الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
من كل بشر، وأكب عدوه لوجهه، وغفر ما تقدم من ذنبه وما تأخر صلى الله عليه وسلم.
وسيأتي هذا في مظانه مبسوطا إن شاء اللَّه تعالى.
أما حسن خلقه
فخرج من حديث أبي بكر بن شيبة قال: حدثنا محمد بن بشر العبديّ، حدثنا سعيد بن أبي عروة، حدثنا قتادة عن زرارة بن أوفى، عن سعد بن هشام أنه قال لعائشة رضي الله عنها يا أم المؤمنين، أنبئيني عن خلق رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، قالت [ (1) ] : ألست تقرأ القرآن؟ قال: بلى، قالت: فإن خلق رسول اللَّه كان القرآن.
وخرج الإمام أحمد من حديث مبارك عن الحسن عن سعد بن هشام بن عامر قال: أتيت عائشة فقلت: يا أم المؤمنين، أخبريني بخلق رسول اللَّه: قالت: كان خلقه القرآن، أما تقرأ القرآن وَإِنَّكَ [ (2) ] لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ الحديث.
وقال قتيبة بن سعيد: حدثنا جعفر بن سليمان عن أبي عمران عن يزيد ابن بابنوس [ (3) ] : قلنا لعائشة رضي الله عنها: يا أم المؤمنين، كيف كان خلق رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم؟ قالت كان خلق رسول اللَّه القرآن، ثم قالت: تقرأ سورة المؤمنين، اقرأ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ إلى العشر، [فقرأ][ (4) ] حتى بلغ العشر [آيات][ (4) ]، فقالت: هكذا كان خلق رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم.
وقال زيد بن واقد عن بسر بن عبيد اللَّه عن أبي إدريس الخولانيّ، عن أبي الدرداء قال: سألت عائشة عن خلق رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فقالت: كان خلقه القرآن، يرضى لرضاه، ويسخط لسخطه.
وخرّج البخاري من حديث مالك عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: ما خير رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بين أمرين إلا أخذ أيسرهما ما لم يكن إثما، فإن كان إثما كان أبعد الناس منه، وما انتقم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لنفسه إلا أن تنتهك حرمة اللَّه عز وجل فينتقم للَّه بها.
لم يذكر فيه مسلم (فينتقم اللَّه بها)، وفي لفظ: ما خيّر رسول اللَّه بين أمرين
[ (1) ] في (خ)«قال» .
[ (2) ] في (خ)«إنك» .
[ (3) ] بابنوس بموحدتين بينهما ألف ثم نون مضمومة ساكنة ومهملة (تهذيب التهذيب) ج 11 ص 316.
[ (4) ] زيادة البيان.
إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثما، فإن كان إثما كان أبعد الناس منه. وما انتقم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لنفسه في شيء يؤتي إليه قط حتى تنتهك حرمات اللَّه، فينتقم للَّه، ولم يذكر مسلم في حديث مالك (فينتقم للَّه) .
وقال البخاري في رواية: واللَّه ما انتقم لنفسه في شيء يؤتي إليه قط حتى تنتهك حرمات اللَّه فينتقم للَّه.
وفي لفظ له عن عائشة قالت: ما انتقم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لنفسه في شيء يؤتي إليه حتى ينتهك من حرمات اللَّه، فينتقم للَّه.
ولمسلم من حديث أبي أسامة عن هشام عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها قالت: ما خير رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بين أمرين أحدهما أيسر من الآخر، إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثما، [فإن كان إثما][ (1) ] كان أبعد الناس منه.
وفي لفظ: ما ضرب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم شيئا قط بيده، ولا امرأة ولا خادما إلا أن يجاهد في سبيل اللَّه عن رجل، وما نيل منه شيء قط فينتقم من صاحبه إلا أن ينتهك شيء من محارم اللَّه عز وجل فينتقم [ (2) ] .
وخرّج الإمام أحمد من حديث محمد بن عبد الرحمن الطفاوي، قال حدثنا هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت: ما ضرب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم خادما له قط، ولا ضرب بيده إلا أن يجاهد في سبيل اللَّه، وما نيل من شيء فانتقمه إلا من صاحبه إلا أن ينتهك محارم اللَّه فينتقم للَّه عز وجل، وما عرض عليه أمران أحدهما أيسر من الآخر إلا أخذ بأيسرهما إلا أن يكون مأثما، فإنه كان أبعد الناس منه.
ولابن سعد من حديث وكيع عن داود بن أبي عبد اللَّه عن ابن جدعان عن جدته عن أم سلمة: أن النبي صلى الله عليه وسلم أرسل وصيفة له فأبطأت، فقال: لولا القصاص لأوجعتك بهذا السواك.
وخرّجه أبو بكر بن أبي شيبة وأبو يعلي به، وروي منصور بن المعتمر عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة قالت-: ما رأيت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم منتصرا من
[ (1) ] زيادة البيان ساقطة في (خ) وأتممناها من (مسلم بشرح النووي) ج 15 ص 83.
[ (2) ] ونحوه في (سنن أبي داود) كتاب الأدب- باب في التجاوز في الأمر، وأخرجه مسلم في الفضائل باب مباعدته صلى الله عليه وسلم للآثام، وابن ماجة في النكاح باب ضرب النساء. ونسبه المنذري إلى النسائي.
ظلامة ظلمها قط، إلا أن ينتهك من محارم اللَّه، فإذا انتهك من محارم اللَّه شيء كان أشدهم في ذلك، وما خير رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بين أمرين قط إلا اختار أيسرهما.
وفي لفظ: ما رأيت رسول اللَّه منتصرا من ظلمة قط ما لم ينتهك من محارم اللَّه شيء فإذا انتهك من محارم اللَّه شيء كان أشدّهم في ذلك غضبا، وما خيّر بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثما.
وروي محمد بن إسحاق عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت: ما خيّر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بين أمرين قطّ إلا اختار أيسرهما ما لم يكن حراما، فإن كان حراما كان أبعد الناس منه، وما انتقم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لنفسه من شيء يصاب منه إلا أن تعاب حرمة اللَّه فينتقم للَّه.
وخرّج البخاري في الأدب المفرد من حديث محمد بن سلام: أخبرنا يحيى بن محمد أبو محمود البصري قال: سمعت عمر مولى المطلب قال: سمعت أنس بن مالك يقول: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: لست من دد، ولا الدّد مني،
يعني ليس الباطل مني بشيء.
وخرّج البخاري في كتاب الديات في باب من استعان عبدا أو صبيا، من حديث إسماعيل بن إبراهيم، حدثنا عبد العزيز عن أنس رضي الله عنه قال: لما قدم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم المدينة أخذ أبو طلحة بيدي فانطلق بي إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول اللَّه، إن أنسا غلام كيّس فليخدمك، قال: فخدمته في الحضر والسفر، فو اللَّه ما قال لي لشيء صنعته لم صنعت هذا هكذا؟ ولا لشيء لم أصنعه لم لم تصنع هذا هكذا؟
وخرجه مسلم بنحوه. وخرّج في كتاب الوصايا [ (1) ] في باب استخدام اليتيم في السفر والحضر إذا كان صلاحا له، من حديث ابن عليّة، أخبرنا عبد العزيز عن أنس قال: قدم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم المدينة ليس له خادم، فأخذ أبو طلحة بيدي (الحديث بمثله) ، غير أنه لم يقل (فو اللَّه) .
وخرّج في كتاب الأدب في باب حسن الخلق والسخاء وما يكره من البخل،
[ (1) ](صحيح البخاري بحاشية السندي) ج 2 ص 131.
من حديث سلام بن مسكين: سمعت ثابتا يقول: أخبرنا أنس قال: خدمت النبي صلى الله عليه وسلم عشر سنين، وما قال لي: أف، ولا لم صنعت؟ ولا ألا صنعت؟.
وخرجه مسلم في المناقب من حديث حماد بن زيد عن ثابت عن أنس قال:
خدمت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عشر سنين والله ما قال لي أفا قط، وما قال لي لشيء:
لم فعلت كذا أو هلا فعلت كذا؟! ومن حديث سليمان بن المغيرة عن ثابت عن أنس قال: خدمت النبي صلى الله عليه وسلم عشر سنين بالمدينة وأنا غلام، ليس كل أمري كما يشتهي صاحبي أن يكون عليه، ما قال لي فيه: أف قط، ولا قال لي: لم فعلت هذا؟ وألا فعلت هذا؟
وله من حديث زكريا قال: حدثني سعيد وهو ابن أبي برده عن أنس قال:
خدمت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم تسع سنين فما أعلمه قال لي قط: لم فعلت كذا وكذا؟
ولا عاب عليّ شيئا قط.
ولمسلم وأبي داود من حديث عمر بن يونس قال: أخبرنا عكرمة- وهو ابن عمار- قال: قال إسحاق: قال أنس: كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم من أحسن الناس خلقا، فأرسلني يوما لحاجة فقلت: لا أذهب، وفي نفسي أن أذهب لما أمرني به، رسول اللَّه، فخرجت حتى أمرّ على الصبيان وهم يلعبون في السوق، فإذا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قد قبض بقفاي من ورائي، قال: فنظرت إليه وهو يضحك، فقال: يا أنيس، أذهبت حيث أمرتك؟ قلت: نعم، أنا أذهب يا رسول اللَّه.
وقال أنس: والله لقد خدمته تسع سنين ما علمته قال لشيء صنعته: لم فعلت كذا وكذا؟ أو لشيء تركته: هلا فعلت كذا وكذا [ (1) ] ؟
وخرّج أبو بكر بن أبي شيبة من حديث أبي معاوية عن جعفر بن برقان عن عمران القصير عن أنس قال: خدمت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عشر سنين، فما أرسلني في حاجة قط لم تهيّأ إلا قال: لو قضي لكان، أو لو قدر لكان.
ولمسلم من حديث عبد الوارث عن أبي التياح عن أنس بن مالك قال: كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أحسن الناس خلقا.
[ (1) ](سنن أبي داود) ج 3 ص 5 ص 133 كتاب الأدب، باب الحلم وأخلاق النبي صلى الله عليه وسلم حديث رقم 4773.
وخرّج البخاري من حديث عبد الوارث عن أبي التياح عن أنس قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم أحسن الناس خلقا وكان لي أخ يقال له أبو عمير: أحسبه فطيم، وكان إذا جاء قال: يا أبا عمير: ما فعل النّغير؟
- نغز كان يلعب به- فربما حضر الصلاة وهو في بيتنا، فيأمر بالبساط الّذي تحته، فيكنس وينضح، ثم يقوم ونقوم خلفه، فيصلي بنا. ترجم عليه (باب الكنية للصبي) .
وخرّجه مسلم ولفظه: كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أحسن الناس خلقا، وكان لي أخ يقال له: أبو عمير قال: وأحسبه قال: كان فطيما، فكان إذا جاء رسول اللَّه فرآه قال: أبا عمير، ما فعل النّغير؟ قال: فكان يلعب به.
وخرّجه أبو داود من حديث حماد قال: حدثنا ثابت عن أنس بن مالك قال: كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يدخل علينا ولي أخ صغير يكنى أبا عمير، وكان له نغر يلعب به فمات، فدخل النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم فرآه حزينا، فقال: ما شأنه؟ قالوا: مات نغره! فقال: «يا أبا عمير، ما فعل النّغير؟»
ترجم عليه. (باب الرجل يتكني وليس له ولد)[ (1) ] .
وفي هذا الحديث من وجوه الفقه وفنون الأدب والفائدة ستون وجها، جمعها أبو العباس أحمد بن القاصّ الفقيه الشافعيّ في جزء [ (2) ] .
[ (1) ] أبو عمير هذا- بضم العين وفتح الميم وسكون الياء- هو أخو أنس بن مالك لأمه، أمهما: أم سليم، لا يعرف له اسم، وتوفي في حياة النبي صلى الله عليه وسلم وهو الّذي توفي وجرى لأم سليم مع زوجها أبي طلحة فيه ما جرى، [يراجع ذلك في أبواب الجنائز من كتب السنن]، والنّغر (بضم النون وفتح الغين) :
طائر صغير يجمع على النّغران.
أخرجه أبو داود في (السنن) كتاب الأدب باب ما جاء في الرجل يتكني وليس له ولد، و (البخاري) في الأدب باب الانبساط إلى الناس، و (مسلم) في الأدب باب استحباب تحنيك المولود، و (الترمذي) في الصلاة باب ما جاء في الصلاة على البسط وقال: وحديث أنس صحيح-، وفي البر باب ما جاء في المزاج، و (ابن ماجة) في الأدب باب المزاح-، من حديث أبي التياح- يزيد ابن حميد الضبعي- عن أنس بن مالك، ونسبه (المنذري للنسائي أيضا) .
[ (2) ] هو أبو العباس أحمد بن أبي أحمد المعروف بابن القاصّ، الطبري، الفقيه الشافعيّ، وعرف والده بالقاصّ لأنه كان يقصّ الأخبار.
كان ابن القاصّ إمام وقته في طبرستان، وأخذ الفقه عن ابن شريح، وصنّف كتبا كثيرة، منها:
«التلخيص» ، و «أدب القاضي» ، و «المفتاح» ، وغير ذلك. وجميع تصانيفه صغيرة الحجم، كثيرة الفائدة، وكان يعظ الناس، فانتهى إلى طرسوس، وقيل: إنه تولى القضاء بها، فعقد له مجلس
_________
[ () ] وعظ، وأدركته رقة وخشية وروعة من ذكر اللَّه تعالى، فخرّ مغشيا عليه، ومات سنة خمس وثلاثين وثلاثمائة. (النجوم الزاهرة) و (شذرات الذهب) و (طبقات الشافعية للسبكي) و (وفيات الأعيان) و (سير أعلام النبلاء) و (الأنساب) .
قال أبو العباس بن القاصّ رحمه اللَّه تعالى: وفيما روينا من قصة أبي عمير ستون وجها من الفقه والسنة، وفنون الفائدة والحكمة، فمن ذلك:
[1]
أن سنة الماشي أن لا يتبختر في مشيته ولا يتبطأ فيها، فإنه صلى الله عليه وسلم كان إذا مشي توكأ كأنما ينحدر من صبب. [2] ومنها أن الزيارة سنة. [3] ومنها الرخصة للرجال في زيارة النساء غير ذوات المحارم (إذا لم تكن شابة وأمنت الفتنة. [4] ومنها زيارة الحاكم للرعية. [5] ومنها أنه إذا اختصّ الحاكم بالزيارة والمخالطة بعض الرعية دون بعض فليس ذلك بميل، وقد كان بعض أهل العلم يكره للحكام ذلك. [6] وإذا ثبت ما وصفنا كان فيه وجه من تواضع الحاكم للرعية. [7] وفيه دليل على كراهية الحجّاب للحكام. [8] وفيه دليل أن الحاكم يجوز له أن يسير وحده. [9] وأن أصحاب المقارع بين يدي الحكام والأمراء محدثة مكروهة، لما روي في الخبر: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم بمنى على ناقة له، لا ضرب ولا طرد، ولا إليك إليك. [10] وفي قوله: يغشانا ما يدل على كثرة زيارته لهم. [11] وأن كثرة الزيارة لا تخلق الحب والمودة ولا تنقصها إذا لم يكن معها طمع. [12] وأن
قوله عليه السلام لأبي هريرة: «زر غبّا تزدد حبا،
كما قاله بعض أهل العلم لما رأى في زيارته من الطمع لما كان بأبي هريرة من الفقر والحاجة حتى دعا له النبي صلى الله عليه وسلم في مزودة، وكان لا يدخل فيها يده إلا أخذ حاجته، فحصلت له الزيارة دون الطمع. [16] وفي قوله:«يخالطنا» ، ما يدل على الألفة، بخلاف النفور، وذلك من صفة المؤمن، كما
روي في بعض الأخبار: المؤمن ألوف والمنافق نفور.
[14]
ومنها ما
روي في الخبر: «فرّ من الناس فرارك من الأسد» ،
إذا كانت في لقيهم مضرة لا على العموم، فأما إذا كانت فيه للمسلمين ألفة ومودة فالمخالطة أولى. [15] وفيه دلالة على الفرق بين شباب النساء وعجائزهن في المعاشرة، إذ اعتذر النبي صلى الله عليه وسلم إلى من رآه واقفا مع صفية، ولم يعتذر من زيارته أم سليم، بل كان يغشاهم الكثير. [16] وفي قوله:«ما مسست شيئا قط ألين من كفّ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم» :
ما يدل على مصافحته، وإذا ثبتت المصافحة، دلّ على تسليم الزائر إذا دخل. [17] ودلّ على مصافحته، [18] ودلّ على أن يصافح الرجل دون المرأة، لأنه لم يقل:«فما مسسنا» وإنما قال:
«ما مسست» ، وكذلك كانت سنته صلى الله عليه وسلم في التسليم على النساء ومبايعته، إنما كان يصافح الرجال دونهن. [19] وفي لين كفه ما يدل على أنه لا ينبغي أن يعتمد المصلّي إلى شدة الاعتماد على اليدين في السجود، كما اختار ذلك بعضهم، لما وجد في صفة النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان شثن الكفين والقدمين، فقال: ينبغي أن يعتمد إلى شدة الاعتماد على اليدين في السجود، ليؤثر على يديه دون جبهته. [20] وفيه ما يدل على الاختيار للزائر إذا دخل على المزور. [21] وفيه ما يدل على ما قاله بعضهم أن الاختيار في السنّة الصلاة على البساط والجريد والحصير، وقد قيل في بعض الأخبار أنه كان حصيرا باليا، وذلك أن بعض الناس كان يكره الصلاة على الحصير، وينزع بقول اللَّه تعالى: وَجَعَلْنا جَهَنَّمَ لِلْكافِرِينَ حَصِيراً. [22] وفي نضحهم ذلك له وصلاته عليه مع علمه صلى الله عليه وسلم أن في البيت صبيا صغيرا، دليل على أن السنة ترك التعزر. [23] ودليل على أن الأشياء على الطهارة حتى يعلم يقين النجاسة. [24] وفي
_________
[ () ] نضحهم البساط لصلاة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم دليل على أن الاختيار للمصلى أن يقوم في صلاته على أروح الحال وأمكنها، لا على أجهدها وأشدها، لئلا يشغله الجهد عما عليه من أدب الصلاة وخشوعها، كما أمر الجائع أن يبدأ بالطعام قبل الصلاة، خلاف ما زعم بعض المجتهدين، إذ زعم أن الاختيار له أن يقوم على أجهد الحال، كما سمع في بعض الأخبار أنهم لبسوا المسح إذا قاموا من الليل وقيدوا أقدامهم. [25] وفي صلاته في بيتهم ليأخذوا علمها دليل على جواز حمل العالم علمه إلى أهله: إذا لم يكن فيه على العلم مذلة، وأما روى في أن:«العلم يؤتى ولا يأتي» : إذا كانت فيه للعلم مذلة، أو كان من المتعلم على العالم تطاول. [26] وفيه دلالة اختصاص لآل أبي طلحة، إذ صلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في بيتهم. [27] وأخذهم قبلة بيتهم بالنص عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم دون الدلائل والعلامات.
[28]
وفي قوله: «وكان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إذا جاء مازحه» ، ما يدل على أنه كان يمازحه كثيرا، وإذا كان كذلك كان في ذلك شيئان:[29] أحدهما: أن ممازحة الصبيان مباح. [30] والثاني: أنها إباحة سنة لا إباحة رخصة، لأنها لو كانت إباحة رخصة لأشبه أن لا يكثرها، كما قال في مسح الحصى للمصلى:«فإن كنت لا بد فاعلا فمرة» ، لأنها كانت رخصة لا سنة. [31] وفيه- إذ مازحه صلى الله عليه وسلم ما يدل على ترك التكبر والترفع. [32] وما يدل على حسن الخلق. [33] وفيه دليل على أنه يجوز أن يختلف حال المؤمن في المنزل من حاله إذا برز، فيكون في المنزل أكثر مزاحا، وإذا خرج أكثر سكينة ووقارا- إلا من طريق الرياء- كما روي في بعض الأخبار: كان زيد بن ثابت من أفكه الناس إذا خلا بأهله، وأزمتهم عند الناس. [34] وإذا كان ذلك كما وصفنا ففيه دليل على أن ما روي في صفة المنافق أنه يخالف سرّه علانيته ليس على العموم، وإنما هو على معنى الرياء والنفاق، كما قال جل ثناؤه: وَإِذا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قالُوا آمَنَّا وَإِذا خَلَوْا إِلى شَياطِينِهِمْ قالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّما نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُنَ. [35] وفي قوله: «فرآه حزينا» : ما يدل على إثبات التفرس في الوجوه. وقد احتج بهذا المعنى بعض أهل الفراسة بما يطول ذكره. [36] وفيه دليل على الاستدلال بالعبرة لأهلها، إذ استدل صلى الله عليه وسلم بالحزن الظاهر في وجهه على الحزن الكامن في قلبه، حتى حداه على سؤال حاله.
[37]
وفي قوله: «ما بال أبي عمير؟» دليل على أن من السنة إذا رأيت أخاك أن تسأل عن حاله.
[38]
وفيه دليل- كما قال بعض أهل العلم- على حسن الأدب بالسنة في تفريق اللفظ بين سؤالين:
فإذا سألت أخاك عن حاله قلت: مالك؟ كما
قال النبي صلى الله عليه وسلم من حديث أبي قتادة: «مالك يا أبا قتادة؟»
وإذا سألت غيره عن حاله قلت: ما بال أبي فلان؟ كما
قال النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث: «ما بال أبي عمير؟» .
[39]
وفي سؤاله صلى الله عليه وسلم من سأل- عن حال أبي عمير- دليل على إثبات خبر الواحد.
[40]
وفيه دليل على أنه يجوز أن يكنى من لم يولد له، وقد كان عمر بن الخطاب يكره ذلك حتى أخبر به عن النبي صلى الله عليه وسلم. [41] وفي قوله:«مات نغيره الّذي كان يلعب به» : تركه النكير بعد ما سمع ذلك صلى الله عليه وسلم دليل على الرخصة في اللعب للصبيان. [42] وفيه دليل على الرخصة للوالدين في تخلية الصبي وما يروم من اللعب إذا لم يكن من دواعي الفجور، وقد كان بعض الصالحين يكره لوالديه أن يخلياه. [43] وفي دليل على أن إنفاق المال في ملاعب الصبيان ليس من أكل المال بالباطل، إذا لم يكن من الملاهي المنهية. [44] وفيه دليل على إمساك الطير في القفص. [45] وقصّ جناح الطير لمنعه من الطيران، وذلك أن لا يخلو من أن يكون النغيرة التي كان يلعب بها في قفص أو نحوه، من شدّ رجل أو غيره، أو أن تكون مقصوصة الجناح، فأيهما كان المنصوص، فالباقي قياس عليه، يكره.
_________
[ () ] قصّ جناح الطائر وحبسه في القفص. [46] وفيه دليل على أن رجلا لو اصطاد صيدا خارج الحرم ثم أدخل الحرم، لم يكن عليه إرساله، وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم حرّم الاصطياد بين لابتي المدينة، وأجاز لأبي عمير إمساكه فيها.
وكان ابن الزبير يفتي بإمساك ذلك، ومن حجته فيه: أن من اصطاد صيدا ثم أحرم وهو في يده، فعليه إرساله، فكذلك إذا اصطاد في الحل ثم أدخله الحرم.
وفرّق الشافعيّ بين المسألتين كما وصفنا، فقال: من اصطاد ثم أحرم والصيد في ملكه فعليه إرساله، ومن اصطاده ثم أدخله الحرم فلا إرسال عليه. [47] وفي
قوله: «ما فعل النغير؟» ،
دليل على جواز تصغير الأسماء كما صغّر النغيرة، وكذلك المعنى في قوله: كان ابن لأبي طلحة يكنى أبا عمير.
[48]
وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا مازحه بذلك يبكي، ففي ذلك دليل على أن
قول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث آخر: «إذا بكى اليتيم اهتز العرش» ،
ليس على العموم في جميع بكائه، وذلك أن بكاء الصبي على ضربين: أحدهما: بكاء الدلال عند المزاح والملاطفة، والآخر: بكاء الحزن أو الخوف عند الظلم أو المنع عما به إليه الحاجة، فإذا مازحت يتيما أو لاطفته فبكى، فليس في ذلك- إن شاء اللَّه تعالى- اهتزاز عرش الرحمن. [49] وقد زعم بعض الناس أن الحكيم لا يواجه بالخطاب غير العاقل. وقال بعض أصحابنا، ليس كذلك، بل صفة الحكيم في خطابه أن لا يضع الخطاب في غير موضعه، وكان في هذا الحديث كذلك دليل، ألا ترى
أنه صلى الله عليه وسلم واجه الصغير بالخطاب عند المزاح فقال: «يا أبا عمير ما فعل النّغير؟» ،
ولم يواجه بالسؤال عند العلم والإثبات، بل خاطب غيره،
فقال: «ما بال أبي عمير؟» .
[50]
وفيه دليل على أن للعاقل أن يعاشر الناس على قدر عقولهم ولا يحمل الناس كلهم على عقله. [51] وفي نومه صلى الله عليه وسلم عندهم دليل على أن عماد القسم بالليل، وأن لا حرج على الرجل في أن يقيل بالنهار عند امرأة في غير يومها. [52] وفيه دليل على سنة القيلولة. [53] وفي دليل على خلاف ما زعم بعضهم في أدب الحكام أن نوم الحكام والأمراء في منزل الرعية- ونحو ذلك من الأفعال- دناءة تسقط مروءة الحكام. [54] وفي نومه على فراشها دليل على خلاف قول من كره أن يجلس الرجل في مجلس امرأة ليست له بمحرم أو يلبس ثوبها وإن كان على تقطيع الرجال. [55] وفيه أنه يجوز أن يدخل المرء على امرأة في منزلها وزوجها غائب وإن لم تكن ذات محرم له. [56] وفي نضح البساط له ونومه على فراشها دليل على إكرام الزائر. [57] وفيه أن التّنعّم الخفيف غير مخالف للسنة. وأن قوله:«كيف أنعم وصاحب الصور قد التقم القرن وأصغى بسمعه» ، ليس على العموم إلا فيما عدا التنعم القليل. [58] وفيه دليل على أنه ليس بفرض على المزور أن يشيّع الزائر إلى باب الدار- كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم بتشييع الضيف إلى باب الدار- إذ لم يذكر في هذا الحديث تشييعهم له إلى الباب. [59] وقد اختلف أهل العلم في تفسير ما ذكر من صفة النبي صلى الله عليه وسلم في حديث هند بن أبي هالة: كانوا إذا دخلوا عليه لا يفترقون إلا عن ذواق: قال بعضهم: أراد به الطعام. وقال بعضهم:
أراد به ذواق العلم. ففي تفسير هذا الحديث، الدليل على تأويل من تأوّله على ذواق العلم، إذ قد أذاقهم العلم ولم يذكر فيه ذواق الطعام. [60] وكان من صفته صلى الله عليه وسلم أنه يواسي بين جلسائه، حتى يأخذ منه كل بحظ، وكذلك فعل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في دخوله على أم سليم: صافح أنسا، ومازح أبا عمير الصغير، ونام على فراش أم سليم، حتى نال الجميع من بركته صلى الله عليه وسلم، وزاد على الستين فقال:
[61]
وإذا كان طلب العلم فريضة على كل مسلم، فأقل ما في تحفّظ طرقه أن يكون نافلة، وفيه أن قوما أنكروا خبر الواحد واختلفوا فيه: فقال بعضهم بجواز خبر الاثنين قياسا على الشاهدين، وقال
وخرّج البخاري في كتاب الأدب في باب حسن الخلق وما يكره من البخل، من حديث حماد بن زيد عن ثابت عن أنس بن مالك قال: كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أحسن الناس، وكان أجود الناس، وكان أشجع الناس (الحديث) .
وخرّج في باب ما ينهي من السباب واللعن من حديث فليح بن سليمان أخبرنا هلال بن علي عن أنس بن مالك قال: لم يكن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فاحشا ولا لعّانا ولا سبّابا، كان يقول عند المعتبة: ما له تربت جبينه.
وخرّج البخاري من حديث شعبة عن سليمان، سمعت أبا وائل، سمعت مسروقا قال: قال عبد اللَّه بن عمرو من حديث الأعمش عن شقيق بن سلمة عن مسروق قال: دخلنا على عبد اللَّه بن عمر حين قدم مع معاوية إلى الكوفة، فذكر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فقال: لم يكن فاحشا ولا متفحشا، وقال: قال رسول اللَّه:
إن من أخيركم أحسنكم خلقا (ذكره في كتاب الأدب وفي صفة النبي صلى الله عليه وسلم .
وخرّجه مسلم، ولفظه عن مسروق قال: دخلنا على عبد اللَّه بن عمرو حين قدم معاوية إلى الكوفة، فذكر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فقال: لم يكن فاحشا ولا متفحشا،
[ () ] بعضهم بجواز خبر الثلاثة، ونزع بقول اللَّه جل ذكره: فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ، وقال بعضهم بجواز خبر الأربعة، قياسا على أعلى الشهادات وأكبرها، وقال بعضهم بالشائع والمستفيض، فكان في تحفظ طرق الأخبار ما يخرج به الخبر عن حدّ الواحد إلى حد الاثنين وخبر الثلاثة والأربعة، ولعله يدخل في خبر الشائع المستفيض. [62] وفيه أن الخبر إذا كانت له طرق، وطعن الطاعن على بعضها احتج الراويّ بطريق آخر ولم يلزمه انقطاع، ما وجد إلى طريق آخر سبيلا.
[63]
وفيه أن أهل الحديث لا يستغنون عن معرفة النقلة والرواة ومقدارهم في كثرة العلم والرواية، ففي تحفظ طرق الأخبار، ومعرفة من رواها، ومعرفة كم روي كل راو منهم ما يعلم به مقادير الرواة ومراتبهم في كثرة الرواية. [64] وفيه أنهم إذا استقصوا في معرفة طرق الخبر عرفوا به غلط الغالط، وميزوا به كذب الكاذب، وتدليس المدلّس. [65] وإذا لم يستقص المرء في طرقه واقتصر على طريق واحد كان أقل ما يلزمه إن دلّس عليه في الرواية أن يقول: لعله قد روي ولم أستقص فيه، فرجع باللائمة والتقصير على نفسه والانقطاع وقد حلّ لخصمه. [66] إن مثل هذا الحديث فيه تثبيت الامتحان، والتمييز بيننا وبين أمثالهم، إذ لم يهتدوا إلى شيء من تخريج فقهه، ويستخرج أحدنا منه- بعون اللَّه وتوفيقه- كلّ هذه الوجوه، وفي ذلك وجهان:
أحدهما: اجتهاد المستخرج في استنباطه، والثاني: تبيين فضيلته في الفقه والتخريج على أغياره.
والعين المستنبط منها عين واحدة، ولكن من عجائب قدرة اللطيف في تدبير صنعه: أن تسقى بماء واحد ويفضل بعضها على بعض في الأكل.
(جزء فيه فوائد حديث أبي عمير) : ص 19- 35.
وقال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: إن من خياركم أحاسنكم أخلاقا.
ولأبي داود الطيالسي من حديث شعبة عن ابن إسحاق قال: سمعت أبا عبد اللَّه الجدلي يقول سمعت عائشة رضي الله عنها سئلت عن خلق رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فقالت: لم يكن فاحشا ولا متفحشا، لا سخّابا في الأسواق، ولا يجزي بالسيئة السيئة، ولكن يعفو ويصفح، أو قالت يعفو ويغفر (شك أبو داود) .
وخرّج البخاري في كتاب البيوع في باب كراهية السخب في الأسواق من حديث فليح: أخبرنا هلال عن عطاء بن يسار: لقيت عبد اللَّه بن عمرو بن القاضي، قلت: أخبرني عن صفة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في التوراة، قال: أجل واللَّه إنه لموصوف في التوراة ببعض صفته في القرآن: يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا، وحرزا للأميين، أنت عبدي ورسولي، سميتك المتوكل، ليس بفظ ولا غليظ ولا سخاب في الأسواق، ولا يدفع بالسيئة السيئة، ولكن يعفو ويغفر، ولن يقبضه اللَّه حتى يقيم الملة العوجاء بأن يقولوا لا إله إلا اللَّه، ويفتح به أعينا عميا، وآذانا صما، وقلوبا غلفا [ (1) ] .
وخرّج في تفسير سورة الفتح من حديث عبد العزيز بن أبي سلمة عن هلال ابن أبي هلال، عن عطاء بن يسار عن عبد اللَّه بن عمرو، أن هذه الآية التي في القرآن: يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً، قال في التوراة:
يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا [ومبشرا][ (2) ] وحرزا للأميين، أنت عبدي ورسولي، سميتك المتوكل، ليس بفظ ولا غليظ، ولا سخاب في الأسواق، ولا يدفع السيئة بالسيئة، ولكن يعفو ويصفح، ولن يقبضه اللَّه حتى يقيم به الملة العوجاء، بأن يقولوا لا إله إلا اللَّه فيفتح به أعينا عميا وآذانا صما، وقلوبا غلفا.
وخرّج يعقوب بن سفيان الفسوي من حديث آدم وعاصم بن علي قالا: أخبرنا ابن أبي ذؤيب، حدثنا صالح مولى التزمة قال: كان أبو هريرة رضي الله عنه ينعت النبي صلى الله عليه وسلم فقال: كان يقبل جميعا، ويدبر جميعا، بأبي وأمي ولم يكن فاحشا ولا
[ (1) ] في (خ)«أعين عمي وآذن صم وقلوب غلف» وما أثبتناه من (الطبقات الكبرى) لابن سعد ج 1 ص 361، (الشفا بتعريف حقوق المصطفى) للقاضي عياض ج 1 ص 15.
[ (2) ] زيادة من المرجعين السابقين.
متفحشا ولا صخابا في الأسواق (زاد آدم: ولم أر مثله قبله، ولم أر بعده) .
وذكر الوقدي أن أعرابيا أقبل من تهامة، فقال له أصحاب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:
تعال سلّم على رسول اللَّه، قال: وفيكم رسول اللَّه؟ قالوا: نعم، قال: فأيكم رسول اللَّه؟ قالوا هذا، قال: أنت رسول اللَّه؟ قال: نعم، قال: فما في بطن ناقتي هذه إن كنت صادقا؟
قال سلمة بن سلامة بن وقش: نكحتها، فهي حبلي منك، فكره رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم مقالته وأعرض عنه، ذكر ذلك في توجه رسول اللَّه إلى بدر، ثم ذكره في عود رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إلى بدر [ (1) ] .
قال: ولقيه الناس يهنئونه بالروحاء بفتح اللَّه، فلقيه وحوله الخزرج،
فقال سلمة بن سلامة بن وقش: ما الّذي تهنئوننا به؟ فو اللَّه ما قتلنا إلا عجائز صلعا، فتبسم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وقال: يا ابن أخي، أولئك الملأ لو رأيتهم لهبتهم، ولو أمروك لأطعتهم، ولو رأيت فعالك مع فعالهم لاحتقرته، وبئس القوم كانوا على ذلك لنبيهم، فقال سلمة بن سلامة: أعوذ باللَّه من غضبه، وغضب رسوله، إنك يا رسول اللَّه لم تزل عني معرضا منذ كنا بالروحاء في بدأتنا، فقال رسول اللَّه:
أما ما قلت للأعرابي وقعت على ناقتك فهي حبلي منك، ففحشت وقلت ما لا علم لك به، وأمّا ما قلت في القوم، فإنك عمدت إلى نعمة من نعم اللَّه تعالى تزهدها، فقبل منه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم معذرته، وكان من علية أصحابه.
وذكر الخطيب من حديث أبي داود: أخبرنا طلحة عن عبد اللَّه عن عبيد اللَّه عن أم سلمة قالت: ما طعن رسول اللَّه في حسب ولا نسب قط.
وخرّج البخاري في المناقب من حديث شعبة عن قتادة عن عبد اللَّه بن أبي عتبة عن أبي سعيد الخدريّ رضي الله عنه قال: كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أشدّ حياء من العذراء في خدرها، وزاد في رواية: وإذا كره شيئا عرف في وجهه، وذكره في كتاب الأدب ولفظه: فإذا رأي شيئا يكرهه عرفناه في وجهه وخرّجه مسلم بنحوه [ (2) ] .
[ (1) ] راجع هذا الخبر عند الكلام على غزوة بدر من هذا الجزء تحت عنوان: خبر الأعرابي بعرق الظبية» ، وانظر أيضا (سيرة ابن هشام) ج 2 ص 187 تحت عنوان «الطريق إلى بدر» .
[ (2) ](مسلم بشرح النووي) ج 15 ص 78 باب كثرة حيائه صلى الله عليه وسلم.
ولأبي داود والبخاري في الأدب المفرد من حديث حماد بن زيد قال: حدثنا سلّم [ (1) ] العلويّ عن أنس أنّ رجلا دخل على رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وعليه أثر صفرة، كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قلّ ما يواجه رجلا في وجهه بشيء يكرهه، فلما خرج قال:
لو أمرتم هذا أن يغسل ذا عنه [ (2) ] !
وله من حديث الأعمش عن سليم [ (3) ] عن مسروق عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا بلغه عن الرجل الشيء لم يقل: ما بال فلان يقول؟
ولكن يقول: ما بال من يقولون كذا وكذا؟.
وفي لفظ: إذا بلغه الشيء عن الرجل لم قلت كذا وكذا أثر ذكره.
وخرّج البخاري ومسلم من حديث مالك عن إسحاق عن أنس قال: كنت أمشي مع النبي صلى الله عليه وسلم، وعليه برد غليظ الحاشية، فأدركه أعرابي فجبذه بردائه جبذا شديدا حتى نظرت إلى صفحة عاتق رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قد أثّرت بها حاشية البرد من شدة جبذته، ثم قال: يا محمد مر لي من مال اللَّه الّذي عندك، قال: فالتفت إليه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فضحك، ثم أمر له بعطاء [ (4) ] .
وخرّج الحاكم من حديث عبد اللَّه بن يوسف التنيسي حدثنا عبد اللَّه بن سالم، حدثنا محمد بن حمزة بن محمد بن يوسف بن عبد اللَّه بن سالم [ (5) ] عن أبيه عن جده، أن زيد بن سعنة- كان [ (6) ] من أحبار اليهود- أتي النبي صلى الله عليه وسلم يتقاضاه فجبذ ثوبه عن منكبه الأيمن. ثم قال: إنكم يا بني عبد المطلب أصحاب مطل، وإني بكم لعارف، قال: فانتهره عمر، فقال له رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم [يا عمر] [ (7) ] : أنا وهو كنّا إلى غير هذا منك أحوج، أن تأمرني بحسن القضاء، وتأمره بحسن التقاضي، انطلق يا عمر وفّه حقّه، أما إنه قد بقي من أجله ثلاث، فزده [ (8) ]
[ (1) ] قال أبو داود: سليم ليس هو علويا. كان يبصر في النجوم، وشهد عند عدي بن أرطاة على رؤبة الهلال فلم يجز شهادته.
[ (2) ](سنن أبي داود) ج 5 ص 143 حديث رقم 4789.
[ (3) ] في (خ)«مسلم» .
[ (4) ] ونحوه في سنن أبي داود ج 5 ص 133 كتاب الأدب باب في الحلم وأخلاق النبي حديث رقم 4775.
[ (5) ] في (خ)«سلام» .
[ (6) ] في (خ)«وكان» .
[ (7) ] زيادة من (المستدرك) .
[ (8) ] في (خ)«وزده» .
ثلاثين صاعا لتزويرك [ (1) ] عليه.
قال الحاكم: صحيح الإسناد [ (2) ] .
وخرّجه الفسوي من حديث الأعمش عن ثمامة بن عقبة عن زيد بن أرقم قال:
كان رجل من الأنصار يدخل علي النبي صلى الله عليه وسلم، فدنا منه وإنه عقد له عقدا وألقاه في بئر، ففزّع ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، فأتاه ملكان يعودانه فأخبراه أن فلانا عقد له عقدا وهي في بئر فلان، وقد اصفرّ الماء من شدة عقده، فأرسل الني صلى الله عليه وسلم فاستخرج العقد فوجد الماء قد اصفرّ، فحل العقد ونام النبي عليه السلام، ولقد رأيت الرجل بعد ذلك يدخل علي النبي صلى الله عليه وسلم، فما رأيته في وجه النبي عليه السلام حتى مات.
ولأبي بكر بن أبي شيبة من حديث عباد بن العوام، عن النعمان بن ثابت عن إبراهيم بن محمد بن المنتشر عن أنس قال: ما أخرج رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ركبتيه بين يدي جليس قط، ولا ناول يده أحدا قط فتركها حتى يكون هو يدعها، وما جلس إلى رسول اللَّه أحد قط فقام حتى يقوم، وما وجدت شيئا قط أطيب ريحا من رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم.
وخرّج الفسوي من حديث عمران بن زيد الملائي قال: حدثني زيد العمي عن أنس قال: كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إذا صافح أو صافحه الرجل. لا ينزع، وإن استقبله بوجهه لا يعرضه عنه حتى يكون الرجل ينصرف، ولم ير مقدما ركبتيه بين يدي جليس له.
وخرّج أبو داود من حديث مبارك بن فضالة [ (3) ] عن ثابت عن أنس قال: ما رأيت رجلا التقم أذن النبي صلى الله عليه وسلم فينحي رأسه حتى يكون الرجل هو الّذي ينحي رأسه، وما رأيت رسول اللَّه أخذ بيده رجل [ (4) ] فترك يده حتى يكون الرجل هو الّذي يدع يده [ (5) ] .
وفي الأدب المفرد للبخاريّ من حديث عبد الوارث، حدثنا عتبة بن عبد الملك،
[ (1) ] في (خ)«لتدورك» .
[ (2) ] وقال الذهبي في (التلخيص) : «قلت: مرسل» راجع المستدرك للحاكم ج 2 ص 32 كتاب البيوع.
[ (3) ] هو ابن فضالة، أبو فضالة القرشي العدوي، مولاهم البصري، قال عفان بن مسلم: ثقة. وضعّفه الإمام أحمد بن حنبل ويحيى بن معين والنسائي وغيرهم.
[ (4) ] في (أبي داود) : «وما رأيت رجلا أخذ بيده فترك يده» .
[ (5) ](سنن أبي داود) ج 5 ص 146 حديث رقم 4794، كتاب الأدب.
حدثني زرارة بن كريم بن الحارث بن عمرو السهمي، أن الحارث بن عمرو السهمي حدثه قال: أتيت النبي وهو بمنى أو بعرفات، وقد أطاف به الناس، ويجيء الأعراب فإذا رأوا وجهه قالوا: هذا وجه مبارك، قلت يا رسول اللَّه استغفر لي، فقال:
اللَّهمّ اغفر لنا، فدرت فقلت: استغفر لي فقال: اللَّهمّ اغفر لنا،
فدرت فقلت استغفر لي فقال: اللَّهمّ أغفر لنا، فذهب بيده بزاقه ومسح به نعله، كره أن يصيب أحدا من حوله.
وخرّج الحاكم من حديث محمد بن إسحاق عن يعقوب بن عتبة عن عمر ابن عبد العزيز عن يوسف بن عبد اللَّه بن سلام عن أبيه قال: كان رسول اللَّه إذا جلس يتحدث كثيرا يرفع طرفه إلى السماء.
وفي الصحيحين من حديث الأعمش عن أبي حازم عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: ما عاب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم طعاما قط، إن اشتهاه أكله، وإلا تركه [ (1) ] .
وخرّج البخاري في كتاب الأدب من حديث ابن وهب، أخبرنا عمرو أن أبا النضر حدثه عن سليمان بن يسار عن عائشة رضي الله عنها قالت: ما رأيت النبي صلى الله عليه وسلم مستجمعا قط ضاحكا حتى أرى منه لهواته، إنما كن يتبسم [ (2) ] .
وخرج مسلم بنحوه.
وخرّج مسلم من حديث يحيى بن يحيى أخبرنا أبو خيثمة عن سماك بن حرب قال: قلت لجابر بن سمرة: أكنت تجالس رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم؟ قال نعم، كثيرا ما كان لا يقوم من مصلاه الّذي يصلّى فيه الصبح حتى تطلع الشمس. فإذا طلعت قام، وكانوا يتحدثون ويأخذون في أمر الجاهلية، فيضحكون ويبتسم صلى الله عليه وسلم [ (3) ] .
[ (1) ] أخرجه البخاري في المناقب باب صفة النبي صلى الله عليه وسلم، ومسلم في الأشربة باب لا يعيب الطعام، والترمذي في البر باب ترك العيب للنعمة وقال: حسن صحيح، وابن ماجة في الأطعمة باب النهي أن يعاب الطعام، وأبو داود كتاب الأطعمة باب كراهية ذمّ الطعام ولفظه:«ما عاب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم طعاما قط، إن اشتهاه أكله، وإن كرهه تركه» .
[ (2) ](صحيح البخاري حاشية السندي) ج 4 ص 64 من كتاب الأدب.
[ (3) ](مسلم بشرح النووي) ج 15 ص 79، ولفظه:«فيأخذون في أمر الجاهلية» وفيه: استحباب الذكر بعد الصبح وملازمة مجلسها ما لم يكن عذر وفيه جواز الحديث بأخبار الجاهلية وغيرها من الأمم، وجواز الضحك، والأفضل الاقتصار على التبسم كما فعله رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في عامة أوقاته.
وخرّجه الترمذي من حديث شريك عن سماك، عن جابر بن سمرة قال:
جالست النبي صلى الله عليه وسلم أكثر من مائة مرّة، فكان أصحابه يتناشدون الشعر ويتذاكرون أشياء من أمر الجاهلية وهو ساكت وربما تبسم [ (1) ] قال هذا حديث حسن صحيح.
وقال الليث بن سعد عن الوليد بن أبي الوليد أن سليمان بن خارجة أخبره عن خارجة بن زيد أن نفرا دخلوا على أبيه زيد بن ثابت فقالوا: حدّثنا عن بعض أخلاق رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فقال: كنت جاره فكان إذا نزل الوحي بعث إليّ فآتيه فأكتب الوحي، وكنا إذا ذكرنا الدنيا ذكرها معنا، وإذا ذكرنا الآخرة ذكرها معنا، وإذا ذكرنا الطعام ذكره معنا، فكل هذا يحدثكم عنه.
وخرّج البخاري في المناقب من حديث سفيان عن الزهري عن عروة عن عائشة رضي الله عنها، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحدث حديثا لو عدّه العادّ لأحصاه [ (2) ] . ومن حديث يونس عن ابن شهاب أنه قال: أخبرني عروة بن الزبير عن عائشة أنها قالت:
ألا يعجبك [ (3) ] أبا فلان جاء فجلس إلى جانب حجرتي [ (4) ] يحدث عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يسمعني ذلك، وكنت أسبّح فقام قبل أن أقضي سبحتي، ولو أدركته لرددت عليه إن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لم يكن يسرد [ (5) ] الحديث [كسردكم][ (6) ] .
وخرّج مسلم من حديث ابن وهب قال: أخبرني يونس عن ابن شهاب أن عروة بن الزبير حدّث أن عائشة قالت: ألا تعجل أبا هريرة جاء فجلس إلى جانب حجرتي يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم يسمعني ذلك، وكنت أسبح فقام قبل أقضي سبحتي، ولو أدركته لرددت عليه أن رسول اللَّه لم يكن يسرد الحديث كسردكم.
وخرّج أيضا من حديث سفيان بن عيينة عن هشام عن أبيه قال: كان أبو هريرة يحدث ويقول: اسمعي يا ربة الحجرة، وعائشة رضي الله عنها تصلي، فلما قضت صلاتها قالت لعروة: ألا تسمع إلى هذا أو مقالته آنفا؟ إنما كان النبي صلى الله عليه وسلم يحدث حديثا لو عدّه العاد لأحصاه.
[ (1) ](الشمائل المحمدية) ص 26 حديث 246 ولفظه، وربما تبسم معهم.
[ (2) ](فتح الباري) ج 6 ص 567 حديث رقم 3567.
[ (3) ] في (خ)«نعجل» .
[ (4) ] في (خ)«حجري» .
[ (5) ] في (خ)«ليرد» .
[ (6) ] هذه الكلمة غير واضحة في (خ) والتكملة من المرجع السابق حديث رقم 3568.
وخرّج الترمذي من حديث عبد اللَّه بن المثنى عن أبيه عن أنس قال: كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يعيد الكلمة ثلاثا لتعقل عنه. قال أبو عيسى: هذا حديث حسن غريب [ (1) ] .
ولابن حبان من حديث حسين بن علوان الكوفي، حدثنا هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت: ما كان أحد أحسن خلقا من رسول اللَّه، ما دعاه أحد من أصحابه ولا من أهل بيته إلا قال لبيك، فلذلك أنزل اللَّه: وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ.
وخرج أبو بكر الشافعيّ من حديث عثمان بن مطر، عن ثابت عن أنس قال: مرّ علينا النبي صلى الله عليه وسلم ونحن صبيان فقال: السلام عليكم يا صبيان.
وقال عبد الملك بن شقيق عن أبيه عن عبد اللَّه بن أبي الحماء قال: بايعت النبي صلى الله عليه وسلم ببيع قبل أن يبعث، فبقيت له بقية، فوعدته أن آتيه بها في مكانه ذاك، فنسيت يومي والغد، فأتيته في اليوم الثالث وهو في مكانه فقال: يا بني! لقد شققت عليّ، إني ها هنا منذ ثلاث.
وقال الإمام أحمد: حدثنا سعيد بن منصور، حدثنا عبد العزيز بن محمد عن محمد بن عجلان، عن القعقاع بن حكيم عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: إنما بعث لأتمم مكارم الأخلاق.
وقال محمد بن حماد بن سلمه عن عاصم بن بهدلة عن زر [ (2) ] عن عبد اللَّه بن مسعود قال: كنا يوم بدر تتعاقب ثلاثة على بعير، وكان عليّ وأبو لبابة زميلي رسول اللَّه، فكان إذا كانت عقب رسول اللَّه، يقولان له: اركب حتى نمشي، فيقول: إني لست بأغنى عن الأجر منكما، ولا أنتما بأقوى على المشي مني. وخرجه الحاكم [ (3) ] . وقال [ (4) ] صحيح الإسناد. وخرّجه ابن حبان أيضا في صحيحه.
وخرّج
[ (1) ](الشمائل المحمدية) ص 113 حديث رقم 234، وأخرجه الترمذي في المناقب والاستئذان، والبخاري في العلم والاستئذان.
[ (2) ] في (خ)«ذر» والتصويب من (المستدرك) .
[ (3) ]
(المستدرك على الصحيحين) ج 3 ص 20 ولفظه: «كنا يوم بدر كل ثلاثة على بعير، قال: وكان عليّ وأبو لبابة زميلي رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، قال: وكان إذا كانت عقبته قلنا: اركب حتى نمشي، فيقول:
ما أنتما بأقوى مني وما أنا بأغنى عن الأجر منكم»
في (خ)«بأغنا» .
[ (4) ] وقال: هذا حديث على شرط مسلم ولمن يخرجاه.