الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ابن عبد العزيز أن محمد بن نوفل أخبره أنه رأى أسامة بن زيد بن حارثة في مسجد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك، قال: أخبرني أسامة بن زيد الليثي عن نافع أنه رأى ابن عمر رضي الله عنه يفعل ذلك.
وأما صمته وإعادته الكلام والسلام ثلاثا وهديه في الكلام وفصاحته
فخرّج أبو بكر محمد بن عبد اللَّه من حديث قيس بن الربيع عن سماك بن حرب قال: قلت لجابر بن سمرة: أكنت تجالس رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم؟ قال نعم، كان كثير الصمت.
وخرّجه الإمام أحمد من حديث فريك عن سماك، فذكر به نحوه إلا أنه قال:
وكان طويل الصمت.
وخرّج البخاري من حديث عبد اللَّه بن المثنى، حدثا ثمامة بن عبد اللَّه عن أنس أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كان إذا سلم سلم ثلاثا، وإذا تكلم بكلمة أعادها ثلاثا ذكره في باب التسليم والاستئذان ثلاثا وفي كتاب العلم ولفظه فيه: عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه إذا تكلم بكلمة أعادها ثلاثا حتى يفهم عنه، وإذا أتي على قوم فسلم عليهم سلم عليهم ثلاثا. ذكره في باب من أعاد الحديث ثلاثا ليفهم فقال: ألا وقول الزور، فما زال يكررها، وقال ابن عمرة: هل بلّغت ثلاثا.
وخرّج أبو داود من حديث محمد بن إسحاق عن يعقوب عن عتبة عن عمر ابن عبد العزيز عن يوسف بن عبد اللَّه بن سلام عن أبيه قال: كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إذا جلس يتحدث يكثر أن يرفع طرفه إلى السماء.
وخرّج من حديث مسعد قال: سمعت شيخا في المسجد يقول: سمعت جابر ابن عبد اللَّه رضي الله عنه يقول: كان في كلام رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ترتيل وترسيل.
وخرّج من حديث الزهري عن عروة عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان كلام رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فصلا يفهمه كل من سمعه، وفي رواية: كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لا يسرد سردكم هذا، كان يتكلم بكلام ينشئه فصلا يحفظه من يسمعه. وفي رواية كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يحدث حديثا لو عدّه العاد لأحصاه.
وفي حديث هند بن أبي هالة: كان لا يتكلم في غير حاجة، طويل السّكت، يفتح الكلام ويختمه بأشداقه، ويتكلم بجوامع الكلم فضلا لا فضول فيه ولا تقصير.
وفي حديث أم معبد: وكان إذا صمت فعليه الوقار، وكأن منطقه خرزات نظم يتحدرن، حلو المنطق لا نذر ولا هذر.
وخرّج أبو محمد الدارميّ من حديث موسى بن عقبة عن كريب عن ابن عباس رضي الله عنه قال: كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إذا تكلم يرى كالنور بين ثناياه [ (1) ] .
وقال السهيليّ: فقد روي أنه كان يسطع على الجدار نور من ثغره إذا تبسّم، أو قال: تكلم.
وفي حديث هند أيضا: كان إذا أشار أشار بكفه كلها، وإذا تعجب قلّبها، وإذا تحدّث أفضل بها، يضرب براحته اليمني باطن إبهامه اليسرى.
وقال علي بن الحسين بن واقد: حدثنا أبي عن عبد اللَّه بن بريدة عن أبيه عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: يا رسول اللَّه! ما بالك أفصحنا ولم تخرج من بين أظهرنا؟ قال: كانت لغة إسماعيل قد درست، فجاء بها جبريل فحفظتها.
وقال عباد بن عباد بن حبيب بن المهلب عن موسى بن محمد بن إبراهيم التيمي عن أبيه عن جده قال: بينا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ذات يوم جالسا مع أصحابه، إذ نشأت سحابة، فقالوا: يا رسول اللَّه! هذه سحابة. فقال: كيف ترون قواعدها؟
قالوا: ما أحسنها وأشدّ تمكنها!! فقال: كيف ترون رحاها؟ قالوا: ما أحسنها وأشدّ استدارتها! قال: وكيف ترون بواسقها؟ قالوا: ما أحسنها وأشدّ استقامتها!! فقال: كيف ترون برقها؟ أو ميضا؟ أم خفيا؟ أم يشق شقا؟ قالوا: بل يشق شقا، قال: فكيف ترون جونها؟ قالوا: ما أحسنه وأشدّ سواده!! فقال صلى الله عليه وسلم الحيا. فقالوا: يا رسول اللَّه ما رأينا الّذي هو أفصح منك، قال: وما يمنعني، وإنما أنزل القرآن بلساني لسان عربيّ مبين،
قواعدها: أسافلها، واحدها قاعدة، ورحاها: وسطها، وعظمها وبواسقها: ما علا وارتفع منها، واحدتها باسقة، والوميض: اللمع الخفي، والخفي: البرق الضعيف، وجونها: أسودها، والحيا (مقصورا) ، الغيث والخصب، وجمعه أحياء.
[ (1) ](سنن الدارميّ) ج 1 ص 30 باب في حسن النبي صلى الله عليه وسلم.
وقال شبابة بن سوار: حدثنا الحسام بن مصك عن عبد اللَّه بن بريدة عن أبيه قال: كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم من أفصح الناس: كان يتكلم بكلام لا يدرون ما هو حتى يخبرهم.
وعن علي رضي الله عنه: ما سمعت كلمة غريبة [ (1) ] من العرب إلا وقد سمعتها من رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، وسمعته يقول:«مات حتف أنفه» [ (2) ] ، وما سمعتها من عربي قبله.
وقال ابن الجوزي: وكل كلام رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم حكم وفصاحة، ومن ظرائفه:
إياكم وخضراء الدّمن [ (3) ] ،
وقوله: إن مما ينبت الربيع لم يقتل [ (4) ] حبطا أو يلم،
ولا يلدغ المؤمن من جحر مرتين [ (5) ] ،
والناس كأسنان المشط [ (6) ] ،
والمرء كثير بأخيه [ (7) ] ،
وقوله للأنصار: إنكم لتقلون عند الطمع وتكثرون عند الفزع،
وقوله: خير المال مهرة مأمورة أو سكة مأبورة [ (8) ] ،
وقوله [خير المال عين ساهرة لعين نائمة][ (9) ] ،
ومن بطّأ به عمله لم يسرع به نسبه [ (10) ] ،
وحبك للشيء يعمي
[ (1) ] كذا في (خ) ، وفي (صفة الصفوة) ج 1 ص 202 «عربية» .
[ (2) ] هذا بعض حديث صحيح
رواه عبد اللَّه بن عتيك قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في الّذي يخرج مجاهدا في سبيل اللَّه إن لسعته دابة أو أصابه شيء فهو شهيد، ومن مات حتف أنفه فقد وقع أجره على اللَّه، ومن قتل فقد استوجب المآب.
[ (3) ] حديث
«إياكم وخضراء الدمن» أخرجه (الدارقطنيّ) في (الأفراد) ، و (ابن عدي) في (الكامل)
وقال (السخاوي) في (المقاصد الحسنة) : هذا الحديث لا يصح من وجه.
[ (4) ] في (خ)«يقب» وما أثبتناه من (صفوة) ج 1 ص 203.
والمعني: أن الماشية يروقها كبت الربيع فتأكل فوق حاجتها فتهلك، والحبط: أن ترم بطونها وتنتفخ، فزجر بهذا الكلام عن فضول الدنيا تقول حبطت الدابة حبطا: إذا أصابت مرعى طيبا فأفرطت في الأكل حتى تنتفخ وتموت، وقوله:«يلم» أي يقرب من القتل.
[ (5) ] حديث
«لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين» أخرجه البخاري ومسلم وأبو داود والإمام أحمد في المسند، كلهم عن أبي هريرة.
[ (6) ] حديث
«الناس كأسنان المشط» أخرجه ابن لال (في مكارم الأخلاق) عن سهل بن سعد.
[ (7) ] حديث
«المرء كثير بأخيه» أخرجه ابن أبي الدنيا في (الإخوان) عن سهل بن سعد.
[ (8) ] السكة: الطريق المصطفة من النخل، والمأبورة: الملقحة، أراد: خير المال نتاج أو زرع.
[ (9) ] هذا الحديث لم أجد له تخريجا في كتب السنن.
[ (10) ]
قوله: من بطأ به عمله لم يسرع به نسبه» جزء من حديث طويل أوله: «من نفّس عن مؤمن كربة
…
» ، أخرجه مسلم عن أبي هريرة.