الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال عاصم بن بهدلة عن أبي دمثة: فإذا في نغضّي كنفه مثل بعرة البعير أو بيضة الحمامة.
وخرّج البيهقي من حديث عبد اللَّه بن ميسرة، حدثنا عتاب قال: سمعت أبا سعيد يقول: الخاتم الّذي بين كتفي النبي صلى الله عليه وسلم لحمة ناتئة.
وخرّج البيهقي من حديث سماك بن حرب عن سلامة العجليّ عن سلمان الفارسيّ قال: أتيت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فألقى إليّ رداءه وقال: يا سليمان إلى ما أمرت به، قال: فرأيت الخاتم بين كتفيه مثل بيضة الحمامة.
فصل جامع في صفة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم
روي أبو نعيم من حديث المسعودي عن عثمان بن عبد اللَّه بن هرمز عن نافع ابن جبير بن معطم عن علي رضي الله عنه قال: لم يكن رسول اللَّه بالطويل ولا بالقصير، وكان [ (1) ] شثن الكفين والقدمين، ضخم الرأس واللحية مشربا وجهه حمرة، ضخم الكراديس، طويل المسربة، إذا مشى يمشى قلعا كأنما ينحدر من صبب.
وفي رواية: إذا مشى تكفّأ تكفيا كأنما ينحط من صبب، لم أر قبله ولا بعده مثله صلى الله عليه وسلم.
وروي الفسوي من حديث عيسى بن يونس، حدثنا محمد بن عبد اللَّه مولى عفرة، قال: حدثني إبراهيم بن محمد من ولد على قال: كان علي إذا نعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: لم يكن بالطويل الممغط، ولا القصير المتردد، وكان ربعة من القوم، ولم يكن بالجعد القطط، ولا بالسبط، كان جعدا رجلا، ولم يكن بالمطهم ولا المكلثم، وكان في الوجه تدوير أبيض، مشرب أدعج العينين، أهدب الأشفار، جليل المشاش والكتف، أو قال الكتد، أجرد ذا مسربة، شثن الكفين والقدمين، إذا مشى تقلع كأنما يمشي في صبب، وإذا التفت التفت معا، بين كتفيه خاتم النبوة [ (2) ] ، أجود الناس كفا وأرحب الناس صدرا، وأصدق الناس لهجة، وأوفى
[ (1) ] في (خ)«وكاشثن» .
[ (2) ] في (خ)«بعد قوله: «خاتم النبوة» عبارة «خاتم النبيين» والسياق يقتضي حذفها.
الناس بذمة، وألينهم عريكة وأكرمهم عشرة، من رآه بديهة هابه، ومن خالطه معرفة أحبه، يقول ناعته: لم أر قبله ولا بعده مثله صلى الله عليه وسلم.
وفي رواية لم يكن بالطويل الممغط ولا القصير المتردد، لم يكن بالمطهم ولا المكلثم، أبيض مشرب، أدعج العينين، أهدب الأشفار، جليل المشاش والكتد، شثن الكفين والقدمين، دقيق المسربة، إذا مشى تقلع كأنما يمشي في صبب، وإذا التفت التفت معا، ليس بالسبط ولا بالجعد القطط.
وفي رواية: كان أزهر، ليس بالأبيض الأمهق، وفي رواية: كان في عينيه شكلة، وفي رواية: كان شبح الذراعين.
فالممغط:
الّذي ليس بالبائن الطويل، ولا القصير، وقيل: الممغط: الذاهب طولا، والمتردد: الّذي تردد خلقه بعضه على بعض، فهو مجتمع.
يقول: ليس هو كذلك، ولكن ربعة بين الرجلين، كما جاء في حديث آخر:
كان ضرب اللحم بين الرجلين.
والمطهم:
المنتفخ الوجه، وقيل الفاحش السّمن، وقيل النحيف الجسم، وقيل: الطهمة في اللون أن تتجاوز سمرته إلى السواد، والمكلثم: المدور الوجه، وقيل: هو القصير الحنك الداني الجبهة مع الاستدارة.
يقول: فليس كذلك، ولكنه مسنون، وقوله: مشرب أي شرب حمرته،
والأدعج العين:
الشديد سوادها، والجليل المشاش: العظيم رءوس العظام، مثل الركبتين والمرفقين، والكتد: الكاهل وما يليه من الجسد، وقيل: الكتد: مجمع الكتفين، وهو الكاهل.
وقوله: شثن الكفين والقدمين:
يعني أنهما إلى الغلظ. وقيل الشثن الغليظ الأصابع من الكفين والقدمين، وقوله إذا مشى تقلع كأنما يمشي في صبب: القلع:
أن يمشي بقوة، والصبب الانحدار، والقطط: الشديد الجعودة من أشعار الحبش، والسبط: الّذي ليس فيه تكسر، يقول: فهو جعد رجل، والأزهر الأبيض النير البياض، لا يخالط بياضه حمرة، والأمهق الشديد البياض الّذي لا يخالط بياضه شيء من الحمرة وليس بنيّر، ولكن كلون الجصّ أو نحوه، يقول: فليس هو كذلك.
والشكلة: كهيئة الحمرة تكون في بياض العين، والشهلة: حمرة في سواد العين، والمرهة: بياض لا يخالطه غيره، وأهدب الأشفار: يعني طويلها، وقوله:
شبح الذراعين: يعني عبل الذراعين عريضهما، والمسربة الشعر المستدق ما بين اللبة إلى السرة.
وقال يعلي بن عبيد عن مجمع بن يحيى الأنصاري عن عبد اللَّه بن فران عن رجل من الأنصار أنه سأل عليا رضي الله عنه عن نعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فقال: كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أبيض اللون مشربا حمرة، أدعج العينين، سبط الشعر ذو وفرة، دقيق المسربة، كأن عنقه إبريق فضة، من لبته إلى سرته شعر يجري كالقضيب، ليس في بطنه ولا صدره شعر غيره، شثن الكف والقدم، إذا مشى كأنما ينحدر من صبب، وإذا مشى كأنما يتقلع من صخر، وإذا التفت التفت جميعا، كأن عرقه اللؤلؤ، ولريح عرقه أطيب من المسك [][ (1) ] ، ليس بالطويل ولا بالقصير؟ لم أر قبله ولا بعده مثله صلى الله عليه وسلم.
وقال إبراهيم بن طهمان عن حميد الطويل عن أنس قال: لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم بالآدم ولا الأبيض الشديد البياض، فوق الربعة ودون البائن [ (2) ] الطويل، كان من أحسن ما رأيت من خلق اللَّه، وأطيبهم ريحا وألينهم كفا، ليس بالجعد الشديد الجعودة، وكان يرسل شعره إلى أنصاف أذنيه، وكان يتوكأ إذا مشى.
وقال عبد الرّزاق: أخبرنا معمر عن الزهري قال: سئل أبو هريرة عن صفة النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أحسن الناس صفة وأجملها، كان ربعة إلى الطول، ما هو بعيد ما بين المنكبين، أسيل الجبين، شديد سواد الشعر، أكحل العينين أهدب، إذا وطئ بقدمه وطئ بكلها، وليس أخمص، إذا وضع رداءه عن منكبه فكأنه سبيكة فضة، وإذا ضحك يتلألأ. لم أر قبله ولا بعده مثله صلى الله عليه وسلم.
وفي حديث أم معبد عاتكة بنت خالد بن خليف الخزاعية، رأيت رجلا ظاهر الوضاءة متبلج الوجه [ (3) ] ، حسن الخلق، لم تعبه ثجلة، ولا تزريه صقله، وسيما قسيما، في عينيه دعج، وفي أشفاره عطف، وفي صوته صحل [ (4) ] ، وفي عنقه
[ (1) ] مكان هذا البياض في (خ) كلمة ممجوجة لم أتبين معناها.
[ (2) ] في (خ)«البياض» .
[ (3) ] أي يشرق بالنور.
[ (4) ] صحل: بحة.
سطع، وفي لحيته كثافة، أزجّ أقرن، إن صمت فعليه الوقار، وإن تكلم سماه وعلاه البهاء، أجمل الناس وأبهاه من بعيد، وأحسنه، وأحلاه من قريب، حلو المنطق، فصل لا نذر ولا هدر، وكأن منطقه خرزات نظم يتحدرن، لا تشنؤه [ (1) ] من طول، ولا تقتحمه عين من قصر، غصنا بين غصنين، فهو أنضر الثلاثة منظرا، وأحسنهم قدرا، له رفقاء يحفون به، إن قال أنصتوا لقوله، وإن أمر تبادروا إلى أمره، محفود محشود، لا عابس ولا مفنّد صلى الله عليه وسلم، [وسيأتي] حديث أم معبد بطوله مشروحا عند ذكر المعجزات إن شاء اللَّه تعالى.
وخرّج الحافظ أبو يوسف يعقوب بن سفيان الفسوي [ (2) ] من حديث جميع بن عمر العجليّ، قال حدثني رجل بمكة عن ابن أبي هالة عن الحسن بن علي قال سألت خالي هند بن أبي هالة التميمي- وكان وصافا- عن حلية النبي صلى الله عليه وسلم وأنا أشتهى أن يصف لي منها شيئا أتعلق به، فقال كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فخما مفخما يتلألأ وجهه تلألؤ القمر ليلة البدر، أطول من المربوع، وأقصر من المشذّب، عظيم الهامة، رجل الشعر. إن انفرقت عقيصته فرق، وإلا فلا يتجاوز شعره شحمة أذنيه إذا هو وفّره، أزهر اللون، واسع الجبين، أزّج الحواجب سوابغ في غير قرن، بينهما عرق يدره الغضب، أقنى العرنين، له نور يعلوه، يحسبه من لم يتأمله أشمّ، كثّ اللحية، سهل الخدين، ضليع الفم، أشنب، مفلج الأسنان، دقيق المسربة، كأن عنقه جيد دمية في صفاء الفضة، أنور المتجرد، موصول ما بين اللبة والسّرة بشعر يجرى كالخط، عاري الثديين والبطن مما سوى ذلك، شثن الذراعين والمنكبين وأعلى الصدر، طويل الزندين، رحب الراحة، سبط العقب، شثن الكفين والقدمين، شائل الأطراف، خمصان الأخمصين، مسيح القدمين، ينبو عنهما الماء، فإذا زال زال قلعا، يخطو تكفيا، ويمشى هونا، ذريع المشية كأنما ينحط من صبب، وإذا التفت التفت جميعا، خافض الطرف، نظره إلى الأرض أطول من نظره إلى السماء، جلّ نظره الملاحظة، يسوق أصحابه ويبدأ من لقيه بالسلام، قلت: صف لي منطقه، قال: كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم متواصل الأحزان. دائم الفكرة، ليست له راحة، طويل السكوت، لا يتكلم في غير حاجة: يفتتح الكلام ويختتمه
[ (1) ] في (خ)«لا يأس» وما أثبتناه من (الشمائل المحمدية) ص 223.
[ (2) ](نسبة إلى فسا) من بلاد فارس (لسان الميزان) ج 6 ص 376 ترجمة رقم 265/ 9329.
بأشداقه، ويتكلم بجوامع الملك، فصلا لا فضول ولا تقصير، دمثا، ليس بالمجافي ولا المهين، يعظم النعمة وإن دقّت، ولا يذم منها شيئا، غير أنه لم يكن يذم ذواقا [ (1) ] ، ولا يمدحه، ولا تغضبه الدنيا ولا ما كان لها، فإذا تعوطي الحق لم يعرفه أحد ولم يكن يغضبه شيء حتى ينتصر له، لا يغضب لنفسة ولا ينتصر لها، إذا أشار أشار بكفه كلها: وإذا تعجب قلبها، وإذا تحدث اتصل بها، فيضرب بباطن راحته اليمنى باطن إبهامه اليسرى، وإذا غضب أعرض وأشاح، وإذا فرح غضّ طرفه، جلّ ضحكه التبسم، يفتر عن مثل حبّ الغمام.
قال الحسن: فكتمها الحسين زمانا ثم حدثنيه فوجدته قد سبقني إليه. فسأله عما سألته. فوجدته قد سأل (يعني عليا) رضي الله عنه عن مدخله ومخرجه، وشكله فلم يدع منه شيئا.
قال الحسين عليه السلام سألت أبا هريرة عن دخول رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فقال: كان دخوله لنفسه مأذونا له في ذلك، فكان إذا أوى إلى منزله جزّأ دخوله ثلاثة أجزاء، جزءا للَّه عز وجل، وجزءا لأهله، وجزءا لنفسه، ثم جزءا جزأة بينه وبين الناس، فيرد ذلك على العامة بالخاصة ولا يدخر عنهم شيئا.
وكان من سيرته في جزء الأمة إيثار أهل الفضل بإذنه وقسمه [ (2) ] على قدر فضلهم في الدين، فمنهم ذو الحاجة، ومنهم ذو الحاجتين، ومنهم ذو الحوائج، فيتشاغل بهم ويشغلهم فيما أصلحهم والأمة من مسألته عنهم، وإخبارهم بالذي ينبغي لهم. ويقول: ليبلغ الشاهد الغائب، وأبلغوني حاجة من لا يستطيع إبلاغي حاجته، فإنه من أبلغ سلطانا حاجة من لا يستطيع إبلاغها إياه ثبّت اللَّه قدميه يوم القيامة، لا يذكر عنده إلا ذلك، ولا يقبل من أحد غيره، يدخلون عليه روادا ولا يفترقون إلا عن ذواق، ويخرجون أدلة (يعني فقهاء)[ (3) ] .
قال: وسألته عن مخرجه كيف كان يصنع فيه؟ فقال: كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يخزن لسانه [ (4) ] إلا فيما [ (5) ] يعينهم ويؤلفهم ولا ينفرهم، ويكرم كريم كل قوم ويوليه
[ (1) ] الذواق (بفتح الذال وتخفيف الواو) المأكول والمشروب.
[ (2) ] في (خ)«وقسمته» وما أثبتناه من (صفة الصفوة) ج 1 ص 158.
[ (3) ] كذا في (خ) ، وفي المرجع السابق «يعني على الخير» .
[ (4) ] في (خ)«يحزن» ، وما أثبتناه من المرجع السابق.
[ (5) ] في (خ)«مما» ، وما أثبتناه من المرجع السابق.
عليهم، ويحذر الناس ويحترس منهم من غير أن يطوى عن أحد بشره ولا خلقه، يتفقد أصحابه ويسأل الناس عما في الناس [ (1) ] ، ويحسّن الحسن ويقويه، ويقبّح القبيح ويوهنه، معتدل الأمر، غير مختلف، ولا يغفل مغافة أن يغفلو أو يميلوا، لكل حال عنده عتاد، لا يقصر عن الحق ولا يجوزه [ (2) ] الذين يلونه من الناس، خيارهم وأفضلهم عنده أعمهم نصيحة، وأعظمهم عنده منزلة أحسنهم مؤاساة ومؤازرة.
قال: فسألته عن مجلسه كيف كان يصنع فيه؟ فقال: كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لا يجلس ولا يقوم إلا على ذكر. ولا يوطن الأماكن وينهي عن إيطانها [ (3) ] ، وإذا انتهى إلى قوم جلس حيث ينتهي به المجلس ويأمر بذلك، يعطي كل جلسائه نصيبه، ولا يحسب جليسه أن أحدا أكرم عليه منه، ومن جالسه أو قاومه في حاجة صابره، حتى يكون هو المنصرف، ومن سأله حاجة لم يردّه إلا بها أو بميسور من القول، قد وسع الناس من بسطه وخلقه، فصار لهم أبا. وصاروا عنده في الحق متقاربين، متفاضلين بالتقوى متواضعين، يوقرون فيه الكبير، ويرحمون الصغير، ويؤثرون ذا الحاجة ويحفظون الغريب.
قال: قلت: كيف كانت سيرته في جلسائه؟ قال: كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم دائم البشر سهل الخلق لين الجانب ليس بفظ ولا غليظ، ولا صخاب [ (4) ] ولا فحاش ولا عيّاب ولا مدّاح، يتغافل عما لا يشتهي. ولا يؤيس [ (5) ] منه، ولا يخيّب فيه مؤمليه [ (6) ]، قد ترك نفسه من ثلاث: المراء، والإكثار، وما لا يعنيه، وترك الناس من ثلاث: لا يذم أحدا، ولا يعيّره، ولا يطلب عورته، ولا يتكلم إلا فيما رجا ثوابه، إذا تكلم أطرق جلساؤه كأنما على رءوسهم الطير، فإذا سكت تكلموا، ولا يتنازعوا عنده الحديث، من تكلم أنصتوا له حتى يفرغ، حديثهم
[ (1) ] كذا في (خ) وفي المرجع السابق «ما في أيدي الناس» .
[ (2) ] كذا في (خ) ، وفي المرجع السابق «يجاوزه» .
[ (3) ] إيطان المكان: التعود على الجلوس في مكان بعينه.
[ (4) ] الصخّاب والسخّاب: بمعني، وهو الصياح.
[ (5) ] في (خ)«يواس» وما أثبتناه من (صفة الصفوة) ج 1 ص 160.
[ (6) ] في (خ)«ولا يجب فيه» وما أثبتناه من (صفة الصفوة) ج 1 ص 160.
عنده حديث أوليهم [ (1) ] ، يضحك مما يضحكون منه، ويتعجب مما يتعجبون منه، ويصبر للغريب على الجفوة في منطقه ومسألته [ (2) ] ، حتى كان أصحابه ليستجلبوهم [ (3) ][في المنطق][ (4) ] ، ويقول. إذا رأيتم طالب الحاجة يطلبها فأرفدوه، ولا يقبل الثناء إلا من مكافئ [ (5) ] ، ولا يقطع على أحد حديثه حتى يجوز فيقطعه بنهي أو قيام [ (6) ] .
قال: سألته كيف كان سكوته؟ قال: كان سكوت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم على أربع: الحلم، والحذر، والتقدير، والتفكير، فأما تقديره ففي تسويته النظر، والاستماع بين الناس، وأما تذكره- أو قال: تفكره- ففيم يبقى ويغنى [ (7) ] .
وجمع له صلى الله عليه وسلم الحلم والصبر، فكان لا يغضبه شيء ولا يستفزه، وجمع له الحذر في أربع: أخذه بالحسن ليقتدى به، وتركه القبيح لينتهي عنه، واجتهاد الرأى فيما أصلح أمته، والقيام لهم فيما جمع لهم أمر الدنيا والآخرة صلى الله عليه وسلم.
وحديث جميع بن عمرو قال: حدثني رجل من بني تميم من ولد أبي هالة زوج خديجة يكنى أبا عبد اللَّه عن ابن أبي هالة لم يسم، عن الحسن بن علي قال:
سألت خالي هند بن أبي هالة- وكان وصّافا- عن حلية رسول اللَّه فقال: كان رسول اللَّه فخما مفخما. (الحديث. هكذا رواه الترمذي في الشمائل، والطبراني في معجمه الكبير، ورواه العقيلي في الضعفاء من طريق مجمع بن عمر، حدثنا يزيد ابن عمر التميمي عن أبيه عن الحسن،
فبين ذلك المبهمين في الإسناد الأول.
والفخم المفخّم:
العظيم المعظم في العيون والصدور، أي كان جميلا مهيبا عند الناس.
والمشذب: الطويل البائن الطول مع نقص في لحمة، أي ليس بنحيف طويل، بل طوله وعرضه متناسبان على أتم صفة.
[ (1) ] كذا في (خ)«وفي المرجع السابق «أولهم» .
[ (2) ] أي إنه يصبر على ما يبدو من الغريب من غلظة في كلامه وسؤاله.
[ (3) ] كذا في (خ) ، وفي (صفة الصفوة)«ليستجلبونهم» .
[ (4) ] ما بين القوسين ليس في (صفة الصفوة) .
[ (5) ] في (خ)«مكلف» وما أثبتناه من المرجع السابق ومن (النهاية لابن الأثير) .
[ (6) ] رواه (الترمذي)
[ (7) ] هذه الفقرة من (الطبراني) زيادة عن رواية (الترمذي) .
والشعر الرّجل الّذي ليس شديد الجعودة ولا شديد السبوطة، بل بينهما، والعقيصة: الشعر المجموع كهيئة المضفور، والعقيقة: الشعر الّذي يخرج على رأس الصبي حين يولد وسمي الشعر عقيقة لأنه منها ونباته من أصولها، وقيل العقيقة هنا تصحيف، وإنما هي العقيصة.
والأزهر: الأبيض المستنير، وهو أحسن الألوان، وليس بالشديد البياض.
الزّجج: وهو دقة الحاجبين وسبوغهما إلى محاذاة آخر العين مع تقوس، والقرن: أن يلتقي طرفاهما مما يلي أعلى الأنف، وهو محمود عند العرب، ويستحبون البلج وهو بياض ما بين رأسيهما وخلوة في صفته عليه السلام، دون أن حاجبيه قد سبغا وامتدا حتى كادا يلتقيان فيه ولم يلتقيا، ونفي القرن هو الصحيح في صفته عليه السلام، دون ما وصفته به أم معبد، ويمكن أن يقال: لم يكن بالأقرن، ولا بالأبلج حقيقة، بل كان بين حاجبيه فرجة كبيرة، لا تتبين إلا لمن حقق النظر إليها، كما ذكر في صفة أنفه فقال: يحسبه من لم يتأمله أشمّ ولم يكن أشم.
والسوابغ: جمع سابغ، وهو التام الطويل، ويدرّه الغضب، أي يحركه ويظهره، كان إذا غضب امتلأ ذلك العرق دما كما يمتلى الضرع لبنا إذا درّ، فيظهر ويرتفع.
والعرنين: الأنف، والقنا: طول الأنف ودقة أرنبته مع ارتفاع في وسط قصبته، والشمم: ارتفاع رأس الأنف وإشراف الأرنبة قليلا، واستواء أعلى القصبة، أي كان يحسب لحسن قناة قبل التأمل أشم، فليس قناؤه بفاحش مفرط، بل يميل إلى الشمم.
والشعر الكث: الكثيف المتراكب من غير طول ولا رقة، وسهل الخدين:
أي ليس في خديه نتوء وارتفاع، وقيل: أراد أن خديه أسيلان قليلا اللحم رقيقا الجلدة.
والضليع الفم: العظيم الواسع، وكانوا يذمون صغر الفم، وقال أبو عبيد:
أحسبه جله في الشفتين، وغلظة فيهما.
والشنب: رقة الأسنان ودقتهما، وتحدد أطرافهما، وقيل: هو بردهما وعذوبتهما.
والفلج: تباعد ما بين الثنايا والرباعيات، والمسربة: ما دق من شعر الصدر مائلا إلى السرة.
والجيد: العنق، والدمية الصورة المصورة في جدار أو غيره.
واعتدال الخلق: تناسب الأعضاء والأطراف، وأن لا تكون متباينة في الدقة والغلظ، والصّغر والكبر، والطول والقصر.
والبادن: الضخم التام اللحم، والمتماسك: الّذي لحمه ليس بمسترخ ولا بعضه بعضا، لأن الغالب على السّمن الاسترخاء.
قوله: سواء البطن والصدر: أي متساويهما، يعني أن بطنه غير خارج، فهو مساو لصدره، وصدره عريض فهو مساو لبطنه.
والمنكبان: أعلا الكتفين، وبعد ما بينهما يدل على سعة الصدر والظهر، والكراديس: جمع كردوس، وهو رأس كل عظم كبير، وملتقى كل عظمتين ضخمتين كالمنكبين والمرفقين، والوركين والركبتين، ويريد به ضخامة الأعضاء وأغلظها.
والمتجرد ما كشف عنه الثوب من اليدين، يعني أنه كان مشرق الجسد، نيّر اللون، فوضع الأنور موضع النيّر.
والأشعر: الّذي عليه الشعر من البدن، واللبة (بفتح اللام) الوهدة في أعلى الصدر وفي أسفل الحلق بين الترقوتين.
وقوله: عاري الثديين والبطن مما سوى ذلك، أي أن ثدييه وبطنه ليس عليهما شعر سوى المسربة المقدم ذكرها، الّذي جعله جاريا كالخط.
والزندان: العظمان اللذان يليان الكف من الذراع، رأس أحدهما يلي الإبهام، ورأس الآخر يلي الخنصر.
والراحة: الكف، ورحبها: سعتها، وهو دليل الجود، والشثن: الغليظ الأطراف والأصابع وكونها سائلة أي ليست بمتعقدة ولا متجعدة، فهي مع غلظتها سهلة سبطة.
والقصب: جمع القصبة، وهي كل عظم أجوف فيه مخ، والسبط: الممتد في استواء ليس فيه تعقد ولا نتوء.
والأخمص من القدم: الموضع الّذي لا يصل إلى الأرض منها عند الوطء، والخمصان: المبالغ منه، أي أن ذلك الموضع منه شديد التجافي عن الأرض. وسئل ابن الأعرابي عنه فقال: إذا كان خمص الأخمص بقدر لم يرتفع جدا ولم يسو أسفل القدم جدا فهو أحسن ما يكون، وإذا استوى أو ارتفع جدا فهو ذم.
فيكون المعنى حينئذ: معتدل الخمص بخلاف الأولى، وكلا القولين متجه يحتمله اللفظ، ومسيح القدمين: أي أن ظاهرهما ممسوح غير متعقد، فإذا صب عليهما الماء مرّ سريعا لملامستهما فينبو عنهما الماء ولا يقف، يقال: نبا الشيء ينبو [ (1) ] إذا تباعد.
وقال الهروي: أراد أنهما ملساوان: ليس فيهما وسخ ولا شقاق ولا تكسر، فإذا أصابهما الماء نبا عنهما.
وقوله: إذا زال زال قلعا كأنما ينحط من صبب، والانحدار من صبب والتقلع من الأرض قريب بعضه من بعض. أراد أنه كان يستعمل التثبت، ولا يبين منه في هذه الحال استعجال ومبادرة شديدة.
وفي حديث آخر: إذا مشى تقلّع، أراد به قوة المشي وأنه كان يرفع رجليه من الأرض رفعا قويا، لا كمن يمشى اختيالا، ويقارب خطوه، فإن ذلك من مشى النساء.
والتكفؤ: تمايل الماشي إلى قدام كالغصن إذا هبت به الريح، والهون: المشي في رفق ولين غير مختال ولا معجب-، والذريع: السريع، أي أنه كان واسع الخطو فيسرع مشيه، وربما يظن أن هذا ضد الأول. ولا تضاد فيه، لأن معناه أنه كان مع تثبته في المشي يتابع الخطوات ويوسعها فيسبق غيره.
والصّبب: الموضع المنحدر من الأرض، وذلك دليل سرعة مشيه، لأن المنحدر لا يكاد يثبت في مشيه.
[ (1) ] في (خ)«ينبوا» .
وفي رواية كأنما يهوي من صبوب بضم الصاد: جمع صبب، وهو المنحدر من الأرض، وبفتح الصاد: اسم لما يصب على الإنسان من ماء غيره، وهو يهوي:
إذا نزل من موضع عال.
وقوله: وإذا التفت التفت جميعا: أي لم يكن يلوي عنقه، ورأسه إذا أراد أن يلتفت إلى ورائه، فعل الطائش العجل، إنما يدير بدنه كله وينظر، وقيل: أراد أن لا يسارق النظر، وخفض الطرف ضد رفعه، وجلّ الشيء معظمه والملاحظة:
أن ينظر بلحظ عينيه وهو شقها الّذي يلي الصدغ والأذن. ولا يحدق [ (1) ] إلى الشيء تحديقا.
والطرف العين. وكانت الملاحظة معظم نظره وأكثره، وهو دليل الحياء والكرم. ويسوق أصحابه: أي يقدمهم أمامه، ويمشي وراءهم، والسكت:
السكوت، وجوامع الكلم: القليلة الألفاظ الكثيرة المعاني، جمع جامعة وهي اللفظة الجامعة للمعاني، والقول الفصل: هو البين الظاهر المحكم الّذي لا يعاب قائله، وحقيقته الفاصل بين الحق والباطل، والخطأ والصواب.
والفضول من الكلام: ما زاد عن الحاجة وفضل، ولذلك عطف عليه (ولا تقصير)، والدمث: السهل اللين الخلق، والجافي: المعرض المتباعد عن الناس، وقيل: الغليظ الخلقة والطبع، والمهين (بضم الميم) من الإهانة وهي الإذلال والإطراح، أي لا يهين أحدا من الناس، و (بفتح الميم) من المهانة وهي الحقارة والصغر.
ويعظم النعمة: أي لا يستصغر شيئا أوتيه وإن كان صغيرا، والذّواق: اسم لما يذاق باللسان، أي لا يصف الطعام بطيب ولا بشاعة، وقالوا: وقوله: تعوطي الحق لم يعرفه أحد، أي إذا نيل من الحق أو أهمل أو تعرض للقدح فيه، تنكر عليهم وخالف عادته معهم، حتى لا يكاد يعرفه أحد منهم، ولا يثبت لغضبه شيء حتى ينتصر للحق.
وقوله: إذا تحدث اتصل بها، أي أنه كان يشير بكفه إلى حديثة، وتفسير، «قوله فيضرب بباطن راحته اليمني باطن إبهامه اليسرى، وأشاح» : إذا بالغ في
[ (1) ] نحوه في (مسلم بشرح النووي) ج 15 ص 69.
الإعراب وجدّ فيه. المشيح المبالغ في كل أمر، أي إذا غضب لم يكن ينتقم ويؤاخذ.
بل يقنع بالإعراض عمن أغضبه» .
وغض الطرف عند الفرح دليل على نفي البطر والأشر، والتبسم: أقل من الضحك، ويفتر: أي يكشف عند التبسم عن أسنانه من غير قهقهة. وحب الغمام: البرد، وقوله: فيرد ذلك على العامة بالخاصة: أرد أن العامة كانت لا تصل إليه في هذا الوقت، وكانت الخاصة تخبر العامة بما سمعت منه فكأنه أوصل الفوائد إلى العامة بالخاصة، وقيل أن الباء في الخاصة تخبر العامة: بمعنى من، أي فجعل وقت العامة بعد وقت الخاصة وبدلا منهم.
والرّوّاد: جمع رائد، وهو الّذي يتقدم القوم. يكشف لهم حال الماء والمرعى قبل وصولهم، ويخرجون أدلة: أي يدلون الناس بما قد علموه منه وعرفوه. يريد أنهم يخرجون من عنده فقهاء.
ومن قال أذلة (بذال معجمة) فيكون جمع ذليل، أي يخرجون من عنده متواضعين، وقوله: لا يفترقون إلا عن ذواق: ضرب الذواق مثلا لما ينالون عنده من الخير، أي لا يفترقون إلا عن علم يتعلمونه يقوم لهم مقام الطعام والشراب، لأنه يحفظ الأرواح كما يحفظ الأجسام.
وقوله: لا تؤبن فيه الحرم: أي لا تقذف وترمي بعيب، والحرم: جمع حرمة، وهي المرأة. ولا تنثى فلتاته: أي لا يتحدث عن مجلسه بهفوة أو زلة إن حدثت فيه من بعض القوم، يقال: نتوت الحديث إذا أذعته. والفلتات جمع فلتة، وهي الزلة والسقطة.
وقيل معناه: أنه لم يكن فيه فلتات فتنثى. والبشر: طلاقة الوجه وبشاشته.
والفظ: السيء الخلق. والسخاب فعال من السخب، وهو الضجة واختلاط الأصوات.
والخصّام والفحّاش والعيّاب: فعال من الفحش في القول وعيب الناس والوقيعة بينهم.
وقوله: لا يقبل الثناء إلا من مكافئ: يريد أنه كان إذا ابتدأ بثناء ومدح كره ذلك، وإذا اصطنع معروفا فأثني عليه، هش وشكر له قبل ثنائه.