المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

الوقوف على الأبواب من دنس الدناءة والرزانة. وأفضل لكم في - تفسير حدائق الروح والريحان في روابي علوم القرآن - جـ ١٩

[محمد الأمين الهرري]

فهرس الكتاب

الفصل: الوقوف على الأبواب من دنس الدناءة والرزانة. وأفضل لكم في

الوقوف على الأبواب من دنس الدناءة والرزانة. وأفضل لكم في دينكم ودنياكم؛ لأن رب الدار قد يستوحش ويتأذى بوقوف غيره على بابه بعد منع الاستئذان. ولما في ذلك من الدناءة والتسكع على بيوت الناس، وربما ظُنَّ بأهل البيت سوءٌ من وقوف الأجانب على أبوابهم، {وَاللَّهُ} سبحانه وتعالى {بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ} لا تخفى عليه من أعمالكم خافية، فيعلم ما تأتون وما تذرون مما كلفتموه، فيجازيكم عليه. وفي ذلك توعد لأهل التجسس على البيوت، وطلب الدخول على غيره، والنظر لما لا يحل.

‌29

- ولما بين سبحانه حكم البيوت المسكونة .. بين حكم البيوت غير المسكونة، فقال:{لَيْسَ عَلَيْكُمْ} أيها المؤمنون {جُنَاحٌ} ؛ أي: إثم ولا حرج في {أَنْ تَدْخُلُوا} بغير استئذان {بُيُوتًا غَيْرَ مَسْكُونَةٍ} ؛ أي: غير معدة لمسكنى قوم معينين، وطائفة مخصوصة فقط، بل هي معدة لينتفع ويتمتع بها من يحتاج ويضطر إليها كائنًا من كان، من غير أن يتخذها سكنًا. كالفنادق والحوانيت والحمامات والرُّبَط ونحوها؛ فإنها معدة لمصالح الناس كافةً، كما ينبىء عنه قوله تعالى:{فِيهَا مَتَاعٌ لَكُمْ} فإنه صفة للبيوت؛ أي: لكم فيها حق التمتع والانتفاع بها، كالمبيت فيها والاستكنان بها من الحر والبرد، وإيواء الأمتعة والرحال، والشراء والبيع، والاغتسال فيها، وغير ذلك مما يليق بحال البيوت وداخلها، كقضاء حاجة الإنسان من البول والغائط. فلا بأس في دخولها بغير استئذان من قُوَّام الرباطات وأصحاب الحوانيت ومتصرفي الحمامات ونحوهم؛ لأن السبب الذي لأجله منع دخول البيت وهو الاطلاع على عورات الناس والوقوف على أسرارهم غير موجود فيها.

روي: أن أبا بكر قال: يا رسول الله، إن الله قد أنزل عليك آية في الاستئذان، وإنا لنختلف في تجارتنا، فننزل هذه الخانات، أفلا ندخلها إلا بإذن؟ فنزلت هذه الآية. {وَاللَّهُ} سبحانه وتعالى {يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ}؛ أي: ما تظهرون بألسنتكم من الاستئذان إذا استأذنتم على أهل البيوت المسكونة. {وَمَا تَكْتُمُونَ} ؛ أي: ما تضمرون من حب الاطلاع على عورات الناس، أو من قصد

ص: 280

ريبة أو فساد، وفيه وعيد لمن لم يتأدب بآداب الله في دخول بيوت الغير.

الإعراب

{إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ (11)} .

{إِنَّ الَّذِين} : ناصب واسمه. {جَاءُوا} : فعل وفاعل صلة الموصول. {بِالْإِفْكِ} : جار ومجرور متعلق بـ {جاء} . {عُصْبَةٌ} : خبر {إِنَّ} . {مِنْكُمْ} : صفة لـ {عُصْبَةٌ} . وجملة {إِنَّ} : مستأنفة. {لَا} : ناهية جازمة. {تَحْسَبُوهُ} : فعل وفاعل ومفعول أول، مجزوم بـ {لَا} الناهية. {شَرًّا}: مفعول ثان لحسب. {لَكُمْ} : متعلق بـ {شَرًّا} . والجملة الفعلية مستأنفة مسوقة لتسلية النبي صلى الله عليه وسلم، ولكل من تأسف بذلك الإفك. {بَلْ}: حرف عطف وإضراب. {هُوَ خَيْرٌ} : مبتدأ وخبر. {لَكُمْ} : متعلق بـ {خَيْرٌ} . والجملة الاسمية معطوفة على الجملة الفعلية. {لِكُلِّ امْرِئٍ} : جار ومجرور ومضاف إليه خبر مقدم. {مِنْهُمْ} : صفة لامرىء. {مَا} : اسم موصول في محل الرفع مبتدأ مؤخر. والجملة الاسمية مستأنفة. {اكْتَسَبَ} : فعل ماض وفاعله، ضمير مستتر يعود على {امْرِئٍ} ، والجملة الفعلية صلة الموصول، والعائد محذوذف تقديره: ما اكتسبه. {مِنَ الْإِثْمِ} : جار ومجرور حال من العائد المحذوف. {وَالَّذِي تَوَلَّى} : {الواو} : استئنافية. {الذي} : مبتدأ. {تَوَلَّى كِبْرَهُ} : فعل وفاعل مستتر، ومفعول صلة الموصول. {مِنْهُمْ}: جار ومجرور حال من فاعل {تَوَلَّى} . {له} : خبر مقدم. {عَذَابٌ} : مبتدأ ثان مؤخر. {عَظِيمٌ} : صفة لـ {عَذَابٌ} . والجملة من المبتدأ الثاني وخبره خبر للمبتدأ الأول، أعني الموصول، وجملة الأول مستأنفة.

{لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُبِينٌ (12)} .

{لَوْلَا} : حرف تحضيض بمعنى هلا، متضمن معنى الزجر والتوبيخ. {إِذْ}: ظرف لما مضى من الزمان، في محل النصب على الظرفية، متعلق

ص: 281

بـ {ظَنَّ} الذي هو مدخول {لَوْلَا} . {سَمِعْتُمُوهُ} : فعل وفاعل ومفعول به، والجملة في محل الجر مضاف إليه لـ {إِذْ}. {ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ}: فعل وفاعل. {وَالْمُؤْمِنَاتُ} : معطوف على {الْمُؤْمِنُونَ} . {بِأَنْفُسِهِمْ} : جار ومجرور في محل المفعول الأول لـ {ظن} . {خَيْرًا} : مفعول ثان له، وجملة {ظَنَّ}: مستأنفة. {وَقَالُوا} : فعل وفاعل معطوف على {ظَنَّ} . {هَذَا إِفْكٌ} : مبتدأ وخبر. {مُبِينٌ} : صفة {إِفْكٌ} ، والجملة الاسمية في محل النصب مقول {قالوا} .

{لَوْلَا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُولَئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ (13)}

{لَوْلَا} : حرف تحضيض بمعنى هلا أيضًا. {جَاءُوا} : فعل وفاعل. {عَلَيْهِ} : متعلق بـ {شهداء} . {بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ} : جار ومجرور ومضاف إليه متعلق بـ {جَاءُوا} ، والجملة الفعلية مستأنفة. {فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا}:{الفاء} : عاطفة، {إِذْ}: ظرف لما مضى من الزمان، في محل النصب على الظرفية، متعلق بـ {الْكَاذِبُونَ}. {لَمْ يَأْتُوا}: جازم وفعل مجزوم وفاعل، والجملة في محل الجر مضاف إليه لـ {إِذْ}. {بِالشُّهَدَاءِ}: متعلق بـ {يَأْتُوا} {فَأُولَئِكَ} : {الفاء} : رابطة لجواب {إِذْ} . {أولئك} : مبتدأ. {عِنْدَ اللَّهِ} : ظرف ومضاف إليه متعلق بـ {الْكَاذِبُونَ} . {هُمُ} : ضمير فصل. {الْكَاذِبُونَ} : خبر المبتدأ، والجملة الاسمية جواب {إِذْ} . وجملة {إِذْ} مع جوابها معطوفة على جملة {لَوْلَا جَاءُوا} .

{وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ لَمَسَّكُمْ فِي مَا أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (14)} .

{وَلَوْلَا} {الواو} : عاطفة. {وَلَوْلَا} : حرف امتناع لوجود. {فَضْلُ اللَّهِ} : مبتدأ ومضاف إليه. {عَلَيْكُمْ} : متعلق بـ {فَضْلُ اللَّهِ} . {وَرَحْمَتُهُ} : معطوف على {فَضْلُ اللَّهِ} . {فِي الدُّنْيَا} : جار ومجرور، حال من الفضل والرحمة. {وَالْآخِرَةِ}: معطوف على الدنيا، والتقدير: حالة كونهما كائنين في الدنيا والآخرة، وخبر {لَوْلَا} محذوف وجوبًا لقيام جواب {لَوْلَا} مقامه تقديره: موجودان، والجملة الاسمية شرط لـ {لَوْلَا} لا محل لها من الإعراب. {لَمَسَّكُمْ}

ص: 282

(اللام): رابطة لجواب {لَوْلَا} . {مسكم} : فعل ومفعول. {فِي} : حرف جر وسبب. {مَا} : موصولة في محل الجر بـ {فِي} . الجار والمجرور متعلق بـ {مسكم} . {أَفَضْتُمْ} : فعل وفاعل. {فِيه} : متعلق به والجملة صلة الموصول، والعائد ضمير {فيه}. {عَذَابٌ}: فاعل لـ {مسكم} . {عَظِيمٌ} : صفة {عَذَابٌ} ، والجملة الفعلية جواب {لَوْلَا} ، وجملة {لَوْلَا} معطوفة على جملة {لَوْلَا} الأولى.

{إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ (15)} .

{إِذْ} : ظرف لما مضى، متعلق بـ {أَفَضْتُمْ} ، أو بـ {مسكم}. {تَلَقَّوْنَهُ}: فعل وفاعل ومفعول. والجملة في محل الخفض، مضاف إليه لـ {إِذْ}. {بِأَلْسِنَتِكُمْ}: متعلق بـ {تَلَقَّوْنَهُ} . {وَتَقُولُونَ} : فعل وفاعل معطوف على {تَلَقَّوْنَهُ} . {بِأَفْوَاهِكُمْ} : متعلق بـ {تقولون} . {مَا} : موصولة في محل النصب مفعول {تقولون} ؛ لأنه بمعنى تذكرون. {لَيْسَ} : فعل ماض ناقص. {لَكُمْ} : خبر {لَيْسَ} . {بِهِ} : متعلق بـ {عِلْمٌ} . {عِلْمٌ} : اسم {لَيْسَ} ، وجملة {لَيْسَ}: صلة {مَا} الموصولة. {وَتَحْسَبُونَهُ} : فعل وفاعل ومفعول به أول. {هَيِّنًا} : مفعول ثان. والجملة معطوفة على جملة {لَيْسَ} . {وَهُوَ} : {الواو} : واو الحال. {هو} : مبتدأ. {عِنْدَ اللَّهِ} : حال من {عَظِيمٌ} ؛ لأنه صفة نكرة قدمت عليها. {عَظِيمٌ} : خبر المبتدأ. والجملة الاسمية في محل النصب، حال من المفعول {تحسبونه} .

{وَلَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ (16) يَعِظُكُمُ اللَّهُ أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَدًا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (17)} .

{وَلَوْلَا} {الواو} : استئنافية. {لولا} : حرف تحضيض وتوبيخ. {إِذْ} : ظرف لما مضى متعلق بـ {قُلْتُمْ} . {سَمِعْتُمُوهُ} : فعل وفاعل ومفعول، والجملة في محل الجر، مضاف إليه لـ {إِذْ}. {قُلْتُمْ}: فعل وفاعل، والجملة مستأنفة. {مَا}: نافية. {يَكُونُ} : فعل ناقص. {لَنَا} : خبر {يَكُونُ} مقدم. {أَنْ} : حرف

ص: 283

نصب. {نَتَكَلَّمَ} : في تأويل مصدر مرفوع، على كونه اسم {يَكُونُ} والتقدير: ما يكون التكلم بهذا كائنًا لنا. وجملة {يَكُونُ} : في محل النصب مقول {قُلْتُمْ} . {بِهَذَا} متعلقان بـ {نَتَكَلَّمَ} {سُبْحَانَكَ} : منصوب على المفعولية المطلقة، بفعل محذوف، تقديره: نسبحك سبحانًا. والجملة المحذوفة، في محل النصب مقول {قُلْتُمْ} ، أو حال من فاعل {قُلْتُمْ} ، والتقدير: هلا قلتم، ما ينبغي لنا، أن نتكلم بهذا، حال كونكم متعجبين من هذا الأمر، العجيب الغريب. {هَذَا}: مبتدأ. {بُهْتَانٌ} : خبر. {عَظِيمٌ} : صفة {بُهْتَانٌ} . والجملة في محل النصب مقول {قُلْتُمْ} . {يَعِظُكُمُ اللَّهُ} : فعل ومفعول وفاعل. والجملة مستأنفة. {أَنْ تَعُودُوا} : فعل وفاعل منصوب بأن المصدرية، والجملة في تأويل مصدر منصوب بنزع الخافض المتعلق بـ {يَعِظُكُمُ} ، والتقدير: يعظكم من عودكم لمثله أبدًا. {لِمِثْلِهِ} : متعلق بـ {تَعُودُوا} . {أَبَدًا} : ظرف متعلق بـ {تَعُودُوا} أيضًا. {إِنْ} : حرف شرط. {كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} : فعل ناقص واسمه وخبر، وجواب الشرط محذوف، تقديره: إن كنتم مؤمنين، فلا تعودوا لمثله. وجملة الشرط مستأنفة.

{وَيُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (18)} .

{وَيُبَيِّنُ اللَّهُ} : فعل وفاعل معطوف على {يَعِظُكُمُ} . {لَكُمُ} : متعلق بـ {يبين} . {الْآيَاتِ} : مفعول به. {وَاللَّهُ عَلِيمٌ} : مبتدأ وخبر أول. {حَكِيمٌ} : خبر ثان. والجملة الاسمية في محل النصب حال من فاعل {يبين} .

{إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (19)} .

{إِنَّ الَّذِينَ} : ناصب واسمه. {يُحِبُّونَ} : فعل وفاعل صلة الموصول. {أَنْ} : حرف نصب ومصدر. {تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ} : فعل وفاعل منصوب بـ {أَنْ} المصدرية. والجمله في تأويل مصدر منصوب على المفعولية. والتقدير: إن الذين يحبون شيوع الفاحشة. {فِي الَّذِينَ} : جار ومجرور متعلق بـ {تَشِيعَ} . {آمَنُوا} : فعل وفاعل صلة الموصول. {لَهُمْ} : خبر مقدم. {عَذَابٌ} : مبتدأ مؤخر. {أَلِيمٌ} : صفة {عَذَابٌ} . {فِي الدُّنْيَا} : صفة ثانية لـ {عَذَابٌ} . {وَالْآخِرَةِ} :

ص: 284

معطوف على {الدُّنْيَا} . والجملة من المبتدأ والخبر في محل الرفع، خبر {أن}. وجملة {أن}: مستأنفة. {وَاللَّهُ} : مبتدأ. وجملة {يَعْلَمُ} : خبره. والجملة الاسمية مستأنفة. {وَأَنْتُمْ} : مبتدأ. وجملة {لَا تَعْلَمُون} : خبره. والجملة الاسمية معطوفة على جملة {وَاللَّهُ يَعْلَمُ} .

{وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّهَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (20)} .

{وَلَوْلَا} : {الواو} : اسئنافية. {لَوْلَا} : حرف امتناع لوجود. {فَضْلُ اللَّهِ} : مبتدأ. {عَلَيْكُمْ} : متعلق به. {وَرَحْمَتُهُ} : معطوف على {فَضْلُ اللَّهِ} . وخبر المبتدأ محذوف وجوبًا، تقديره: موجودات. {وَأَنَّ اللَّهَ رَءُوفٌ} : ناصب واسمه وخبره. {رَحِيمٌ} : خبر ثان. وجملة {أَن} في تأويل مصدر معطوف على {فَضْلُ} ؛ أي: وكون الله رؤوفًا رحيمًا موجودًا. وجواب {لَوْلَا} محذوف، تقديره: لعاجلكم بالعقوبة. وجملة {لَوْلَا} : مستأنفة.

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (21)}

{يَا} : حرف نداء. {أي} : منادى نكرة مقصودة. و {الهاء} : حرف تنبيه زائد تعويضًا عما فات. {أي} : من الإضافة. {الَّذِينَ} : في محل النصب أو الرفع صفة لـ {أي} . وجملة النداء مستأنفة. {آمَنُوا} : فعل وفاعل صلة الموصول. {لَا} : ناهية جازمة. {تَتَّبِعُوا} : فعل وفاعل مجزوم بـ {لَا} الناهية. {خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ} مفعول به ومضاف إليه، والجملة الفعلية جواب النداء، لا محل لها من الإعراب. {وَمَنْ يَتَّبِعْ}:{الواو} : استئنافية. {مَنْ} : اسم شرط جازم، في محل الرفع مبتدأ، والخبر جملة الشرط أو الجواب أو هما. {يَتَّبِعْ}: فعل مضارع، مجزوم بـ {مَنْ} الشرطية على كونه، فعل شرط لها. وفاعله: ضمير يعود على {مَنْ} . {خُطُوَاتِ الشَّيْطَان} : مفعول به ومضاف إليه. {فَإِنَّهُ} : {الفاء} : رابطة لجواب {مَنْ} الشرطية. {إِنَّهُ} : ناصب واسمه. {يَأْمُرُ} : فعل مضارع، وفاعل مستتر يعود على {الشَّيْطَانِ}. {بِالْفَحْشَاءِ}: متعلق به.

ص: 285

{وَالْمُنْكَرِ} : معطوف على {الفحشاء} . والجملة الفعلية في محل الرفع خبر {إن} . وجملة {إن} في محل الجزم بـ {من} الشرطية على كونها جوابًا لها. وجملة {من} الشرطية مستأنفة. {وَلَوْلَا} : {الواو} : استنافية. {لَوْلَا} : حرف امتناع لوجود. {فَضْلُ اللَّهِ} : مبتدأ ومضاف إليه. {عَلَيْكُمْ} : متعلق به. {وَرَحْمَتُهُ} : معطوف عليه، وخبر المبتدأ محذوف وجوبًا، تقديره: موجودات. {مَا} : نافية. {زَكَى} : فعل ماض. {مِنْكُمْ} : حال من {أَحَدٍ} . {مِنْ} : زائدة. {أَحَدٍ} : فاعل {زَكَى} . {أَبَدًا} : ظرف متعلق بـ {زَكَى} . والجملة الفعلية جواب {لَوْلَا} لا محل لها من الإعراب. وجملة {لَوْلَا} : مستأنفة. {وَلَكِنَّ اللَّهَ} : {الواو} : عاطفة. {لكن الله} : ناصب واسمه. {يُزَكِّي} : فعل مضارع، وفاعل مستتر يعود على {اللَّهَ}. {مِنْ}: اسم موصول، في محل النصب مفعول به. وجملة {يَشَاءُ}: صلة الموصول. وجملة {يُزَكِّي} في محل الرفع خبر {لكن} . وجملة {لكن} معطوفة على جملة {لَوْلَا} . {وَاللَّهُ سَمِيعٌ} : مبتدأ وخبر أول. {عَلِيمٌ} : خبر ثان له. والجملة الاسمية في محل النصب حال من فاعل {يُزَكِّي} .

{وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} .

{وَلَا} {الواو} : استئنافية. {لا} : ناهية جازمة. {يَأْتَلِ} : فعل مضارع مجزوم بـ {لا} الناهية، وعلامة جزمه حذف حرف العلة وهي الياء. {أُولُو}: فاعل ملحق بجمع المذكر السالم. {الْفَضْلِ} : مضاف إليه. {مِنْكُمْ} : حال من الفاعل. {وَالسَّعَةِ} : معطوف على {الْفَضْلِ} . والجملة مستأنفة. {أَنْ يُؤْتُوا} : ناصب وفعل وفاعل. {أُولِي الْقُرْبَى} : مفعول به ومضاف إليه. {وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ} : معطوفان على {أُولِي الْقُرْبَى} . {فِي سَبِيلِ اللَّهِ} : متعلق بـ {المهاجرين} . وجملة {يُؤْتُوا} في تأويل مصدر مجرور بحرف جر محذوف، مع تقدير {لَا} النافية؛ أي: عدم إيتاء {أُولِي الْقُرْبَى} : والجار المحذوف متعلق بـ {يَأْتَلِ} .

ص: 286

{وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} .

{وَلْيَعْفُوا} {الواو} : عاطفة. و (اللام): لام الأمر. {يعفوا} : فعل مضارع، وفاعل مجزوم بلام الأمر. والجملة معطوفة على جملة {يَأْتَلِ}. {وَلْيَصْفَحُوا}: فعل وفاعل، معطوف على {وَلَا يَأْتَلِ} أيضًا. {أَلَا تُحِبُّونَ}:(الهمزة): للاستفهام التوبيخي. {لَا} : نافية. {تُحِبُّونَ} : فعل وفاعل. والجملة مستأنفة. {أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ} : ناصب وفعل وفاعل. {لَكُمْ} : متعلق به. والجملة في تأويل مصدر، منصوب على المفعولية؛ أي: ألا تحبون مغفرة الله لكم. {وَاللَّهُ غَفُورٌ} : مبتدأ وخبر أول. {رَحِيمٌ} : خبر ثان. والجملة الاسمية في محل النصب، حال من فاعل {يَغْفِر} .

{إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (23)} .

{إِنَّ الَّذِينَ} : ناصب واسمه. {يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ} : فعل وفاعل ومفعول صلة الموصول. {الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ} : صفتان للمحصنات. {لُعِنُوا} : فعل ونائب فاعل. {فِي الدُّنْيَا} : متعلق به. {وَالْآخِرَةِ} : معطوف على {الدُّنْيَا} . والجملة الفعلية في محل الرفع خبر {إِنَّ} ، وجملة {إن} مستأنفة. {وَلَهُمْ}: خبر مقدم. {عَذَابٌ} : مبتدأ مؤخر. {عَظِيمٌ} : صفة {عَذَابٌ} . والجملة الاسمية في محل النصب حال من واو {لُعِنُوا} .

{يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (24) يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ (25)} .

{يَوْمَ} : منصوب على الظرفية، متعلق بالاستقرار. الذي تعلق به الجار والمجرور في قوله:{وَلَهُمْ} والتقدير: عذاب عظيم كائن لهم، يوم تشهد عليهم، ويجوز تعلقه بالمصدر، وهو عذاب؛ لأن الظروف يتوسع فيها ما لا يتوسع في غيرها. {تَشْهَدُ}: فعل مضارع. {عَلَيْهِمْ} : متعلق به. {أَلْسِنَتُهُمْ} : فاعل. {وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ} : معطوفان عليه. والجملة الفعلية في محل الجر مضاف إليه لـ {يَوْمَ} . {بِمَا} : جار ومجرور متعلق بـ {تَشْهَدُ} . {كَانُوا} : فعل ناقص واسمه.

ص: 287

وجملة {يَعْمَلُونَ} : خبره. وجملة {كان} : صلة الموصول، والعائد محذوف، تقديره: بما كانوا يعملونه. {يَوْمَئِذٍ} : {يَوْمَ} : منصوب على الظرفية، متعلق بـ {يُوَفِّيهِمُ}. {يَوْمَ}: مضاف، {إِذ}: ظرف لما مضى من الزمان مضاف ليوم والتنوين عوض عن الجملة المحذوفة، والتقدير: يوم إذ تشهد عليهم ألسنتيهم الخ. {يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ} : فعل وفاعل ومفعول أول وفاعل. والجملة مستأنفة. {دِينَهُمُ} : مفعول ثان. {الْحَقَّ} : صفة لـ {دِينَهُمُ} . {وَيَعْلَمُونَ} : فعل وفاعل معطوف على {يُوَفِّيهِمُ} . {أَنَّ اللَّهَ} : ناصب واسمه {هو} ضمير فصل. {الْحَقَّ} : خبر أن. {الْمُبِينُ} : صفة لـ {الْحَقُّ} . وجملة {أَنَّ} في تأويل مصدر، ساد مسد مفعولي {يعلمون} .

{الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ أُولَئِكَ مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (26)} .

{الْخَبِيثَاتُ} : مبتدأ. {لِلْخَبِيثِينَ} : جار ومجرور خبر المبتدأ. والجملة مستأنفة، مسوقة لبيان سنة الله في خلقه، في أن يسوق كل صنف إلى صنفه، وأن يقع كل طير على شكله. {وَالْخَبِيثُونَ}: مبتدأ. {لِلْخَبِيثَاتِ} : خبر. والجملة معطوفة على الجملة التي قبلها. {وَالطَّيِّبَاتُ} : مبتدأ. {لِلطَّيِّبِينَ} : خبر. والجملة معطوفة. {وَالطَّيِّبُونَ} : مبتدأ. {لِلطَّيِّبَاتِ} : خبر للمبتدأ. والجملة معطوفة. {أُولَئِكَ} : مبتدأ. {مُبَرَّءُونَ} : خبر. والجملة مستأنفة. {مِمَّا} : متعلق بـ {مُبَرَّءُونَ} . {يَقُولُونَ} : فعل وفاعل صلة الموصول، والعائد محذوف، تقديره: يقولونه. {لَهُمْ} : خبر مقدم. {مَغْفِرَةٌ} : مبتدأ مؤخر. {وَرِزْقٌ} : معطوف على {مغفرة} . {كَرِيمٌ} : صفة {رزق} . والجملة الاسمية خبر ثان لـ {أُولَئِكَ} .

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (27)}

{يَا} : حرف نداء، {أي}: منادى نكرة مقصودة. {هَا} : حرف تنبيه زائد. وجملة النداء مستأنفة. {الَّذِينَ} : اسم موصول صفة لـ {أي} . {آمَنُوا} : فعل وفاعل صلة الموصول. {لَا تَدْخُلُوا} : {لَا} : ناهية جازمة. {تَدْخُلُوا} :

ص: 288

فعل وفاعل مجزوم بـ {لَا} الناهية. {بُيُوتًا} : مفعول به. {غَيْر} : صفة لـ {بُيُوتًا} . {بُيُوتِكُمْ} : مضاف إليه. وجملة النهي جواب النداء، لا محل لها من الإعراب. {حَتَّى}: حرف جر، وغاية بمعنى إلى. {تَسْتَأْنِسُوا}: فعل وفاعل منصوب بأن المضمرة وجوبًا. بعد {حَتَّى} بمعنى إلى. {وَتُسَلِّمُوا} : فعل وفاعل معطوف على {تَسْتَأْنِسُوا} . {عَلَى أَهْلِهَا} : جار ومجرور تعلق بـ {تسلموا} وجملة {تَسْتَأْنِسُوا} صلة أن المضمرة. أن مع صلتها في تأويل مصدر مجرور بـ {حَتَّى} بمعنى إلى. تقديره: إلى استئناسكم، وتسليمكم على أهلها. الجار والمجرور متعلق بـ {تَدْخُلُوا}. {ذَلِكُمْ}: مبتدأ. {خَيْرٌ} : خبر. {لَكُمْ} : متعلق بخير. والجملة الاسمية مستأنفة مسوقة لتعليل ما قبلا. {لَعَلَّكُمْ} : ناصب واسمه وجملة {تَذَكَّرُونَ} : خبره. وجملة لعل مستأنفة، مسوقة لتعليل فعل محذوف، تقديره: أنزل هذا عليكم لكي تتذكروا به.

{فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فِيهَا أَحَدًا فَلَا تَدْخُلُوهَا حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ (28)} .

{فَإِنْ} : {الفاء} : استئنافية. {إن} : حرف شرط لها. {لَمْ تَجِدُوا} مضارع مجزوم بلم {فِيهَا} : متعلق بـ {تَجِدُوا} . {أَحَدًا} : مفعول به؛ لأنه من وجد الضالة، فيتعدى لمفعول واحد. {فَلَا}:{الفاء} : رابطة لجواب {إن} الشرطية وجوبًا. {لَا} : ناهية جازمة. {تَدْخُلُوهَا} : فعل وفاعل ومفعول مجزوم بـ {لَا} الناهية. والجملة الفعلية في محل الجزم بـ {إن} الشرطية على كونها جوابًا لها. وجملة {إن} الشرطية مستأنفة. {حَتَّى} : حرف جر وغاية. {يُؤْذَنَ} : فعل مضارع منصوب، بأن مضمرة بعد حتى. {لَكُمْ}: جار ومجرور في محل الرفع نائب فاعل لـ {يُؤْذَنَ} . والجملة الفعلية في تأويل مصدر مجرور بـ {حَتَّى} ، بمعنى إلى. تقديره: إلى إذن أهلها لكم الجار والمجرور متعلق بـ {لَا تَدْخُلُوهَا} . {وَإِنْ} : {الواو} : عاطفة. {إن} : حرف شرط جازم. {قِيلَ} : فعل ماض مغير الصيغة في محل الجزم بإن الشرطية، على كونه فعل شرط لها. {لَكُمُ}: جار ومجرور متعلق بـ {قِيلَ} . {ارْجِعُوا} : فعل أمر، وفاعل مبني على

ص: 289

حذف النون. والجملة الفعلية في محل الرفع نائب فاعل لـ {قيل} . {فَارْجِعُوا} : {الفاء} : رابطة الجواب. {ارْجِعُوا} : فعل وفاعل. والجملة في محل الجزم، جواب {إن} الشرطية. وجملة {إن} الشرطية معطوفة على جملة {إن} الأولى. {هُوَ}: مبتدأ. {أَزْكَى} : خبر. {لَكُمْ} : متعلق به. والجملة الاسمية مستأنفة مسوقة لتعليل ما قبلها. {وَاللَّهُ} : مبتدأ. {بِمَا} : متعلق بـ {عَلِيمٌ} . وجملة {تَعْمَلُونَ} : صلة {ما} الموصولة. {عَلِيمٌ} خبر المبتدأ. والجملة الاسمية مستأنفة.

{لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ مَسْكُونَةٍ فِيهَا مَتَاعٌ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ (29)} .

{لَيْسَ} : فعل ماض ناقص. {عَلَيْكُمْ} : خبر {لَيْسَ} مقدم. {جُنَاحٌ} : اسمها مؤخر، وجملة {لَيْسَ}: مستأنفة. {أَنْ} : حرف نصب ومصدر. {تَدْخُلُوا} : فعل وفاعل، منصوب بـ {أَنْ} المصدرية. {بُيُوتًا}: مفعول به. {غَيْرَ مَسْكُونَةٍ} : صفة لـ {بُيُوتًا} . والجملة الفعلية في تأويل مصدر مجرور بحرف جر محذوف، تقديره: في دخولكم بيوتًا. والجار المحذوف، صفة لـ {جناح}. {فِيهَا}: خبر مقدم. {مَتَاعٌ} : مبتدأ مؤخر. {لَكُمْ} : صفة {مَتَاعٌ} . والجملة الاسمية في محل النصب، صفة ثانية لـ {بُيُوتًا}. {وَاللَّهُ}: مبتدأ. وجملة {يَعْلَمُ} : خبره، والجملة الاسمية مستأنفة. {ما}: موصولة في محل النصب مفعول به لـ {يَعْلَمُ} . {تُبْدُونَ} : فعل وفاعل صلة الموصول، والعائد محذوف، تقديره: ما تبدونه. {وَمَا تَكْتُمُونَ} : معطوف على {مَا تُبْدُونَ} . والله أعلم.

التصريف ومفردات اللغة

{الْإِفْكِ} : أبلغ ما يكون من الكذب والافتراء. وقيل: هو البهتان، لا تشعر به حتى يفجأك. وأصله الإفك؛ لأنه قول مأفوك عن وجهه؛ أي: مصروف عن وجهه كما مر في مبحث التفسير.

{عُصْبَةٌ} : والعصبة وكذا العصابة الجماعة، وكثر إطلاقها على العشرة فما

ص: 290

فوقها إلى الأربعين. {كِبْرَهُ} بكسر الكاف وضمها وسكون الباء؛ أي: معظمه فقد كان يجمعه ويذيعه ويشيعه.

{لَوْلَا} كلمة بمعنى: هلا تفيد التحضيض، والحث على فعل ما بعدها. {مُبِينٌ}؛ أي: ظاهر مكشوف {أَفَضْتُمْ} ؛ أي: خضتم في حديث الإفك.

{تَلَقَّوْنَهُ} ؛ أي: تتلفونه ويأخذه بعضكم من بعض. يقال: تلقى القول من فلان وتلقنه وتلقفه ولقفه إذا أخذ من لفظه وفهمه. وفي "الإرشاد" التلقي والتلقف والتلقن معان متقاربة، خلا أن في الأول: معنى الاستقبال، وفي الثاني معنى الخطف والأخذ بسرعة. وفي الثالث: معنى الحذق والمهارة اهـ. "أبو السعود". وفي "الشهاب"، الأفعال المذكورة متقاربة المعاني، إلا أن في التلقي معنى الاستقبال. وفي التلقن الحذق في التناول.

وفي التلقن الاحتيال فيه، كما ذكره الراغب. وقوله: معنى الاستقبال، المراد به المقابلة والمواجهة، كما في كتب اللغة.

{سُبْحَانَكَ} : تعجب ممن تفوه به. {بُهْتَانٌ} ؛ أي: كذب يبهت سامعه ويحيره لفظاعته. {يَعِظُكُمُ} ؛ أي: ينصحكم. {تَشِيعَ} : تنشر.

{خُطُوَاتِ} : جمع خطوة بفتح الخاء وضمها وسكون الطاء. وكل ما كان على وزن فعل بكسر الفاء أو فعل بفتح الفاء مع سكون العين فيهما. يجوز فيه إذا أردنا جمعه جمعًا مؤنثًا سالمًا، الإتباع والفتح والتسكين. فنقول في خطوة خطوات بضمتين، وخطوات بضم ففتح. وخطوات بضم فسكون والخطوة بضم الخاء في الأصل هي ما بين القدمين؛ أي: ما بين رجلي الخاطي. وبالفتح المرة الواحدة من الخطو، ثم استعمل اتباع الخطوات في الاقتداء، وإن لم يكن ثمة خطوٌّ.

يقال: اتبع خطوات فلان ومشى على عقبه، إذا استن بسنته، والمراد هاهنا، سيرة الشيطان وطريقته.

{الْفَحْشَاءِ} : الخصلة المفرطة في القبح، وهي الزنا. وفي "الروح"

ص: 291

والفحشاء والفاحشة: ما عظم قبحه عرفًا وعقلًا، سواء كان فعلًا أو قولًا.

{وَالْمُنْكَر} : ما ينكره الشرع. وقال أبو الليث: المنكر ما لا يعرف في شريعة ولا سنة. وفي "المفردات" المنكر كل شيء تحكم العقول الصحيحة بقبحه أو تتوقف في استقباحه العقول، وتحكم بقبحه الشريعة.

{زَكَى} : طهر من دنس الذنوب. {وَلَا يَأْتَلِ} : {لَا} : ناهية والفعل مجزوم بحذف الياء لأنه معتل بها كما مر يقال: ائتلى يأتلي بوزن انتهى ينتهي من الألية كهدية. ومعناها: الحلف. يقال: ألية وألايا بوزن هدية وهدايا اهـ. شيخنا. وفي "المختار" آلى يؤلي إيلاءً إذا حلف وتألى وائتلى مثله. قلت: ومنه قوله تعالى: {وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ} . والألية: اليمين. وجمعها ألايا اهـ. وعبارة "أبو السعود"{وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ} في الدين وكفى به دليلًا على فضل الصديق، والسعة في المال اهـ. فالفضل الزيادة في الدين، والسعة: الغنى.

{وَلْيَعْفُوا} عن ذنبهم. {وَلْيَصْفَحُوا} ؛ أي: ليعرضوا عن لومهم، فإن العفو أن يتجاوز عن الجاني. والصفح: أن يتناسى جرمه. وقيل: العفو بالفعل، والصفح بالقلب اهـ. زاده. وقال الراغب: الصفح: ترك التثريب، وهو أبلغ من العفو. وقد يعفو الإنسان ولا يصفح.

{الْغَافِلَاتِ} ؛ أي: السليمات الصدور، النقيات القلوب، اللاتي ليس فيهن دهاء ولا مكر؛ لأنهن لم يجربن الأمور، ولم يرَزَنَّ الأحوال، فلا يفطنَّ لما تفطن له بالمجرِّبات العرَّافات. قال الشاعر:

وَلَقَدْ لَهَوْتُ بِطِفْلَةٍ مَيَّالَةٍ

بَلْهَاءَ تُطْلِعُنِيْ عَلَى أَسْرَارِهَا

لهوت تلاهيت ولعبت بطفلة بالفتح؛ أي: امرأة ناعمة لينة. يقال: امرأة طفلة الأنامل؛ أي: رخصتها لينتها، ميالة مختالة وبلهاء، غافلة لا مكر عندها ولا دهاء، فلذلك تطلعني على ضمائرها. وقال في "التعريفات" الغفلة عن الشيء، هو أن لا يخطر ذلك بباله. اهـ.

ص: 292

{لُعِنُوا} ؛ أي: طردوا من رحمة الله في الآخرة، وعذبوا في الدنيا بالحد. {يُوَفِّيهِمُ} التوفية بذل الشيء وافيًا. والوافي الذي بلغ التمام. والدين الجزاء، ومنه (كما تدين تدان). {الْحَقَّ} الثابت الذي يحق لهم لا محالة. {أَنَّ اللَّهَ}؛ أي: وعده ووعيده. {هُوَ الْحَقّ} ؛ أي: العدل الذي لا جور فيه.

{وَرِزْقٌ كَرِيمٌ} قال الراغب: كل شيء يشرف في بابه، فإنه يوصف بالكرم، وقال بعضهم: الرزق الكريم: هو الكفاف الذي لا منّة فيه لأحد في الدنيا، ولا تبعة له في الآخرة.

{الْخَبِيثَاتُ} : وقال الراغب: الخبيث ما يكره رداءة وخساسةً محسوسًا كان إو معقولًا. وذلك يتناول الباطل في الاعتماد. والكذب في المقال، والقبيح في الفعال {وَالطَّيِّبَات}: وأصل الطيب ما يستلذه الحواس.

{حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا} ؛ أي: حتى تستأذنوا إذ بالاستئذان يحصل أنس أهل البيت، وبدونه يستوحشون، يشق عليهم الدخول. {تَذَكَّرُونَ}؛ أي: تتعظون. {أَزْكَى} ؛ أي: أطهر. {جُنَاحٌ} ؛ أي: خرج. {مَتَاعٌ} ؛ أي: حق تمتع ومنفعة، كإيواء الأمتعة والرحال.

البلاغة

وقد تضمنت هذه الآيات ضروبًا من البلاغة، وأنواعًا من الفصاحة والبيان والبديع:

فمنها: الطباق في قوله: {لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ} وكذلك قوله: {وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ} . فقد طابق بين الشر والخير، وبين الهين والعظيم.

ومنها: الالتفات عن الخطاب إلى الغيبة، وعن الضمير إلى الظاهر في قوله:{ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ} فإنه كان الأصل ظننتم. وفي قوله: قالوا: فإنه كان الأصل وقلتم.

وسياق الكلام أن يقال: لولا إذ سمعتموه ظننتم بأنفسكم خيرًا وقلتم. عدل

ص: 293

عن مقتضى السياق إلى ما قال مبالغةً في التوبيخ، وإشعارًا بأن الإيمان يقتضي ظن الخير بالمؤمنين والكف عن الطعن فيهم، وذب الطاعنين عنهم، كما يذبونهم عن أنفسهم. اهـ. "كرخي".

ومنها: التحضيض في قوله: {لَوْلَا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ} ؛ أي: هلا جاؤوا، وغرضه التوبيخ واللوم.

ومنها: الإبهام في قوله: {فِي مَا أَفَضْتُمْ} لتهويل أمره.

ومنها: المبالغة في قوله: {وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ} تعريضًا واشعارًا بأن هذه الإفك ليس إلا قولًا يجري على ألسنتكم، ويدور في أفواهكم، من غير ترجمة عن علمٍ به في القلب.

ومنها: التعجب في قوله: {سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ} ففيه تعجب ممن يقول ذلك والأصل في ذكر هذه الكلمة {سُبْحَانَكَ} أن يسبح الله تعالى، عند رؤية العجيب من صنائعه تنزيهًا له من أن يخرج مثله عن قدرته. ثم كثر حتى استعمل في كل متعجب منه.

ومنها: التقديم والتأخير في قوله: {وَلَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ} قدم الظرف لفائدة هامة، وهي بيان أنه كان من الواجب أن ينزجروا أول ما سمعوا بالإفك عن التكلم به، فلما كان ذكر الوقت أهم وجب التقديم.

ومنها: الاستعارة اللطيفة في قوله: {لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ} شبه سلوك طريق الشيطان، والسير في ركابه بمن يتتبع خطوات الآخر. خطوةً خطوةً بطريق الاستعارة التصريحية التبعية.

ومنها: الإيجاز بالحذف في قوله: {أَنْ يُؤْتُوا} ؛ أي: أن لا يؤتوا، حذفت منه لدلالة المعنى عليه، وهو كثير في اللغة.

ومنها: صيغة التعظيم في قوله: {أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ} والمراد به أبو بكر الصديق.

ص: 294

ومنها: العموم في قوله: {يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ} وإن كان الكلام مسوقًا في عائشة، والمقصود بذكرهن على العموم وعيد من وقع في عائشة على أبلغ الوجوه لأنه إذا كان هذا وعيد قاذف آحاد المؤمنات، فما الظن بوعيد من وقع في قذف سيدتهن.

ومنها: المجاز العقلي، في شهادة الأيدي والأرجل.

ومنها: الجناس الناقص بين {يَعْمَلُونَ} و {تَعْلَمُونَ} .

ومنها: المقابلة اللطيفة بين {الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ} ، {وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ} .

ومنها: الطباق بين {تُبْدُونَ} و {تَكْتُمُونَ} .

ومنها: الزيادة والحذف في عدة مواضع.

والله سبحانه وتعالى أعلم

* * *

ص: 295

قال الله سبحانه جلَّ وعلا:

{قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ (30) وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (31) وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (32) وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَنْ يُكْرِهْهُنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ (33) وَلَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ آيَاتٍ مُبَيِّنَاتٍ وَمَثَلًا مِنَ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ (34) اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (35) فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ (36) رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ (37) لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ (38) وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ (39) أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ (40)}

ص: 296

المناسبة

قوله تعالى: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ

} الآيات، مناسبة هذه (1) الآيات لما قبلها: أن الله سبحانه وتعالى لما نهى عن دخول البيوت إلا بعد الاستئذان والسلام على أهلها منعًا للقيل والقال والاطلاع على عورات الناس وأسرارهم .. أمر رسوله أن يرشد المؤمنين إلى غضّ البصر عن الحارم، لمثل السبب المتقدم، إذ ربما كان ذلك ذريعة إلى وقوع المقاصد وانتهاك الحرمات التي نهى الدين عنها.

قوله تعالى: {وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ

} الآيات، مناسبة هذه الآيات لما قبلها: أن الله سبحانه وتعالى، لما أمر بغضّ الأبصار، وحفظ الفروج ونحوهما، مما يفضي إلى السفاح .. أعقبه بالأمر بإنكاح الأيامى؛ لأنه الوسيلة لبقاء هذا النوع، وحفظ الإنساب الذي يستدعي مزيد الشفقة على الأولاد، وحسن تربيتهم، ودوام الألفة بينهم. ثم ذكر حكم من يعجز عن ذلك لعدم وجود المال لديه. ثم رغب في مكاتبة الأرقاء، ليصيروا أحرارًا في أنفسهم وفي أموالهم يتزوجون كما يشاؤون. وبعدئذ أردف ذلك بالنهي عن إكراه الإماء على الفجور - إن أردن العفة - ابتغاء ظل زائل من عرض الدنيا.

ثم ختم هذا، ببيان أنه أنزل عليكم في هذه السورة وفي غيرها، آيات مبينات لكل ما أنتم في حاجة إلى بيانه من أحكام وآداب وحدود زاجرة وعقوبات رادعة وقصص عجيبة من الماضين وأمثال مضروبة، لتكون عبرة وذكرى لكم.

قوله تعالى: {اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ

} الآية، مناسبة هذه الآية لما قبلها: أن الله سبحانه (2) لما ذكر أنه أنزل في هذه السورة آيات مبينات لكل ما يحتاج إليه الناس، في صلاح أحوالهم في معاشهم ومعادهم من الشرائع والأحكام والآداب والأخلاق .. بين أنه نور السماوات والأرض بما بث فيهما من الآيات الكونية، والآيات التي أنزلها على رسله دالة على وجوده ووحدانيته،

(1) المراغي.

(2)

المراغي.

ص: 297

وسائر صفاته من قدرة وعلم، إلى نحو أولئك، هادية إلى صلاح أمورهم في الدنيا والآخرة.

قوله تعالى: {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ

} الآيات، مناسبة هذه الآيات لما قبلها: أن الله سبحانه لما ذكر نوره لعباده، وهدايته إياهم على أتم الوجوه .. بين هنا حال من حصلت لهم الهداية بذلك النور، وذكر بعض أعمالهم القلبية والحسية.

قوله تعالى: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ

} الآيتين، مناسبة هاتين الآيتين لما قبلهما: أن الله سبحانه لما بين أحوال المؤمنين، وأنهم في الدنيا يكونون في نور الله، وبه يستمسكون بالعمل الصالح، وفي الآخرة يفوزون بالنعيم المقيم والثواب العظيم .. أردف ذلك ببيان حال أضدادهم وهم الكفار، فذكر أنهم يكونون في الآخرة في أشد الخسران والبوار، وفي الدنيا في ظلمات متراكمة بعضها فوق بعض. وضرب لكلتا الحالتين مثلًا يوضحها أتم الإيضاح والبيان.

أسباب النزول

قوله تعالى: {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ

} الآية، سبب نزول هذه الآية: ما (1) أخرجه ابن أبي حاتم عن مقاتل قال: بلغنا أن جابر بن عبد الله: حدث أن أسماء بنت مرثد كانت في نخل لها، فجعل النساء يدخلن عليها غير متأزرات، فيبدو ما في أرجلهن، يعني الخلاخل، وتبدو صدورهن وذوائبهن. فقالت أسماء: ما أقبح هذا. فأنزل في ذلك {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ

} الآية.

وأخرج ابن جرير عن حضرمي أن امرأة اتخذت صرتين من فضة، واتخذت جزعًا، فمرت على قوم، فضربت برجلها، فوقع الخلخال على الجزع، فصوت، فأنزل الله {وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ

} الآية.

(1) لباب النقول.

ص: 298