الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سنة تسعين وسبعمائة
فيها أصاب الحاج في رجوعهم في ليلة التاسع من المحرم عند ثغرة حامد سيل عظيم، فمات عدد كثير عرف منهم مائة وسبعة وثلاثون نفساً وأما من لم يعرف فكثير جداً، وتلف من الأمتعة شيء كثير جداً.
وفيها في صفر أمر السلطان بعرض الحلقة وكتب إلى جميع البلاد بذلك فقاسوا من ذلك شدة. ثم استعان الأمراء ليلة المولد النبوي بالشيخ سراج الدين البلقيني والشيخ برهان الدين بن زقاعة وكان السلطان يعتقده فشفعا فيهم أعانهما الأمراء فأمر بترك العرض.
وفيها كانت الوقعة بين العسكر المجهز من القاهرة مع عساكر دمشق وحلب وفيهم الطنبغا المعلم وقزدمر وسودون باق وآخرون، فنازلوا سيواس فاستعان عليهم صاحبها بالتتار المقيمين ببلاد الروم، فافترقوا فرقتين فرقة تقابل التتار، وفرقة تقابل التركمان، إلى أن كسروا الطائفتين وحاصورا سيواس وطال عليهم الأمر إلى أن جرح كثير من خيولهم وقلت الأقوات لديهم فأمدهم السلطان بالمال الكثير والجند والخيول والأمتعة وجهز لهم ذلك صحبة ملكتمر الدويدار، وأذن لهم في ترك حصار سيواس والرجوع إلى ملطية، فلما أرادوا الرجوع كبسهم التتار من خلفهم، فأنجدهم يلبغا الناصري نائب حلب ومعه نحو ألف نفس فكسرهم وهم نحو عشرة آلاف، وقيل بل أكثر،
وكان السبب في ذلك أن الناصري لما وصل إلى سيواس راسله القاضي برهان الدين صاحبها يطلب الأمان واقترح أن الناصري يرحل بالعسكر إلى الجانب الآخر ليخرج إليه ويسلمه منطاش فخشي الناصري من المكيدة فاحترز ورحل فنزل قريباً فاستمر أكثر العسكر راجعاً إلى حلب، فلما تحقق برهان الدين ذلك ركب في عسكره ومعه منطاش ومن انضوى إليه فحملوا على الناصر فثبت لهم وحمل عليهم بمن معه فانهزموا وطلبوا المدينة واستمر في حصارها إلى أن أذن له في الرجوع إلى حلب فقتل من التتار خلق وأسر منهم نحو الألف وغنموا كثيراً من خيولهم ورجعوا إلى حلب وقتل إبراهيم بن شهري نائب دوركي على سيواس، ثم توجع العسكر إلى حلب ثم إلى القاهرة فدخلوها في ثالث شعبان، وكان توجههم من حلب في ربيع الآخر، وكبيرهم يونس الدوادار وكان خروج المدد لهم مع ملكتمر في جمادى الآخرة.
وفيها أراد الطنبغا الجوباني نائب الشام المخامرة، فطن به بعض الأمراء فكاتب السلطان بأنه ضرب طرنطاي حاجب الحجاب، واستكثر من استخدام المماليك ونحو ذلك، فأذن له بالقبض عليه، فأحسن الطنبغا بذلك فركب جريدة إلى القاهرة مظهراً للطاعة متنصلاً مما نقل عنه، فتلقاه فارس الجوكندار إلى سرياقوس، فسار به إلى الإسكندرية فسجنه بها في شوال، واستقر طرنطاي نائب دمشق، وحمل إليه التقليد مع سودون الطرنطاي الذي ولي نيابة الشام بعد ذلك، وأمر طرنطاي بقبض الأمراء البطالين ببلاد الشام، وبالقبض على كثير ممن يظن به المخامرة، فقبض على عدد كثير وقبض على الطنبغا المعلم أمير سلاح وقزدمر رأس
نوبة وسجنا بالإسكندرية أيضاً، وقبض على كمشبغا الحموي نائب طرابلس في شوال بأمر السلطان أيضاً، واستقر اسندمر حاجبها نائباً بها.
وفي المحرم سمر علي بن نجم أمير العرب في عشرين نفساً من أكابر قومه لقتلهم محمداً وعمراً ابني شاد واليهم.
وفيه قدمت رسل أبي يزيد بن عثمان ملك الروم بهدية منه إلى الظاهر فقلبت هديته وردت أجوبته.
وفيه كان الغلاء ببلاد الشام حتى بيعت الغرارة بإثني عشر ديناراً واكثر، وعز الماء في القدس جداً.
وفيها استقر جمال الدين محمود شاد الدواوين استادارا كبيراً بعد موت بهادر المنجكي وأضيف إليه أمر الوزير وناظر الخاص أن لا يخالفاه فيما يراه مصلحة وكان تقريره في اللاستادارية في ثالث جمادى الآخرة. وفي وظيفة المشورة في الخامس منه، واستقر ناصر الدين بن الحسام الصقري شاد الدواوين عوضاً عن محمود المذكور.
وفيها بعد أن رجع تمرلنك إلى الدشت وبلغ ذلك قرا محمداً الرتكماني، فنازل وغلب عليها
وخطب فيها باسم السلطان وكتب السكة باسمه، وأرسل الدراهم إليه بذلك ففرح السلطان بذلك وكتب له أجوبته بالشكر.
وفي رجب وقع الخلف بين برهان الدين أحمد صاحب سيواس ومنطاش، فأراد البرهان القبض عليه ففر منه.
وفيها كانت الوقعة بين عنان بن مغامس وعلي بن عجلان، فانكسر عنان وتوجه إلى القاهرة فوصل في شوال.
وفي شهر ربيع الأول هبت ريح عظيمة بمصر وتراب شديد إلى أن كاد يعمي المارة في الطرقات، وكان ذلك صبيحة المولد الذي يعمله الشيخ إسماعيل بن يوسف الأنبابي فيجتمع فيه من الخلق من
لا يحصى عددهم بحيث أنه وجد في صبيحته مائة وخمسين جرة من جرار الخمر فارغات إلى ما كان في تلك الليلة من الفساد من الزناء واللواط والتجاهر بذلك فأمر الشيخ إسماعيل بإبطال المولد بعد ذلك فيما يقال، ومات في سلخ شعبان.
وفي صفر ابتدأ الظاهر بشرب التمر والبسر واستمر ذلك كل يوم أربعاء.
وفيها استولى الفرنج على جزيرة جربة انتزعوها من المسلمين.
وفيها عمل إبراهيم بن الجمال المغني المشهور وأخوه خليل المشبب السماع على العادة في المولد لبعض المصريين بمكان بالقرب من رحبة الخروب فسقط البيت الذي هم فيه فمات المغني والمشبب وجماعة تحت الردم وتهشم من عاش منهم حتى أن بعض معارفنا استمر أحدب إلى أن مات، وكان إلى ولدي ابن الجمال المنتهي في صناعتهما.
وفي ربيع الأول استقر فخر الدين بن مكانس في نظر الدولة عوضاً عن أمين الدين عبد الله بن ريشة.
وفيها استقر سري الدين بن المسلاتي، وهو سبط الشيخ تقي الدين السبكي في قضاء الشافعية عوضاً عن برهان الدين بن جماعة، وحمل إليه التقليد إلى دمشق في أواخر شعبان وأعيد تقي الدين الكفري إلى قضاء الحنفية عوضاً عن نجم الدين بن الكشك.
وفي تاسع عشر رمضان غضب السلطان على سعد الدين بن البقري ناظر الديوان المفرد، وصادره على خمسة آلاف دينار، وقبض على سعد الدين بن قارورة مستوفي الدولة وصودر على ألف دينار أو أكثر، وقبض على الوزير علم الدين كاتب سيدي في شهر رمضان وقرر عليه عشرة آلاف دينار، فمات بعد ذلك في أواخر ذي الحجة، وقرر في الوزارة عوضه كريم الدين بن الغنام.
وفي عاشر شوال استقر شمس الدين ابن أخي الجار في مشيخة سعيد السعداء عوضاً عن شهاب الدين الأنصاري.
وفي رجب قدم بعض التجار بجماعة من أقارب السلطان الجراكسة، فخرج عليهم طائفة من الفرنج الجنوبية فأسروهم فبلغ الظاهر الخبر، فأمر بالقبض على من بالإسكندرية من الجنوبية وختم على حواصلهم في أواخر شعبان، فبلغهم الخبر فأطلقوا من بأيديهم منهم فقدم الإسكندرية خواجا على أخو الخواجا عثمان بجميع من أسره الفرنج من أقارب السلطان ففك الختم عن حواصل الفرنج، وذلك في أواخر ذي الحجة.
وفيها في ربيع الأول رتب نجم الدين الطنبذي المحتسب من فقراء الفقهاء من يعلم أصحاب الدكاكين من العامة الفاتحة وفرائض الصلاة ونهى قراء المواعيد والوعاظ عن التهتك وأمرهم أن يبدلوه بالصلاة والسلام على النبي صلى الله عليه وسلم.
وفيها غضب السلطان على بهادر مقدم المماليك بسبب أنه وجد سكراناً في بيت على البحر فضربه وأمر بنفيه إلى صفد، وقرر عوضه في التقدمة صندل الأسود الملقب شنكل.
وفيها بلغ السلطان أن كريم الدين بن مكانس وأبو البركات بن الرويهب صهره نصبا خيمة على شاطئ النيل وأحضرا من يغني وعملا مقاماً حافلاً فأمر بالقبض عليهما وضربهما بالمقارع ومصادرتهما، فأخذ خط ابن مكانس بمائة ألف وابن الرويهب بخمسين ألفاً.
وفيها في رجب ضرب محب الدين السمياطي أمين الحكم بين يدي السلطان نحو مائتي عصاة، لأنه رفع عليه أن تحت يده لإسماعيل بن مازن أمير العرب بالصعيد وديعة ذهب، وأنه لم يطلع السلطان عليها فحصل بسبب ذلك للقاضي بدر الدين بن أبي البقاء إهانة، وعزل عن قرب.
وفيها نازل الفرنج طرابلس الشام فواقعوهم المسلمون فكسروهم وأخذوا منهم ثلاثة مراكب.
وفيها حج جركس الخليلي وعمل في الحجاز خيراً كثيراً.
وفي أواخرها خامر يلبغا الناصري بائب حلب.
وفيها كان الرخص الزائد حتى بيع الأردب القمح بثمانية دراهم.
وفي ربيع الأول تزايد الموت بالأمراض الحادة والطاعون حتى بيعت البطيخة من
الصيفي بخمسين درهماً قيمتها يومئذ دينارين وكان أكثر الموت في المماليك السلطانية حتى زاد كل يوم على عشرين نفساً منهم، فندب القاضي برهان الدين بن الميلق جماعة لقراءة البخاري بالجامع الأزهر ودعوا الله عقب ختمه برفع الوباء، ثم اجتمعوا يوم الجمعة بالجامع الحاكمي ففعلوا مثل ذلك، ثم اجتمعوا أكثر من عددهم الأول فاستغاثوا بالجامع الأزهر، وكان وقتاً عظيماً فارتفع الوباء في ثاني جمادى الآخرة بعد أن بلغ في كل يوم ثلاثمائة نفس.
وفيه استقر ايدكار حاجباً كبيراً بعد أن شغرت الوظيفة أربع سنين منذ مات قطلوبغا الكوكائي.
وفي ثالث عشر مسري أوفي النيل بمصر وذلك في أول يوم من شعبان.
وفي ذي الحجة استقر محمد بن عيسى أمير عرب العائد في كشف الشرقية عوضاً عن قطلوبغا التركماني.
وفيها وقع الخلف بين قرا محمد التركماني وبين حسن بن حسن بك وثارت الفتنة بينهما.
وفي ذي الحجة استقر شمس الدين محمد بن أحمد بن مهاجر في قضاء الشافعية بحلب عوضاً عن مسعود، واستقر محب الدين بن الشحنة في قضاء الحنفية بها.