الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر من مات
في سنة أربع وسبعين وسبعمائة من الأعيان
إبراهيم بن أحمد بن إسماعيل الجعفري الدمشقي الحنفي، برع في الفقه وناب في الحكم ودرس، مات في المحرم.
إبراهيم بن خليل بن شعبان الصارم، أستاد دار الأتابك اسندمر، مات في ذي القعدة.
إبراهيم بن محمد بن عيسى بن مطير بن علي بن عثمان الحكمي اليمنى، كان عالماً صالحاً عارفاً بالفقه، درس وأفتى وحدث عن أبيه. وكان مقيماً بأبيات حسين من سواحل اليمن، وكان يلقب ضياء الدين، سمع من والده ومن محمد بن عثمان بن هاشم الحجري وغيرهما، حفظ وحدث.
أحمد بن رجب بن الحسن بن محمد بن مسعود السلامي البغدادي نزيل دمشق، والد الحافظ زين الدين بن رجب، ولد ببغداد ونشأ بها، وقرأ بالراويات وسمع من مشايخها، ورحل إلى دمشق بأولاده فأسمعهم بها وبالحجاز والقدس، وجلس للإقراء بدمشق وانتفع به، وكان ذا خير ودين وعفاف، ومات في هذه السنة أو التي قبلها.
أحمد بن عبد الله العباسي ثم المصري الحنبلي، سبط أبي الحرم القلانسي، مات في جمادى الأولى، وهو منسوب إلى العباسية من قرى الشرقية.
أحمد بن عبد الوارث البكري، الفقيه الشافعي، شهاب الدين، وهو والد الشيخ نور الدين الذي ولي الحسبة وأخو صاحبنا عبد الوارث المالكي وجد صاحبنا نجم
الدين عبد الرحمن، مات في شهر رمضان. قال لي شيخنا ابن القطان: كان عارفاً بالفقه والأصل والعربية منصفاً في البحث، ولي تدريس مدرسة اطفيح، واعتزل الناس في آخر عمره.
أحمد ابن محمد بن جمعة بن أبي بكر بن إسماعيل بن حسن الأنصاري الحلبي شهاب الدين أبو العباس الشافعي، ويقال له ابن الحنبلي، سمع من التاج النصيبي جزء محمد بن الفرج الأزرقي، وأفتى وحدث وناب في الحكم، مات في ذي الحجة عن نحو من سبع وسبعين سنة، فإن مولده في ربيع الآخر سنة ثمان وتسعين.
أحمد بن محمد بن علي بن سعيد الدمشقي، صدر الدين أبو طاهر بن بهاء الدين ابن إمام المشهد، ولد سنة اربع وثلاثين أو بعد ذلك، وأحضر على زينب بنت الكمال وأحمد بن علي الجزري، وسمع من أصحاب الفخر فأكثر وبرع في الطلب، وكتب الطباق بخطه الحسن، ووقع على القضاة، ومات في ثامن شعبان.
أحمد بن محمد بن محمد بن المسلم بن علان القيسي الدمشقي، شهاب الدين، كاتب السر بحلب، باشرها سنة واحدة، ومات وله نيف وخمسون سنة.
ارغون ططر بن عبد الله التركي، كان من مماليك حسن، وتقدم في دولة يلبغا، ثم ولي رأس نوبة ثم قبض بعد كائنة يلبغا سنة ثمان وستين وحبس بالإسكندرية ثم أفرج عنه، وولي إمرة حماة واستقر بها غلى أن مات في أوائل هذه السنة.
إسماعيل بن عمر بن كثير بن ضوء بن كثير بن ضوء بن درع البصروي ثم الدمشقي، الفقيه الشافعي الحافظ عماد الدين ابن الخطيب شهاب الدين، ولد سنة سبعمائة، وقدم دمشق وله نحو سبع سنين سنة ست وسبعمائة مع أخيه بعد موت أبيه وحفظ التنبيه، وعرضه سنة ثماني عشرة، وحفظ مختصر ابن الحاجب، وتفقه بالبرهان الفزاري والكمال ابن قاضي شهبة، ثم صاهر المزي، وصحب ابن تيمية، وقرأ في الأصول على الأصبهاني، وألف في صغره أحكام التنبيه، فيقال إن شيخه البرهان أعجبه وأثنى عليه، واتفق قدوم ابن جماعة في الرحلة بولده عمر سنة عشر إلى دمشق، فاستقدمه معه وانتفع به في تخريج أحاديث الرافعي، ورأيت نسخة من تخريج أحاديث مختصر ابن الحاجب لم يبيضها بخط تقي الدين ابن رافع، وكان كثير الاستحضار قليل النسيان جيد الفهم، وكان يشارك في العربية ويستحضر التنبيه ويكرر عليه إلى آخر وقت وينظم نظماً وسطاص، قال ابن حجى: ما اجتمعت به قط إلا استفدت منه، وقد لازمته ست سنين. وقد ذكره الذهبي في معجمه المختص فقال: الإمام المحدث المفتي البارع، ووصفه بحفظ المتون وكثرة الاستحضار جماعة منهم الحسيني وشيخنا العراقي وغيرهما، وسمع من الحجار والقاسم بن عساكر وغيرهما، ولازم الحافظ المزي وتزوج بابنته، وسمع عليه أكثر تصانيفه، وأخذ عن الشيخ تقي الدين ابن تيمية فأكثر عنه، وصنف التصانيف الكثيرة في التفسير والتاريخ والأحكام. وقال ابن حبيب فيه: إمام ذوي التسبيح والتهليل، وزعيم أرباب التأويل، سمع وجمع وصنف، وأطرب الأسماع بقوله وشنف، وحدث وأفاد، وطارت أوراق فتاويه إلى البلاد، واشتهر بالضبط
والتحرير، وانتهت إليه رئاسة العلم في التاريخ والحديث والتفسير. مات بدمشق في خامس عشر شعبان، وقد أجاز لمن أدرك حياته، وهو القائل:
تمر بنا الأيام تترى وإنما
…
نساق إلى الآجال والعين تنظر.
فلا عائد ذاك الشباب الذي مضى
…
ولا زائل هذا المشيب المكدر.
قلت: ولو كان قال: فلا عائد صفو الشاب إلى آخره، لكان أمتع.
ولما رتب الحافظ شمس الدين بن المحب المعروف بالصامت مسند أحمد على ترتيب حروف المعجم حتى في التابعين المكثرين عن الصحابة أعجب ابن كثير فاستحسنه، ورأيت النسخة بدمشق بخط ولده عمر فألحق ابن كثير ما استحسنه في الهوامش من الكتب الستة ومسندي أبي يعلى والبزار ومعجمي الطبراني ما ليس في المسند، وسمى الكتاب جامع المسانيد والسنن وكتبت منه عدة نسخ نسبت إليه وهو الآن في أوقاف المدرسة المحمودية، المتن ترتيب ابن المحب والإلحاقات بخط ابن كثير في الهوامش والعصافير، وقد كنت رأيت منه نسخة بيضها عمر بن العماد بن كثير مما في المتن والإلحاق، وكتب عليه الاسم المذكور.
إسماعيل بن محمد بن نصر الله بن يحيى بن دعجان بن خلف العدوي، فخر الدين ابن عمر محيي الدين بن فضل الله كاتب السر، سمع من البنديجي مشيخته وحدث، ومات في المحرم وله سبع وسبعون سنة، لأن مولده سنة سبع وتسعين وستمائة، ولو سمع على قدر سنة لأدرك إسناداً عالياً.
أبو بكر بن محمد بن يعقوب الشقاني المعروف بابن أبي حربة، كان فقيهاً
عارفاً فاضلاً زاهداً صاحب كرامات شهيرة بلاده، وهو من شقان بضم المعجمة وتشديد القاف وآخره نون من السواحل بين جدة وحلى.
بهادر قلقاس. وكيل السلطان بدمشق، كان من أكابر الظلمة ففرح الناس بموته.
بركة خاتون بنت عبد الله المولدة، والدة الملك الأشرف، تزوجت الجائي في سلطنة ولدها، وماتت في عصكته في ذي القعدة، ولها مدرسة بالتبانة، وكان الأشرف كثير البر لها بحيث أنه أعادها مراراً حتى بالروضة مقابل مصر، وماتت في ذي القعدة، فأراد الأشراف أن يزوج الجاي ابنته، فقيل: لا تحل له، فجمع القضاة فأفنوه بالمنع لأن بنت الربيب ربيبة، فعوضه عنها بسرية له وكان يحبها اسمها بستان فأعتقها وزوجها له، ثم وقع بينهما منافرة بسبب تركة أم الأشراف التي ماتت
الحسن بن عبد العزيز بن عبد الكريم بن أبي طالب بن علي بن سيدهم اللخمي التستراويني ثم المصري، أبو محمد بدر الدين، كان جواداً وافر المروءة كثير المكارم محباً في الصالحين، باشر ديوان طبيغا الطويل ودخل معه حلب لما وليها ثم رجع، وكان قد سمع من الحجار وعبد الرحمن بن مخلوف بن جماعة ومحمد بن عبد الحميد الهمداني والجلال بن السلام وجماعة، ولازم سماع الحديث من المتأخرين، وحدث بكتاب المدخل لابن الحاج بسماعه منه، وكتب عدة أجزاء بخطه، وهو عم صهري كريم الدين عبد الكريم بن أحمد بن عبد العزيز، مات في العشرين من جمادى الأولى. وكان قد ركبه الدين الكثير وهو لا يترك طريقته في العطايا والجود فاتفق أن ماتت زوجته وتركت مالاً جزيلاً فمات عقبها فوفى دينه قريبه المذكور بموجوده ولم يأخذ من ميراثه شيئاً بل جاء حقه بحقه، وكذا اتفق لقريبه المذكور لكن على غير هذه الكيفية كما سأذكره إن شاء الله تعالى في ترجمته سنة سبع وثماني مائة. قال الحافظ أبو المعالي ابن عشائر: حدث بحلب بالمائة المنتقاة من الصحيح لابن تيمية بسماعه من الحجار ووزيرة ولم يتحقق لنا سماعه لذلك ولكن قرؤوا عليه بأخباره والمحقق سماعه للحدث الفاصل من ابن مخلوف والمتوكل من ابن الصواف وكلاهما بالإسكندرية.
سليمان بن محمد بن حميد بن محاسن الحلبي ثم النيربي الصابوني ولد سنة إحدى وسبعمائة بمصر، وأحضر على الحافظ الدمياطي في الرابعة السيرة النبوية واليقين لابن أبي الدنيا، وحدث عن ست الوزراء والحجار، فقرات بخط محمد بن يحيى بن سعيد في شيوخ حلب سنة ثمان وأربعين أن ذلك لم يكن صحيحاً وإنما له منهما إجازة. قلت: وذكره ابن رافع في معجمه، وكنيته أبو قمر وكانت وفاه بالنيرب في شهر رمضان، سمع منه البرهان محدث حلب.
سنقر بن عبد الله الواسطي، ويقال له عبد الله، كان مولى الحسين الواسطي، سمع من المزي ويحيى بن إسحاق الشيباني قاضي زرع من سنن الدارقطني وحدث، وكان كثير الصدقة والتودد مواظباً على الجماعة، مات في ربيع الآخر.
طاهر بن أبي بكر بن محمد بن محمود بن سعيد التبريزي ثم الدمشقي، الخواجا نجم الدين، سمع من الحجار والمزي والجزري وغيرهم، وكان يكفن الموتى من ماله ثم افتقر ونزل صوفيا بالسميساطية، ومات في أواخر صفر وقد جاوز الثمانين بأربع سنين لأن مولده كان سنة أربعين وستمائة. قال ابن كثير: كان من أحاسن الناس وفيه حشمة ورئاسة وإحسان، وكان قد حظي عند تنكز وولاه أنظاراً كباراً ووظائف، وهو الذي كفن المزي من ماله.
عبد الله بن عمر بن سليمان المصري، المعروف بالسبطين، وأصله مغربي، كان مقيماً بالجامع الأزهر، وللناس فيه اعتقاد، وهو والد صاحبنا شهاب الدين أحمد.
عبد الرحمن بن الحضر بن عبد الرحمن بن إبراهيم بن يوسف بن عثمان السخاوي ثم الحلبي الأديب زين الدين أبو محمد، كاتب الدرج بحلب، أناف على الخمسين، ومن نظمه:
حمام الأراك أراك الهوى
…
شجونا غدوت لها مستكينا.
فولا النوى ما عرفت النواح
…
ولولا الشجاما ما ألفت الشجونا.
أثنى عليه ابن حبيب.
عبد العزيز بن علي بن عثمان بن يعقوب بن عبد الحق، أبو فارس المريني بن أبي الحسن بن أبي سعيد بن أبي يحيى البربري صاحب فاس، لما مات أبوه أبو الحسن اعتقل هو غلى أن غلب الوزير عمر بن عبد الله بن علي على أمر المملكة. ونصب تاشفين بن أبي الحسن أخا عبد العزيز هذا في السلطنة، وذلك في سابع عشر ذي القعدة سنة اثنتين وستين، وقاتل أبا سالم إبراهيم بن أبي الحسن إلى أن قتل، فثار محمد بن أبي عبد الرحمن بن أبي الحسن في صفر من سنة ثلاث وستين، فكانت له حروب آلت إلى خروجه إلى مصر فحج ورجع فمات، فقام أخوه عبد الرحمن بسجلماسه فسجن، وقام أبو الفضل بن أبي سالم بمراكش، وقام عبد الرحمن ابن أبي علي مبادلاً فحاربهم الوزير المذكور ثم توهم من أبي زيان فقتله في المحرم سنة ثمان وستين، وبايع عبد العزيز فأخرجه من الاعتقال وسلطنه ورحل به من فاس في شعبان منها فنازل مراكش فوقع الصلح بينه وبين أبي الفضل ومن معه رجعوا إلى فاس، فشق على أبي فارس استبداد الوزير وساء ما بينهما فهم الوزير بخلعه ولإقامة أخيه عمر فبادر وقتله بغتة واستولى على أمواله وتتبع أهله وحشمه فقتل بعضاً وأسر بعضاً
وتوجه من فاس إلى مراكش فنازل أبا الفضل حتى قتله ثم حارب عامر بن محمد المتغلب بفاس حتى هزمه ثم ظفر به فقتله وقتل تاشفين في سنة إحدى وسبعين، ثم ملك تلمسان في يوم عاشوراء سنة اثنتين وسبعين، واستوسق له ملك المغرب الأوسط وثبت قدمه ودفع الثوار والخوارج واستمال العرب، ولم يزل إلى أن طرقه ما لابد منه، فمات بمعسكره من تلمسان في شهر ربيع الآخر، واستقر في السلطنة بعده ولده السعيد محمد ثم خلع سنة ست وسبعين، واستقر السلطان أبو العباس بن أبي سالم.
عثمان بن محمدب ن عيسى بن علي بن وهب القشيري فخر الدين بن دقيق العيد المصري، سمع من عم أبيه تاج الدين أحمد بن علي الأول من مشيخة ابن الممتري وناب في الحكم ونظر في الأوقاف ودرس بجامع آق سنقر والمسرورية والنابلسية، وكان مزجي البضاعة، مات في شهر ربيع الأول.
علي بن إبراهيم بن سعد الأنصاري، أبو الحسن بن معاذ، كان يذكر أنه من ذرية سعد بن معاذ الأوسي، وكان فاضلاً مشاركاً في عدة علوم، متظاهراً بمذهب أهل الظاهر يناضل عنه ويجادل مع شدة بأس وقوة جنان ومعاشرة لأهل الدولة خصوصاً القبط، وكتب بخطه شيئاً كثيراً خصوصاً من كتب الكيمياء، وقد سمع من ابن سيد الناس ولازمه مدة طويلة، وسمع منه البرهان محدث حلب، ومات بمصر في رابع شوال. أخذ عنه الشيخ أحمد القصير مذهب الظاهر وكان يذكر لنا عنه فوائد ونوادر وعجائب والله يسامحه.
علي بن الحسن بن خميس البابي الحلبي الشافعي، عني بالعلم وأفتى وانتفع الناس به، ودرس بالسيفية، مات في صفر.
عمر بن إبراهيم بن نصر بن إبراهيم بن عبد الله الكناني الصالحي، المعروف بابن النقبي، سمع من عمر بن القواس معجم ابن جميع وجزء ابن عبد الصمد وغير ذلك وتفرد بذلك، مات في ذي القعدة عن نيف وثمانين سنة.
فاطمة بنت نصر الله بن أبي محمد بن محمد السلامي، قرابة بن نافع، ولدت تقريباً سنة عشر، وأسمعت على الواني، وكانت خيرة دينة، ماتت في صفر سنة مات قريبها.
محمد بن أحمد بن إبراهيم الديباجي المعروف ب المنفلوطي، الشيخ ولي الدين الملوي الشافعي، سمع من الحجار وأسماء بنت صصرى وغيرهما بدمشق، ثم تجرد إلى الروم وأخذ عن جماعة من علمائها، ثم رجع إلى دمشق وقدم القاهرة مراراً، ثم استوطنها ودرس بالمنصورية والسلطانية حسن وغيرهما، وكان فاضلاً متواضعاً جداً، قليل التكلف، إذا لم يجد ما يركب مشى، كثير الإنصاف ولو على نفسه، خبيراً بدينه ودنياه، عارفاً بالتفسير والفقه والأصلين والتصوف، صنف عدة تواليف صغار، فيها مشكلات من تصوف الاتحادية. وكان ابن عقيل قد ولي درس مدرسة حسن قبل موت السلطان، فلما قتل أراد يلبغا هدم المدرسة ومنع ابن عقيل من تدريسها وولاها الشيخ ولي الدين، فغضب ابن عقيل وهجر ولي الدين، ثم استرضى
يلبغا ابن عقيل بالخشابية واستمر التراضي بينهما، وحدث باليسير. قال ابن حجى: كان يحفظ تنجيز التعجيز وسمع في صباه من الحجار وأسماء بنت صصرى. وكان من ألطف الناس وأظفرهم شكلاً، ويرقص في السماع، ويجيد التدريس، وله توليف بديعة الترتيب، وكان يصغر عمته ويتصوف، مات في شهر ربيع الأول عن بضع وستين سنة، وكان الجمع في جنازته حافلاً متوفراً يقال بلغوا ثلاثين ألفاً. قال العثماني الصفدي: رايته شاباً في حلقة النور الأردبيلي حسن الملبوس مشرق الهيئة ثم رأيته بالقدس بعد ثلاثين سنة وعليه دنسة وبيده عكاز وقد نحف جسمه، قال: وتوجه غلى مصر مجرداً فزار الشافعي فحضر الدرس بجانب القبة فعرفه المدرس وأكرمه وأجلسه معه، ثم سأله أن يدرس فدرس في الموضع الذي كانوا فيه اتفاقاً مما عظم به قدره. ويقال إنه قال عند موته: حضرت ملائكة ربي وبشروني وأحضروا لي ثياباً من الجنة فانزعوا عني ثيابي! فنزعوها، فقال: أرحمتموني. ثم زاد سروره ومات في الحال.
محمد بن أحمد بن أبي بكر بن عبد الصمد بن مرجان الصالحي المقرئ الحنبلي، سمع من القاضي سليمان وعيسى بن المطعم ويحيى بن سعيد وغيرهم وحدث، مات في شعبان عن سبعين سنة.
محمد بن رافع بن أبي محمد بن شافع بن محمد بن سلام السلامي، الحافظ تقي الدين الصميدي نسبة إلى قرية من قرى دمشق المصري المولد والمنشأ ثم الدمشقي، ولد سنة أربع وسبعمائة، وسمع بإفادة أبيه من علي بن القيم والحسن سبط زيادة نحوهما، وأجاز له الدمياطي، ثم ارتحل به وأبوه إلى الشام سنة أربع عشرة، وأسمعه من التقى سليمان وأبي بكر بن أحمد بن عبد الدائم وعيسى المطعم وإسماعيل بن مكتوم وست الوزراء، ثم
طلب بنفسه بعد العشرين، وتخرج بالقطب الحلبي وأبي الفتح اليعمري، ورحل سنة ثلاث وعشرين إلى دمشق أيضاً، فسمع من القاسم بن عساكر وأبي نصير بن الشيرازي وابن الشحنة، ولازم المزي والبرزالي والذهبي مدة ثم رجع، ثم عاد صحبة القاضي تقى الدين السبكي سنة تسع وثلاثين، وولي درس الحديث بالنورية بعد الذهبي سنة ثمان وعشرين، وخرج لنفسه معجماً حافلاً في أربع مجلدات، وجمع الوفيات التي ذيل بها على البرزالي، وجمع الذيل على تاريخ ابن النجار لبغداد، وكان ذر صلاح وورع ومعرفة بالفن فائقاً، وكان الشيخ تقي الدين السبكي يرجحه على العماد ابن كثير. قال ابن حبيب: إمام مقدام في علم الحديث ودرايته، ومميز بمعرفة أسماء ذوي إسناده وروايته، ورحل وطلب، وسمع بمصر ودمشق وحلب، وأضرم نار التحصيل واجج، وقرأ وكتب وانتقى وخرج، وعني بما روى عن سيد البشر، وجمع معجمه الذي يزيد على ألفي نفر، وكان لا يعنى بملبس ولا مأكل، ولا يدخل فيما أبهم عليه من أمر الدنيا إذا أشكل، ويختصر في الاجتماع بالناس، وعنده في طهارة ثوبه وبدنه أي وسواس، سكن دمشق وباشر التدريس في الحديث بالنورية وغيرها، ومات بها في شهر جمادى الأولى عن سبعين سنة، وكان أبوه من المحدثين فأحضر ابنة هذا على الشيخ علي بن هارون وابن الصواف وغيرهما وأسمعه من جماعة، ثم حبب إليه الطلب، فرحل به إلى دمشق وحلب، فأسمعه من جماعة، واستجار له أبوه من الدمياطي وغيره، وقرأ أبوه تهذيب الكمال على المزي فسمعه معه، وسمع من التقي سليمان وطبقته ومن بعدهم، ثم رجع إلى القاهرة فتخرج بالقطب والفتح، ثم قدم دمشق صحبة السبكي لما قدم قاضياً، وانتقى له الذهبي جزءاً من عواليه، وحدث قديماً. ذكره الذهبي في المعجم المختص وقال فيه: المتقن الرحال، رحل به أبوه فسمعه تهذيب الكمال على مؤلفه، ثم مات والده فحبب إليه هذا الشأن، ورحل مراراً منها في سنة تسع وعشرين إلى حلب وحماة وسمع بها وبغيرها. وقال أيضاً: قدم دمشق مراراً وآخرها سنة تسع
وثلاثين فاستوطنها، وحصل وظائف. وذكره في المعجم الكبير أيضاً وأنشد عنه شرعاً أنه أنشده إياه عن الذهبي نفسه فحدث عن واحد عن نفسه بشيء من شعره، ولما توفي المزي أعطاه السبكي مشيخة الحديث النورية وقدمه على ابن كثير وغيره، ولما شغرت الفاضلية عن الذهبي قدمه على من سواه من المحدثين، وذكر لي شيخنا العراقي أن السبكي كان يقدمه لمعرفته بالأجزاء وعنايته بالرحلة والطلب.
قلت: والإنصاف أن ابن رافع أقرب إلى وصف الحفظ على طريقة أهل الحديث من ابن كثير لعنايته بالعوالي والأجزاء والوفيات والمسموعات دون ابن كثير، وابن كثير أقرب إلى الوصف بالحفظ على طريقة الفقهاء لمعرفته بالمتون الفقيهة والتفسيرية دون ابن رافع، فيجمع منهما حافظ كامل، وقل من جمعهما بعد أهل العصر الأول كابن خزيمة والطحاوي وابن حبان والبيهقي، وفي المتأخرين شيخنا العراقي. وكان ابن رافع كثير الإتقان لما يكتبه والتحرير والضبط لما يصنفه، وابتلي بالوسواس في الطهارة حتى انحل بدنه وأفسد ذهنه وثيابه وتأسف هو على ذلك، ولم يزل مبتلي به حتى مات. قال ابن حجى: كان يحفظ المنهاج والألفية ويكرر عليهما إلى أن مات.
محمد بن عبد الله الصوفي الكازروني الشيخ بهاء الدين، قدم مصر فصحب الشيخ أحمد الحريري صاحب الشيخ ياقوت تلميذ أبي العباس المرسي وانقطع بعده في المشتهى من الروضة، وكان الناس يترددون إليه ويعتقدونه وكان الشيخ أكمل الدين كثير التعظيم
له، وكان أعجوبة في جذب الناس إليه وإقامتهم عنده وانقطاعهم عن أهلهم خصوصاً المرد فإنه كان لا يحضر عنده أحد منهم ثم يستطيع أحد من أهله أن يستعيده، وممن اتفق له معه ذلك من أصحابنا الشيخ بدر الدين محمد بن إبراهيم البشتكي الشاعر المشهور فيما أخبرني به، وكان يكثر الثناء عليه، وذكر لي أنه نسخ له شيئاً كثيراً خصوصاً من تصانيف محيي الدين ابن العربي، وكان منقطعاً إليه إلى أن مات. واتفق من العجائب ما حكاه لي الشيخ نجم الدين البالسي أنه لما مات حضر جنازته في جملة خلق كثير فهو في أثناء دفنه وإذا باللاحد قد خرج من القبر أمرد جميل الصورة إلى الغاية فاشتغل الناس أو غالبهم بالنظر إليه وقضوا العجب من استمرار ملازمة هذا الجنس للشيخ حتى حين دفنه، ومات في ذي الحجة، أرخه ابن دقماق ليلة الأحد خامس ذي القعدة.
محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر بن السراج الزبيدي الحنفي، أحد الفضلاء، يكنى أبا يزيد، مات عن ثلاث وخمسين سنة.
محمد بن عبد الكريم بن محمد بن صالح بن هاشم الحلبي، ظهير الدين أبو محمد بن العجمي، سمع صحيح البخاري وسنن ابن ماجه والبعث لابن أبي داود من سنقر الزيني، وسمع مشيخة ابن شاذان من بيبرس العديمي، وسمع من غيرهما وحدث، مات في خامس عشر المحرم عن ثمانين سنة، لأن مولده كان سنة أربع وتسعين وستمائة، سمع منه شيخنا العراقي وأرخه، وسمع منه أيضاً ابن عساكر وأبو إسحاق سبط بن العجمي وهو أقدم شيخ له، والبرهان آخر من روى عنه وآخرون، وطلب بنفسه، كتب الطباق والأجزاء ونسخ كثيراً من الكتب بالأجرة، وكان يسترزق من الشهادة، فإذا طلب منه الإسماع طلب الأجرة لما يفوته من الشهادة بقدر ما يكفيه من القوت.
محمد بن عثمان بن موسى بن علي بن الأقرب الحلبي الحنفي، شمس الدين بن فخر الدين، كان فاضلاً متواضعاً، درس بالأتابكية والقليجية، مات في سنة نيف وستين ذكره ابن حبيب. قال ابن كثير: كان من أحاسن الناس، وفيه حشمة ورئاسة وإحسان. وأخوه شهاب الدين أحمد كان فاضلاً، رحل إلى مصر واشتغل بها ومهر في المعقول، وولي قضاء عينتاب، وأخوهما علاء الدين تلذ للقوام الأبزاري ومهر في الفتوى.
محمد بن علي بن أحمد السمرقندي بن العطار، نزيل دمشق، كان زاهداًُ عابداً ديناً عالماً ملازماً للعلم والعمل، أثنى عليه ابن كثير ووصفه بالجمع بين العلم والعبادة، وكان يؤثر على نفسه حتى بقميصه ويغضب في إزالة المنكر لله، وكان حسن الفهم للعلم على عجمة فيه، وكان يعظ على كرسي، وتحصل له حال في تلك الحالة.
محمد بن علي بن إسماعيل الزواري، سمع الصحيح من وزيرة والحجار وحدث به، مات في أوائل السنة عن خمس وسبعين قتيلاً.
محمد بن عوض بن عبد الخالق بن عبد المنعم البكري الفقيه، ناصر الدين الشافعي، ولد سنة سبعمائة، واشتغل كثيراً، وولي تدريس الفيوم مدة طويلة، وكان عارفاً بالأصلين والفقه والعربية والهيئة، وصنف تصانيف مفيدة، وهو والد صاحبنا نور الدين
البكري المعروف بابن قييلة، مات بدهروط في شهر رمضان وهو يصلي الصبح. ورأيت بخط ابن القطان وأخبرنيه إجازة قال: سمعت الشيخ يحيى الجزولي المالكي يقول سمعت الشيخ شهاب الدين بن عبد الوارث البكري يقول: كان بيني وبين الشيخ ناصر الدين وقفة فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام فقال لي: اصطلح مع محمد البكري، فسافرت في البر واصطلحت معه قلت: واتفق أن ماتا في شهر واحد.
محمد بن محمد بن أحمد بن الصفي الدمشقي، ناصر الدين بن العتال الحنفي الحاسب، كانت لأبيه رواية عن الحافظ الضياء، ونشأ هو في طلب العلم فسمع الحديث، وتمهر في الفقه واشتغل، وبرع في الحساب، وأتقن المساحة إلى أن صار إليه المنتهى في ذلك والمرجع إليه عند الاختلاف، ولم يكن في دمشق من يدانيه في ذلك، وكان يقصد للاشتغال عليه فيه، ثم إنه ترك ذلك بأخرة وأقبل على التلاوة، وكان مأذوناً له بالإفتاء، ولوالده رواية عن الحافظ الضياء، ومات هو سنة أربع وسبعين، ومن شعره وهو نازل:
حديثك لي أخلى من المن والسلوى
…
وذكرك شغلي في السريرة والنجوى.
سلبت فؤادي بالتمني وإنني
…
صبرت لما ألقى وإن زادت البلوى.
محمد بن محمد بن عبد الكريم بن رضوان، شمس الدين الموصلي، نزيل دمشق، ولد على رأس القرن، وكتب بخطه سنة تسع وتسعين، وكتب الخط المنسوب، ونظم الشعر فأجاد، وكان أكثر مقامه بطرابلس ثم قدم دمشق وولي خطابة جامع يلبغا يسيراً وتصدر بالجامع الأموي. قال العثماني صاحب تاريخ صفد: رافقته إلى دمشق سنة إحدى وخمسين وسبعمائة، وكان لما استقر بدمشق حصل وظائف فعوند فيها فقنع بما تيسر، وصار يتجر في الكتب فحلف تركة هائلة تبلغ ثلاثة آلاف دينار، وشرح نظم
المطالع في مجلدة كبيرة اختصرها من المطالع وحررها، وأرخه في سنة ثلاث وسبعين فوهم. وقال فيه ابن حبيب: عالم علت رتبته الشهيرة، وبارع ظهرت في أفق المعارف شمسه المنيرة، وبليغ يثني على قلمه ألسنة الأدب، وخطيب تهتز لفصاحته أعواد المنابر من الطرب، كان ذا فضيلة مخطوبة، وكتابة منسوبة، وخبرة بالفنون الأدبية، ومعرفة بالفقه واللغة العربية، وله نظم المنهاج ونظم المطالع وعدة من القصائد النبوية، وهو القائل في الذهبي لما اجتمع به:
ما زلت بالطبع أهواكم وما ذكرت
…
صفاتكم قط إلا همت من طربي.
ولا عجيب إذا ما ملت نحوكم
…
فالناس بالطبع قد مالوا إلى الذهب.
ورأيت بخطه نسخة في مجلدة واحدة من صحيح البخاري في غاية الحسن، وتصدر بالجامع الأموي، وولي تدريس الفاضلية بعد ابن كثير، وكان التاج السبكي أسكنه بدار الحديث الأشرفية فاستمر ساكناص بها إلى أن مات.
محمد بن محمد بن الشهاب محمود الحلبي، بدر الدين بن شمس الدين، ناظر الجيش والأوقاف بحلب، سمع على الحجار ومحمد بن أبي بكر بن النحاس وغيرهما وحدث، وولي عدة وظائف، مات وله خمس وسبعون سنة. أخذ عنه شيخنا العراقي وغيره، وكان جواداً مفضالاً ممدحاً.
محمد بن محمد الزفتاوي، ناصر الدين المؤذن، يلقب بساسب، كان عارفاً بالميقات، وباشر الرئاسة في ذلك بالجامع الأزهر وبجامع القلعة، واتصل بالأشراف شعبان وحظي عنده، ومات في شهر رجب.
محمد بن أبي محمد أبو عبد الله الطوسي شمس الدين، سمع القاسم بن عساكر وغيره وحدث بدمشق.
محمد بن يوسف بن صالح الدمشقي المالكي، شمس الدين القفصي، سمع من الشيخ شرف الدين البارزي قاضي حماة وغيره، وولي مشيخة الحديث السامرية، وناب في الحكم، مات في ربيع الأول عن ثلاث وسبعين سنة لأن مولده كان سنة إحدى وسبعمائة، وله نظم.
مرجان بن عبد الله الخادم، نائب السلطنة ببغداد لأويس، وكان قد تغلب عليها فقصده أويس من تبريز ثم حضر إليه فعفا عنه وذلك في سنة سبع وستين، واستمر نائباً ببغداد إلى هذه الغاية. وكان شهماً شجاعاً، كانت الطرقات قد فسدت بسبب عزله، فلما أعيد أصلحها.
منكلي بغا بن عبد الله الشمسي، اتابك العساكر بعد قتل اسندمر، وكان قبل ذلك نائب السلطنة بمصر، وولي إمرة دمشق وحلب وصفد وطرابلس في أوقات، وتزوج بنت الملك الناصر ثم بنت ابنه حسين أخت الملك الأشرف، وكان مشكور السيرة. قال ابن كثير: آثر بدمشق آثار حسنة واحبه أهلها، وهو الذي فتح باب كيسان وكان له من عهد نور الدين الشهيد لم يفتح، وجدد خطبة في مسجد الشهر زوري. قلت: وبنى بحلب
جامعاً أيضاً، وعمر الخان عند جسر المجامع والخان بقرية سعسع، وهو والد خوند زوج الملك الظاهر برقوق.
يحيى بن الرهوني المالكي، تقدم في السنة الماضية.
يعقوب بن عبد الرحمن بن عثمان بن يعقوب، شرف الدين بن خطيب القلعة الحموي، ولد سنة وأخذ عن ابن جوبر وغيره، ومهر في الفقه والعربية والقراءات إلى أن انتهت إليه رئاسة العلم ببلده، وأخذ عنه أكثر فضلائها، وآخر من بقي ممن أخذ عنه موقع الحكم بحماة شرف الدين بن المغيزل، لقيته في سنة ست وثلاثين وثماني مائة بها، وذكر لي أنه قرأ عليه وأجازه، وذكره ابن حبيب في تاريخه وأثنى عليه وقال: انتهت إليه مشيخة بلده، واشتهر بالعلم والدين والصلاح، وكان خطيباً بليغاً وواعظاً مذكراً، مات في شهر، وأرخه العثماني قاضي صفد في المحرم سنة خمس، فكأنه ببلوغ الخبر له.
يوسف بن محمد بن يوسف بن أحمد بن يحيى بن محمد بن علي القرشي الدمشقي، بهاء الدين أبو المحاسن ابن الزكي، أجاز له في سنة خمس وتسعين أبو الفضل بن عساكر والعقيمي والعز الفراء وآخرون، وأجاز له الرشيد بن أبي القسم وابن وزيرة وابن الطبال وغيرهم من بغداد، عني بالفقه والحساب، وكان يحفظ التنبه، وولي وقف درس وقف درس الكلاسة وباشر نظر الأسرى، مات في ربيع الأول.