الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سنة ست وثمانين وسبعمائة
في أول يوم الجمعة دخل برهان الدين بن جماعة دمشق قاضياً وكان ولي في ذي القعدة سنة خمس بعد موت ولي الدين بن أبي البقاء، فخرج نائب الشام لتلقيه إلى خان العقبة، وهو شيء لم يعهد منذ دهر، ثم لبس الخلعة، ومدحه فتح الدين بن الشهيد بقصيدة قرأت عليه، ومدح بعده بعدة قصائد.
وفيها قدم زكي الدين الخروبي من المجاورة فأهدى للسلطان هدايا جليلة ولغيره من الأمراء، ووقع بينه وبين شهاب الدين الفارقي أحد أعيان التجار اليمنيين وهو أخو شرف الدين وزير صاحب اليمن فترافعا إلى السلطان فنسب الفارقي زكي الدين إلى أمور معضلة فأخرج الخروبي كتاب الأشرف صاحب اليمن إليه وضمنه كتاب من الفارقي يقول فيه: إن مصر آل أمرها إلى الفساد وليس بها صاحب له قيمه فلا ترسل بعد هذه السنة هدية فإن سلطانها اليوم أقل المماليك وأرذلهم فأمر السلطان بالقبض على الفارقي وقطع لسانه فتسلمه شاد الدواوين وصودر ثم شفع في لسانه فأطلق ولم يلبث بعد ذلك أن عمي، وخلع على زكي الدين خلعة معظمة واستقر كبير التجار.
وفيها خرج موسى بن أبي عنان المريني على أبي العباس بن أبي سالم، وكان أبو العباس قد حصر أبا حمو بتلمسان وخرب قصورها فسار عنها فرجع إليها أبو حمو فتنكر له ابنه أبو تاشفين فخرج أبو حمو ليصلح الأعمال فجاهره أبو تاشفين بالعصيان وقبض عليه بتلمسان وسجنه وأخذ ماله واعتقله بوهران.
وفيها قدم بيدمر نائب الشام غلى القاهرة فأكرمه السلطان وقبل منه هديته وتقدمته ورده إلى نيابته مكرماً.
وفيها في ربيع الأول ضعف الطنبغا الجوباني أحد الأمراء الكبار فعاده السلطان في بيته.
وفيها شغر منصب القضاء للحنفية بموت صدر الدين بن منصور أكثر من أربعين يوماً، وسعى فيه جماعة من النواب إلى أن ترجع أمر شمس الدين الطرابلسي بعناية أوحد الدين فاستقر بعد أن عرض المنصب مرة ثالثة على الشيخ جلال الدين التباني فامتنع كعادته.
وفيها عاد برهان الدين الدمياطي من الرسيلة إلى الحبشة، وكان قد حصل له من صاحبها اخراق بسبب فساد حصل منه هناك ثم طرده من بلاده.
وفيها راجع السلطان ناظر الجيش تقي الدين عبد الرحمن بن محب الدين في شيء فأجابه فغضب منه فأمر بضربه فبطح فضرب بين يديه نحو ثلاثمائة عصاه فحمل إلى منزله مريضاً فأقام ثلاثة أيام ومات، واستقر في نظر الجيش موفق الدين الذي أسلم قريباً مضافاً لنظر الخاص.
وفيها توجه شهاب الدين الطيلوني لعمارة البرجين بدمياط.
وفيها وقع في دمشق سيل عظيم، ذكروا أنهم لم يشاهدوه مثله.
وفيها ولي بدر الدين بن منهال صهر الشيخ سراج الدين البلقيني زوج ابنته نظر المواريث فباشره أحد عشر يوماً وعزل.
وفيها اعتنى الطنبغا الجوباني بالشيخ ولي الدين بن خلدون إلى أن استقر في قضاء المالكية عوضاً عن جمال الدين بن خير في جمادى الآخرة، وكان قدم قبل ذلك في السنة التي مضت ليحج فلم يتهيأ له في تلك السنة، فأقام وتعرف بالجوباني فراج عليه وجمعه على السلطان،
فقرأت بخط القاضي تقي الدين الزبيري أنه باشر بقوة وشدة وخروج عن العادة، وعاند الخليلي وغيره من الأكابر فلم تطل مدته.
وفيها نزل بدمشق سيل عظيم وفيها هدمت قبة القاهرة.
وفيها وقع بين الشيخ أكمل الدين وبين الشيخ شمس الدين الركراكي منازعة في الشيخونية فعزله من الدرس، فتشفع إليه بالأمراء فامتنع فتوصل إلى أن تشفع عنده بالسلطان فراسل أكمل الدين في ذلك فلم يجب، فتغير خاطر السلطان على الشيخ أكمل الدين وشكى منه لجلسائه، فبلغ ذلك الشيخ أكمل الدين فطلع إلى القلعة يوم الجمعة وصلى مع السلطان وشكى إليه صورة الحال وأنه لم يرد رسالته إلا لما يترتب على ذلك من بهدلته عند أهل الخانقاه وتدخل عليه إلى أن أرضاه واستمر عزل الركراكي، واستقر تاج الدين بهرام في تدريس المالكية عوضه، ثم لم يلبث أكمل الدين أن مات في رمضان فعاد الركراكي إلى وظيفته، واستقر عز العرب الفزاري في مشيخته الشيخونية نقلاً من البيبرسية، واستقر في مشيخة البيبرسية عوضه شرف الدين عثمان الكرادي المعروف بالأشقر إمام السلطان.
وفيها توجه سودون النائب وبعض القضاة إلى الكنيسة المغلقة بمصر فهدموا منها أماكن جددها النصارى.
وفي شهر رجب ابتدئ بعمارة المدرسة الظاهرية بين القصرين، واستقر جركس الخليلي شاد العمائر بها، وأسست في المكان الذي كان خان الزكاة وهدم في سنة ثلاث وثماني وسبعمائة فلما تكامل شيل التراب شرع في العمارة.
وفيها ورد كتاب من نائب حلب يخبر فيه أن القضاة الأربعة بحلب تخاصموا في شيء فآل أمرهم إلى المماسكة بالذقون، ثم وردت منهم أربعة محاضر من كل قاض محضر يتضمن فسق البقية، فقال الظاهر: لا يحل تولية الفساق، وأمر بعزل الأربعة.
وفي رمضان بعد موت أكمل الدين الدعى على برهان الدين الدمياطي عند ابن خلدون وأنه قال: لا رحم الله أكمل الدين! فعزره بالحبس، ورفع عند ابن خلدون على تاج الدين بن الطريف وعز الدين الطيبي أنهما أعانا على بيع وقف بأن محيا الكتابة من المكتوب وقدما تاريخ الإجازة، فلما ثبت ذلك عنده عليهما عزرهما ومنعها من التوقيع، وفي كائنة الطيبي يقول ابن العطار:
سمر الطيبي بتزويره
…
وظن ابن خلدون لم يرقب.
وما ساقه الله إلا لأن
…
يميز الخبيث من الطيب.
وفيها وصلت مركب من المغرب فيها ولد ابن خلدون وعياله وهدية من صاحب المغرب ورسول صاحب مصر المجهز لذلك بسبب ابن خلدون، فلما وصلت المركب إلى المينا غرقت وغرق أكثر من كان فيها وغرق مسعود رسول صاحب مصر الذي كان توجه إحضارهم، وسلم عبد الله الساسي رسول صاحب المغرب وولدا ابن خلدون وهما محمد وعلي وغرق للقاضي خمس بنات، وبقي من الهدية فرس وبغلة وشيء يسير جداً.
وفيها عاد بدر الدين بن فضل الله إلى كتابة السر بعد موت أوحد الدين وفيها مات بهادر أمير الركب فدفن بعيون القصب في قبة، فأرسل السلطان ابن أخيه أبو بكر بن سنقر أميراً على الحج فأدركهم بمكة وحج بهم.
وفيها قدمت رسل طقتمش خان ابن أزبك سلطان الدشت، واسم كبيرهم جسن بن رمضان، وكان أبوه نائب القرم، أرسل بهم صاحب القرم ومعهم هدية، فقبلت وأرسلت أجوبتهم.
وفيها أوقع العادل صاحب حصن كيفا بالزرقية فصالحوه على ترك الغارة وقطع الطريق.
وفيها راسل قرا محمد من الموصل يخطب بنت القاهر صاحب ماردين، فامتنع فتجهز