الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أكل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم النّقي؟ قال [سهل][ (1) ] ما رأى رسول اللَّه النّقىّ من حين ابتعثه اللَّه حتى قبضه اللَّه، قال: قلت: فهل كانت لكم في عهد رسول اللَّه مناخل؟
قال: ما رأى رسول اللَّه منخلا من حين بعثه اللَّه حتى قبضه اللَّه، قال: فكيف كنتم تأكلون الشعير غير منخول؟ قال: كنا نطعنه وننفخه فيطير [ما طار وما بقي ثرّيناه فأكلناه][ (1) ] .
وأمّا تبسّمه [ (2) ] صلى الله عليه وسلم
فقد قالت عائشة رضي الله عنها: ما رأيت النبي صلى الله عليه وسلم مستجمعا قط ضاحكا حتى أرى منه لهواته، إنما كان يتبسم [ (3) ] .
وخرج الإمام أحمد من حديث ابن لهيعة، عن عبد اللَّه بن المغيرة قال: سمعت عبد اللَّه بن الحارث بن جزء يقول: ما رأيت أحدا كان أكثر تبسما من رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم [ (4) ] .
وخرّج ابن حبان من حديث عبد الحميد بن زياد بن صهيب، عن أبيه عن صهيب قال: ضحك رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه [ (5) ] .
[ (1) ] زيادة من المرجع السابق.
[ (2) ] بسم، يبسم بسما وابتسم وتبسّم: وهو أقلّ الضّحك وأحسنه. وفي التنزيل: فَتَبَسَّمَ ضاحِكاً مِنْ قَوْلِها (19/ النمل) . قال الزّجّاج: التبسم أكثر ضحك الأنبياء عليهم الصلاة والسلام. وقال الليث: يبسم بسما إذا فتح شفتيه كالمكاشر، وامرأة بسّامة ورجل بسّام. وفي صفته صلى الله عليه وسلم: أنه كان جلّ ضحكه التّبسّم. (لسان العرب) ج 12 ص 50.
[ (3) ](المستدرك) ج 2 ص 456، حديث رقم (3700/ 837) : حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا بحر بن نصر، حدثنا ابن وهب، أخبرني عمرو بن الحارث أن أبا النضر حدّثه، عن سليمان بن يسار، عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها قالت:«ما رأيت رسول اللَّه قط مستجمعا ضاحكا حتى أرى منها لهواته، إنما كان يبتسم» . قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه بهذه السياقة. واللهوات: جمع لهاة، وهي اللحمة المشرفة على الحلق أو ما بين منقطع أصل اللسان إلى منقطع القلب من أعلى الفم. (ترتيب القاموس) ج 2 ص 179.
[ (4) ](مسند أحمد) ج 5 ص 212، حديث رقم (17261) .
[ (5) ](الإحسان) ج 16 ص 318، حديث رقم (7325)، (7326) فأما الحديث الأول:
«أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى، قال: حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا جرير، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد اللَّه قال: جاء رجل من أهل الكتاب إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فقال: إن اللَّه يمسك السماوات على إصبع، والماء والثرى على إصبع، والخلائق كلها على إصبع، ثم يقول: أنا الملك، فضحك رسول اللَّه حتى بدت نواجذه، ثم قرأ هذه الآية: وَما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعاً
وخرج من حديث بقية، عن حبيب بن عمر الأنصاري، عن شيخ يكنى أبا عبد اللَّه الصمد، قال: سمعت أم الدرداء [ (1) ] تقول:
[ () ] قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَالسَّماواتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ (67/ الزمر) ، أخرجه البخاري في التوحيد (7415) ، ومسلم في صفة القيامة (2786) .
إسناده صحيح على شرط الشيخين، أبو خيثمة: هو زهير بن حرب، وجرير: هو ابن عبد الحميد، وإبراهيم: هو ابن يزيد النخعي، وعلقمة: هو ابن قيس النخعي.
وأما الحديث الثاني: أخبرنا عبد اللَّه بن محمد الأزدي، قال: حدثنا إسحاق بن إبراهيم، قال: أخبرنا جرير، عن منصور، عن إبراهيم، عن عبيدة، عن عبد اللَّه قال: جاء حبر من اليهود إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول اللَّه، إذا كان يوم القيامة جعل اللَّه السماوات على إصبع، ثم يهزّهنّ، ثم يقول: أنا الملك، فلقد رأيت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ضحك حتى بدت نواجذه تعجبا لما قال اليهوديّ تصديقا له، ثم قرأ وَما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ أخرجه البخاري في التوحيد (7513) ، ومسلم في صفة القيامة (2786) إسناده صحيح على شرط الشيخين، ومنصور هو ابن المعتمر، وعبيدة: هو ابن عمرو السلماني.
وأخرجه أحمد (1/ 457) ، والبخاري (4811) في تفسير سورة الزمر، باب قوله تعالى:
وَما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ
والنواجذ: من الأسنان الضواحك، وهي التي تبدو عند الضحك، والأكثر الأشهر أنها أقصى الأسنان، والمراد الأول، إنه ما كان يبلغ به الضحك حتى تبدو أواخر أضراسه، كيف وقد جاء في صفة ضحكه صلى الله عليه وسلم: جلّ ضحكه التبسم؟ وإن أريد بها الأواخر، فالوجه فيه أن يريد مبالغة مثله في ضحكه، من غير أن يراد ظهور نواجذه في الضحك، وهو أقيس القولين لاشتهار النواجذ. بأواخر الأسنان، ومنه حديث عمر رضي الله عنه: ولن يلي الناس كقرشيّ عضّ على ناجذه أي صبر وتصلّب في الأمور، ومنه حديث العرباض: عضوا عليها بالنواجذ، أي تمسكوا بها كما يتمسك العاضّ بجميع أضراسه. (لسان العرب) ج 3 ص 513- 514.
[ (1) ] هي خيرة بنت أبي حدرد، أم الدرداء الكبرى، سماها أحمد بن حنبل، ويحيى بن معين فيما رواه ابن أبي خيثمة عنهما، وقالا: اسم أبي حدرد «عبد» وقال: أم الدرداء الصغرى اسمها هجيمة، وقال غيرهما:
جهيمة.
وقال أبو عمر: كانت أم الدرداء الكبرى من فضلى النساء وعقلائهن، وذوات الرأي فيهن، مع العبادة والنسك، توفيت قبل أبي الدرداء بسنتين، وذلك بالشام في خلافة عثمان رضي اللَّه تعالى عنه، وكانت حفظت عن النبي صلى الله عليه وسلم، وعن زوجها.
روى عنها جماعة من التابعين، منهم: ميمون بن مهران، وصفوان بن عبد اللَّه، وزيد بن أسلم.
قال عليّ بن المديني: كان لأبي الدرداء امرأتان كلتاهما يقال لها أم الدرداء: إحداهما رأت النبي صلى الله عليه وسلم، وهي خيرة بنت أبي حرد، والثانية تزوجها بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، وهي هجيمة الوصابية.
كان أبو الدرداء [ (1) ] إذا حدّث حديثا تبسّم، فقلت: لا يقول الناس إنك أي أحمق، فقال: ما رأيت أو ما سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يحدث حديثا إلا تبسم.
[ () ] وأورد ابن مندة لأم الدرداء حديثا مرفوعا، من طريق شريك، عن خلف بن حوشب، عن ميمون بن مهران، قال: قلت لأم الدرداء: سمعت من النبي صلى الله عليه وسلم شيئا؟ قالت: نعم، دخلت عليه وهو جالس في المسجد، فسمعته يقول:«ما يوضع في الميزان أثقل من خلق حسن» .
وأخرج الطبراني من طريق زبّان بن فائد، عن سهل بن معاذ بن أنس، عن أبيه، أنه سمع أم الدرداء تقول: خرجت من الحمام فلقيني رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فقال: من أين أقبلت يا أم الدرداء؟ قلت: من الحمام، قال: ما منكن امرأة تضع ثيابها في غير بيت إحدى أمهاتها أو زوج، إلا كانت هاتكة كل ستر بينها وبين اللَّه.
وسنده ضعيف جدا.
(الإصابة) : ج 7 ص 629- 631، ترجمة رقم (11137)، (الاستيعاب) : ج 4 ص 1934 ترجمة رقم (4150) .
[ (1) ] هو عمير بن عامر، ويقال: عويمر بن قيس بن زيد، وقيل: عويمر بن ثعلبة بن عامر بن زيد بن قيس بن أمية بن مالك بن عامر بن عديّ بن كعب بن الخزرج بن الحارث بن الخزرج، أبو الدرداء الأنصاري، هو مشهور بكنيته.
وقد قيل في نسبه: عويمر بن زيد بن قيس بن عائشة بن أمية بن مالك بن عامر بن عدي بن كعب بن الخزرج بن الحارث بن الخزرج.
وقيل: إن اسمه عامر، وصغّر، فقيل عويمر. وقال ابن إسحاق: أبو الدرداء عويمر بن ثعلبة من بني الحارث بن الخزرج.
وقال إبراهيم بن المنذر: أبو الدرداء اسمه عويمر بن ثعلبة بن زيد بن قيس بن عائشة بن أمية بن مالك بن عامر بن عديّ بن كعب بن الخزرج. وأمّه: محبّة بنت واقد بن عمرو بن الإطنابة بن عامر بن زيد مناة بن مالك بن ثعلبة بن كعب.
وقيل: أمه واقدة بنت واقد بن عمرو بن الإطنابة.
شهد أحدا وما بعدها من المشاهد، وقد قيل: إنه لم يشهد أحدا لأنه تأخر إسلامه، وشهد الخندق وما بعدها من المشاهد.
كان أبو الدرداء أحد الحكماء، العلماء، الفضلاء.
روى ابن عبد البرّ: لما حضرت معاذا الوفاة قيل له: يا أبا عبد الرحمن، أوصنا، قال: أجلسوني، إن العلم والإيمان مكانهما من ابتغاهما وجدهما، يقولها ثلاث مرات- التمسوا العلم عند أربعة رهط: عند عويمر أبي الدرداء، وسلمان الفارسيّ، وعبد اللَّه بن مسعود، وعبد اللَّه بن سلام، الّذي كان يهوديا فأسلم، فإنّي سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: إنه عاشر عشرة في الجنة.
وفي رواية: كان أبو الدرداء لا يحدث بحديث إلا تبسم، فقالت له: إني أخشى أن يحمّقك الناس، فقال: كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لا يحدث بحديث إلا تبسّم [ (1) ] .
ومن حديث الزهري عن حميد بن عبد الرحمن عن أبي هريرة قال: ضحك رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم حتى بدت أنيابه. وكذا من حديث وهب بن جرير، أخبرنا أبي قال: سمعت ابن إسحاق عن هشام بن عروة عن أبيه قال: أقبل أعرابي على ناقة له حتى أناخ بباب المسجد، فدخل على نبي اللَّه وحمزة بن عبد المطلب جالس في نفر من المهاجرين والأنصار، فيهم النعيمان، فقالوا للنعيمان: ويحك! إن ناقته نادية أي سمينة، فلو نحرتها فإنا قد قدمنا إلى اللحم، ولو فعلت عزمها رسول اللَّه وأكلنا لحمها، فقال: إني إن فعلت ذلك وأخبرتموه وجد عليّ، قالوا: إلا تفعل!! فقام،
[ () ] عن أبي الدرداء قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم «أنا أفرطكم على الحوض، فلا ألفينّ ما نوزعت في أحدكم فأقول: هذا مني، فيقال: إنك لا تدري ما أحدث بعدك، فقلت: يا رسول اللَّه، أدع اللَّه ألا يجعلني منهم، قال: لست منهم» .
فمات قبل عثمان رضي الله عنه بسنتين.
ولهذا الحديث قريب منه
في (مسند أحمد) : من حديث عبد اللَّه بن مسعود قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم «أنا أفرطكم على الحوض ولأنازعن أقواما، ثم لأغلبن عليهم، فأقول: يا رب أصحابي فيقول:
إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك» ونظيره في (مسلم) .
قال أبو عمر: وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «حكيم أمتي أبو الدرداء عويمر» .
قال أبو عمر: له حكم مأثورة مشهورة: منها قوله: «وجدت الناس أخبر تقل، أي من جرّبهم رماهم بالمقت لخبث سرائرهم وقلة إنصافهم» .
ومنها: «من يأت أبواب السلطان يقام ويقعد» .
ووصف الدنيا فأحسن، فمن قوله فيها:«الدنيا دار الكدر، ولن ينجو منها إلا أهل الحذر، وللَّه فيها علامات يسمعها الجاهلون، ويعتبر بها العالمون، ومن علاماته فيها أن حفّها بالشبهات، فارتطم فيها أهل الشهوات، ثم أعقبها بالآفات، فانتفع بذلك أهل العظات، ومزج حلالها بالمئونات، وحرامها بالتبعات، فالمثري فيها تعب، والمقل ففيها نصب» .
(الاستيعاب) : ج 3 ص 1227- 1230 ترجمة رقم (2006)، (الإصابة) : ج 4 ص 747- 748 ترجمة رقم (6121)، (مسند أحمد) : ج 1 ص 635 حديث رقم (3632)، (مسلم بشرح النووي) : ج 15 ص 64 حديث رقم (2297) .
[ (1) ](كنز العمال) : ج 7 ص 140 حديث رقم (18401)، (سند أحمد) : ج 5 ص 199 حديث رقم (21288) : «حدثنا عبد اللَّه، حدثني أبي، حدثنا يونس، حدثنا بقية عن حبيب بن عمر الأنصاري، عن أبي عبد الصمد، عن أم الدرداء قالت: كان أبو الدرداء لا يحدث بحديث إلا تبسم فيه، فقلت له: إني أخشى أن يحمقك الناس، فقال: «كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لا يحدث بحديث إلا تبسم» .
فضرب لبتها ثم انطلق، فمر بالمقداد قد حفر حفرة استخرج منها طينا، فقال: يا مقداد! غيبني في هذه الحفرة وأطبق عليّ شيئا، ولا تدل عليّ أحدا، فإنّي قد أحدثت حدثا، ففعل.
فما خرج الأعرابي ورأى ناقته صرخ، فخرج نبي اللَّه صلى الله عليه وسلم وقال: من فعل هذا؟ قالوا: نعيمان! قال: فأين توجه؟ قالوا: ها هنا، فتبعه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ومعه حمزة وأصحابه، حتى أتى على المقداد فقال له: هل رأيت نعيمان؟
فكشف رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عن الحفرة، فلما رآه قال: أي عدوّ نفسه! ما حملك على ما صنعت؟ قال: والّذي بعثك بالحق لأمرني حمزة وأصحابه، فأرضى عليه السلام الأعرابي وقال: شأنكم بها فأكلوها،
فكان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إذا ذكر صنعه ضحك حتى تبدو نواجذه.
وقال زائدة عن أبان، عن قيس بن أبي حازم، عن جرير بن عبد اللَّه قال: ما حجبني رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم منذ أسلمت ولا رآني إلا ضحك [ (1) ]
[ (1) ](الشمائل المحمدية) ص 189 حديث رقم (232) : حدثنا أحمد بن منيع، حدثنا معاوية بن عمرو، حدثنا زائدة، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس، عن جرير قال:«ما حجبني رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ولا رآني منذ أسلمت إلا تبسّم» ، (صحيح سنن الترمذي) : ج 3 ص 232 حديث رقم (4091) : عن جرير بن عبد اللَّه قال: «ما حجبني رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم منذ أسلمت، ولا رآني إلا ضحك» ، وحديث رقم (4092) : عن جرير قال: «ما حجبني رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم منذ أسلمت، ولا رآني إلا تبسّم» . قال الألباني: (صحيح، وهو بهذا اللفظ أرجح) . وهو في (البخاري) : في باب من لا يثبت على الخيل، حديث رقم (3035) حدثنا محمد بن عبد اللَّه بن نمير، حدثنا محمد بن إدريس عن إسماعيل، عن قيس، عن جرير رضي الله عنه قال:«ما حجبني صلى الله عليه وسلم منذ أسلمت، ولا رآني إلا تبسم في وجهي» (فتح الباري) : ج 6 ص 198، (مسند أحمد) : ج 4 ص 358، حديث رقم (18692) ، ص 359، حديث رقم (18655) ، ص 365، حديث رقم (18765) .
(مسند الحميدي) : ج 2 ص 350، حديث رقم (800) : حدثنا الحميدي قال: حدثنا سفيان قال: حدثنا إسماعيل بن أبي خالد قال: سمعت قيسا يقول: سمعت جرير بن عبد اللَّه البجلي: «ما رآني رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قط إلا تبسّم في وجهي» قال: وقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: «يطلع عليكم من هذا الباب رجل من خير ذي يمن على وجهه مسحة ملك، فطلع جرير بن عبد اللَّه» .
قال الحافظ في (الفتح) : التّبسّم: مبادئ الضحك، والضحك انبساط الوجه حتى تظهر الأسنان من السرور، فإن كان بصوت، وكان بحيث يسمع من بعد فهو القهقهة، وإلا فهو الضحك، وإن كان
وفي الصحيح أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم حكى عن رجل أخرج من النار، فقيل له، تمنّ فتمنّى، فيقال: لك ما تمنيت وعشرة أضعاف الدنيا، فيقول أتسخر بي وأنت الملك؟
فضحك رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه [ (1) ] .
ولابن حبان من حديث الليث، عن جرير بن حازم عن الحسن بن عمارة، عن سلمة بن كهيل، عن عبد الرحمن قال: سمعت علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: لما بعثني رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إلى اليمن، أتاني ثلاثة نفر يختصمون في غلام ابن امرأة وقعوا عليها جميعا في طهر واحد، كلهم يدعى أنه ابنه، فأقرعت بينهم فألحقته بالذي أصابته القرعة، ولصاحبيه ثلثي دية الحد، فلما قدمت على رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ذكرت له ذلك، فضحك حتى ضرب برجليه الأرض ثم قال: حكمت فيهم بحكم اللَّه، أو قال لقد رضي اللَّه حكمك فيهم [ (2) ] .
[ () ] بلا صوت فهو التبسم، وتسمى الأسنان في مقدم الفم: الضواحك، وهي الثنايا والأنياب، وما يليها يسمى النواجذ.
[ (1) ](المرجع السابق) ص 189- 190، حديث رقم (233) :
حدثنا هناد بن السّريّ، حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن عبيدة السّلمانيّ، عن عبد اللَّه بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: «إني لأعرف آخر أهل النار خروجا، رجلا يخرج منها زحفا، فيقال له انطلق فادخل الجنة» . قال: «فيذهب ليدخل الجنة فيجد النّاس قد أخذوا المنازل، فيرجع فيقول:
يا رب قد أخذ الناس المنازل- فيقال له: أتذكر الزّمان الّذي كنت فيه؟ فيقول: نعم» ، قال:«فيقال تمنّ» ، قال:«فيتمنى، فيقال له: فإن لك الّذي تمنيت وعشرة أضعاف الدنيا» ، قال: «فيقول:
أتسخر مني وأنت الملك» ؟ قال: «فلقد رأيت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ضحك حتى بدت نواجذه» .
أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الرقاق، باب صفة الجنة والنار، حديث رقم (6571) باختلاف يسير، وحديث رقم (7513) .
(فتح الباري) ج 11 ص 510، ج 13 ص 580.
[ (2) ]
ثم رمز إليه: (عب) ، (ش) أي مصنف عبد الرزاق، وابن أبي شيبة. قرع: المقارعة: المساهمة، يقال: قارعة فقرعه: إذا أصابته القرعة دونه، وقرعهم: غلبهم بالقرعة.
(ترتيب القاموس) ج 3 ص 597.