلف النفس إلا ما تطيق، وأن ما يعمله المرء فهو محفوظ في كتاب، لا يبخس منه شيئًا، ولا يزاد له فيه شيء .. أردف هذا ببيان أن المشركين في غفلة عن هذا، الذي بيّن في القرآن، ولهم أعمال سوء أخرى، من فنون الكفر والمعاصي، كطعنهم في القرآن، واستهزائهم بالنبي صلى الله عليه وسلم، وايذائهم للمؤمنين، فإذا حل بهم بأسنا يوم القيامة .. جأروا واستغاثوا فقلنا لهم: لا فائدة فيما تعملون، فقد جاءتكم الآيات والنذر، فأعرضتم عنها، واتخذتموها هزوًا، تسمرون بها في البيت الحرام، وقد كان من حقكم أن تتدبروا القرآن؛ لتعلموا أنه الحق من ربكم، وأن مجيء الكتب إلى الرسل سنة قديمة، فكيف تنكرونها؟ وهل رابكم في رسولكم شيء، حتى تمتنعوا من تصديقه، وتقولوا إن به جنةً، وأنتم تعلمون أنه أرجح الناس عقلًا، وأثقبهم رأيًا، لا إن الأمر على غير ما تظنون، إنه قد جاءكم بالحق، ولكن أكثركم للحق كارهون، لما دسيتم به أنفسكم من الزيغ والإنصراف عن سبيل الحق، ولو أجابكم ربكم إلى ما في أنفسكم من الهوى، وشرع الأمور وفق ذلك .. لفسدت السماوات والأرض لفساد أهوائكم، واختلافها، وأنتم لو تأملتم، لعلمتم أن ما جاءكم به هو فخركم، فكيف تعرضون عنه؟ وهل تظنون أنه يسألكم أجرًا على هدايتكم، وإرشادكم، فما عند الله خير مما عندكم، وهو خير الرازقين. فها هو ذا قد تبين الرشد من الغي، واستبان أن ما تدعوهم إليه هو الحق، الذي لا محيص منه، وأن الذين لا يؤمنون به عادلون عن طريق الحق، وقد بلغوا حدًّا من التمرد والعناد لا يرجى معه صلاح، فلو أنهم ردوا في الآخرة إلى الدنيا لعادوا لما نهوا عنه، لشدة لجاجهم وتدسيتهم لأنفسهم.
ولقد قتلنا سراتهم بالسيف يوم بدر، فما خضعوا ولا انقادوا لربهم ولا ردهم ذلك عما كانوا فيه، بل استمروا في غيهم وضلالهم، كما قال:{فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (43)} ما لم يكونوا
(1) المراغي.
يحتسبون أيسوا من كل خير، وانقطع رجاؤهم من كل راحة وسعادة.
قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ
…
} الآيات. مناسبة هذه الآيات لما قبلها: أن الله سبحانه وتعالى، لما ذكر (1) إعراض المشركين عن سماع الأدلة ورؤية العبر، والتأمل في الحقائق .. أردف ذلك الامتنان على عباده، بأنه قد أعطاهم الحواس من السمع والبصر وغيرهما، ووفقهم لاستعمالها، وكان من حقهم أن يستفيدوا بها ،ليتبين لهم الرشد من الغي، لكنها لم تغن عنهم شيئًا، فكأنهم فقدوها، كما قال:{فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلَا أَبْصَارُهُمْ وَلَا أَفْئِدَتُهُمْ مِنْ شَيْءٍ إِذْ كَانُوا يَجْحَدُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ} ثم ساق أدلة أخرى على وجوده وقدرته، فبين أنه أوجدهم من العدم، وأن حشرهم إليه، وأنه هو الذي يحييهم ثم يميتهم، وأنه هو الذي يولج الليل في النهار، ويولج النهار في الليل، أفلا عقل لكم تتأملون به فيما تشاهدون.
وعبارة أبي حيان هنا: قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ لَكُمُ
…
} إلخ. مناسبة هذه الآية لما قبلها: أنه تعالى لما بين إعراض الكفار عن سماع الأدلة ورؤية العبر، والتأمل في الحقائق .. خاطب - قيل: المؤمنين - والظاهر العالم بأسرهم، تنبيهًا على أن من لم يعمل هذه الأعضاء في ما خلقه الله تعالى، وتدبر ما أودعه فيها، من الدلالة على وحدانيته، وباهر قدرته، فهو كعادم هذه الأعضاء. انتهى.
قوله تعالى: {بَلْ قَالُوا مِثْلَ مَا قَالَ الْأَوَّلُونَ (81)
…
} مناسبة هذه الآيات لما قبلها: أن الله سبحانه، لما ذكر (2) أدلة التوحيد المبثوثة في الأكوان والأنفس، والتي يراها الناس في كل آن، أعقبها بذكر البعث والحشر، وإنكار المشركين لهما، وتردادهم مقالة من سبقهم، من الكافرين الجاحدين في استبعادهما والتكذيب بحصولهما.
قوله تعالى: {قُلْ لِمَنِ الْأَرْضُ وَمَنْ فِيهَا
…
} الآيات، مناسبة هذه الآيات
(1) المراغي.
(2)
المراغي.
لما قبلها: أنه سبحانه وتعالى، لما ذكر (1) شبهات المشركين في أمر البعث والحساب والجزاء وأحوال النشأة الآخرة .. عقب ذلك بذكر الأدلة التي تثبت تحققه، وأنه كائن لا محالة.
قوله تعالى: {مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ
…
} الآيتين. مناسبة هاتين الآيتين لما قبلهما: أن الله سبحانه لما ذكر (2) أن المشركين كاذبون في إنكار البعث والجزاء، وفي مقالتهم إن القرآن أساطير الأولين .. قفى على ذلك بيان أنهم كاذبون في أمرين، اتخاذ الله للولد، وإثبات الشريك له.
أسباب النزول
قوله تعالى: {مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سَامِرًا تَهْجُرُونَ (67)} سبب (3) نزول هذه الآية: ما أخرجه ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير قال: كانت قريش تسمر حول البيت ولا تطوف به، ويفتخرون به، فأنزل الله هذه الآية.
قوله تعالى: {وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ (76)} . سبب نزول هذه الآية: ما أخرجه النسائي والحاكم عن ابن عباس قال: إن أبا سفيان أتى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا محمد، أنشدك بالله والرحم، لقد أكلنا الظهر - الوبر - والدم فأنزل الله هذه الآية.
وأخرج البيهقي في "الدلائل" بلفظ، أن ثمامة بن أثال الحنفي، لما أتى به النبي صلى الله عليه وسلم، وهو أسير خلى سبيله، ثم أسلم فلحق بمكة، ثم رجع إلى اليمامة، فحال بين أهل مكة وبين المسيرة من اليمامة، فأخذهم الله بالسنين حتى أكلوا العلهز (4)، فجاء أبو سفيان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له: أنشدك بالله والرحم، ألست تزعم أنك بعثت رحمة للعالمين؛ فقال:"بلى" فقال: قتلت الآباء بالسيف
(1) المراغي.
(2)
المراغي.
(3)
لباب النقول.
(4)
العلهز: شيء يتخذونه من الوبر اهـ. روح البيان.